زعيم الاتحاد الاشتراكي ينفي ان يكون 'المخزن' سيطر على الحزب ويعلن عن تحالفه مع 'الاستقلال'الرباط 'القدس العربي': بعث العاهل المغربي الملك محمد السادس برقية تهنئة إلى ادريس لشكر بمناسبة انتخابه كاتبا أولا جديدا للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية خلفا لعبد الواحد الراضي. وقال العاهل المغربي إن اختيار مناضلي الاتحاد الاشتراكي لادريس لشكر لتحمل قيادة الحزب في المرحلة القادمة يؤكد تقديرهم الكبير لمساره النضالي والسياسي المتميز ولما يتحلى به من مؤهلات فكرية عالية وتجربة سياسية واسعة والتزام بالدفاع عن مبادئ الحزب وقيمه التقدمية. وانتخب المؤتمر التاسع للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي عقد نهاية الاسبوع الماضي بمدينة بوزنيقة القريبة من الرباط ادريس لشكر كاتبا اولا للحزب بالدورة الثانية من العملية الانتخابية التي تنافس فيها مع احمد الزايدي. واعرب الملك محمد السادس عن ثقته بفضل ما هو معهود في لشكر من غيرة وطنية صادقة وتشبث مكين بثوابت الأمة ومقدساتها ولما هو مشهود له به من خصال رجل الدولة المحنك ومن روح المسؤولية العالية انه لن يذخر جهدا من أجل تعزيز مكانة حزبه وحضوره الوازن في المشهد السياسي الوطني ومواصلة إسهامه الفاعل بمعية مختلف الأحزاب الوطنية 'في توطيد النموذج الديمقراطي والتنموي الذي نقوده خدمة للمصالح العليا للوطن والمواطنين'. وأشاد الملك في رسالته للشكر بالكاتب الأول السابق لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عبد الواحد الراضي 'لما أسداه لوطنه ولهيأته السياسية بكل كفاءة واقتدار وتفان ونكران ذات من خدمات جليلة في مختلف المهام السامية التي تقلدها ولما أبان عنه من حكمة وبعد نظر خلال قيادته للحزب' وطلب منه 'إبلاغ جميع مناضلات ومناضلي الحزب قيادة وقواعد عبارات تقدير جلالته السامي داعيا الله أن يلهمهم جميعا التوفيق والسداد.' وعبر ادريس لشكر عن اعتزازه بما ورد في برقية التهنئة التي وجهها له الملك محمد السادس من إنصاف للحزب ورموزه وافتخاره بما تضمنته البرقية من إنصاف للاتحاد ولرموزه وإشادة بمساهمة رجالاته في البناء الديمقراطي. وقال لشكر امس الثلاثاء في ملتقى وكالة المغرب العربي للأنباء حول 'حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ورهانات التجديد' إنه تلقى أمس اتصالا هاتفيا من الملك محمد السادس، مشيرا إلى أن ما قاله الملك في حق الحزب لا بد أن 'تسجله الذاكرة والتاريخ'. واضاف ان هذا الاهتمام بالاتحاد الاشتنراكي هو اعتراف بما يشكله من قوة داخل المشهد السياسي، ورقم حقيقي في المعادلة الحزبية. ولا زالت الاوساط الحزبية والسياسية المغربية تقرأ تداعيات انتخاب لشكر على مصير الحزب والحياة السياسية المغربية في ظل انتقادات واسعة لمستوى النقاش والعمل السياسي في المغرب وهيمنة ما يسمى ب'الشعبوية' على خطاب النخبة السياسية. وذهب البعض الى اعتبار انتخاب لشكر اعلانا رسميا رسميا لوفاة الحزب الذي اسسه الزعيم المهدي بن بركة وقادة