دبي - عبير أبوشمالة: أكد محمد عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء، أن توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، هي تحويل القمة الحكومية من حدث سنوي رئيسي لتطوير العمل الحكومي في منطقتنا إلى منصة تعمل على مدار العام لإثراء المعرفة الحكومية وتبادل الخبرات وتطوير الدراسات وصنع القيادات المتخصصة في منطقتنا في مجال الإدارة الحكومية الحديثة . وأشار إلى أن الغاية التي يسعى لها صاحب السمو نائب رئيس الدولة هي تحقيق سعادة الإنسان وراحته ورخائه واستقراره، لتكون هي رسالة الإمارات لمنطقتنا وللعالم . جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقد أمس في دبي، أطلق خلاله المنتدى الاقتصادي العالمي تقرير "التكنولوجيا ومستقبل الحكومات" . وقال القرقاوي إن شراكة القمة الحكومية مع المنتدى الاقتصادي العالمي تعبر عن رؤية مشتركة تؤمن بأن خدمة الإنسان وتطوير بيئته وتحسين مستقبله هي أهم مفاتيح الاستقرار والرخاء وأحد مكونات البناء الحضاري لأي مجتمع . أضاف القرقاوي: في ظل ما يمر به العالم من متغيرات متسارعة وكبيرة، هناك حاجة متزايدة لدى حكومات العالم لمراجعة الخطط والاستراتيجيات وإلى الارتقاء لحجم التوقعات . وقال: "الحكومات تمتلك أكبر قاعدة للمتعاملين في العالم وتقدم خدماتها إلى نحو 7 مليارات إنسان، وهي مطالبة بالتفكير بأساليب إبداعية مبتكرة في تقديم الخدمات وإسعاد متعامليها"، موضحاً "كانت دولة الإمارات العربية المتحدة سباقة في تطبيق التكنولوجيا في العمل الحكومي . فمن إنشاء مدينة دبي للإنترنت في عام 1999 إلى التحول بشكل كامل للحكومة الإلكترونية، ثم الحكومة الذكية، ثم الانتقال مؤخراً إلى مجالات أوسع بتحويل مدينة دبي كلها لمدينة ذكية . وأردف القرقاوي: "ظلت القيادة في دولة الإمارات سباقة في التعامل مع المتغييرات الجديدة في عالم التكنولوجيا وفهمها وتقبلها وتطويعها لخدمة المجتمع، واليوم تصنف حكومة الإمارات في المرتبة الثانية عالمياً في مؤشر الاستخدام الحكومي لتقنية المعلومات ضمن 144 دولة شملها التقرير العالمي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات لعام 2013 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي" . من جانبه، قال إسبن بارث إيدي المدير التنفيذي وعضو مجلس إدارة المنتدى الاقتصادي العالمي، إن التقرير هو نتاج عامين من الدراسة والجهد، ويهدف إلى تسليط الضوء على أهمية مواكبة الحكومات في أدائها للتطور المستمر في التقنية المتقدمة . وأضاف في كلمته خلال المؤتمر الصحفي، أنه ومن خلال خبرته في العمل الوزاري في النرويج على مدى سنوات شغل خلالها منصب وزير الدفاع ثم وزير الخارجية، أدرك أهمية اعتماد التقنيات الحديثة للحفاظ على ثقة المواطنين التي تكتسب في أعوام لكنها يمكن أن تضيع وتتبدد في لحظات في حال أخفقت الحكومة في الوفاء بمتطلبات المواطنين . وأشاد بريادة الإمارات في هذا المجال، حيث نجحت تجربتها في مجال الحكومة الذكية، وهي تبادر اليوم إلى تبني مفهوم المدينة الذكية في دبي، ما يعد أمراً مشجعاً، خاصة في منطقة واجهت إخفاقات على هذا المستوى . مؤكداً أن وجود دولة تكرس نفسها لتحقق النجاح والريادة على هذا الصعيد أمر حيوي ومهم، خاصة أنها تطمح لدعم التطور إقليمياً وعالمياً . من جانبها، قالت ديانا فاريل من ماكنزي والشريكة في إعداد التقرير، إن عناصر عدة مهمة لتحقيق طموح حكومة مستقبل أكثر قدرة على مواكبة التقدم التقني، موضحة أن من أهم هذه العناصر، والذي توليه الإمارات أهمية كبيرة، هو الاتقان في تقديم أفضل الخدمات للمواطنين . وتحدثت عن أهمية الاستثمار في المهارات البشرية قائلة إن الاكتفاء بالاستثمار في التقنيات نفسها لايكفي في حد ذاته فمن المهم إعداد البيئة المناسبة . ويهدف تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي "التكنولوجيا ومستقبل الحكومات" إلى تقديم حلول عملية تدعم الحكومات على تحقيق أفضل النتائج عبر اعتماد منظومة متكاملة من العمليات التطويرية التي من شأنها الإسهام في تعزيز الثقة المتبادلة بين الحكومات والمجتمع والاستفادة من التقنيات الحديثة في خدمة