المصدر: كريستيان ساينس مونيتور الكاتب: آدم بارون ترجمة خاصة ل«مأرب برس»: سبأ الأغبري عطل تنامي نفوذ الحوثيين -وهي مجموعة من المتمردين الشيعة- العلاقة الودية الطويلة بين السنة والشيعة في اليمن، وعززت من اشتباه السنة بالتدخل الإيراني. ورغم أن شعارات الحوثيين على جدران مسجد «عوضين» في مدينة ريدة بمحافظة عمران، تدين الولاياتالمتحدة وإسرائيل، إلا أنها حولت هذه المدينة الزراعية لفترة وجيزة إلى منطقة حرب بين الخصوم المحليين. ويأتي القتال في ريدة ضمن سلسلة من الاشتباكات العنيفة في محافظة عمران والمحافظات المجاورة بين الداعمين لحركة الحوثيين وخصومهم السنة. وعلى الرغم من جذورها تبدو تلك الاشتباكات مناورات سياسية محلية، ويرى الكثيرون بأن التوترات ماهي إلا نتيجة للتدخل الإيراني في شمال اليمن. إن الشمال الأقصى لليمن دمر منذ فترة طويلة بسبب القتال بين المتمردين الحوثيين وخصومهم المختلفين، من عام 2004 إلى عام 2010، حيث كان الحوثيين هدفا لسلسلة من الهجمات التي شنتها الحكومة اليمنية وحلفاؤها من المقاتلين القبليين، الذين يرون بأن الحوثيين مجموعة مدعومة من إيران، التي تنوي زعزعة استقرار البلاد. وعندما ضعفت سيطرة الحكومة على جزء كبير من اليمن خلال انتفاضة العام الماضي ضد الرئيس السابق علي عبد الله صالح كان بمقدور الحوثيين السيطرة على نحو فعال على محافظة صعدة الشمالية ومناطق من المحافظات المجاورة. وحتى في العاصمة، صنعاء، برز الحوثيين بتحد. وبرز شعار الجماعة «الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام»، وهو مشهد متكرر في شوارع العاصمة. ويصف ممثلو وأنصار الحوثيين نمو الجماعة كنتيجة طبيعية لدعمهم على نطاق واسع، قائلين بأن الجماعة قد اكتسبت ثقة اليمنيين نظرا لمعارضتها التي لا هوادة فيها لتحالف الحكومة الحالية مع حكومة الولاياتالمتحدة. ولكن العديد من اليمنيين يصرون على أن مكاسب الحوثيين بالإمكان أن تنسب إلى لاعبين خارجيين، ووصفوا جماعة الحوثيين بأنها رهينة لإيران، ووردت اتهامات منذ فترة طويلة بأن الحوثيين يتلقون تمويلاً وربما أسلحة من الجمهورية الإسلامية. ويقول أحد السياسيين اليمنيين، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته نظرا لحساسية الموضوع: «يمكنك أن ترى يد إيران في نمو الحوثيين»، وأضاف: «أنها تهديد لليمن، والمملكة العربية السعودية والمصالح الأمريكية». وأثارت مناهضة الحوثيين الحادة للولايات المتحدة اهتمامات دبلوماسيون غربيون، بينما قاعدة الجماعة على حدود المملكة العربية السعودية، ومعارضتها الشديدة لأيديولوجيتها الوهابية السنية، قد دفعت الاتهامات ضد الحوثيين، التي تقول بأن الحوثيين يشكلون تهديدا مباشرا للملكة الغنية بالنفط. وقد حارب الحوثيون الجنود السعوديين في الماضي. وفي عام 2009, امتد القتال لفترة وجيزة إلى المناطق الجنوبية المتاخمة لحدود محافظة جيزان السعودية. وبغض النظر عما إذا كانت الجماعة تتلقى أسلحة من الخارج. وبغض النظر عن الضغوطات المتفرقة إلا أن المحاربين القبليين الماهرين ظلوا قوة تؤخذ في الحسبان. وقد أنكر الحوثيون وحلفاؤهم تلقيهم تمويلات وأصروا على أنهم يريدون الحفاظ على حالة الهدوء الحالية التي جلبت فترة من الازدهار النسبي للمنطقة. وقال حسن مناع -وهو عضو سابق في الحزب الحاكم وبائع أسلحة مشهور-: «لقد ذهبنا إلى السعودية وأخبرناهم بأننا نريد السلام». وأضاف قائلاً: «إن أيدينا مفتوحة لهم, ولكنهم حتى بعد عام ونصف لم يتجاوبوا معنا». الطائفية ترفع رأسها بالرغم من أن جذورها تبدو سياسية إلا أن التوتر يلازمها مع ارتفاع حاد وسريع في الانفعالات الطائفية. وقد تشعبت الحوثية من المذهب الزيدي الشيعي الإسلامي الذي نشأ تقريباً في المناطق الشمالية بشكل حصري. إن التوترات بين السنة اليمنيين والشيعة الزيديين قليلة؛ فللطرفين أوجه شبه كثيرة إذا ما قارنا بينهما من ناحية العقيدة والتشريع. ولكن البعض هنا قد صور التوترات بمصطلحات طائفية على نحو تام. ووصفوها كجزء من الحرب الإقليمية بين السنة والشيعة، التي حولت اليمن وبشكل فعال إلى ساحة معركة في حرب بالوكالة بين إيران والسعودية. وقال حسين الملاحي قائد جماعة المتطوعين المناهضين للحركة الحوثية -التي تشكلت بواسطة القادة القبليين السنيين في محافظة عمران التي تربط بين صعدة وصنعاء-: «إن الحوثيين جزء من حركة مفردة». وأضاف قائلاً: «إن هدفهم الأساسي هو تحويل الكعبة من مكة إلى كربلاء». وأشار إلى أن الكعبة هي المكان الأكثر قدسية في الإسلام وإلى أن كربلاء الواقعة في العراق هي مدينة الشيعة المقدسة. وبغض النظر عن الحدة الشديدة ومصادر الدعم الأجنبي, إلا أن العديد من المراقبين يبرهنون على أن الحوثيين يمثلون جزءا مهما في سياسة اليمن. فبينما تهدف الحكومة الحالية إلى تحقيق استقرار البلاد, يرى مراقبون بأن إدماج الحوثيين في العملية السياسية سيكون مفتاحاً لأنه لا يمكن تجاهلهم. وقال المحلل السياسي اليمني عبد الغني الإرياني: «إن معظم الحوثيين محفزين بإخلاص, حتى وإن تلقوا دعماً من الخارج»، وأضاف قائلاً: «ليس هناك طريقة لتحقيق الاستقرار في اليمن من دون الحوثيين؛ ولن نستطيع التحرك نحو الأمام إلا إذا أخذنا الحوثيين بعين الاعتبار».