شكا مستأجرون في دبي تسبب الزيادة غير المتوقعة في الإيجارات في إفساد مخططاتهم المستقبلية للادخار والاستثمار وإرباكها، ما اضطرهم إلى تغييرها تحت ضغط التكيف مع أوضاعهم الجديدة، خصوصاً في ظل اقتطاع الإيجار نسبة كبيرة من الدخل، مؤكدين أن مطالبة الملاك لهم بسداد مبالغ كبيرة كزيادة في القيمة الإيجارية، وضع بعضهم في ورطة مالية بسبب ترتب التزامات مالية عليهم لم تأخذ في الحسبان الزيادة الكبيرة في الإيجار. من جانبهم، قال عقاريان، إن الإيجارات باتت تستقطع جزءاً كبيراً من متوسط الدخل في دبي، وصل إلى 50%، بعد أن سجلت زيادات متتالية منذ عام 2012، راوحت بين 50 و70% حسب المنطقة، لافتين إلى أن هذه الارتفاعات جاءت بشكل ملحوظ في وقت قصير، وتالياً أصبحت العنصر الأكثر تأثيراً في الخطط المالية المستقبلية للمستأجرين. إلى ذلك، أقرّ خبير مالي بأن ارتفاع الإيجارات يؤثر فعلاً في المخططات المالية للأسرة، لكن اقترح تكيف رب الأسرة مع المشكلة وتحركه إيجاباً من أجل حلها، بدلاً من الشكوى التي لا تجدي. وأشار إلى أن الأهداف طويلة المدى مثل الادخار أو الاستثمار تبنى على ثلاثة متغيرات رئيسة هي الوقت، الهدف، ثم العائد، ويمكن التحكم في تلك المتغيرات للحفاظ على المخططات المالية، لافتاً إلى أن هناك عدداً من البدائل التي يمكن اللجوء إليها في حال زيادة الإيجار بصورة كبيرة أو مفاجئة، مثل الانتقال إلى شقة بمساحة أقل، أو الانتقال لمنطقة جديدة يقل مقابل الإيجار فيها، مع العمل على ترشيد النفقات في المجالات الأخرى مثل التدخين أو السفر أو التسوق. إفساد المخططات نصائح للتعامل مع زيادة الايجارات 1- التوقف عن الشكوى التي لن تجدي نفعاً في زيادة الإيجارات، والتكيف مع المشكلة والتحرك إيجابياً من أجل التوصل إلى حلول مناسبة. 2- أن تراعي الخطة المالية عند إعدادها عوامل مستقبلية مثل التضخم، واحتمالات زيادة الإيجارات أو الرسوم الدراسية. 3- أن تتسم الخطة المالية بالمرونة لمواجهة أي متغيرات خلال المدى الزمني للخطة، الذي يصل الى سنوات عدة. 4- تغيير أي من تلك المتغيرات الثلاثة في الخطة المالية (الوقت، الهدف والعائد) للتعامل مع زيادة الإيجارات. 5- الاستعانة بمخطط مالي معتمد لوضع خطة مالية مناسبة وإجراء أي تعديلات فيها وفقاً للمتغيرات. 6- تضمين ميزانية الأسرة (نسبة طوارئ) عبارة عن ادخار مبلغ معين يعادل ستة أشهر من أجل تدبير سيولة لمواجهة الطوارئ والمشكلات. 7- تضمين الخطة المالية عند إعدادها نسبة (للانحياز المقداري) عن الخطة الأساسية لمواجهة أي اختلافات في التوقعات. 8- ألا يزيد مقابل الإيجار بعد الزيادة على 35% من الدخل الشهري. 9- تجنيب نسبة 10% من الدخل كهامش لتحرك أسعار الإيجارات سنوياً. 10- الانتقال إلى شقة بمساحة أقل أو الانتقال لمنطقة جديدة يقل مقابل الإيجار فيها حال زيادة المقابل الإيجاري بشكل كبير. مراعاة المتغيرات قال الخبير المصرفي الاستشاري، الدكتور سمير شاكر، إن «إعداد أي خطة مالية يجب أن يتم من قبل خبير مالي متخصص، إذ يجب أن تراعي عوامل مثل التضخم وزيادة الرسوم الدراسية أو ارتفاع الإيجارات»، منبهاً إلى أن «الخطة المالية يكون لها مدى زمني طويل نسبياً، ومن الطبيعي أن تحدث متغيرات عدة خلال تلك المدة، وهو ما يجب أخذه في الحسبان». وأشار شاكر إلى أنه «خلال الخطة المالية قد ترتفع الإيجارات أو تنخفض مجدداً، لذا فإن الخطة يجب أن تتسم بالمرونة، بحيث تتكيف