أكدت روسيا أمس، استعدادها للتدخل إذا تعرضت مصالحها للخطر في شرق أوكرانيا، بعد أن حركت كييف عملية ل"مكافحة الإرهاب" ضد الانفصاليين الموالين لموسكو، واتهمت أوكرانياوالولاياتالمتحدة بتشويه اتفاق جنيف الذي أبرم الأسبوع، وأصرت على ضرورة سحب قوات كييف من شرق أوكرانيا، في وقت عادت واشنطن إلى لغة التهديد بالمزيد من العقوبات على موسكو لسبب عدم اتخاذ "إجراءات إيجابية" لحل الأزمة . فبعد بضعة أيام من إشاعة الأمل بالتهدئة على اثر توقيع جنيف، تصاعدت اللهجة فجأة بين موسكووواشنطن مع تبادل الاتهامات بإدارة تحركات أنصارهما وحشد قواتهما على حدود البلاد . وأكدت وزارة الخارجية الروسية أمس، أن موسكو تصر على ضرورة أن تسحب سلطات كييف قواتها من شرق أوكرانيا حيث تقوم بحملة "مكافحة إرهاب" ضد الانفصاليين المؤيدين لروسيا . وأوضحت الوزارة في بيان أن "روسيا تصر من جديد على وضع حد فوري لتصعيد الوضع في جنوب شرق أوكرانيا وعلى انسحاب القوات الأوكرانية وبدء حوار حقيقي بين الأوكرانيين مع كل المناطق والتنظيمات السياسية في البلاد" . وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لتلفزيون آر تي "إذا تعرضت مصالحنا المشروعة، مصالح روسيا، للخطر بشكل مباشر كما حصل في اوسيتيا الجنوبية (المنطقة الانفصالية في جورجيا)، لا أرى أي طريقة أخرى سوى الرد ضمن احترام القانون الدولي" . وأضاف أن "الهجوم على مواطنينا الروس هو هجوم على روسيا" . يأتي ذلك، فيما أعلنت وزارة الداخلية الأوكرانية "تحرير" مدينة سفياتوغيرسك على بعد نحو 20 كلم من سلافيانسك معقل الموالين للروس، من أيدي الانفصاليين في إطار "عملية مكافحة الإرهاب" التي أطلقتها كييف الثلاثاء . والعملية تمت "من دون سقوط ضحايا"، كما أوضحت الوزارة في بيان وصف المدينة على أنها نقطة "استراتيجية" على حدود المناطق الثلاث الناطقة بالروسية: دونيتسك ولوغانسك وخاركيف . واعتبر وزير الخارجية الروسي أن قرارات سلطات كييف "موجهة" من الولاياتالمتحدة . وقال "من الواضح أنهم اختاروا توقيت زيارة نائب الرئيس الأمريكي لإعلان استئناف العملية لأن ذلك تم فور مغادرة جون برينون (مدير سي آي ايه) لكييف"، مضيفاً "ليس لدي أي سبب يدفعني إلى الاعتقاد بأن الأمريكيين لا يحركون هذه العملية بشكل مباشر" . من جهة أخرى، أبلغ وزير الخارجية الأمريكي جون كيري نظيره الروسي خلال مكالمة هاتفية الثلاثاء "قلقه العميق" إزاء عدم اتخاذ موسكو "إجراءات إيجابية" كافية لنزع فتيل التوتر في الأزمة الأوكرانية . وأوضح مسؤول في الخارجية الأمريكية طالباً عدم ذكر اسمه أن الوزير الأمريكي "عبر عن قلقه العميق إزاء نقص الإجراءات الإيجابية من جانب روسيا للتوصل إلى نزع فتيل التوتر" في الأزمة الأوكرانية . وأضاف أن كيري هدد أيضاً لافروف بفرض "عقوبات مشددة" على موسكو إذا لم تبادر إلى تحقيق تقدم على صعيد تطبيق اتفاق جنيف الذي أبرم الأسبوع الماضي وينص خصوصاً على نزع أسلحة المجموعات المسلحة غير الشرعية وإخلاء المباني التي تحتلها هذه المجموعات، سواء تلك الموالية للغرب في كييف أو الموالية لروسيا في شرق أوكرانيا . واتهم لافروف السلطات في كييف بعدم تنفيذ أي شيء مما اتفق عليه في جنيف مؤخراً لحل أزمة أوكرانيا . وقال لافروف لقناة "روسيا اليوم" إن السلطات في كييف لم تنفذ شيئاً مما تم الاتفاق عليه في جنيف، مشيراً إلى أن مشروع قانون العفو الذي أعدته كييف لا يتعلق بالمعتقلين السياسيين . وقالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، إن روسيا لا تزال تعتقد بأن الغرب جادّ بشأن السعي من أجل السلام في أوكرانيا، غير أنها أشارت إلى أن "الحقائق تفيد بعكس ذلك مع الأسف" . وأبدت الوزارة في البيان، استغرابها الكبير "من التفسير المشوه للاتفاق من جانب سلطات كييف والشركاء الأمريكيين"، وقالت إن الاتفاق يدعو إلى نزع سلاح الجماعات المسلحة غير القانونية، غير أنها لفتت إلى أن "كييف وواشنطن والعديد من العواصم الأوروبية لا تزال تصر وحسب على ضرورة نزع سلاح المواطنين الأوكرانيين الذين يدافعون عن حقوقهم في جنوب شرق أوكرانيا" . ودعا الاتحاد الأوروبي روسيا أمس، إلى استخدام نفوذها لضمان الوقف الفوري لأعمال الخطف والقتل في شرق أوكرانيا . وأعرب الاتحاد الأوروبي عن القلق بشأن تقارير أفادت بوفاة فولوديمير ريباك وهو سياسي محلي ينتمي لحزب القائم بأعمال الرئيس أولكسندر تيرتشينوف ودعا إلى إجراء تحقيق . وقال مايكل مان وهو متحدث باسم كاثرين اشتون مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي "ندعو جميع الأطراف إلى الانضمام إلى بيان جنيف بشأن أوكرانيا للتأكد من أن بنوده تنفذ بالكامل وخاصة روسيا لاستخدام نفوذها للتأكد من الوقف الفوري لأعمال الخطف والقتل في شرق أوكرانيا" . ودعا وزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، نظيره الروسي، سيرغي لافروف، إلى الضغط من أجل التنفيذ الفوري لاتفاق جنيف حول أوكرانيا، واتخاذ خطوات لتهدئة الوضع في شرق وجنوب البلاد، خلال اتصال هاتفي أجراه معه أمس . واعتبر وزير الخارجية الألماني فرانك-فالتر شتاينماير أن حل الأزمة الأوكرانية "يزداد صعوبة" مع عدم وجود مؤشرات على انخفاض التوتر بين موسكو والغرب الذي يعد الأخطر منذ انتهاء الحرب الباردة . وقال الوزير أثناء زيارة إلى مولدوفا أنه "مع كل يوم يمر . . يصبح حل التوصل إلى حل أصعب فأصعب"، داعياً موسكو وكييف إلى الاستفادة من الاتفاق الذي جرى توقيعه في جنيف الأسبوع الماضي لنزع فتيل الأزمة . (وكالات) الخليج الامارتية