قادم من سلطنة عمان.. تطور خطير وصيد نوعي في قبضة الشرعية وإعلان رسمي بشأنه    تغاريد حرة.. هذا ما احاول ان أكون عليه.. الشكر لكم    أول فيديو من موقع سقوط طائرة الرئيس الإيراني ووصول فريق الإنقاذ "شاهد"    هادي هيج: الرئاسة أبلغت المبعوث الأممي أن زيارة قحطان قبل أي تفاوض    عاجل: هجوم صاروخي للحوثيين في خليج عدن وإعلان أمريكي بشأنه    الدوري الفرنسي : PSG يتخطى ميتز    شيخ الأزهر يعلق على فقدان الرئيس الإيراني    بن دغر يدعو للتحرك بشأن السياسي محمد قحطان.. وبن عديو: استمرار اختطافه جريمة بحق الوطن    الليغا .. سقوط البطل المتوج ريال مدريد في فخ التعادل وفوز برشلونة بثلاثية    غموض يحيط بمصير الرئيس الايراني ومسؤولين اخرين بعد فقدان مروحية كانوا يستقلونها    قبيل مواجهة البحرين.. المنتخب الوطني يقيم معسكر خارجي في الدمام السعودية    الوزير الزعوري يتفقد سير العمل بمشروع إعادة تأهيل شوارع ومداخل مستشفى المعاقين ومركز العلاج الطبيعي عدن    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    الجامعة العربية: أمن الطاقة يعد قضية جوهرية لتأثيرها المباشر على النمو الاقتصادي    إلى متى نتحمل فساد وجرائم اشقائنا اليمنيين في عدن    مصدر برلماني: تقرير المبيدات لم يرتق إلى مستوى النقاشات التي دارت في مجلس النواب    عاجل: نجاة أمين مجلس شبوة المحلي ومقتل نجله وشخصان آخران (صور)    إنتر ميامي يتغلب على دي سي يونايتد ويحتفظ بالصدارة    رئيس هيئة النقل البري يتفقد العمل في فرع الهيئة بمحافظة تعز مميز    وزير المياه والبيئة يبحث مع المدير القطري ل (اليونبس) جهود التنسيق والتعاون المشترك مميز    قيادات الدولة تُعزي رئيس برلمانية الإصلاح النائب عبدالرزاق الهجري في وفاة والده    وفاة وإصابة عشرة أشخاص من أسرة واحدة بحادث مروري بمأرب    عدن.. وزير الصحة يفتتح ورشة عمل تحديد احتياجات المرافق الصحية    إعلامية الإصلاح تدعو للتفاعل مع حملة للمطالبة بإطلاق المناضل قحطان وجعلها أولوية    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الهجري في وفاة والده    مدرب مفاجئ يعود إلى طاولة برشلونة    ريبون حريضة يوقع بالمتصدر ويحقق فوز معنوي في كاس حضرموت    تقرير: نزوح قرابة 7 آلاف شخص منذ مطلع العام الجاري    وكيل قطاع الرياضة يشهد مهرجان عدن الأول للغوص الحر بعدن    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    مصرع عدد من الحوثيين بنيران مسلحي القبائل خلال حملة أمنية في الجوف    من هو اليمني؟    الكشف عن حجم المبالغ التي نهبها الحوثيين من ارصدة مسئولين وتجار مناهضين للانقلاب    نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما حكم استخدام العاج -عظم ناب الفيل- وعظام الحيوانات في العصي والمسابح؟
نشر في الجنوب ميديا يوم 30 - 05 - 2014

يقوم الناس منذ القدم باستعمال العظام والعاج في استخدام بعض الأدوات المختلفة، والثاني يُستخدَم أكثر؛ لجماله، ولا يزال الناس في عصرنا الحاضر يستخدمون العاج في صناعة مفاتيح آلة البيانو وكرة البلياردو، كما تستخدم في صناعة العصي، والأواني، بل والمسابح.
وقد تكلم الفقهاء على استخدام العظام والعاج في كتاب الطهارة؛ حيث تكلموا في باب المياه عن الأواني التي توضع فيها المياه؛ لتأثرها بما توضع فيه، كذلك قد تذكر في باب البيوع عند الكلام على بيع النجس.
