الكاتب / محمد علي شائف مقدمة في البدء اسمحوا لي أن أشكر لكم حضوركم, وأشد على قيادة المجلس الوطني في الضالع على الجهود التي يبذلوها لبقاء دور هذا المنتدى الذي لعب دوراً ممتازاً في المرحلة الماضية في الجانب التوعوي الكفاحي لشعبنا الأبي الثائر , وأبرز دور للمنتدى كان في العام الماضي, لاسيما بشأن الموقف من ثورة التغيير وغير ذلك . وبشأن موضوع المحاضر/المداخلة.. نودُّ كمدخل أن نلفت نظركم إلى أن قراءة سياسة حدث من الأحداث السياسية والاجتماعية تستلزم بالضرورة النظر إلى الحدث من حيث كونه مرتبط بشبكة من العلاقات الجدلية/التفاعلية السياسية والاجتماعية الداخلية والخارجية.. الذاتية والموضوعية سواءً أكان الحدث تجلي لحالة تطور في مجاله أو العكس.. حالة تراجع, فإن الأمر في الحالتين له صلة بمحركات ودوافع داخلية وتهيأت له ظروف وعوامل مساعدة أنضجت حالة تشكله البطيء ليتحول إلى فعل جديد يعبر عن الحالة السياسية والاجتماعية التي أفضت إلى الحدث السياسي أو الاجتماعي, ويكشف عن مضمونه/هدفه/, والهدف بالضرورة يكشف دوافع الحامل السوسيو سياسي للهدف . بمعنى آخر.. إن ما يبدو طفرة أو حدث مفاجئ إنما هو في المجتمعات ؛ نتيجة تفاعل طويل في النفسية الاجتماعية, توفر إمكان ظهوره بالصورة التي تنسجم ودوافعه الداخلية في المجتمع الشعب صانع الحدث . وبشأن الحدث النضالي الكبير لشعب الجنوب الحر الأبي في احتفاليته بذكر استقلاله من الاستعمار البريطاني في 30 نوفمبر/1967م , فإن قراءتنا المتواضعة وغير الحاسمة بالطبع تنطلق لقراءة هذا الحدث/الفعل غير المسبوق لشعبنا من الآتي : 1) إنَّ تشكل وعي الشعوب بقضاياه الوطنية الكبيرة لا يتم دفعة واحدة, بل يمرُّ بمراحل مختلفة, ويتعرض للتأثير الخارجي والنفسي...إلخ, ولكنه يبدأ بالطلائع في كل الشعوب. وفي حالة شعبنا الذي وجد نفسه على حين غرة يعيش حالة مأساوية ترقى إلى مستوى الفاجعة الإنسانية, بين أنقاض انهيار معبد الوهم الذي شكلته في الوعي الاجتماعي الجنوبي مسلمات أيديولوجيا الوحدة القومية العربية وأساطير التاريخ الزائف التي كرَّست في الجنوب رسمياً. ونعني بمعبد الوهم : الوحدة اليمنية , وفي صميم هذا الزيف شعار: (الوحدة اليمنية قدر ومصير الشعب اليمني) . إنّ قراءة هذا الشعار وحده يحتاج إلى مداخلة كاملة, فضلاً عن ذلك فإن احتلال دولتنا تمَّ بمشاركة جنوبية بنسبة تربو عن (60 %) إن لم تكن أكثر .. ولهذا وقع شعبنا بعد الاحتلال في غيبوبتين : الأولى: غيبوبة تحت صدمة الهزيمة عند الذين قاوموا الاحتلال عام 1994م . والثانية: غيبوبة النصر عن المشاركين في احتلال أرضهم كمقاتلين في الجبهات أو كطابور خامس . 2) الهبات الأولى وأشكال التعبير الشعبية والسياسية ما قبل 2007م مثلت حالة التراكم لنقلة 2007م النوعية على صعيد الوعي وعلى صعيد الفعل . 3) بتحطيم الشعب لحواجز الخوف والتضحيات التي قدمها ولازال.. بدأت مسلمات الأيديولوجيا التاريخ الزائف تفقد قدرتها على التأثير .. زد إلى سقوطها في نظر الجنوبيين الذين تصدروا التأصيل النظري للقضية الوطنية الجنوبية . 