رحلة في حضن بابل، أخذتنا إليها مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية مساء أول من أمس على بساط الريح، من خلال معرض «تراتيل بابلية - الفن العراقي المعاصر»، الذي احتضن أعمال ثمانية فنانين تشكيليين من العراق، حلقنا مع إبداعاتهم، حيث تكمن الحرية، وتتمرد فيها الإنسانية على العبودية، فكان النتاج لوحات فنية ومنحوتات عكست أصالة الفنان العراقي وحرفيته، ولامست المناخات الرمادية، فاستقت منها قوة الصورة، وعنفوان المضمون. احتفى المعرض بإبداعات فاخر محمد، وعاصم الأمير، ومحمود شبر، ومؤيد محسن، وعلي شاكر، وأحمد البحراني، ومحمد فهمي، ومحمود عبود، وافتتحه الدكتور محمد المطوع أمين عام المؤسسة بحضور الأديب عبدالغفار حسين عضو مجلس أمناء المؤسسة، والسفير العراقي لدى الدولة موفق مهدي عبود، والأديب والشاعر محمد صالح القرق، وعدد كبير من المهتمين بالفن التشكيلي. «البيان» تواصلت مع الفنانين للوقوف على تفاصيل أعمالهم، إذ ذكر علي شاكر أن أعماله الفنية المطروحة هي نتاج لمرجعيات الفنان، وقال: أنا ابن بابل، وحرصت أن تظهر في لوحاتي روح هذه المدينة مع كل تأثيرات الماضي ومستجدات المستقبل، لا سيما أن العراق مرت بظروف صعبة من خراب ودمار، وهو ما حاولت التعبير عنه بطريقة مغايرة. كرنفال «كرنفال عراقي»، هذا ما وصف به محمود شبر المعرض، وقال: قدمنا مختارات من الفن العراقي المعاصر، بأساليب مختلفة يجمع بينها هم واحد، وحرصنا على تقديم صورة حقيقية مشرقة لهذا الفن، ومن خلال 10 لوحات شاركت فيها، جسدت حالات ذاتية أو جمعية للمجتمع العراقي، وعكست الدمار والخراب ومعاناة الحروب، ممزوجة بالأمل في بناء مستقبل مشرق. وقدم النحات أحمد البحراني ثلاثة منحوتات هي تمثال غاندي وأم كلثوم ومانديللا، وقال: هي نماذج من مشروعي الذي عرض في ميامي ضد الحرب، وفي هذا المعرض لم نكن نهدف إلى المباشرة في تقديم العمل، وهذه التجربة تنتمي للفن المعاصر بعيداً عن المحلية والمسميات المباشرة. رموز بابل ومن خلال 11 عملاً، ظهرت رموز بابل في لوحات فاخر محمد، وعنها قال: تظهر الرموز البابلية في أعمالي بلا شعور مني، فالحضارة البابلية القديمة كانت تعطي أهمية كبيرة للرموز كالشجرة والطير والشمس والقمر، وولادتي في منطقة أثرية انعكست بشكل واضح على فني. طفولة وبالعودة لمناخات الطفولة، تتألق إبداعات عاصم الأمير الذي قدم 8 أعمال، وعنها قال: عدت لمناخات الطفولة في أعمالي، وربما كان ذلك نوعاً من الهروب من التدمير الذي يحدث لبلدي، ما يجعل لوحاتي مليئة بالحب والسلام. وتظهر روح بابل في لوحات محمود عبود، الذي قال: أغلب موضوعاتي بغدادية، وتظهر فيها روح بلدي، وأستلهم أفكاري من قصص تراثية أو عناصر شهيرة تظهر ملامح العراق من أنهار ونخيل وغيرها. ومن عبق الذكريات استلهم محمد فهمي أفكاره، ليقدم 6 لوحات متميزة، وعنها قال: في لوحاتي ملامح ذكريات وطن غادرته منذ عام 1977، ورائحة غربة أرهقتني وطفولة أحن إليها. وهذا المعرض تجربة جديدة فيها الكثير من الوعي، وعبر عن تطور الحركة التشكيلية العراقية في الداخل والخارج. هوية وقضية وبدت الهوية واضحة في لوحات مؤيد محسن، الذي قدم 8 أعمال، وقال: أحرص أن يكون هناك هوية في فني، وقضية أناضل من أجلها، ما يجعلني أستعير الأشكال التاريخية في الرسم العراقي المعاصر كوني فرداً من المجتمع. تحدث د. محمد المطوع عن الهدف من المعرض وقال: أردنا من خلال هذا المعرض أن نوصل للجميع أننا أمة عربية واحدة من المحيط إلى الخليج، وأن يطلع المقيمون في دولة الإمارات على نتاجات الفنانين العراقيين في كل المجالات، فالتواصل الثقافي جزء من دورنا الثقافي في مؤسسة العويس الثقافية، وإقامة هذا المعرض هو استمرار لنهج سارت عليه المؤسسة لأكثر من ربع قرن، كما نسعى دائماً لإبراز الجيل الجديد وإبداعاته وهويته وأعماله، وقد أثبت الفنانون المشاركون أن الفن كالطائر بلا وطن، وأوصلوا إبداعاتهم بشكل محترف ومتميز. البيان الاماراتية