طلب الرئيس الأوكراني الانتقالي أولكسندر تورتشينوف من الأمم المتحدة أمس، تقديم مساعدتها "لعملية مكافحة الإرهاب" شرقي أوكرانيا، وقال المكتب الصحفي للرئاسة إنه قال في اتصال هاتفي مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون "سنستقبل مساعدتكم للقيام بعملية مشتركة لمكافحة الإرهاب في الشرق"، حيث استولى موالون لروسيا على مبان عامة في عدة بلدات، وأضاف أن "مهنيين ومراقبين يمكنهم بذلك الشهادة على شرعية أعمالنا" . وقالت الرئاسة الأوكرانية إن بان كي مون أكد لتورتشينوف يمكنه الاعتماد على "الدعم الكامل" للأمم المتحدة، وقال "سأفعل ما بوسعي لتتم تسوية الوضع بطريقة سلمية في أسرع وقت ممكن" . واتهمت أوكرانيا روسيا بزعزعة الاستقرار فيها، لكن موسكو رفضت هذه الاتهامات، داعية كييف لإيجاد حل سلمي، وقال السفير الأوكراني لدى الأمم المتحدة يوري سيرغييف، خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن إن القوات الروسية الخاصة تشن عملية واسعة النطاق للاستيلاء على السلطة في شرق أوكرانيا وزعزعة الاستقرار . لكن السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين رفض الاتهامات، وأكد ضرورة بدء حوار حقيقي في أوكرانيا بمشاركة متساوية من جميع المناطق . وانتقد قرار السلطات شن حملة واسعة ضد "الإرهاب"، وحثها على "وقف الحرب ضد شعبها وإيجاد حل سلمي للوضع في أوكرانيا" . وكانت روسيا طلبت عقد اجتماع استثنائي لمجلس الأمن بدأ مثل حوار الطرشان، ويلقي اشتعال التوتر مجدداً بالغموض على المحادثات المقررة الخميس في جنيف من أجل حل أسوا أزمة بين الشرق والغرب منذ انتهاء الحرب الباردة، وألمح تشوركين إلى أن الاجتماع سيكون "مهدداً في حال بدء العمليات العسكرية في شرق أوكرانيا" . واستأنف المسلحون الموالون لروسيا هجومهم في شرق أوكرانيا، وطلبوا مساعدة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي أعرب عن "قلقه"، وسيطروا على مقار الشرطة والبلدية في بلدة غورليفكا التي يبلغ عدد سكانها نحو 250 ألف نسمة في منطقة دونيتسك، ولم يرصد الصحفيون الموجودون في أنحاء المنطقة أي تحرك للقوات النظامية طوال النهار . وفي مدينة سلافيانسك كان الوضع بالكامل تحت سيطرة المتمردين، وطلب فياتشسلاف بونوماريف وهو أحد قادتهم المساعدة مباشرة من الرئيس الروسي، وقال "نطلب من روسيا أن تحمينا وألا تسمح بوقوع إبادة لسكان دونباس (شرق)، نطلب من الرئيس بوتين أن يساعدنا" . وأكد الكرملين أن بوتين يتلقى الكثير من "النداءات للمساعدة" المشابهة من شرق أوكرانيا ويتابع تطور الوضع "بقلق كبير" . وأمام مقر الإدارة المحلية في سلافيانسك وقف نحو عشرة مسلحين يرتدون الزي نفسه، وتنقل آخرون في شاحنة عسكرية لتعزيز الدفاعات حول المكان مزودين بمعدات حربية ومضادات جوية ومضادات للدبابات، ووسط المدينة احتشد نحو ألف من السكان وأكدوا أنهم سيبقون في مكانهم حتى تنظيم استفتاء حول الانضمام إلى روسيا . وللمرة الأولى أبدى الرئيس الأوكراني الانتقالي بادرة انفتاح في هذا الاتجاه واعتبر أنه يمكن تنظيم استحقاق مماثل أثناء الانتخابات الرئاسية المبكرة في 25 مايو، وأعرب عن ثقته في أن "أكثرية الأوكرانيين ستصوت من أجل أوكرانيا غير قابلة للتجزئة، مستقلة، ديمقراطية ومتحدة"، لكنه تحدث عن استفتاء وطني، فيما يطالب المتمردون باستحقاقات محلية . وفيما لم تظهر القوات الموالية لكييف في شوارع المنطقة رغم الإعلان الرسمي عن "عملية لمكافحة الإرهاب"، أكد بونوماريف أن السلطات المركزية أرسلت "ألفاً من عناصر المرتزقة ودبابات" لاستعادة السيطرة على سلافيانسك، وأن "قوات الدفاع الذاتي لجمهورية دونيتسك" "ستدافع عن نفسها ضد الطغمة التي وصلت إلى الحكم" . وسيطر متظاهرون موالون لروسيا على مطار محلي في دونتيسك، وظهر في شريط مصور نشر