4) أغنى الجدل وسط الثورة الشعبية السلمية الجنوبية التحررية حول الهدف الإستراتيجي, أحدث حالة تمرد للوعي بالهوية الجنوبية أمام انكماش وضمور بطيء لمنظومة الوعي المزيف حول الهوية, وأسطورة ألا تقدم لشعبنا إلا بالعودة التي ما لم يكن (الوحدة) الأكذوبة . 5) سقوط وهم إمكان تغيير علاقة الاحتلال نحو حق شعبنا في الحرية والاستقلال بعد (ثورة التغيير بصنعاء) وبقاء نهج القتل والسفك والنهب والسلب, وارتكاب المذابح...إلخ في الجنوب, وبروز توجه أشدِّ شراسة ًمن قبل الاحتلال, ليس على طمس الهوية الجنوبية وحسب, بل ولمحو وجود الشعب ... إنَّ ذلك عزز الوعي باستحالة التعايش مع ثقافة تنتمي إلى ثقافة سبأ بنزوعها التدميري الشامل ... 6) هنالكم أمور أخرى, ولكن ما يهمنا أن نذكر بملحمة شعب الجنوب وثورته السلمية في 21/فبراير/2007م التي مثلت مآثر كفاحية واستفتاءً شعبياً عن رفض الاحتلال, بمنعه من تنفيذ مسرحيته الانتخابية في كل الجنوب, والتجمع غير المسبوق في فعالية 14/أكتوبر الماضي, ثمَّ الحضور الأكبر غير المسبوق في ذكرى الاستقلال 30 نوفمبر .. ليس في العاصمة عدن وحسب, بل وفي كل مدن الجنوب الأخرى كالمكلا وغيرها ... 7) الخلاصة لما أسلفناه هو : إنَّ ثمة توسُّع أفقي وعمودي داخل الشعب, ليس في تأييد الثورة الجنوبية التحررية وحسب , بل والوعي بالقضية وبالمخاطر التي تتهدد ثورته وقضيته وتحاصر تطلعاته في نيل حقه في الحرية والاستقلال والسيادة على أرضه... إذ أنَّ الشعور الجماعي بالخطر يحرك روح المقاومة الجماعية كذلك, وزد إلى توسُّع الاستجابة الشعبية بهدف الاستقلال, ولاشكَّ بأنَّ ثمة دور مركز في هذا التطور النوعي والكمي للحضور الشعبي الفاعل في الثورة لقوى الثورة السلمية التحررية التي حسمت خيارها السياسي والتحرري في تبني هدف التحرير والاستقلال, والدور التوعوي الذي لعبته لتوسيع دائرة الاقتناع الشعبي بالحق الوطني الجنوبي الشرعي والعادل, وكذلك دور الاحتلال الهمجي في ترسيخ وتوسيع دائرة القناعة الشعبية بضرورة الخلاص من الاحتلال واستعادة الدولة الوطنية الجنوبية المستقلة, وما دون ذلك ليس سوى خداع للذات الجنوبية الجماعية, أي قبوله بما يدخله نفقاً آخر من نفق 22/5/ 1990م المشؤوم أشدُّ ظلمة و ظلاماً وضياعاً والبصم على فقدان الوجود طواعية . 8) إنه كل ما أسلفنا ذكره, وما لم نتطرق إليه, هي قراءة لمقدمات منطقية أفضت إلى التطور الذي بلغته الثورة التحررية الجنوبية في المحطات الثلاث النوعية خلال هذا العام (21/فبراير 14 أكتوبر 30 نوفمبر) بمعنى آخر: إن حدث 30 نوفمبر ينبغي أن يُقرأ كتطور نوعي وكمي في مسيرة الثورة التحررية الجنوبية . وهنا أرسل جملة رسائل إلى أصحاب القضية الوطنية الجنوبية قبل الاحتلال والمُجتمعَينِ الإقليمي والدولي, ولاسيما مكونات الثورة , ومن يُفترض أنهم من قيادات الثورة كما سيأتي وسنحاول إبراز الرسائل التي نرى أن شعب الجنوب المكافح أرسها في تجمعه المليوني في العاصمة (عدن) إضافة إلى بقية مدن الجنوب الأخرى, والتي نرى استعراضها في الفقرة التالية . الرسائل السياسية التي وجهها شعب الجنوب الأبي في ذكرى الاستقلال (30 نوفمبر الماضي) الرسالة الأولى : وهي الأشمل والأعمق في تعبيرها السياسي والدلالي , وهي مركز دائرة كل الحجج والحقائق .. أرسها الشعب إلى العالم ليقول: إن كل شعب الجنوب هاهنا ثابت على أرضه, متمسك بحقه الشرعي والعادل في الحرية والاستقلال والسيادة...