الأربعاء 23 أبريل 2014 11:12 صباحاً ارفق لي احد النشطاء الشباب على الوتس آب مقالا بعنوان " سفينة مسدوس " للزميل الأستاذ / علي منصور أحمد , وطلب ان اقول رأيي في مضمون المقال ان كنت مؤيدا له ام لا . ووجدت أن المقال استند على بعض ما تحدث به الدكتور / محمد حيدره مسدوس في ندوة سياسية نظمها مركز مدار للسياسات الاستراتيجية تحت عنوان : ( الأبعاد السياسية والقانونية لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2140 ), وفي الحقيقة اني سأكون ظالما لتحليل الدكتور مسدوس ان زعمت ان مقالي هذا يخص ما تحدث به الدكتور بشكل عام في الندوة على اعتبار اني لم اكن حاضرا فيها ولم استمع الى حقيقة ماقاله بالتحديد , ولكني هنا افضل التطرق الى ما " فهمه " الزميل علي من حديث مسدوس بغض النظر ان كان الدكتور قصد ذلك ام كان يقصد شيئا آخر لم يستوعبه بن منصور أحمد الذي ركز على هذه العبارة تحديدا : اننا في الجنوب غرقانين في بحر عميق , واذا رأيت امامك سفينة اسرائيلة , هل ستقول انها سفينة اسرائيلة أم ستصعد على ظهرها لنجدة نفسك , فالمنطق يقول هكذا .. ما على الناس الا ان تصعدها لنجدة انفسهم من الغرق ! الى ان انتهى الى تفضيل خيار عدم ركوب الشيطان ومواجهة المجتمع الدولي والفصل السابع والتوكل على الله عوضا عن ذلك بركوب " سفينة مسدوس " !! وقبل ان اتطرق الى مضمون مافهمه زميلي العزيز / علي منصور من هذا المثال الذي اورده مسدوس وما قام ببناء تحليله عليه لمقاله المذكور , اود قبل ذلك التعرض الى المثال المذكور بذاته من حيث تطابق أو عدم تطابق اسقاطه مع حالتنا ( السياسية – الوطنية ) في الجنوب ! .. اذ ارى شخصيا ان توصيف الحالة الجنوبية بكل هذه السوداوية التي تشبهنا بالغرقى بحسب توصيف المثال ليست موفقه الى هذه الدرجة ! مع التأكيد ايضا على ان حالتنا الراهنة ليست بالحالة " المثالية " كما نود ونرغب ونتمنى في نفس الوقت ,وهي ليست سوداء مقارنة ب " حالة المحتل " الراهنة التي يعيشها حاليا من مختلف الزوايا السياسية والعسكرية والأمنية , ومن حيث القيمة الاقليمية والدولية له كنظام سياسي مقارنة على ماكان عليه قبل خمس سنوات على الأقل من الآن ! ان حجم الدمار والتدهور الذي ضرب بنية المحتل على مختلف الأصعدة التي ذكرتها خلال المرحلة الماضية يعتبر من وجهة نظري " زلزالا " بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى , وحالة لم تخطر على بال اكثر المتفائلين منا واكثر المشائمين منهم . ومن هنا اجد نفسي لست من انصار النظرة ( السوداوية – المشائمة ) التي تستدعي منا هذه الحالة اللا متناهية من جلد الذات والتقليل من قيمة ما تم انجازه على صعيد قضيتنا الوطنية التي باتت اليوم رقما صعبا لا يمكن تجاوزه بأي حال من الأحوال . ..ولأنها كذلك .. فعلينا اذا ان نسأل انفسنا عن مصدر هذا النجاح الذي تحقق لقضيتنا ! وهل يمكن القول انه جاء من فراغ ام انه ناتج من عبث ومراهقة سياسية ؟ .. بكل تأكيد .. ( لا ). اما من حيث ما فهم من هذا " المثال " الذي اورده مسدوس من قبل الزميل العزيز فذلك امرا لا اتفق معه حياله وبشكل قطعي , على اساس ان مضمون المقال يتحدث عن ضرورة قبول الجنوبيين بما اسماه ب" الأمر الواقع " الذي اختاره المجتمع الدولي والا فان عصا الفصل السابع جاهزة – بحسب المقال – لتمارس عقابها على الأفراد وعلى المكونات الجنوبية بصفتهم " معرقلين " لارادة المجتمع الدولي !! .. وفي هذه الجزئية تحديدا يمكن ان اطرح السؤال " الأخلاقي " التالي : هل يجوز القبول والرضوخ ل" الارادة الدولية " على حساب " الارادة الوطنية " ؟؟! ومتى حدث مثل هذا الأمر ؟ وفي اي زمان ؟ وعلى حساب اي امة ؟ .. ومن زاوية أخرى ترى هل يمكن التفريط في " المصلحة الوطنية " لصالح " المصلحة الدولية " ؟ لمجرد ان الأخيرة تملك عصى غليظة في حين ان الوطني لا يملك سوى حقه المقدس !! ثم .. مالذي يمكن لعصى الفصل السابع ان تضيف الى عذاباتنا وحالتنا التي نفتقد فيها الى " وطن وكرامة " اكثر من هذا ؟ في تقديري ان التسليم بهذا التوجه الذي ينطلق من " الواقعية " التي هي اقرب ما تكون الى " الانهزامية " يعني بشكل او بآخر " التنازل عن الحق " تحت ذرائع عديدة منها عدم وجود امكانية للحصول على هذا " الحق " نظرا لما ذكر من اسباب وذرائع ! .. فعلينا يا صديقي بن منصور ان نتذكر أن " الأمر الواقع " هذا كان قد فرض علينا يوم 7 / 7 / 1994 م احتلالا كامل الأركان تلحف بغطاء الشرعية الدولية , وحضي بمباركة وقبول العالم كله في ذلك الوقت تجاه ما انجزه على ارضنا وتجاه شعبنا بقوة اسلاح , وعلى ظهور الدبابات الغازيه التي اتت الى ارضنا من صنعاء , ويومها لم ينطق احد ببنت شفه عن " حق جنوبي " سياسي كان ام حقوقي يجب رده لهذا الشعب المظلوم ! لكن ذلك " الأمر الواقع " سقط حينما رفض شعب الجنوب التسليم به وقبوله باعتبارها " صك قضاء " دولي يفيد بصريح العبارة ان وطنا عربيا كان اسمه الجنوب قد انتهى الى الأبد ! .. فكيف يمكن اليوم يا صديقي العزيز تريد من هذا الشعب ان يقبل بهذا " الأمر الواقع " وبعد كل هذه التضحيات الجسيمة وهو الذي لم يقبل به بالأمس حينما كانت رائحة البارود تخيم وتطغى على اكسيجن عدن ؟! ثم علينا ان نتذكر ان دخول مدينة عدن في حرب 94 كان " خطا أحمرا " كما كانت تقول الادارة الاميركية سيدة نظام القطب الواحد في ذلك الزمان ! حتى ان مارتن اندك كان قد طرد الدكتور الارياني من مكتبه اثناء الحرب على خلفية هذا " الخط الأحمر " الذي حددته بدقة ادارة كلنتون ! في حين أن الدبابات اليمنية تعبث بمضونه كل يوم على ارض الواقع .. فلماذا لم يتعامل حينها نظام الاحتلال مع ما كان يقتضيه " الأمر الواقع " الناتج عن الموقف الأمريكي , وخطوطه الحمراء خاصة وانها كانت قد اتت بصريح العبارة من قبل من كان يحكم العالم بقوانينه عام 1994 م .. الولاياتالمتحدةالأمريكية ! .. لقد تمكنت قوات الاحتلال حينها من تجاوز كل الخطوط الحمراء ثم دخلت عدن وفرضت هي " الأمر الواقع " . اذا علينا ان نعي أن " الأمر الواقع " ليس حالة ثابته ان ارست ظروفها اليوم لا يمكن ان تتدبل غدا ! فهو حالة