والحكم في استخدام العظام والعاج أنه مباح، فلا بأس بصناعة آلة منها، ومباشرتها لغيرها ولو كان هناك رطوبة متوسطة.
والدليل على جواز ذلك: قول الله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا﴾ [الأنعام: 145].
ويؤيده من السنة: ما ورد في الصحيحين عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ بِشَاةٍ لِمَوْلاةِ مَيْمُونَةَ مَيِّتَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((مَا عَلَى أَهْلِ هَذِهِ لَوْ أَخَذُوا إِهَابَهَا فَدَبَغُوهُ فَانْتَفَعُوا بِهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهَا مَيِّتَةٌ؟ قَالَ: إِنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا)). هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، وقد بين مقصود الآية من حصر التحريم على الأكل.
قال البغوي: «فِي قَوْلِهِ: ((إِنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا)) مُسْتَدَلٌّ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ مَا عَدَا الْمَأْكُولَ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَيْتَةِ غَيْرُ مُحَرَّمٍ الانْتِفَاعُ بِهِ، كَالشَّعَرِ وَالسِّنِّ وَالْقَرْنِ وَنَحْوِهَا، وَاخْتَلَفَ فِيهَا أَهْلُ الْعِلْمِ، فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الأَشْيَاءَ فِيهَا حَيَاةٌ فتنجس بِمَوْتِ الْحَيَوَانِ؛ كَالْجِلْدِ، وَإِذَا دُبِغَ جِلْدُ الْمَيْتَةِ وَعَلَيْهِ شَعَرٌ، فَالشَّعَرُ لَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَا حَيَاةَ فِي الشَّعَرِ وَالرِّيشِ، وَلا يَنْجُسُ بِمَوْتِ الْحَيَوَانِ، وَجَوَّزُوا الصَّلاةَ فِيهَا، وَهُوَ قَوْلُ حَمَّادٍ، وَمَالِكٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ... وَالْعَظْمُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ فِيهِ حَيَاةٌ يَمُوتُ بِمَوْتِ الْحَيَوَانِ، وَيَنْجسُ بِنَجَاسَةِ الأَصْلِ. فَأَمَّا الْحُوتُ فَمَيِّتُهُ حَلالٌ، فَعَظْمُهُ يَكُونُ طَاهِرًا بَعْدَ الْمَوْتِ. وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا حَيَاةَ فِي الْعَظْمِ، وَلا يحله الْمَوْتُ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَجَوَّزُوا اسْتِعْمَالَ عِظَامِ الْفِيَلَةِ. قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي عِظَامِ الْمَوْتَى: «أَدْرَكْتُ نَاسًا مِنْ سَلَفِ الْعُلَمَاءِ يَمْتَشِطُونَ بِهَا، وَيَدَّهِنُونَ فِيهَا، لَا يَرَوْنَ بَأْسًا». قَالَ ابْنُ سِيرِينَ، وَإِبْرَاهِيمُ: «لَا بَأْسَ بِتِجَارَةِ الْعَاجِ». وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَنْ ثَوْبَانَ، ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهُ: اشْتَرِ لِفَاطِمَةَ سِوَارَيْنِ مِنْ عَاجٍ))، وَالْمُرَادُ مِنْهُ عِنْدَ الآخَرِينَ: الذَّبْلُ، وَهُوَ عَظْمُ سُلْحِفَاةِ الْبَحْرِ، لَا عِظَامُ الْفِيَلَةِ». [شرح السنة للبغوي 2/ 101، ط. المكتب الإسلامي].
وعن أبي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يَقُولُ: ((قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ، فَإِنَّ فِي إِحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاءً وَالأُخْرَى شِفَاءً)). أخرجه البخاري.
وقد استدل بعض أهل العلم على طهارة ميتة ما ليس له دم، قال الحافظ ابن حجر: «وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْقَلِيلَ لَا يَنْجَسُ بِوُقُوعِ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ فِيهِ وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْمُرُ بِغَمْسِ مَا يُنَجِّسُ الْمَاءَ إِذَا مَاتَ فِيهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إِفْسَاد». [فتح الباري 10/ 251، ط. دار المعرفة].