إلخ, وليس جزء منه, كما يزعم المحتل الغاصب وأعداء حقه وتطلعاته في العيش على أرضه بسلام وحرية وأمان كبقية شعوب العالم . الرسالة الثانية: وقراءتها تعتمد على الفعل الشعبي العملي الذي تعالى على التباينات التي رافقت التحضير لفعالية الاحتفاء بذكرى الاستقلال كغيرها من الفعاليات المركزية في العاصمة (عدن). حيث قامت الجماهير بإنجاح برنامج الاحتفاء السياسي بالمناسبة (29 نوفمبر/2012) في مدينة كريتر عدن ويوم ال (30 نوفمبر/2012) في كل من: المعلا والمنصورة . إن ذلك يجعل من أي تقييم موضوعي وواقعي كما نعتقد جازمين أن لا يعيد نجاح برنامج الفعالية إلى الوعي الشعبي وحسب, بل وإنجاح الهدف السياسي من حضور الجماهير غير المسبوق في هذه المرحلة الفاصلة من مسيرة ثورتنا بمعنى أوضح ومنصف: إن الجماهير الثائرة ارتفعت إلى مصاف القضية , ففرضت بتساميها الكفاحي والروح النضالية المسؤولة إرادتها فوق صغائر الاختلافات الظاهرة والخفية , وجسدت في مثابرتها والتزام النظام والثقافة المدنية والحضارية المميزة لشعب الجنوب . الرسالة الثالثة: وجهها الشعب إلى القوى الجنوبية التي تتبنى خيارته وتعبر عن تطلعاته في التحرير والاستقلال , ولعلَّ خلاصة الرسالة هي أن الشعب له السبق منذ البداية ليس في صنع الحدث الثوري, بل وفي الثبات خلف الهدف, وأنه موحد خلف خياره, وأن من يجدر بهم أن يجسدوا دور القيادة أو الطليعة لن يرتقوا إلى مصاف الإرادة الشعبية الجنوبية الموحدة خلف هدف التحرير والاستقلال والسيادة على كامل ترابه الوطني بحدوده إلى ما قبل (22/5/ 1990) المشؤوم . ولكن التجربة تحلي حقيقة أن القيادة تلاحق مواقف الشعب وعجزت أن تؤطر إرادته في أداة سياسية واحدة وقيادة موحدة منضبطة مخلصة ومتماسكة, وعلاقة القيادة التي خذلته.. تلك التي تتعارض رؤاها ومشاريعها السياسية مع إرادة الشعب وتطلعاته.. الذين وجَّه الشعبُ لهم رسالة خاصة بهم ... الرسالة الرابعة : وجهها الشعب إلى الجنوبيين المتبنين لمشاريع سياسية ما دون التحرير والاستقلال مفادها.. إن الشعب خرج باستفتاء شعبي معلناً قراره الحر المستقل أن خياره هو الاستقلال الكامل غير المنقوص, وإن عليهم أن يحترموا قرار الشعب الحر وإرادته الجماعية التي كثيراً ما تذرعوا بهما لتبرير رؤاهم السياسية . أي إن الشعب أسقط باستفتائه في نوفمبر وقبله في 21 فبراير و 14 أكتوبر الماضيين كل المشاريع المنتقصة من حقه الشرعي والعادل في التحرير والاستقلال , والذي قد الأرواح والدماء وسيواصل بوعي الثمن الذي سيقدمه على مذبح الحرية, وانه سيحمل الأمانة عن الشهداء الأبرار, لن يسمح بإهدار تضحياتهم . إن الرسالة واضحة وكافية لكل من يحترم إرادة شعبه, وقرار شعبه الحر, وهذا ما ستكشفه الأيام , ونؤمل أن هذه الرسالة الشعبية التحررية ومضمونها قد وصلت إلى أصحابها واستقبلت بروح وطنية ومسؤولة من قبلهم ..