شخصيات مثل عبد الرحيم بوعبيد وعبد الرحمن اليوسفي ومحمد اليازغي وعبد الواحد الراضي، وقال متدخلون على الشبكة الالكترونية ان 'المخزن' استطاع بالدفع نحو انتخاب لشكر ان يدخل الاتحاد الاشتراكي في شبكة الاحزاب التي تدور في فلكه. ويرفض ادريس لشكر هذه الاتهامات ويقول ان الاتحاد الاشتراكي خرج من محطة المؤتمر الوطني التاسع قويا وأشار إلى أن انه سيحرص على الحفاظ على استقلالية القرار الحزبي و'لن نسمح لأي كان بأن يضع يده على الاتحاد ويملي عليه قراراته'. وأضاف في اول خرجاته الاعلامية بعد انتخابه كاتبا اولا أنه سيعمل جاهدا من أجل الحرص على انبعاث الحزب من خلال مشروعه وأن من أولويات المرحلة المقبلة إحياء دور الشبيبة وفي الانكباب على الجانب التنظيمي وترتيب البيت الداخلي . وبخصوص تصوره لقيادة الاتحاد الاشتراكي في المرحلة المقبلة قال لشكر إنه سيتبع أسلوب تدبير جماعي بقيادة جريئة وقوية 'لا تتحدث بطريقة رمادية ' وأنه سيتبع طريقة تسيير عصرية وبصفة خاصة في ما يتعلق بتدبير مالية الحزب. واكد أنَّ اليسارَ باقٍ ما بقيَ الحرمان، فالعمال والفلّاحونَ والطلبة لا يمكنُ أن يضعُوا ثقتَهُم إلَّا في اليسار رغمَ ما يقال حولَ موته، أمَّا شبابَ 20 فبراير الذينَ قدمُوا الكثير فيتحدثُ باسهم اليومَ من ليسَ أهلا لذلكَ ومن تحكمهم توجهات ضيقة. وأضافَ أنَ اليسارَ اليومَ باتَ مطالباً برصِّ صفه، والقطع معَ واقع التشتت الذي نجمَ عنهُ صعودٌ لقوَى محافظة، وأنهُ سيشرعُ في التنسيق لأجل بلوغِ غايةِ يسارٍ مغربي قادر على الاضطلاعِ بدوره ودعا الجميع الكف عن الحديث في الصالونات وموائد الاجتماعات، والعمل على توحيد اليسار بكل اطيافه، لمواجهة التحديات التي يعرفها المغرب في جميع المجالات والحفاظ على جميع المكتسبات المتعلقة بحقوق الانسان ، والحريات العامة والمساواة وحرية المعتقد والقيم الكونية مستدلا بما يتضمنه الدستور. مؤكدا أنَهُ بنى ترشحهُ بادئَ الأمر على أرضية إيديولوجية، ثمَّ سطرَ برنامجاً سياسياً مؤسساً علَى تحليلٍ عملي للواقع، يستحضرُ الحراكَ الذي يعيشهُ المغرب شأنهُ شأنَ باقي دول المنطقة، فضلاً عن إيجادهِ أداةً للعملِ وتنسيق المساعي المبذولة لأجلِ إعادة ترتيب البيت الاتحادي بمَا يخدمُ الانتقال الديمقراطي في البلاد. وأبرز أن الاتحاد الاشتراكي سيبقى في المعارضة إلا إذا أفرزت صناديق الاقتراع ما يمكن أن يغير موقفه مشيرا إلى أن هذا الموقف الذي تبناه المؤتمر لا تراجع عنه وأن تموقع الحزب في المعارضة هو قرار مؤسساتي للحزب لا يتغير يتغير الأشخاص. واوضح إنَّ خيارَ المؤسسة هوَ الذي أمْلَى الاصطفافَ في المعارضة، باعتبار الحزبِ مرتهناً وفقَ ما ذهبَ إليه بمبادئ وقيم ثابتة، لا تتغيرُ بتعاقبِ من يتولون القيادة، وذلكَ إعمالاً للديمقراطية الداخلية، ولنْ يعودَ الاتحاد إلى الحكومة إلَّا عبرَ صناديق الاقتراع، لأنَّ الحزبَ لا يرَى فِي دخوله إلى الحكومة في الوقتِ الراهن خدمةً لمصلحةِ البلاد. وحول التحالفات التي سينسجها حزبه في المرحلة القادمة بالاضافة