الرهوي يشيد بجهود وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية    نجم مانشستر سيتي في طريقه للدوري التركي    الطوارئ الإيرانية: إصابة 14 من طواقم الإسعاف وتضرر 7 سيارات جراء العدوان الصهيوني    السلطات الإيرانية تقبض على جاسوس أجنبي للموساد في يزد    ليفاندوفسكي يحدد وجهته بعد حقبة برشلونة    تقرير دولي يحذر من عودة قوات صنعاء لهجماتها البحرية في حال توسع الصراع الإيراني الإسرائيلي    وزيرالكهرباء ومحافظ المحويت يناقشان أوضاع مشاريع المياه والصرف الصحي    الشغدري يتفقّد مشاريع خدمية في دمت بالضالع    تشيلسي يقترب من إبرام صفقة مؤجلة    إخماد حريق في منزل بمنطقة شملان    عن "حروب الانهاك والتدمير الذاتي واهدافها"    الصهاينة يشكون التكتيكات الإيرانية ويصفونها بحرب استنزاف    تفكيك عبوة ناسفة إلكترونية لشبكة تجسس صهيونية غرب طهران    اسعار الذهب في صنعاء وعدن السبت 21 يونيو/حزيران 2025    رئيس الوزراء يناقش مع وزير العدل مستوى تنفيذ خطة الأولويات العاجلة    الترجي التونسي يهدي العرب أول انتصار في كأس العالم للأندية 2025    نقاط تقطع مسلحة للحرابة ودعوة المتحاربين إلى حضرموت    فساد الاشراف الهندسي وغياب الرقابة الرسمية .. حفر صنعاء تبتلع السيارات    الاتحاد الأوروبي يقدّم منحة مالية لدعم خدمات الصحة الإنجابية في اليمن    على مركب الأبقار… حين يصبح البحر أرحم من اليابسة    من يومياتي في أمريكا .. بين مر وأمر منه    بين حروف الرازحي.. رحلة الى عمق النفس اليمني    قصر شبام.. أهم مباني ومقر الحكم    البحسني يكشف عن مشروع صندوق حضرموت الإنمائي    مقتل عريس في صنعاء بعد أيام من اختطافه    هل أعداء الجنوب يلبسون طاقية الإخفاء    الأرصاد يتوقع هطول امطار على بعض المرتفعات ورياح شديدة على سقطرى ويحذر من الاجواء الحارة    مليشيا درع الوطن تنهب المسافرين بالوديعة    ترحيب حكومي بالعقوبات الأمريكية الجديدة على شبكة تمويل وتهريب تابعة للمليشيا    شبكة حقوقية تدين إحراق مليشيا الحوثي مزارع مواطنين شمال الضالع    بوتين: روسيا تبني لإيران مفاعلين نوويين إضافيين في بوشهر    علي ناصر يؤكد دوام تآمره على الجنوب    بقيادة كين وأوليسيه.. البايرن يحلق إلى ثمن النهائي    الأحوال الجوية تعطل 4 مواجهات مونديالية    حشوام يستقبل الأولمبي اليمني في معسر مأرب    صنعاء .. موظفو اليمنية يكشفون عن فساد في الشركة ويطالبون بتشكيل لجنة تحقيق ومحاسبة جحاف    هذا أنا .. وفي اليمن روحي    «أبو الحب» يعيد بسمة إلى الغناء    قبل أن يتجاوزنا الآخرون    بين ملحمة "الرجل الحوت" وشذرات "من أول رائحة"    علي ناصر محمد أمدّ الله في عمره ليفضح نفسه بلسانه    الأمم المتحدة تقلّص خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن وسط تراجع كبير في التمويل    كارثة كهرباء عدن مستمرة.. وعود حكومية تبخرّت مع ارتفاع درجة الحرارة    الذهب في طريقه لتكبد خسائر أسبوعية    المبرّر حرب ايران وإسرائيل.. ارتفاع أسعار الوقود في عدن    ديدان "سامّة" تغزو ولاية أمريكية وتثير ذعر السكان    نجاح أول عملية زرع قلب دون الحاجة إلى شق الصدر أو كسر عظم القص    نتائج الصف التاسع..!    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    كأس العالم للاندية : ميسي يقود انتر ميامي لفوز ثمين على بورتو    فعاليتان للإصلاحية المركزية ومركز الحجز الاحتياطي بإب بيوم الولاية    جماعة الإخوان الوجه الحقيقي للفوضى والتطرف.. مقاولو خراب وتشييد مقابر    كيف تواجه الأمة الإسلامية واقعها اليوم (2)    الخطوط الجوية اليمنية... شريان وطن لا يحتمل الخلاف    الصبر مختبر العظمة    شرب الشاي بعد الطعام يهدد صحتك!    الصحة العالمية: اليمن الثانية إقليميا والخامسة عالميا في الإصابة بالكوليرا    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخليج لا يحتاج إلى «قرضاوي» آخر - الشرق الاوسط اللندنية - محمد عبد المطلب الهوني
نشر في الجنوب ميديا يوم 24 - 04 - 2014


محمد عبد المطلب الهوني
طالعتنا صحيفة «الشرق الأوسط» في عددها الصادر يوم 18 أبريل (نيسان) الحالي، بمقال للأستاذ رضوان السيد تحت عنوان «الحملة على الإسلام.. والحملة على العرب»، يهاجم فيه كوكبة من المفكرين العرب، وهم الأساتذة جورج طرابيشي وعزيز العظمة وعبد المجيد الشرفي والمرحوم محمد أركون.