لأنها : أ) حسمت الخيار السياسي لثورة شعب الجنوب في هدف واضح . ب) حسمت مطلب الشرعية الشعبية التي تطرح كواحدة من المبررات , وذلك باستفتاء شعبي جنوبي عزز استفتاءه في 21 فبراير و 14 أكتوبر و 30 نوفمبر الماضيين . ج) قدمت البرهان عن خيار الاستقلال وأنه قرار الشعب الحر, وليس كما يزعم أعداؤه تيارًا فيه . الرسالة الخامسة : وجهها شعب الجنوب إلى المجتمعَيْنِ الإقليمي والدولي في استفتاء شعبي علني بالصوت والصورة وعلى مسمع مرأى من العالم وبعزيمة لا تنكسر .. أعلن : أنه متمسك بحقه الشرعي والعادل في الحرية والاستقلال وبثبات ومثابرة . أنه لن يخضع لحملة الإرهاب السياسي والإعلامي والتكفيري, والتعتيم الإعلامي المضروب حول ثورته؛ لأنه يدرك أن كل ذلك ليس سوى محاولة ضغط ظالمة, لكنها لن تنجح أمام صموده وإصراره وإيمانه بعدالة قضيته وحتمية انتصارها ... أنه يرفض عن وعي وإدراك دخول الفخ السياسي المنصوب, ليس لاغتيال ثورته وإسقاط قضيتنا وحسب, بل وللقبول بمحو وجوده الذي عجز الاحتلال عن بلوغه على مدى (18) عاماً من الممارسات الاقتلاعية لشعب وتاريخ وهوية الجنوب باستخدام كل ضروب العنف وإرهاب الدولة المنظم, والمسمى (الحوار الوطني), ولذلك اتخذ الشعب قراره الحر بعدم المشاركة في فخ حوار حلَّ أزمة سلطة الاحتلال . وبالمقابل يتمسك بحق التفاوض بين شعبين ودولتين ندَّيتين على إزالة الاحتلال واستعادة دولته المستقلة برعاية إقليمية ودولية ضامنة . فعلى صعيد فخ ما يسمى ب (مؤتمر الحوار الوطني) سبق لنا منذ أغسطس الماضي أن حاولنا عبر بيانات المجلس الوطني ونشاطه السياسي التوعوي : محاضرات, مداخلات, توزيع مطويات في مهرجان 14 أكتوبر الماضي وعبر المقابلات الصحفية وعبر قناة عدن ..إلخ أن نكشف خلفيات هذا الفخ السياسية, ونعدد مخاطره عبر الربط الجِدِّلي والمنطقي بين خطر وآخر انطلاقاً من وحدة عناصر القضية الوطنية الجنوبية وترابطها, إذ أن التنازل عن عنصر سياسي أو قانوني فيها يفضي منطقياً إلى إسقاط بقية العناصر المكونة للقضية . مثلاً : القبول بمفهوم (الحوار الوطني) سيؤدي سياسياً وقانونياً إلى إسقاط الحقيقة التاريخية بأن هناك دولتان دخلتا في مشروع وحدة سياسية فاشل أدى إلى احتلال دولة الجنوب .. إسقاط هذه الحقيقة يقود إلى الحوار داخل دولة وشعب ووطن واحد, وبالنتيجة تسقط حجة شعبنا التاريخية . ونتمنى أن هذه الرسالة وصلت لكل الجنوبيين, ولاسيما القابلين المشاركة في هذا الفخ تحت أي ذريعة قبل أن تصل إلى الخارج والمحتل . الرسالة السادسة: وجهها شعب الجنوب إلى الاحتلال ورعاة المبادرة الخليجية, بالمضامين المذكورة أعلاه , وقد كان تأثيرها قوياً وسريعاً لدى الطرفين, وذلك باتخاذ حكومة الاحتلال قرار النزول إلى العاصمة الجنوبية (عدن) للاجتماع واتخاذ القرار غير المعقول بمنح فروع الوزارات في عدن صلاحيات الوزارات في صنعاء ولمحاولة لإلقاء قرص مخدر في الغليان الشعبي الجنوبي الثائر. والشيء نفسه حصل من قبل بعض سفراء المجموعة الأوروبية الراعية للمبادرة الخليجية والتقوا بمن أرادوا, ولم يوجهوا الدعوة لقوى التحرير والاستقلال . وكل ما يسعى إليه الاحتلال ومن ورائه رعاة المبادرة الخليجية هو جرجرة شعب الجنوب بقواه الفاعلة إلى فخ (الحوار القاتل) دون اعتبار لإرادة شعب الجنوب, وهو وضع