الأربعاء 30 أبريل 2014 07:30 صباحاً بقلم : أحمد الحناكي - المجلة للمرة الأولى أشاهد فيلم "أيام السادات" بطولة المبدع الراحل أحمد زكي، متزامنًا مع نقطتين مهمتين، إحداهما عامة؛ وهي الدور الذي يلعبه الإخوان المسلمون الآن، والثانية النظرة الموضوعية لمرحلة وشخصية الرئيس الراحل محمد أنور السادات. من الناحية الفنية فإنني لا ادّعي خبرة، ولكن أعتقد أن أحمد زكي كان مقلدًا للسادات أكثر منه تمثيلاً للدور، وبالتالي كان في معظم مقاطع الفيلم يظهره ساخرًا أو كوميديًّا، بينما أخفى الجانب المتجهم من السادات. مع الأسف الشديد فمعظم الأفلام العربية عن الشخصيات تضفي على الرمز السياسي هالة من القدسية غير القابلة للنقد شجاعة كانت أو ذكاءً أو وفاءً أو نبلاً، مع أن الواقع السياسي لا يمكن أن يسمح لرجل "طوباوي" بالوصول للسلطة، وهذا ينطبق على أنحاء العالم دكتاتوريًّا أو ديمقراطيًّا. "أيام السادات" أُنتج في عهد الرئيس حسني مبارك، وبالتالي لا نستطيع أن نزعم أن دور مبارك في الفيلم من خلال إشادة السادات به دورًا حقيقيًّا، من حيث وصفه بصاحب الضربة الجوية في حرب أكتوبر، والبطل والشجاع وخلافه، ولا نجزم بالعكس. سبق لأحمد زكي أن مثَّل فيلم عن عبد الناصر، وهو كالسادات مسبغًا عليه الطابع المثالي، وهو ما عنيته عندما ذكرت أننا نقدس الرموز السياسية، ولكن إحقاقًا للحق فناصر كانطباع عام هو أقرب لوجدان الشعب العربي والمصري كمناضل وبطل ضد الفساد الداخلي في مصر، أو ضد الهيمنة الأمريكية والعدو المحتل بشكل عام. شخصية السادات المثيرة للجدل كانت تميل للجانب التمثيلي، وهو خلط الجد بالهزل، وكان معجبًا بالنمط الأمريكي شخصيًّا وسياسيًّا، ويؤمن أن جميع الأوراق بيد الأمريكان، وربما كان هذا أحد عيوبه الكبيرة؛ فهو من جهة استسلم لهذا الشعور دون مقاومة، ومن جهة أخرى جعله تفرده بالرأي دون استشارة يقع في أخطاء مميتة كزيارته للقدس. وبالمناسبة حتى الأمريكيين كانوا يفضلون السادات، ولا نقول يحبونه؛ لأنهم لا يحبون إلا مصالحهم فقط، والسبب معروف طبعًا؛ لأنه كان يقدم لهم أكثر مما يرغبون به، وقد تم إنتاج فيلم تلفزيوني عنه، وأرفقوه بالإبهارات الهوليودية ليصنعوا منه أسطورة عربية، ومحاولين في نفس الوقت إظهار الرئيس جمال عبد الناصر بالمظهر الساذج والمتطرف والضعيف، وهي نقاط لا يتهمه بها حتى أعداؤه الإخوان المسلمون الذين يرونه عدوهم التاريخي. زيارة السادات كانت نشازًا؛ كونها تمت بعد انتصار أكتوبر، وما رافقه من تدخل أمريكي وإن كان غير مباشر، وبالتالي العدو كان في موقف يستلزم منه أن يحاول القيام بخطوة السلام هذه لا العرب، فهو يقبع في أرض محتلة، وتحيط به 22 دولة عربية لا تطيقه، أو على الأقل فالشعوب العربية تكرهه. ونتيجة لهذه الزيارة فإنه قدم تنازلاً للعدو لا يحلم به، وسبَّب شقاقًا عربيًّا لا زالت نتائجه ظاهرة للعيان. من ضمن مفارقاته موقفه تجاه شاه إيران عندما استضافه في مصر بعد أن رفضته دول العالم عقب الثورة الإيرانية، مع أن الشاه كان من ألد أعداء الأمة العربية بأسرها، وكان صديقًا مقربًا للعدو الإسرائيلي، وما قاله السادات إن الشاه دعم مصر بالبترول في حرب 73م غير صحيح، بل إنه دائمًا ما كان يعتبر الشاه مثله الأعلى؛ لأنه مثله يعتقد أن العالم كله بيد أمريكا. كان السادات في الفيلم وفي الواقع يرى أن الإخوان وراء كل المصائب، بينما تجاهل أنه هو من أعطاهم الفرصة الكبيرة لكي يضرب الشيوعيين وغيرهم من الأحزاب المعارضة، فيما كانوا مغيبين عن الحياة السياسية في عهد عبد الناصر. سماحه للقمقم بأن ينفجر خطأ تاريخي آخر دفع ثمنه السادات نفسه عندما تم اغتياله من قبل متطرفين إسلاميين من الجيش أثناء العرض العسكري بذكرى حرب أكتوبر، فضلاً عن عودة الأحزاب الدينية أو الحركات الإسلامية في عدة دول عربية وإسلامية، الأمر الذي ندفع ثمن إرهاصاته حتى الآن. لا بد للموضوعية التاريخية أن تعيد الفضل لأصحابه، وأن لا ننسى أن السادات كان الرئيس الذي أمر بحرب 6 أكتوبر ضد العدو الإسرائيلي. نعم كان الجيش يتم بناؤه منذ 67م في عهد عبد الناصر، إلا أن استمرار السادات في خطه من هذه الناحية لا يجب أن يتم تجاهله. لا شك أن أي ذكر للسادات لا بد وأن يعقبه ذكر لعبد الناصر أو العكس، ولكن من المؤكد أن من إنجازات عبد الناصر التاريخية هو إخراجه للإخوان المسلمين من اللعبة السياسية، وفي نفس الوقت وعكسه تمامًا كان من الكوارث التاريخية إعادة الإخوان مرة أخرى على يد أنور السادات. عدن الغد