مع المتغيرات»، لافتاً إلى أن «هناك بدائل يمكن اللجوء لها في حال زيادة الإيجارات، أهمها الانتقال لمسكن أقل في القيمة الإيجارية أو ترشيد النفقات». وتفصيلاً، أكد المقيم أحمد عثمان علي، أنه فوجئ بمالك الوحدة التي يسكن فيها يطالبه بزيادة كبيرة في القيمة الإيجارية السنوية، ما أفسد مخططاته المالية ووضعه في أزمة مالية، خصوصاً أنه لم يكن يتوقع أن تصل الزيادة إلى الحد المطلوب. وأوضح أنه تعاقد على شراء وحدة سكنية في وطنه بعد سداده جميع التزاماته المالية من قروض وبطاقات ائتمان، وبعد أن وجد أن الدخل المتوافر له يتناسب مع قسط الشقة التي يدفع ثمنها لشركة عقارية على مدى ست سنوات، موضحاً أن الزيادة المطلوبة في الإيجار اضطرته إلى الحصول على قرض جديد لسداد المبالغ المستحقة عليه، أملاً في أن حصول زيادة في دخله. من جهته، أشار الموظف في إحدى الشركات، فادي حيان، إلى أن الزيادات السنوية المتكررة للإيجار عاماً تلو آخر، أربكت المخططات المالية لأسرته أكثر من مرة، إذ بات كل عام بحاجة إلى إعادة تخطيط تتناسب مع ما تبقى من الراتب بعد سداد أقساط الإيجار، التي أصبحت تستحوذ على أكثر من 50% من راتبه، مقارنة بنحو 25% قبل أربع سنوات. وبين أن الفارق جاء هذه المرة على حساب مخططات كثيرة، مثل السفر والإجازات، لافتاً إلى أنه مع كل زيادة إيجارية تتم إعادة ترتيب الأولويات الأهم فالمهم ثم الأقل أهمية. وأشار حيان إلى أن الإيجارات قائمة على العرض والطلب، لكن ترتيب حياة العاملين في دبي نقطة مهمة يجب وضعها بعين الاعتبار، فالتعرض للقلق، والضغط نتيجة التخطيط للحياة، له آثاره الواضحة في كفاءة الإنتاج والابتكار. وبدوره، يرى المستأجر، إياد زهرالدين، أن عدم ثبات قيمة الإيجار والارتفاعات المتتالية التي سجلتها خلال الفترة الماضية، تمثل صعوبة كبيرة في رسم الخطط المالية، إذ تستحوذ على جزء كبير من الراتب، موضحاً أن الزيادات أضحت تغير الكثير من المخططات المالية والأولويات، وباتت الخطط المالية آنية، الأمر الذي يجعل كل شيء على المحك، إذ لا تمتلك أي خطط طويلة المدى، باستثناء تعليم الأولاد والسكن، حتى بات انتظار الزيادة الإيجارية أكبر الأزمات. وذكر أن «ما يزيد من حالة الضبابية، إخطار المستأجرين بزيادة الإيجار قبل انتهاء العقد من دون تحديد المبالغ أو النسبة، حتى يتسنى للمستأجر وضع أعلى نسبة حسب تحركات السوق، الأمر الذي يضع كل الخطط المالية رهن الإخطار النهائي للزيادة». زيادات متتالية في السياق ذاته، قال مدير الأصول في «آي بي» العقارية، ماثيو تيري، إن «معدلات الإيجار باتت تستقطع جزءاً كبيراً من متوسط الدخول في دبي، يراوح بين 40 و50%، بعد أن سجلت زيادات متتالية منذ عام 2012، راوحت بين 50 و70% وفقاً المنطقة، وبناء على مبدأ العرض والطلب». وبين أن «هذه الارتفاعات المتتالية الكبيرة أدت إلى تغير مستمر في معدلات الإيجار، الأمر الذي انعكس بشكل أو بآخر على المخططات المالية للمستأجرين، نتيجة اتساع الفارق بين معدلات الإيجار، فضلاً عن تعليق بعض المؤجرين الزيادة للمستأجر حتى الرمق الأخير، لاستغلال الحد الأقصى لحركة الارتفاعات التي تسجلها السوق». وأوضح تيري أن «تحركات السوق السعرية تخضع للعرض والطلب، والقطاع العقاري قائم على نظرية السوق الحرة، إذ يسعى أغلب مالكي العقارات إلى سداد الالتزامات وتحقيق الربح، الأمر الذي يجعل فكرة تثبيت أسعار الإيجار صعبة التطبيق، إلا في حال