تشهد السعودية انطلاق أكبر مناورات عسكرية تجريها المملكة في تاريخها، وتشارك فيها جميع القطاعات العسكرية متمثلة بوزارة الدفاع ووزارة الحرس الوطني ووزارة الداخلية، بالإضافة إلى قطاعات مدنية أخرى، في ثلاث مناطق سعودية هي الشرقية والشمالية والجنوبية. وقد بدأت التمارين العسكرية منتصف شهر أبريل/ نيسان الجاري، ويبلغ عدد أفراد القوات المشاركة حالياً في المناورات أكثر من 120 ألف جندي، وجرى خلالها إدماج أعداد كبيرة من الآليات العسكرية التي دخلت الخدمة حديثاً في مختلف القوات البرية والجوية والبحرية والدفاع الجوي. وقد أطلق على المناورات السعودية اسم "سيف عبدالله"، وهي تتزامن مع الذكرى التاسعة لتولي العاهل السعودي مقاليد الحكم في البلاد. ومن المقرر أن يشهد ولي العهد السعودي، وزير الدفاع، الأمير سلمان بن عبدالعزيز، خلال هذا الأسبوع، استعراضاً عسكرياً لاختتام المناورات في مدينة حفر الباطن شرقي السعودية بحضور قادة سياسيين ومسؤولين عسكريين من دول عربية وغربية، حيث وجهت السعودية دعوات لعدد من الدول إلى حضور هذا الاستعراض العسكري الأكبر من نوعه. وأشارت مصادر إلى أنه من المنتظر حضور وزراء الدفاع في دول الخليج ووزير الدفاع المصري المعيّن حديثاً الفريق أول صدقي صبحي، ووزيري الدفاع في الولاياتالمتحدة الأميركية وبريطانيا. وكانت وكالة الأنباء السعودية قد أشارت إلى انطلاق فعاليات التمرين المشترك (سيف عبدالله) يوم 16 من شهر أبريل/ نيسان الجاري، ونقلت الوكالة عن مدير إدارة العلاقات العامة والتوجيه المعنوي بوزارة الدفاع السعودية العميد الطيار الركن صالح بن طالب، قوله "إن التمرين يحتوي على التنوع في الفرضيات والعمليات الهجومية والدفاعية وعمليات الإمداد والإنزال الجوي والبحري وعمليات الحرب الإلكترونية وعمليات الدفاع الجوي، لافتاً إلى أنه يستخدم في التمرين أحدث الأجهزة والمعدات العسكرية التي ستسهم في رفع الجاهزية القتالية لدى الوحدات والقطاعات والقيادات المشاركة، إضافة إلى التأكد من الاستخدام الأمثل للأجهزة والمعدات الحديثة والمتطورة". تغييرات في القيادة العسكرية وتشرف على هذه الاستعدادات وزارة الدفاع السعودية التي تعد الحقيبة السيادية الأولى في المملكة حيث يتولاها منذ عقود الرجل الثاني أو الثالث في مؤسسة الحكم، غير أن الوزارة شهدت خلال السنوات الأخيرة عدداً من التعديلات الهيكلية حيث أنشت هيئة للطيران المدني تم بموجبها تغيير اسم (وزارة الدفاع والطيران) التي كانت تتولى شؤون الطيران العسكري والمدني إلى (وزارة الدفاع) فضلاً عن تغييرات في هرمها القيادي بعد وفاة ولي العهد السعودي الأسبق الأمير سلطان بن عبدالعزيز الذي تولى وزارة الدفاع والطيران لمدة خمسة عقود. وقد عين العاهل السعودي الأمير سلمان بن عبدالعزيز خلفاً لشقيقه، ثم أعفى الملك عبدالله نائب وزير الدفاع الأمير خالد بن سلطان في أبريل/ نيسان عام 2013 وعين مكانه الأمير فهد بن عبدالله بن محمد، ولم يلبث أن أقيل، هذا الأخير، خلال أشهر، فتم تعيين الأمير سلمان بن سلطان نائباً لوزير الدفاع في أغسطس/ آب من العام نفسه. يذكر أن السعودية شاركت، أخيراً، في عدد من المناورات والتمارين العسكرية داخل المملكة وخارجها، كان آخرها قبل أسبوع في "تمرين الدرع الأخضر"، الذي شاركت فيه القوات الجوية في قاعدة نانسي الفرنسية بالاشتراك مع سلاح الجو