ولا شك أن العظم الذي لا تحله حياة، ولا يجري فيه الدم أولى بهذا الحكم، وهو الطهارة.
وأخرج أبو داود في سننه ((عن ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا سَافَرَ كَانَ آخِرُ عَهْدِهِ بِإِنْسَانٍ مِنْ أَهْلِهِ: فَاطِمَةَ، وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ عَلَيْهَا إِذَا قَدِمَ فَاطِمَةَ، فَقَدِمَ مِنْ غَزَاةٍ لَهُ وَقَدْ عَلَّقَتْ مِسْحًا أَوْ سِتْرًا عَلَى بَابِهَا، وَحَلَّتْ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ قُلْبَيْنِ مِنْ فِضَّةٍ، فَقَدِمَ فَلَمْ يَدْخُلْ فَظَنَّتْ أَنَّ مَا مَنَعَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَا رَأَى، فَهَتَكَتْ السِّتْرَ وَفَكَّكَتْ الْقُلْبَيْنِ عَنْ الصَّبِيَّيْنِ وَقَطَّعَتْهُ بَيْنَهُمَا، فَانْطَلَقَا إِلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُمَا يَبْكِيَانِ فَأَخَذَهُ مِنْهُمَا، وَقَالَ: يَا ثَوْبَانُ اذْهَبْ بِهَذَا إِلَى آلِ فُلانٍ أَهْلِ بَيْتٍ بِالْمَدِينَةِ إِنَّ هَؤُلاءِ أَهْلُ بَيْتِي أَكْرَهُ أَنْ يَأْكُلُوا طَيِّبَاتِهِمْ فِي حَيَاتِهِمْ الدُّنْيَا، يَا ثَوْبَانُ! اشْتَرِ لِفَاطِمَةَ قِلادَةً مِنْ عَصَبٍ وَسِوَارَيْنِ مِنْ عَاجٍ)).
وهذا صريح في جواز استعمال العاج، وهو عظم ناب الفيل على الراجح، وبه قالت طائفة من السلف كما سيأتي.
قال البخاري: «باب مَا يَقَعُ مِنَ النَّجَاسَاتِ في السَّمْنِ وَالْمَاءِ». وَقَالَ الزُّهْرِىُّ: «لا بَأْسَ بِالْمَاءِ مَا لَمْ يُغَيِّرْهُ طَعْمٌ أَوْ رِيحٌ أَوْ لَوْنٌ». وَقَالَ حَمَّادٌ: «لا بَأْسَ بِرِيشِ الْمَيْتَةِ. وَقَالَ الزُّهْرِي: «في عِظَامِ الْمَوْتَى نَحْوَ الْفِيلِ وَغَيْرِهِ: أَدْرَكْتُ نَاسًا مِنْ سَلَفِ الْعُلَمَاءِ يَمْتَشِطُونَ بِهَا، وَيَدَّهِنُونَ فِيهَا، لا يَرَوْنَ فيها بَأْسًا». وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ وَإِبْرَاهِيمُ: «وَلا بَأْسَ بِتِجَارَةِ الْعَاجِ».
قال ابن المنير: «قلت: رَضِي الله عَنْك، مَقْصُوده فِي التَّرْجَمَة أَن الْمُعْتَبر فِي النَّجَاسَات الصِّفَات، فَلَمَّا كَانَ ريش الْميتَة لَا يتَغَيَّر بتغيرها، لِأَنَّهُ لَا تحله الْحَيَاة؛ طهر، وَكَذَلِكَ الْعِظَام، وَكَذَلِكَ المَاء إِذا خالطه نَجَاسَة وَلم يتَغَيَّر، وَكَذَلِكَ السّمن الْبعيد». [المتواري علي تراجم أبواب البخاري 1/ 72، ط. مكتبة المعلا- الكويت].