لن يدوم فيه موقف العالم طويلاً, طالما واصل شعبنا ثورته وثباته خلف هدفه... وجدير بالتنويه إلى أن شعب الجنوب يمتلك أوراق قوة سياسية وقانونية قوية, ستبقى كذلك, طالما رفض حوار سلطة الاحتلال . أما المشاركة فإنها ستضع شعباً بكامله في موقع (حماقة وغباء أبو غبشان) الذي صار مثلاً للحماقة والغباء؛ لأنه باع مفاتيح الكعبة بزقا خمر , فخسرت قبيلته دورها في سدانة الكعبة, ونحن كشعب إذا قبلنا دخول الحوار (الفخ القاتل) فقد قبلنا بيع أوراق قوة وانتصار قضيتنا, ليس بزق خمر, وإنما بزق وهم هو فخ ظاهر وجلي .. تلكم هي رسائل شعب الجنوب الأبي في الاستفتاء المعبر عن إرادته الحرة المستقلة .. وماذا عن المشهد المحيط بما يسمى (مؤتمر الحوار) في صنعاء ؟ باختصار : 1) إن الورقة الرئيسية بيد شعب الجنوب, فلن يكون ولن يجتمع بدون مشاركة الجنوب فيها.. إنها ورقة ثورتنا القوية, فلنتمسك بها بقوة . 2) إن أطراف الصراع في ال (ج.ع.ي) تعيش حالة اضطراب وتنازع الدور بين طرفي النظام المعاد إنتاجه (المؤتمر, المشترك, الإصلاح) .. زد إلى الحوثيين والرافضين للتشويه (حين إنقاذ الثورة ...) . حتى لو قام حوارهم بدون الجنوب.. لن ينجح ابتداءً من صياغة الدستور, حيث غدا حزب الإصلاح يحضر لغرض سياساته على طريق تحضيره لاستلام السلطة . 3) القبيلة والتمسك بمكانة المقرر في صنع القادم الذي يبقيها صاحبة الدور السياسي المتعارض مع بناء الدولة, فضلاً عن تمسك المربع الزيدي بالسلطة دون الشافعي ودخول الحوثيين كطرف ثالث في الصراع ... التوظيف السياسي والكفاحي للتحول النوعي والكمي الشعبي : تعتقد هذه القراءة السريعة بأن التوظيف السياسي للحدث الموقف الشعبي موضوع القراءة, لابدَّ له أن ينطلق من حقيقة أن الشعب في الغالب لم تحركه قوة ما من قوى الثورة السياسية الجنوبية في وضعها الراهن, وإنما تحرك بدافع داخلي ذاتي كما بدأ, وما قام به خلال عام 2012م منذ فبراير يقرر أن الاستعداد الشعبي الاستجابي يتوسع كل يوم, تحرك ثورته على الاحتلال وتطلعاته للحرية والعزة والكرامة على أرضه في ظلِّ دولة وطنية مستقلة .. وإن من يعتقد أنه صاحب التأثير الرئيسي في هذا التطور النوعي والكمي للثورة, إنما يقترف خطأ ً إستراتيجياً يضر ولا ينفع, وفي أحسن الأحوال يعيق نجاح التوظيف السياسي الكفاحي لهذا التطور في مسيرة الثورة الشعبية السلمية التحررية هذا من جهة, ومن جهة أخرى تطرح هذه القراءة بعض الأسئلة للنقاش من قبل مكونات الثورة الشعبية الجنوبية التحررية, ولاسيما المثقفين السياسيين والأكاديميين وفي طليعة هذه الأسئلة سؤال يتعلق بالدلالات والأبعاد المرتبطة بإصلاح التوظيف السياسي .. 1) ماذا يقصد بالتوظيف السياسي؟ 2) هل صراعنا مع الآخر (المحتل الخارجي) هل هو صراع سياسي أم صراع تحرري بين صاحب الحق والغازي الغاصب أم هو صراع سياسي ؟ وما العلاقة بين مفهومي التحرري والسياسي ؟ أليس الصراع بين قوى سياسية في مجتمع واحد يوصف بالصراع السياسي ؟ الصراع القائم في مصر وفي سوريا وفي أل (ج.ع.ي) أي صراعاً سياسياً في إطار شعب كل منها ؟ 3) أيهما الأقرب إلى طبيعة صراع شعبنا مع الاحتلال أن نقول: التوظيف الثوري للحالة الشعبية النوعية في الثورة أم التوظيف السياسي لحالة في الثورة ؟ 