الفرنسي، وسبقه مشاركة القوات البرية السعودية مع القوات البرية الأميركية في تمريني (الصداقة 3 وصقر الصحراء 3) التي اختتمت منتصف الشهر الجاري في تبوك شمالي السعودية بحضور نائب وزير الدفاع السعودي الأمير سلمان بن سلطان وقائد القيادة الوسطى في الجيش الأمريكي الفريق جيمس تيري. ولم تكن المباحثات العسكرية وصفقات التسلح بعيدة عن جدول الأعمال في أثناء زيارة ولي العهد السعودي الأخيرة لكل من الصين وباكستان والهند، وكانت السعودية قد استقبلت الأسبوع الماضي نائب رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش الصيني الفريق وانغ زونغ مع وفد عسكري التقى مسؤولين في وزارة الدفاع. رسائل إقليمية ووفق مراقبين، فإن السعودية، التي شاركت في تمارين عسكرية برية وجوية وبحرية خلال الأشهر القليلة الماضية، ترغب في توجيه عدد من الرسائل الإقليمية عن استعداداتها العسكرية في ظل ما تشهده منطقة الخليج من تغيرات استراتيجية بعد الكشف عن اتصالات أميركية مباشرة مع إيران أفضت إلى مفاوضات بشأن ملفها النووي، وازدياد حدة التوتر بين السعودية وإيران في شأن الملف السوري حيث تستمر المعارك الطاحنة بين قوات النظام السوري والمعارضة المتمثلة في "الجيش الحر". يشار إلى أن آخر معارك خاضها الجيش السعودي كانت عام 2010 على حدوده الجنوبية في منطقة جازان مع الحوثيين في اليمن الذين اتهمتهم السعودية حينها بالتسلل إلى أراضيها، كما دخلت قوات درع الجزيرة التي يتشكل معظم أفرادها من قوات سعودية إلى البحرين في شهر مارس/ آذار عام 2011 في أعقاب ما شهدته البحرين من احتجاجات واضطرابات سياسية تزامنت مع انطلاق ثورات الربيع العربي. وكان الناطق الإعلامي لحرس الحدود السعودي قد أكد سقوط ست قذائف هاون في منطقة غير مأهولة على الحدود السعودية العراقية في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، وتبنت إطلاقها جماعة عراقية مسلحة، لكن البلدين عمدا إلى التقليل من أهمية هذا الحدث في حينه، كما أعلن حرس الحدود السعودي في أكتوبر/تشرين الأول عام 2012 القبض على 14 إيرانياً دخلوا إلى المياه الإقليمية السعودية قرب مدينة الخفجي شرقي المملكة. دفاع صاروخي خليجي وتداولت مواقع خليجية أنباء عن زيارة مرتقبة لوزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل إلى السعودية يجتمع خلالها بوزراء الدفاع في دول الخليج، ورجحت مصادر خليجية مطلعة أن يستكمل خلال هذا الاجتماع طرح فكرة الدرع الصاروخي الخليجي الذي اقترحته الولاياتالمتحدة في مارس/ آذار عام 2012 إبان منتدى التعاون الاستراتيجي الخليجي الأميركي الذي انعقد في الرياض بحضور وزراء خارجية دول الخليج ووزيرة الخارجية الأميركية حينها هيلاري كلينتون، وقدم مسؤولون عسكريون أميركيون رافقوا الوزيرة عرضاً مرئياً يتعلق بإنشاء منظومة صواريخ دفاعية بالستية تنصب في مواقع مختلفة من الخليج لحماية المنطقة من أي تهديدات صاروخية، غير أن الوزراء الخليجيين أحالوا الأمر إلى وزراء الدفاع في كل بلد على حدة. وتريد الولاياتالمتحدة، وفق تصريحات أدلى بها وزير الدفاع الأميركي في المنامة ديسمبر/ كانون الأول، الماضي أن تبيع هذه المنظومة الصاروخية إلى الدول الخليجية بوصفها كتلة واحدة، فيما تفضل دول الخليج عقد صفقات التسلح بشكل ثنائي وترتبط مع الولاياتالمتحدة ودول أخرى باتفاقيات دفاعية منفردة. الاتجاة نت