الى توحيد تيارات اليسار قال لشكر 'واهم من يعتقد أنه سيشتغل بدون حزب الاستقلال'، لكنه علق على حديث حميد شباط الامين العام لحزب الاستقلال بنيته وضع يده في يد لشكر حين علم بفوزه 'يجب أن نتدارس أولا على أي أساس سنضع اليد في اليد'. واعتبر لشكر أن الشعبوية التي يتهم بها بدأت مع الحكومة الحالية وأن الانتصار عليها لن يكون بنفس الممارسة بل بتنزيل أرضية سياسية وان الحديث عن قادة شعبويين هو للتمويه عن الشعبوية الحقيقية وأن القادة الذين انتخبوا، انتخبوا ديمقراطيا وقال 'أنَ من يتحدثُ عن تنامي الشعبوية وسطَ القياداتِ الحزبية عليه أن يعلمَ أنَ الشعبوية في المغرب انطلقت لحظة تعيينِ الحكومة الحالية. وقرر المؤتمر التاسع للاتحاد الاشتراكي تاجيل انتخاب الهيئات التقريرية والتنفيذية للحزب (لجنة ادارية ومكتب سياسي) الى نهاية الشهر الجاري بعد ان اخذ انتخاب الكاتب الاول وقتا طويلا الا ان البعض تحدث عن مشاورات لتوزيع هذه الهيئات على الاطراف الحزبية المختلفة الا ان إدريس لشكر قال إن انتخاب اللجنة الإدارية للحزب سيتم عبر الديمقراطية وبمشاركة جميع المؤتمرين وليس من خلال سياسة الكواليس. وأضاف أن أسلوب الكواليس يعد من مخلفات الماضي التي عفى عنها الزمن وأنه 'لا يمكن لحزب انتخب قيادته بديمقراطية أن يستعمل مثل هذه الممارسات'. وقال 'إنني غير مستعد لأقود الاتحاد الاشتراكي بمنطق الكواليس' ويجب احترام إرادة المؤتمرين لأن 'المهام النضالية لا تتطلب ممارسات مجتمع السوق المرتكزة على الأخذ والعطاء' واكد حرصه على بناء الاتحاد بقيادة جماعية لبلورة النقد الذاتي للاتحاديين بطريقة تشاركية، وفرز الالوان بين الابيض والاسود! للمضي قدما نحو تحقيق ما يصبوا اليه الاتحاد الاشتراكي. وحمل لشكر القيادة الاتحادية وكل القياديين مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع الحزب الذي فقد مصداقيته وجماهيريته بالشارع المغرب وقال 'لقد تماهينا في السابق مع الأوضاع لحد أننا لبسنا الأزمة' واعتبر أن المرحلة الراهنة تقتضي قيادة جريئة و غير مهادنة. وانتقد 'من يركبون على موجة 20 فبراير داخل الحزب، مطالبا من يريد الكلام باسم 20 فبراير أن يكون من بين قاعدتها لا ممن يسكن باريس'. كما اعترف ادريس لشكر بان هناك سوء التدبير لدى جميع الاحزاب التي تدبر شؤونها عبر المكاتب السياسية، ولذا يجب على المكتب السياسي الجديد للاتحاد ان يبتعد عن التسيير وان يفوض ذلك الى الادارة المختصة في المحاسبة والتدبير، واستدل ذلك بما عاناه المؤتمر الاخير. وتعليقا على اِستقالةِ علي بوعبيد، عضو المكتب السياسي السابق للحزب ونجل المؤسس التاريخي للاتحاد الاشتراكي، قالَ لشكر إن الاستقالةَ التي سمعَ بهَا عبر بعضِ المنابر، إن صحت، فهي استمرار لشغب بوعبيد المعهود، وأن الحزبَ سينظر إلى الاستقالة وكأنهَا لم تكن، إذ لا قداسةَ ولا توريثَ في الحزب، ما دامَ حزبَ مؤسسةٍ لا أشخاص وبالقدرِ الذي يحرص به الحزب على إبقاء مناضليه في صفوفه، إلا أن بوعبيد مثله مثل جميع مناضلي الاتحاد.