4) أليست ثورتنا شعبية, وليست ثورة يقودها تنظيم مسنوناً شعبياً ؟ قد يرى البعض أن هذه الأسئلة ضرباً من " السفسطائية " تربك ولا تخدم مطلب توظيف الحالة المذكورة لخدمة الثورة, لكن ذلك غير صائب تماماً؛ لأن معرفتك للشيء معرفة شاملة تيسِّر عليك التعامل معه, أو تسخيره لخدمتك . والحدث التطور موضوع القراءة تقترح هذه القراءة أن يوظف وفق فهم أن ثورتنا ثورة شعبية تحررية . وأن هذا التطور الكمي والنوعي الشعبي المنتمي للثورة والحاسم لخيار التحرير والاستقلال لم يقوده تجمع سياسي معين في الثورة التحررية, وإنما تعاضدت عوامل ومؤثرات ومحركات أشرنا إلى أهمها في نهاية المقدمة . والفهم أعلاه يفترض بالضرورة تعيين طبيعة علاقة المكونات السياسية الشعبية بالثورة التحررية من خلال الموقف النظري والعلمي من خيار ثورة الشعب التحررية وهدفه السياسي الإستراتيجي . وذلك من أجل تحرير الثورة من حالة السيولة والهلامية في ترتيب مستويات العلاقة وأوليات الدور للنهوض بمهمة توظيف حالة التطور هذه لصالح تحقيق نجاحات ثورية نوعية وانتصارات جديدة للثورة تقرب أجل التحرير والاستقلال . إن المستوى الكبير الذي بلغه التلاحم النضالي لشعب الجنوب مرتقياً إلى مصاف قضيته وحاسماً هدف ثورته التحررية؛ يقرر تبلور حقيقة سوسيوساسية جديدة في ظاهرة الثورات الشعبية السلمية, ولاسيما في ثورة شعبنا بطابعها التحرري (غير ثورات تغيير الأنظمة العربية) هي أن الشعب هو الحامل وهو الحاضن لقضيته والضامن والحامي لانتصار قضيته وبلوغ هدفه , لالتفافه الجماعي حول ثورته وخلف هدفه .. هذا التلاحم الشعبي كيف يوظف خدمة انتصار الثورة , وكم ينهض بهذه المهمة ؟ إن القوى والمكونات السياسية والشعبية في الثورة المنتمية إلى ثورة الشعب التحررية وإلى الهدف الإستراتيجي هي المعنية بإبداع وإنجاح هذا الدور؛ لتنتقل من موقع الملاحق لمواقف الشعب إلى مؤطرة ومنظمة لهذا التطور الشعبي أولاً,ولتحول بعدئذٍ إلى فائدة تجسد إرادة الشعب. حتى لا نطيل .. نختصر المسألة في أن إرادة الشعب الموحدة خلف هدف سياسي واحد لا يمكن الحديث عن إمكان توظيف هذه الحالة الإيجابية الأشمل بدون ارتقاء مكونات الثورة التحررية إلى مصاف وحدة الشعب, أي أن تجاريه على الأقل فتوحد نفسها في إطار سياسي موحد جبهوي أو اندماجي . بمعنى آخر: إن التوظيف للحالة النوعية والكمية الماثلة للشعب توظيفاً ناجحاً, لابدَّ أن يكون توظيفاً سياسياً بمضمون ثوري تحرري في أداة سياسية موحدة تنهض بتوحيد الفعل الثوري الشعبي وتنظيمه وتوحيد حركته ورسم آفاقه الإستراتيجية وآلياته التكتيكية ... بإيجاز .. إرادة شعبية موحدة خلف هدف واحد تساوي إطار سياسي ثوري موحد منظم وقيادة موحدة متماسكة ومخلصة . وحدة الشعب الثائر تساوي وحدة الأداة الثورية . بهذا أولاً من جهة نظر هذه القراءة .. يمكن الحديث عن إمكان التوظيف السياسي الثوري التحرري للموقف الشعبي النوعي والكمي .. إن هذه الجزئية محتاجة إلى إثراء وإغناء جاد ومسؤول , وما أوردناه ليس سوى محاولة سريعة تستحث الآخرين للمناقشة .. في منتدى تنمية الوعي الوطني الجنوبي