وقد ذكر ابن بطال مذاهب العلماء في عظم الميتة والعاج ونحوه؛ حيث قال في [شرح البخاري 1/ 351، ط. مكتبة الرشد]: «وأما ريش الميتة وعظام الفيل ونحوه، فهو طاهر عند أبي حنيفة، نجس عند مالك والشافعي لا يدهن فيها، ولا يمتشط، إلا أن مالكًا، قال: إذا ذكي الفيل فعظمه طاهر، والشافعي يقول: إن الذكاة لا تعمل في السباع. وقال الليث وابن وهب: إن غلى العظم في ماءٍ سخن فطبخ جاز الادهان به والامتشاط. ورخص عروة في بيع العاج. وقال ابن المواز: ونهى مالك عن الانتفاع بعظم الميتة والفيل والادهان به، ولم يطلق تحريمها؛ لأن عروة، وابن شهاب، وربيعة أجازوا الامتشاط فيها. قال ابن حبيب: وأجاز الليث، وابن الماجشون، ومطرف، وابن وهب، وأصبغ؛ الامتشاط بها والإدهان، فأما بيعها فلم يرخص فيه إلا ابن وهب، قال: إذا غليت جاز بيعها، وجعلت كالدباغ لجلد الميتة يدبغ أنه يباع. وقال مالك وأبو حنيفة: إن ذكي الفيل فعظمه طاهر. والشافعي يقول: إن الذكاة لا تعمل في السباع، ومن أجاز تجارة العاج فهو عنده طاهر. شرح البخاري لابن بطال.
وقال ابن عبد البر: «وأجمع العلماء على أن جزَّ الصوف عن الشاة وهي حية حلال، وفي هذا بيان ما ذكرنا وأما قوله عليه الصلاة والسلام: ((لا تنتفعوا من الميتة بإهاب)) فإن معناه: حتى يدبغ؛ بدليل أحاديث الدباغ، وقد أوضحنا هذا في باب زيد بن أسلم والحمد لله. ومن أجاز عظم الميتة -كالعاج وشبهه في الأمشاط وغيرها- زعم أن الميتة ما جرى فيه الدم، وليس كذلك العظم. واحتجوا بقوله في هذا الحديث: ((إنما حرم أكلها))، وليس العظم مما يؤكل، قالوا: فكل ما لا يؤكل من الميتة جائز الانتفاع به؛ لقوله: ((إنما حرم أكلها)). وممن رخص في أمشاط العاج وما يصنع من أنياب الفيلة وعظام الميتة: ابن سيرين، وعروة بن الزبير، وأبو حنيفة وأصحابه، قالوا: «تغسل وينتفع بها وتباع وتشترى. وبه قال الليث بن سعد، إلا أنه قال: تغلى بالماء والنار حتى يذهب ما فيها من الدسم». [التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد 9/ 52، ط. وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية- المغرب].
والحنفية على جواز الانتفاع بعظم الميتة، قال الكاساني: «وَأَمَّا عَظْمُ الْمَيْتَةِ وَعَصَبُهَا وَشَعْرُهَا وَصُوفُهَا وَوَبَرُهَا وَرِيشُهَا وَخُفُّهَا وَظِلْفُهَا وَحَافِرُهَا فَيَجُوزُ بَيْعُهَا وَالانْتِفَاعُ بِهَا عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ -رحمه الله- لا يَجُوز؛ُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذِهِ الأَشْيَاءَ طَاهِرَةٌ -عِنْدَنَا- وَعِنْدَهُ نَجِسَةٌ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ وَهَذِهِ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَيْتَةِ؛ فَتَكُونُ حَرَامًا، فَلا يَجُوزُ بَيْعُهَا، وَقَالَ عليه الصلاة والسلام: ((لا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلا عَصَبٍ)). (وَلَنَا) قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا﴾ إلى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا﴾ الآيَةَ، أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّهُ جَعَلَ هَذِهِ الأَشْيَاءَ لَنَا وَمَنَّ عَلَيْنَا بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ الذَّكِيَّةِ وَالْمَيْتَةِ فَيَدُلُّ عَلَى تَأَكُّدِ الإِبَاحَةِ؛ وَلأَنَّ حُرْمَةَ الْمَيْتَةِ لَيْسَتْ لِمَوْتِهَا؛ فَإِنَّ الْمَوْتَ مَوْجُودٌ فِي السَّمَكِ وَالْجَرَادِ وَهُمَا حَلالان، قَالَ عليه الصلاة والسلام: «أُحِلَّ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ»، بَلْ لِمَا فِيهَا مِنْ الرُّطُوبَاتِ السَّيَّالَةِ». [بدائع الصنائع 5/ 142، ط. المكتبة العلمية].
