كشف الأديب والكاتب الكبير قاسم مسعد عليوه، في حواره مع "البديل" عن حقائق جديدة حول خطورة بعض مواد الدستور الجديد على مرفق قناة السويس، الشريان الحيوى المهم، وأحد مصادر الدخل القومى لمصر . *انتقدت المادة "19" من الدستور لعدم حمايتها قناة السويس من البيع والتأجير، وطالبت بتوحيد المعاملة بين قناة السويس ونهر النيل، لماذا، وكيف؟ إن قناة السويس تربط نهر النيل المالح بنظيره العذب، وتمد مصر بأسباب الحياة، ومثلما تعانى مصر من مؤامرات تهدد حصتها من ماء النيل، ومن ممارسات داخلية تسيء إلى الشريان الحيوى، فإن قناة السويس تتعرض منذ شقت وحتى الآن لأشد وأعنف المؤامرات واصطبغت مياهها بدماء المصريين، وكذلك تعانى من ممارسات داخلية سيئة فى أسلوب إدارتها وتلويث مياهها فضلا عن تعرضها والبيئة المحيطة بها لمجموعة من الحوادث الكارثية مثل بقع الزيت والحيوانات النافقة، وغرق السفن المحملة بالكيماويات، فضلا عن التهديد الخطير المتمثل فى مرور الوحدات البحرية المشغلة بالوقود النووي، رغم التحذيرات المستمرة، ولكن يقابلها التصريحات المطمئنة، آخرها ما أثرته أمام الفريق أحمد فاضل، أثناء الاحتفال بمرور 50 عاما على تأميمها بمكتبة الأسكندرية، ولم ألق غير التصريح الشفاهى "اطمئن". وأطالب بإلزام الدولة بحماية النيل المالح المملوك لمصر ملكية تامة، ولا تشاركنا فيه أية دولة، سواء بالبيع، أو الإيجار، ومنع عقود الامتياز وحقوق الانتفاع عليه بحيث تديره الدولة، كما يمنع تقديمة كضمان للقروض الخارجيه، وأن تدافع عنه وتمنع الاعتداء عليه، وكما اختص مشروع الدستور النيل العظيم بمادة مستقلة، ينبعى أن يختص قناة السويس بمادة مستقلة كذلك. * وما قولك فى المادة "20" ألا تراها تعالج الأمر؟ لا.. المادة "20" غير متصلة بما أقول، لإنها تنص على حماية الشواطئ والبحار والممرات المائية والبحيرات والآثار والمحميات الطبيعية وإزالة ما يقع عليها من تعديات، فهي عاملت قناة السويس مثلما تتعامل مع القنوات الداخلية، والقنوات الداخلية تشمل الرياحات والترع. وكرست تلك المادة الظنون والشكوك التى كانت قناة السويس موضوعها فى ظل قانون عام 1971م، لأن مفردة "حماية" الواردة فى تلك المادة تحتمل تأويلات كثيرة فقد تكون الحماية بيئية، أو إدارية، أو قانونية، والنص مميع وليس بالحسم الوارد فى المادة السابقة عليها، المتعلقة بنهر النيل، لأنه يستحق منع الاعتداء عليه، كما ورد فى المادة "19"، وقناة السويس أيضا تستحق المعاملة بالمثل؛ إزاء المخاطر المحدقة بها، وكان يتعين على واضعى الدستور إفراد مادة لقناة السويس لتردع أى محاولة للبيع أو التأجير أو منح عقود امتياز أو حقوق انتفاع للغير. * هل يفهم من هذا أنك قلق على قناة السويس؟ نعم.. هذا صحيح.. أنا قلق على قناة السويس ومستقبلها، فمصر تعيش أزمة اقتصادية أقل ما توصف به أنها طاحنة، ومستبعد الخروج منها فى الأمد القريب، وتزيدها تضخما القلاقل والتوترات الأمنية والسياسية المتصاعدة، وحالة الانشقاق بالمجتمع المصرى، ونتمنى أن تكون كابوسا عارضا. إن أجراس الخطر تدوى فى الدوائر المالية والاقتصادية، وما تشهده دائرتا بورصة الأوراق المالية والبنك المركزي المصرى ومحاولات تعويم الجنيه خير دليل، ولا يجب أن ننسى ما آلت إليه البلاد فى عهد الخديو إسماعيل وكيف أفقدها الدين الخارجى استقلالها، أو واقعة بيع حصة مصر من أسهم شركة القناة لانجلترا، ومحاولات الغرب الأوربى السيطرة على مقدرات البلاد حينما حاول عبد الناصر الحصول على قرض مالى خارجى لتمويل بناء السد العالي وردود أفعالهم العنيفة حينما رفض المساس باستقلال القرار المصرى. إن قناة السويس مطمع للدائنين الخارجين، وتحضرنى الآن تصريحات الناشط السياسى المعروف المهندس ممدوح حمزة، التى نشرتها له جريدة الوفد فى السابع من يوليو الماضى، حين قال إن قناة السويس مرهونة لجهات تمويلية كبرى مقابل منح مصر قروضا فى العام 2008م. وقبل ممدوح حمزة وبعده أثار كثيرون نفس القضية، ومنهم من ربط بينها وبين صكوك الملكية المطروحة من قبل الحكومة آنذاك فكرتها وقالوا بأنها ما طرحت إلا للتغطية على ما حيك لقناة السويس. وأتذكر تصريحا للمهندس حسب الله الكفراوى وزير الإسكان الأسبق، ذلك الذى نسب فيه إلى قيادى بارز شهير بجماعة الأخوان المسلمين عرضا قدمه للحكومة القطرية للحصول على حق انتفاع قناة السويس لمدة 99 سنة. * هذه تصريحات خطيرة؟ هى كذلك بالفعل ولا اعتقد أنها مبنية على أساس من حقيقة، لكن حدوثها ممكن بشكل أو بآخر. لقد اعتمد مطلقو هذه التصريحات وناشروها على فيديو لرئيس الوزراء الأسبق أحمد شفيق، يسجل له قوله إنه فى حالة أى خطر يهدد قناة السويس فإنه سوف يطرح هذا التهديد على ملاك القناة. ولأنه لم يحدد هوية هؤلاء الملاك، أو يذكرأنهم هم الشعب المصرى، فقد استدلوا على أن للقناة ملاكا غير جموع المصريين، وهو استدلال فى رأيى غير مدقق فيه، لكن أسبابه تلوح فى البعيد، وفى ظل شح المعلومات، فإن أشياء كثيرة قد تصدق، وأيا كانت درجة مصداقية هذه التصريحات والإستدلالات، وبغض النظر عن كونها معبرة عن حقيقة أو هى مجرد شائعات، فإنها بالصورة التى تتكرر بها تعكس مدى القلق المستشرى فى مصر حيال القناة ومستقبلها، والتصريحات النافية لا تكفى، فالخطر يبقى قائما ما لم يتضمن الدستور نصا واضحا صريحا حاسما يقطع دابر أية محاولة للتصرف فى قناة السويس بما يهدد ملكية وإدارة مصر لها. أخبار مصر أخبار البديل حوارات