وعلى الرغم من ضعف تماسك المقال، وهو سمة مشتركة لأكثر كتّاب المقالات اليومية، فإن الاتهامات التي وردت فيه ضد هؤلاء المفكرين كانت صادمة، بسبب تضمنها وقائع مجافية للواقع. ولنتناول هذه التهم التي ساقها الكاتب في مقاله من دون أن يكلف نفسه عناء الإتيان بقرينة واحدة للبرهنة على حدوثها وإثبات صحتها.
يتهم رضوان السيد هؤلاء المفكرين بأنهم جندوا أنفسهم لهدم الإسلام السني التكفيري لمصلحة الإسلام الشيعي والانتصار للإيرانيين وحلفائهم وتنظيماتهم المسلحة، في كل من العراق وسوريا واليمن والبحرين.
إن إطلاق هذه التهم في حقيقته جريمة، أما من الناحية الفكرية فهي تدل، بافتراض حسن النيات، إما على عدم القدرة على فهم ما كتبه هؤلاء، أو تدل على محاولة ليّ عنق الحقيقة لمصلحة عاجلة، القصد منها التقرب إلى هيكل العجل الذهبي للسياسة بقرابين أسماء فذة امتنعت عن أن تشرك بوحدانية الحقيقة من أجل مغريات الأباطيل.
أما من الناحية الواقعية، فإنني أتحدى الكاتب، وعلى رؤوس الأشهاد، أن يثبت ما يقوله عن «عزيز العظمة» و«جورج طرابيشي» و«عبد المجيد الشرفي»، من أنهم انتصروا لأي طائفة ضد طائفة أخرى، أو كتبوا أو حاضروا في تمجيد الطوائف، سواء أكانت شيعية أم سنية أم خارجية، أو حتى أدلوا بحديث صحافي أو مقابلة تلفزيونية يشتمّ منها ولوغهم في مثل هذه الفعلة.
أما اتهام الراحل الكبير «محمد أركون»، بأنه سخّر قلمه لتحطيم الإسلام السني، فهذا ما لم يستطع قوله حتى القرضاوي. وإن قراءة محمد أركون، تحتاج إلى جد وصبر لا يمكن أن يتحققا بمجرد الاطلاع على عناوين فصول كتبه خلال فترات الاستراحة القصيرة للمؤتمرات.
ما كان يريده محمد أركون، هو تفكيك التراث، لا تحطيمه، من أجل إسلام أجمل، ومسلمين متصالحين مع عصرهم ومع تاريخهم، وبالرجوع إلى النص القرآني وينابيعه الصافية لاستنطاقه وتأويله حتى يكون لدينا فقه عصري جديد ينقذ المسلم من وضعيته التعيسة التي يعيش فيها.
إن سوريا اليوم ولبنان، معرّضان للتشظي والانقسام إلى دويلات طائفية بسبب عدم القدرة على ولوج الحداثة وعلى نبذ الطائفية. إن أركون قد رأى كل ذلك تنبؤا. أما صاحب المقال فلا يرى ذلك الواقع، على الرغم من أنه يعايشه. ثم يقول الكاتب: «خرج علينا قبل الثورات وبعدها فريق تنويري يريد اجتراح إصلاح ديني، يشبه تماما ما فعله الأوروبيون مع تراثهم الديني في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. ولذلك انصرف عشرات من هؤلاء لاصطناع قراءات تنويرية وتحريرية للقرآن والسنة، والتيارات الفكرية والدينية السلفية والأشعرية، والخروج، بعد كتب ممتدة، إلى أنهم تمكنوا من تحطيم الإسلام السني. وكانوا، في زمن العسكريين والأمنيين الطويل، يحصلون على جوائز منهم بسبب العقلانية التي اشتهر بها حافظ الأسد وبشار الأسد ومعمر القذافي. وهم يجدون اليوم وسط المخاضات الفظيعة التي دخل فيها الجهاديون الحزبيون فرصا جمة للإشادة من جديد بالتنوير الذي عليه الأسد وصدام قبله، وإيرانيو الخميني ونصر الله من بعد».