وقال المرداوي: «قَوْلُهُ (وَعَظْمُهَا وَقَرْنُهَا وَظُفُرُهَا: نَجِسٌ) وَكَذَا عَصَبُهَا وَحَافِرُهَا، يَعْنِي الَّتِي تُنَجِّسُ بِمَوْتِهَا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الأَصْحَابُ. وعَنْهُ: طَاهِرٌ، ذَكَرَهَا فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَخَرَّجَ أَبُو الْخَطَّابِ الطَّهَارَةَ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، يَعْنِي بِهِ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ. قَالَ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ. انْتَهَى. قَالَ بَعْضُ الأَصْحَابِ: فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ بَيْعُهُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَقِيلَ لأَنَّهُ لا حَيَاةَ فِيهِ. وَقِيلَ: وَهُوَ الأَصَحُّ: لانْتِفَاءِ سَبَبِ التَّنْجِيسِ، وَهُوَ الرُّطُوبَةُ. انْتَهَى. وَفِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَجْهٌ: أَنَّ مَا سَقَطَ عَادَةً مِثْلُ قُرُونِ الْوُعُولِ: طَاهِرٌ، وَغَيْرُهُ نَجِسٌ». [الإنصاف للمرداوي 1/ 92، ط. دار إحياء التراث العربي].
والمالكية يفرقون بين المذكى وغير المذكى؛ ففي الثاني الكراهة تحريمية وفي الأول تنزيهية، وقال النفراوي: «(وَكُرِهَ الِانْتِفَاعُ بِأَنْيَابِ الْفِيلِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنْ الْكَرَاهَةِ فَبَعْضُهُمْ حَمَلَ الْكَرَاهَةَ عَلَى التَّنْزِيهِ، وَبَعْضُهُمْ حَمَلَهَا عَلَى التَّحْرِيمِ، وَصَرِيحُ الْمُدَوَّنَةِ الْقَرِيبُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْبَابِ الْمَأْخُوذِ مِنْ مَيْتَةٍ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ: وَأَكْرَهُ الْأَدْهَانَ فِي أَنْيَابِ الْفِيلِ وَالتَّمَشُّطَ بِهَا وَالتِّجَارَةَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا مَيْتَةٌ فَتُحْمَلُ الْكَرَاهَةُ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَمِثْلُ نَابِ الْمَيْتَةِ: الْمُنْفَصِل مِنْ الْفِيلِ حَالَ حَيَاتِهِ، وَأَمَّا نَابُ الْفِيلِ الْمُذَكَّى -وَلَوْ بِالْعُقْرِ- فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَالْكَرَاهَةُ عَلَى التَّنْزِيهِ، وَوَقَعَ الْخِلَافُ بَيْنَ الشُّيُوخِ فِي نَجَاسَةِ الزَّيْتِ الْمَوْضُوعِ فِي إنَاءِ الْعَاجِ، وَاَلَّذِي تَحَرَّرَ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ يَقِينًا فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى طَهَارَتِهِ؛ كَعَظْمِ الْحِمَارِ الْبَالِي فَإِنَّهُ لَا يُنَجِّسُ مَا وَقَعَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَتَحَلَّلَ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَا شَكَّ فِي نَجَاسَتِهِ، وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ سَائِرَ الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ الْجَافَّةِ». [الفواكه الدواني 1/ 388، ط. دار الفكر].
