الأربعاء 30 أبريل 2014 11:22 مساءً رويترز بدأ العراقيون الإدلاء بأصواتهم يوم الأربعاء في أول انتخابات عامة تشهدها البلاد منذ انسحاب القوات الأمريكية من العراق عام 2011 مع سعي رئيس الوزراء نوري المالكي للفوز بولاية ثالثة وسط تصاعد أعمال العنف. ويمزق القتال محافظة الأنبار بغرب العراق حيث يحارب مسلحون سنة الجيش العراقي. ويواجه اقتصاد البلاد صعوبات كما توجه للمالكي انتقادات بأنه يعمق الانقسامات الطائفية ويحاول تعزيز سلطته. وبدأ التصويت في السابعة صباحا بالتوقيت المحلي (0400 بتوقيت جرينتش) وفرض حظر على تجول السيارات في شوارع بغداد. وسيختار الناخبون ممثليهم من بين 9012 مرشحا وستمثل الانتخابات البرلمانية استفتاء على المالكي الشيعي الذي يحكم البلاد منذ ثماني سنوات. وسارت الانتخابات في وسط العراق وجنوبه حتى منتصف النهار دون عقبات تذكر لكن الاقبال كان بطيئا في المناطق السنية حيث يخشى السكان من قوات الامن ومن مسلحين يستلهمون فكر القاعدة. هذا التفاوت يبرز التوترات العميقة بين الأغلبية الشيعية والاقلية السنية. وساد الهدوء العاصمة بغداد وانتشرت في الطرق نقاط التفتيش العسكرية وسار العراقيون على الاقدام حتى مراكز الاقتراع. وطوقت عربات همفي العسكرية مراكز الاقتراع كما أحيطت المنطقة بالاسلاك الشائكة ويمر الناخبون بعدد من نقاط التفتيش قبل دخولهم للادلاء بأصواتهم. وكان عشرات من أفراد الجيش والشرطة يجوبون الشارع. وتناقض هذا الهدوء الظاهري مع انتخابات عام 2010 التي هزت خلالها الانفجارات العاصمة العراقية وكان من بينها عدد من انفجارات قنابل الصوت. وكان المالكي من أوائل من أدلوا بأصواتهم في فندق بجوار المنطقة الخضراء الخاضعة لإجراءات أمنية مشددة حيث يوجد مقر الحكومة. وحث الناس على المشاركة في الانتخابات على الرغم من التهديد الأمني. وفي تصريحات للصحفيين قال المالكي "أتوجه الى الشعب العراقي الكريم بان يتوجهوا بكثافة الى صناديق الاقتراع وان تكون رسالتهم رسالة ردع وصفعة بوجه الارهاب." ويقول محللون إن من غير المرجح أن يفوز اي حزب باغلبية في البرلمان البالغ عدد مقاعده 328 مقعدا. وقد يصعب تشكيل حكومة حتى اذا فاز ائتلاف دولة القانون بمعظم المقاعد كما هو متوقع وإن كان المالكي واثقا من الفوز. وقال المالكي "قطعا توقعاتنا كبيرة جدا." وأضاف "فوزنا مؤكد لكننا ما زلنا نتحدث عن حجم الفوز." وتغلق صناديق الاقتراع في السادسة مساء (1500 بتوقيت جرينتش). ويواجه رئيس الوزراء تحديات من خصوم من الشيعة والسنة وقد صور نفسه على أنه المدافع عن الطائفة الشيعية التي تمثل أغلبية في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) الذي يستلهم نهج تنظيم القاعدة. وقال المالكي في وقت سابق هذا الأسبوع "هل داعش والقاعدة ما زالوا قادرين على تحقيق الاهداف التي أنشئت هذه المجاميع من اجلها...اسقاط بغداد والمحافظات الاخرى وتدمير المراقد المقدسة؟ أنا أقول لا." وأضاف "داعش انتهت لكن جيوبها ما زالت باقية وسنستمر بمطاردتهم والايام القليلة القادمة ستشهد تطورات مهمة." ويقدم المالكي نفسه وأيضا خصومه الشيعة على أنهم الاصلح للتعامل مع المعركة الحالية على مدينتي الفلوجة والرمادي في الانبار. بينما يصور الزعماء السياسيون السنة المالكي الشيعي على أنه حاكم سلطوي يريد تدمير طائفتهم. وقال منافسه السني الرئيسي رئيس البرلمان اسامة النجيفي إن السنة عانوا من "الإرهاب والميليشيات" تحت حكم المالكي. وقال النجيفي للصحفيين إن هناك خطوطا حمراء وإنهم لن يتحالفوا مع رئيس الوزراء الحالي على اي الاحوال. وكان قد قال لأنصاره مؤخرا "لم يحصد شعبنا من مركب الشراكة الوطنية غير قعقعة السلاح ولغة الدم وثقافة الانتقام والشحن الطائفي... والانسان المهجر." وعبر عن قلقه من أن يؤدي تولي المالكي رئاسة الوزراء لولاية ثالثة الى "مذبحة ترتكب بحق الناس الابرياء". وكشفت توجهات الناخبين العراقيين عن انقسامات حول