على شبكة الإنترنت متظاهرون وقد سيطروا على مطار مدينة سلافيانسك، معلنين أنهم يحاولون حماية أنفسهم من قوات الأمن القادمة من كييف، كما ظهرت صور للمطار الذي سيطروا عليه . وقالت رئيسة الوزراء الأوكرانية السابقة يوليا تيموشينكو إن الوضع يجب أن يحل أثناء المباحثات رفيعة المستوى في جنيف، وأوضحت أن "الاستخدام الفوري للقوة سيؤدي بكل تأكيد إلى سفك دماء كبير، وفي الأغلب سيتسبب في اعتداء من الجانب الروسي" . وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن روسيا تعتبر أن "النفاق يتخطى الحدود" في رد فعل الغربيين على الأحداث في أوكرانيا، وقال نطالب الغربيين منذ فترة برد يتناسب مع الأحداث . وقال لافروف "يمكننا أن نتذكر أن أعمال العنف في ميدان (ساحة الاستقلال) التي أسفرت عن سقوط عشرات القتلى وصفت بالديمقراطية بينما يتحدثون عن الإرهاب بشأن التظاهرات السلمية التي تجري الآن في جنوب شرق" أوكرانيا، وأضاف أن "النفاق يتخطى الحدود"، وطالب بتوضيحات حول معلومات أفادت بأن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي .آي .إيه" جون برينان قام بزيارة سرية إلى كييف قبل إعلان السلطات شن عملية على نطاق واسع شرقي البلاد لاستعاد السيطرة على مباني رسمية يحتلها موالون لروسيا" . واعتبر الرئيس الأوكراني المعزول فيكتور يانوكوفيتش أن أوكرانيا دخلت في الحرب الأهلية، وقال إن "الدم قد أريق، أصبحت بلادنا في وضع جديد، بالواقع، بدأت الدخول في الحرب الأهلية"، واتهم الولاياتالمتحدة بالمشاركة مباشرة في الاضطرابات . وقال مبعوث موسكو لدى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا اندريه كيلين إن أي استخدام للقوة المسلحة ضد المتظاهرين المؤيدين لروسيا يمكن أن يطلق شرارة حرب أهلية . ووقع وزير الخزانة الأمريكية جيكوب لو ضمان قرض بقيمة مليار دولار يخصص لأوكرانيا، لدى استقباله في واشنطن وزير المالية الأوكراني اوليكساندر شلاباك، وصرح لو في بيان بأن الحكومة الأوكرانية "ستكون لديها وسائل اتخاذ الإجراءات اللازمة للحصول على تمويل متدني الكلفة من أسواق رؤوس المال العالمية ولتسهيل الانتقال الاقتصادي للبلاد" . وذكر أن جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي سيزور أوكرانيا الأسبوع المقبل لإبداء دعم بلاده للسلطات الجديدة، التي رحب "بتقدمها" في صياغة إصلاحات اقتصادية . وأعرب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عن "الإدانة الحازمة" لأعمال العنف الأخيرة، فيما عقد وزراء الخارجية الأوروبيون اجتماعاً في لوكسمبورغ . وهيمنت أوكرانيا على محادثات وزراء خارجية الاتحاد، ووافق الوزراء على بعض الخطوات لمساعدة أوكرانيا في التغلب على أزمتها الاقتصادية المتفاقمة والتصديق على حزمة مزايا تجارية بقيمة نحو 500 مليون يورو تتضمن رفع الرسوم الجمركية على مجموعة كبيرة من السلع، وأضيف أربعة من الأوكرانيين إلى قائمة الذين تستهدفهم العقوبات، ومن المقرر ضخ المساعدات المالية الجديدة مع 610 ملايين يورو التي أقرها الاتحاد من قبل في موازنة أوكرانيا شريطة بدء إصلاحات سياسية واقتصادية . وحمل وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ روسيا مسؤولية الاحتلال العنيف لمبان عامة في شرق أوكرانيا، مؤكدا ضرورة أن يخطط الاتحاد الأوروبي الآن بشكل مفصل للموعد الذي يريد فيه فرض عقوبات اقتصادية شاملة على موسكو، وقال وزير الخارجية الهولندي فرانس تيمرمانس إن اتخاذ قرار بتشديد العقوبات ليس ضرورياً الآن لكنه قد يتخذ قريباً، وحذر وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسيلبرون من فرض عقوبات، وقال إنه يتعين على الاتحاد تقديم "مقترحات بناءة" لقمة وزراء الخارجية بشأن الأزمة الأوكرانية المقرر عقدها الخميس في جنيف . (وكالات) الخليج الامارتية