إصدار قانون ينظمها». من جانبه، قال المدير في شركة «قصر الملوك» العقارية، أشرف دياب، إن «الحركة القوية التي شهدتها سوق العقارات خلال العامين الماضيين، دفعت السوق إلى تحقيق قفزات سعرية كبيرة، أنعشت الاقتصاد، لكنها أرهقت المستأجرين». ولفت إلى أن «الارتفاعات التي سجلتها العقارات كانت في جزء منها تعويضية، بعد أن خسرت الكثير خلال فترة الأزمة المالية، إلا أن هذه الارتفاعات جاءت كبيرة في وقت قصير، وهذا هو العامل الأكثر تأثيراً في الأوضاع المالية للمستأجرين، إذ زادت بنحو 50%». وأفاد دياب بأن «من المفترض أن تستعيد العقارات عافيتها، وانتعاشها بوتيرة أقل من التي سجلتها خلال الفترة الماضية، فالأزمة الحقيقية في التسارع الذي شهدته معدلات الإيجار خلال العامين الماضيين». شكوى لا تجدي من جهته، أكد الخبير المالي والمخطط المالي المعتمد، لؤي راغب، أن «ارتفاع الإيجارات أو زيادة أسعار أي من عناصر الإنفاق الشهري في ميزانية الأسرة يؤثر في المخططات المالية للأسرة، لكن بدلاً من الشكوى التي لن تجدي شيئاً، يجب أن يتكيف رب الأسرة مع المشكلة ويتحرك إيجابياً من أجل التغيير». وشرح ذلك بالقول، إن «الأهداف طويلة المدى مثل الادخار أو الاستثمار تتضمن ثلاثة متغيرات رئيسة هي الوقت، الهدف، ثم العائد من المبلغ المدخر، فمثلاً قد تكون الخطة المالية لرب الأسرة هي ادخار مبلغ شهري من أجل التقاعد (الهدف) بعد 15 عاماً (الوقت)، بحيث يتولد مبلغ معين من الادخار في ذلك التوقيت (العائد من الادخار)». وأضاف أنه «في حال وجود متغير ما يؤثر في تلك المتغيرات (مثل زيادة الإيجارات) فيمكن لصاحب الخطة المالية تغيير أي من تلك المتغيرات الثلاثة، بحيث يتكيف مع الوضع كأن يزيد الوقت أو يقلل إجمالي المبلغ المدخر على المدى الزمني»، ناصحاً في تلك الحالة بالاستعانة بمخطط مالي معتمد لوضع خطة مالية مناسبة وإجراء أي تعديلات فيها وفقاً للمتغيرات الحاصلة. وشدد راغب، على أهمية أن «تتضمن ميزانية الأسرة (نسبة طوارئ)، عبارة عن ادخار مبلغ معين يعادل نفقات ستة أشهر من أجل تدبير سيولة لمواجهة الطوارئ والمشكلات التي قد تحدث فجأة، مثل زيادة الإيجارات أو الرسوم الدراسية أو المرض أو احتياج مبلغ مالي كبير لإصلاح السيارة». وأشار إلى أهمية أن «تتضمن الخطة المالية عند إعدادها نسبة (للانحياز المقداري) عن الخطة الأساسية، بمعنى أن تخصص نسبة معينة من الميزانية لمواجهة أي اختلافات في التوقعات»، شارحاً بأن «رب الأسرة قد يخطط لقضاء عطلة في الخارج بحيث يدخر مبلغ معين خلال مدى زمني معين ثم يفاجأ بارتفاع الكلفة، وهنا يجب أن يكون هناك مخصص (ادخار) لاختلاف التوقعات». وفي ما يخص النسبة التي يجب أن يتم تخصيصها للإيجار من الدخل الشهري، قال راغب، إنه «بشكل عام لا يمكن تحديد نسب معينة لتوزيع الدخل، إذ تتفاوت الرغبات بحسب كل شخص، فقد يفضل البعض السكن في مناطق راقية قريبة من مكان عمله على حساب عدم شراء سيارة مثلاً». وأكد أنه «بشكل عام يجب ألا يزيد مقابل الإيجار عن 35% من الدخل الشهري، مع تخصيص نسبة لا تقل عن 10% من الدخل للادخار، وتخصيص نسبة 10% (للانحياز المقداري) عن الخطة المالية، تمثل هامش تحرك أسعار الإيجارات سنوياً»، لافتاً إلى أن «البحث عن بدائل لعدم دفع زيادة في الإيجار يعد من الحلول الممكنة أيضاً، إذ يمكن الانتقال لشقة بمساحة أقل أو الانتقال لمنطقة جديدة يقل مقابل الإيجار فيها». الامارات اليوم