من يقود البلاد في هذه الفترة العصيبة المضطربة. وعبر عدد كبير من الناخبين في حي الكرادة الراقي الذي تقطنه غالبية شيعية في بغداد عن أملهم الكبير المعلق بالمالكي. وقال العامل محمود صادق الربيعي "المالكي يمكنه ان يهزم الارهاب ورصيده هو تأييد الشعب وانه يتمتع بالخبرة والمعرفة." وفي أماكن أخرى مثل حي مدينة الصدر الشيعي الفقير تحدث البعض باستخفاف عن رئيس الوزراء وقال ابو ساجد وهو قائد سيارة أجرة انه اذا اعيد انتخاب المالكي سيدمر العراق وتتطور الاوضاع الى الأسوأ. وفي المناطق السنية من العراق بدا الاقبال على التصويت بطيئا في الساعات الأولى من الصباح حيث شهدت محافظة صلاح الدين الى الشمال من بغداد ومحافظة ديالى الى الشرق حوادث عنف. وهدد تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام بقتل كل من يدلي بصوته ويسعى للسيطرة على السنة. وقتل 12 شخصا في مناطق سنية في أعمال عنف لها صلة بالانتخابات. أما اكثر المناطق اضطرابا فهي محافظة الانبار حيث تخوض القوات العراقية معركة بدأت قبل أربعة أشهر على مدينتي الرمادي والفلوجة في محافظة الأنبار. وتطوق القوات الفلوجة وتخوض اشتباكات في شوارع الرمادي. وفي الرمادي بدأ الناخبون يغامرون بالتوجه الى مراكز الاقتراع في ساعة متأخرة من الصباح بينما تمركز القناصة على أسطح المدارس المستخدمة كمراكز للاقتراع ونظم الجيش والشرطة دوريات في الشوارع. وأسفر القتال عن نزوح ما يقدر بنحو 420 الف شخص. وتعترف مفوضية الانتخابات العراقية بأنها لا تستطيع إجراء الانتخابات سوى في 70 في المئة من الأنبار. ولا تشمل هذه النسبة مدينة الفلوجة. كما تفجر قتال في مناطق ريفية حول بغداد حيث تقاتل القوات العراقية بمعاونة متطوعين شيعية الدولة الإسلامية في العراق والشام. وقتل 50 شخصا يوم الاثنين في هجمات في مناطق متفرقة من العراق نفذها انتحاريون يرتدون ملابس الجيش والشرطة. ويتحمل السنة عبئا كبيرا اذ تنظر لهم قوات الأمن العراقية ومعظم أفرادها من الشيعة بتشكك ويروعهم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. وقال مراسل رويترز ان الناخبين السنة الذين نزحوا عن ديارهم لكنهم مازالوا يعيشون في الرمادي ساروا وسط المدينة التي يمزقها الصراع حتى يصلوا الى مراكز الاقتراع التي خصصت لهم. ودعا رجل الدين السني البارز الشيخ عبد الملك السعدي وهو أصلا من الانبار الناس الى عدم المشاركة في الانتخابات بعد ان قال انه رصد أدلة على الانتهاكات والتزوير وترويع الناخبين لصالح أحد الاحزاب يوم الاثنين حين أدلى أفراد الجيش بأصواتهم. وفي المنطقة الكردية شبه المستقلة في شمال العراق يرى الناخبون في الانتخابات فرصة لبعث رسالة الى بغداد مفادها انهم سيدافعون عن حقوقهم. وهناك نزاع بين المنطقة الكردية والحكومة المركزية في بغداد حول من يحق له تصدير نفط المنطقة وما هو نصيب الاكراد من ميزانية الدولة. وستمثل الفترة القادمة اختبارا لديمقراطية العراق. واستغرق تشكيل حكومة جديدة تسعة أشهر بعد الانتخابات العامة الأخيرة التي جرت عام 2010 بينما كان عشرات الآلآف من الجنود الأمريكيين موجودين في العراق. ولا تخفي الأحزاب السنية والكردية رغبتها في رحيل المالكي لكن من المتوقع أن يحصد عددا من الأصوات اكبر منها. ويحذر البعض من أن تشكيل حكومة جديدة قد يستغرق عاما. وستجري المفاوضات في الوقت الذي تستعر فيه المعارك في الأنبار وعلى مشارف بغداد مما يضيف مزيدا من الاضطراب للعملية. وعلى النقيض من حكومات وحدة وطنية سابقة فإن من المتوقع أن يسعى المالكي لتكوين ائتلاف أقوى حول حكومة أغلبية. ومازال بعض الناخبين يحبون المالكي ويعتبرونه منقذهم. وقال صفا الدين مرعب وهو موظف حكومي من الحلة جنوبي بغداد "إنه رجل المهام الصعبة." لكن آخرين فقدوا الثقة في العملية السياسية برمتها. وقال ثامر محمد جاسم وهو صاحب متجر في الحلة "لم أستفد من الانتخابات السابقة ولا أتوقع أن أستفيد الآن."