وقال ابن تيمية: «وَمِمَّا يُبَيِّنُ صِحَّةَ قَوْلِ الْجُمْهُورِ: أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ إنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْنَا الدَّمَ الْمَسْفُوحَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا﴾ فَإِذَا عُفِيَ عَنْ الدَّمِ غَيْرِ الْمَسْفُوحِ مَعَ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الدَّمِ: عُلِمَ أَنَّهُ -سُبْحَانَهُ- فَرَّقَ بَيْنَ الدَّمِ الَّذِي يَسِيلُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ؛ وَلِهَذَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَضَعُونَ اللَّحْمَ فِي الْمَرَقِ وَخُطُوطُ الدَّمِ فِي الْقُدُورِ بَيِّنٌ، وَيَأْكُلُونَ ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا أَخْبَرَتْ بِذَلِكَ عَائِشَةُ، وَلَوْلَا هَذَا لَاسْتَخْرَجُوا الدَّمَ مِنْ الْعُرُوقِ كَمَا يَفْعَلُ الْيَهُودُ. وَاَللهُ تَعَالَى حَرَّمَ مَا مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ أَوْ بِسَبَبِ غَيْرِ جَارِحٍ مُحَدَّدٍ، فَحَرَّمَ الْمُنْخَنِقَةَ وَالْمَوْقُوذَةَ وَالْمُتَرَدِّيَةَ وَالنَّطِيحَةَ، وَحَرَّمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا صِيدَ بِعَرْضِ الْمِعْرَاضِ، وَقَالَ: «إنَّهُ وَقِيذٌ»، دُونَ مَا صِيدَ بِحَدِّهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا إنَّمَا هُوَ سَفْحُ الدَّمِ؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ سَبَبَ التَّنْجِيسِ هُوَ احْتِقَانُ الدَّمِ وَاحْتِبَاسُهُ، وَإِذَا سُفِحَ بِوَجْهِ خَبِيثٍ -بِأَنْ يُذْكَرَ عَلَيْهِ غَيْرُ اسْمِ اللهِ- كَانَ الْخُبْثُ هُنَا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، فَإِنَّ التَّحْرِيمَ يَكُونُ تَارَةً لِوُجُودِ الدَّمِ، وَتَارَةً لِفَسَادِ التَّذْكِيَةِ؛ كَذَكَاةِ الْمَجُوسِيِّ وَالْمُرْتَدِّ، وَالذَّكَاةِ فِي غَيْرِ الْمَحَلِّ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْعَظْمُ وَالْقَرْنُ وَالظُّفْرُ وَالظِّلْفُ وَغَيْرُ ذَلِكَ لَيْسَ فِيهِ دَمٌ مَسْفُوحٌ، فَلَا وَجْهَ لِتَنْجِيسِهِ، وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ السَّلَفِ. قَالَ الزُّهْرِيُّ كَانَ خِيَارُ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَمْتَشِطُونَ بِأَمْشَاطِ مِنْ عِظَامِ الْفِيلِ، وَقَدْ رُوِيَ فِي الْعَاجِ حَدِيثٌ مَعْرُوفٌ لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ؛ فَإِنَّا لَا نَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِدْلَالِ بِذَلِكَ. وَأَيْضًا فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ ((عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ فِي شَاةِ مَيْمُونَةَ: هَلَّا أَخَذْتُمْ إهَابَهَا فَانْتَفَعْتُمْ بِهِ، قَالُوا: إنَّهَا مَيِّتَةٌ؟ قَالَ: إنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا)). وَلَيْسَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ ذِكْرُ الدِّبَاغِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ عَامَّةُ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ عَنْهُ وَلَكِنْ ذَكَرَهُ ابْنُ عُيَيْنَة وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ. وَقَدْ طَعَنَ الْإِمَامُ أَحْمَد فِي ذَلِكَ وَأَشَارَ إلَى غَلَطِ ابْنِ عُيَيْنَة فِيهِ، وَذَكَرَ أَنَّ الزُّهْرِيَّ وَغَيْرَهُ كَانُوا يُبِيحُونَ الِانْتِفَاعَ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ بِلَا دِبَاغٍ؛ لِأَجْلِ هَذَا الْحَدِيثِ». [مجموع الفتاوى 21/ 99، ط. مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف].
وعليه فإن استخدام العاج وعظام الحيوانات في العصي والمسابح مباح لا بأس به. والله تعالى أعلم.
بص وطل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.