متغيرة غير مستقرة يمكن لمن يوجد على الأرض ان يفرض واقعه وشروطه وفقا لمعطيات متغيره ايضا , والقول بأن قرار مجلس الأمن الدولي بجميع عناصره ودلالاته هو " الأمر الواقع " الذي علينا ان نقبل ونسلم به وانه بمثابة " السفينة " التي ستقذ الجنوبيين من الغرق !! هو قولا يحمل في جوفه تناقضات كبيرة وعديدة , لأنه ينسف كل مواقفنا السابقه من الحوار اليمني والتي كانت تستند الى مبررات " محترمة " وهو بمثابة اذلال في حق " مليونيات الرفض " التي احتشد لها شعب الجنوب من مختلف مناطق الوطن , كما انه يعتبر اهانة صريحه لجميع الجنوبيين الذين فضلوا الانسحاب من الحوار اليمني وفقا لهذه المعطيات التي تطلب منهم اليوم القبول بها ! اعلم تماما ان هناك من سيطرح السؤال التالي الذي اتى ضمنيا في مقال اخي العزيز بن منصور ... والذي يقول : من الممكن ان نتفق معك فيما قلته , ولكن ماذا لديكم من عمل لمواجهة هذا الواقع المزري ؟ .. وهنا يحضرني استشاهد سمعته للزميل العزيز / مهدي الخليفي اثناء ندوة كان قد نظمها ناشطون جنوبيون في محافظة شبوة لغرض التوعيه الشعبية ازاء مخاطر القبول بمخرجات الحوار اليمني وعلى راسها خيار التقسيم ,حيث ذكر الخليفي ان احد افراد عائلته كان قد احضر الى احدى الدوائر الحكومية في مدينة عتق ابان الحكم السابق في الجنوب للتوقيع على " وثيقة تنازل " عن جزء من ارضه وبقاء الجزء الآخر في ملكيته وفقا لقانون التأميم ! غير ان الخليفي " رفض " التعاطي مع الأمر الواقع بالتوقيع ! وفضل ان " يسلم " كل ارضه للدوله دون ان يلزم نفسه قانونيا بالتنازل عن اي جزء منها محتجا بقوله : اليوم انا لا استطيع الدفاع عن ارضي ومواجهة قوتكم ولكن ليس من حقي ان اتنازل عن حق اولادي الذين سياتون غدا للدفاع عن ارضهم واسترجاعها منكم ! .. هذا منطق يمكن ان نسميه هنا ب " سفينة الخليفي " وقد يبدو هذا المنطق الذي استعان به الخليفي غير مقبول في سفر " البراجماتية " السياسية الذرائعية التي تخشى عصى الفصل السابع , ولكنه منطق اقرب ما يكون الى " العرف الانساني " حينما يتعلق الأمر بتراب الوطن ! وهو من جهة اخرى يعي تماما ان قبول الأمر الواقع يعني " التوقيع رسميا " على حل غير عادل لقضيتنا الوطنية وهي اشكالية كبرى لم ينتبه لها الصديق العزيز ! كما ان هذا " التوقيع الرسمي " سوف تستتبعه بنود دستورية وضمانات دولية ملزمة ..وهنا يبرز منطق الخليفي الذي فضل عن الالتزام رسيما لأنه كان يعي تبعات الالتزام ونتائجه على تراب ارضه . ثم .. وخلافا لهذا المنطق اعتقد ان حجم التناقضات الاقليمية والدولية الحالية يمكن ان تغير من هذا " الأمر الواقع " ان استطاع المجموع الجنوبي بوطنية حقيقية ان يتحاور معها سياسيا بعيدا عن الالتصاق بكل كوارث الماضي وآثارها النفسية .. وهذه مسألة تحتاج الى تفاصيل اعمق وتحليل ادق ستناوله في مقالة منفصلة , حتى لا يقال لنا في نهاية المطاف ان البديل غير موجود لديكم .. وعلى الرغم من القول ايضا ان عدم وجود البديل لا يعني باي حال من الأحوال التفريط في المقدس . عدن الغد