إنني آسف لكاتب في حجم رضوان السيد، يطلق كلاما على عواهنه بهذه الخفة المرسلة. إنني أرد عليه بمجموعة من الأسئلة عليه أن يجيب عنها بالوقائع والبراهين الدامغة:
1- متى ذهب أي من هؤلاء المفكرين إلى إيران؟ ومتى اجتمعوا بالمرشد الأعلى؟
2- متى التقى أحد هؤلاء المفكرين بمعمر القذافي أو ببشار الأسد أو صدام حسين أو حافظ الأسد؟
3- متى حصل أي من هؤلاء على جوائز من أولئك الحكام؟ وأين؟ وفي أي تاريخ؟
4- في أي مطبوعة قرأ الكاتب أن هؤلاء المفكرين أشادوا بحسن نصر الله أو حزب الله، حتى عندما كان في أعلى درجات شعبيته، ويطلقون عليه لقب «سيد المقاومة»؟
5- متى وأين قرأ السيد أن أحد هؤلاء الكتاب أيد مذابح بشار في سوريا أو مدح فظائع نظامه؟
أما قوله إن هؤلاء المفكرين قد كونوا فريقا يهدف إلى اجتراح إصلاح ديني كالذي حدث في أوروبا، فهو صحيح، وللكاتب كل الحق في أن ينتقد هذا المسلك ما دام يرى أنه ليس في الإمكان أبدع مما كان.
إن المفكرين التنويريين الذين قال الكاتب كل هذا في حقهم، ودبج بقلمه الكثير من الأباطيل، هم أكبر من أن ينخرطوا في حرب طائفية مقرفة لن تكون لها غير نهاية مدمرة للأوطان والمجتمعات.
من حق السيد أن يكون أحد فرسان هذه الحرب ومغاويرها، لكن ليس من حقه جر آخرين إلى خوض غمارها.
ويبقى سؤال قلق، يحوم حول هذا الكم الهائل من الادعاءات والأخبار غير الصحيحة، يبحث عن إجابة:
لماذا هذا الهجوم الشرس على مفكرين يعرفهم الكاتب حق المعرفة، ويعرف أنهم لم ولن يقوموا بما اتهمهم به، ويعرف أنهم ما كانوا في يوم من الأيام أبواقا لأحد، ولم يبذلوا ما بذلوه من جهد خوفا من وعيد أو طمعا في وعد، وحتى عندما تغيرت آراؤهم ومواقفهم من الآيديولوجيات المختلفة، كان ذلك بفعل نقد ذاتي استعملوا فيه العقول؟
إن هؤلاء المفكرين ومَن على شاكلتهم قد نأوا بأنفسهم عن دوامة الحقد والكراهية، واعتبروا أن مسؤولياتهم التاريخية الجسيمة تحتم عليهم تضميد الجراح، ورسم خارطة طريق للمستقبل بعد أن تضع هذه الحروب الطائفية أوزارها، فأمعنوا في نقد البنى الفكرية والاجتماعية السائدة من أجل بناء أوطان للأجيال المقبلة التي لن تعرف سوى دولة الإنسان المواطن.
إن التكفيريين السنة لا يقتلون أهل الأديان والنحل والملل والمذاهب الأخرى فقط، بل هم طائفة داخل الطائفة السنية، يقتلون كل من اعتبروه فاسقا أو ملحدا أو كافرا. فهنيئا لرضوان السيد والقرضاوي بهذه الصحبة الجديدة التي تخلط بين الدين والسياسة، وبين الدولة والطائفة!
عندما قرأت المقال للمرة الثانية استوقفتني كلماته الاستهلالية، وأنقلها حرفيا: «لا يكاد يمر أسبوع إلا ونشهد أحد احتفالين أو الاحتفالين معا: احتفال بالحملة على الإسلام المتشدد والتكفيري والإرهابي، واحتفال آخر بمفكر «تنويري» عربي ما ترك على جسد الإسلام الظلامي والتكفيري لحما ولا شحما».
إذا علم القارئ أنه في يوم 5 من هذا الشهر، ومن هذه السنة، أقيم في تونس حفل تكريمي للمفكر العربي جورج طرابيشي، بطل العجب.
إن هذا الحفل الذي أقامه عدد من المثقفين من مختلف الأقطار العربية احتفاء بجورج طرابيشي، وعرفانا له بما بذله من جهد فكري وثقافي كتابة وترجمة ونقدا في تاريخ العرب الحديث، كان هو القادح على هذه الحملة. فربما اعتملت الغيرة في صدر «صاحبنا»، فأخذ يخبط خبط عشواء، وطاشت أسهم حنقه غيظا، فأصابت الأحياء والأموات.. وإلا فبم نفسر كل هذا الهراء؟
إن رابطة العقلانيين العرب كرّمت جورج طرابيشي لأن له تاريخا في البحث والنقد والترجمة والتأليف، يمتد على نحو مائتي كتاب. وكان من حق رضوان السيد أن يهاجمنا لو أننا قمنا بتكريمه لأنه حضر ألف مؤتمر أو أضاع عمره في المشافهة والنجومية الكاذبة.
وأخيرا، نناشد السيد أن يبتعد بحمولته التكفيرية عن دول الخليج، التي بقيت البقعة الوحيدة الطاهرة من دنس الطائفية، والمعبر الوحيد اليوم عن فكرة التعايش السلمي بين كل الأديان والطوائف. فالخليج العربي بالتحديد، ليس في حاجة إلى قرضاوي آخر.
ايلاف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.