المتعاملين . ويقدم التقرير مقاربة متميزة تهدف إلى دعم حكومات العالم في تعزيز قدراتها الاستراتيجية ونظرتها المستقبلية الشمولية لأساليب أداء العمل الحكومي، كما يؤكد من ناحية أخرى، أن مكونات الحكومات الناجحة أصبحت تتغير في العصر الرقمي وتطور المعلومات التي تميز عصرنا الحالي وتسهم في توفير فرص النمو في دول العالم . ويقدم التقرير أيضاً حلولاً عملية لقادة القطاع الحكومي لتقديم الخدمات التي تتناسب مع متطلبات المتعاملين في القرن الحادي والعشرين والتي تبرز في محاور متعددة ومتداخلة فيما بينها وتتنوع بين توفير خدمات أفضل للسكان وإدارة المسائل المعقدة التي تشكل تحدياً لعمليات التطور . ويقدم تقرير مجلس المنتدى الاقتصادي العالمي باقة من الأدوات الذكية، في مقدمتها أهمية مشاركة الرؤى ووجهات النظر حول قدرة التكنولوجيا على تعزيز الشفافية من خلال البيانات المفتوحة، وتمكين المواطنين من الحصول على خدمات إلكترونية أكثر سرعة ودقة، والاستجابة لمتطلبات المواطنين وخاصة خلال الأزمات . ويرى التقرير، أن تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات بوسعها في حال إدارتها بصورة جيدة، أن تسهم في توطيد الثقة وإعطاء صورة إيجابية للحكومات خلال العقد المقبل في كثير من الجوانب التي تهم المواطنين، خاصة في مسائل القيادة والإبداع في تقديم الخدمات، والابتكار وتوفير الحلول للمشكلات التي تواجههم . ويكشف التقرير عن دور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تقديم نماذج وحالات يمكن لقيادات القطاع الحكومي الاستفادة منها وتطبيقها في عملهم، وتقدم تقييماً للمخاطر ودعم القدرات المؤسسية لإعداد وإدارة خطط تكنولوجيا المعلومات الجديدة، منوهاً بأن من شأن بناء القيادات في حقبة التكنولوجيا الإسهام في صياغة العلاقة البناءة التي تربط بين الحكومات والمواطنين، ولهذا تحتاج الحكومات إلى إعداد بيئة مناسبة تسهم في التمكين وإطلاق قدرات التكنولوجيا وتسخيرها لتعزيز الثقة . وتتناول باقة الأدوات الذكية التي يشملها التقرير "الثقة بالحكومات"، التي تمثل ركناً أساسياً لحكومات المستقبل، كمفهوم يسهم في تحسين قدرة الحكومات على خدمة المواطنين، كما يركز التقرير على أهمية "القيادة المبدعة في الحكومات"، خاصة في ظل التطور الهائل للمعلومات وما يترتب عليه من تغيير نوعي طويل الأمد في أداء حكومات القرن الحادي والعشرين . وبيّن التقرير، أن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تضم ثلاثة جوانب أساسية مهمة لتطوير القيادة في القطاعين الحكومي والخاص وهي تكنولوجيا المعلومات والبيانات الضخمة والتقنيات سريعة الانتشار، ودورها الفعال في تمكين المواطنين من المشاركة في ابتكار خدمات جديدة، وضمان الظروف اللازمة لتطبيق هذه التحسينات بنجاح . كما يؤكد التقرير دور التكنولوجيا في الربط مع استراتيجية وخطط الحكومات الرقمية الشاملة، والتشجيع على تبني النماذج الجديدة لتقديم الخدمات، والاستثمار في الموارد البشرية والتقنية على حد سواء، والتعاون بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص وضمان موثوقية النماذج الجديدة لتقديم الخدمة، حيث يتعين على الحكومات أن تسعى جاهدة للحفاظ على مستوى الجودة، لتمكين المواطنين من الحصول على المعلومات والاعتماد على الخدمات الأساسية في جميع الظروف . ويؤكد التقرير أهمية التركيز على جاهزية الحكومات للتفاعل الذكي، وإدماج مبادرات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في طريقة عملها، والتي تدعم على رفع مستويات الثقة، ويرى أن إتاحة المعلومات للجمهور بالشكل الصحيح، من شأنها تعزيز الشفافية والثقة في المنظومة الحكومية، كما يبين أن الحكومات والمؤسسات بحاجة إلى ضمان إتاحة الوصول إلى البيانات التي تنشرها وقابليتها للتعديل والتداول . ويدعو التقرير القطاعين الحكومي الخاص للتعاون والعمل معاً لتحقيق المنفعة المتبادلة والارتقاء بخدمات المتعاملين، إذ يتعين على صناع القرار في القطاعين تبادل المعلومات والأفكار ومناقشة الشروط التي يمكن تطبيقها لتوفير مثل هذه البيانات لبعضهم البعض، والتفاعل مع الجمهور للتعرف إلى آرائهم ومقترحاتهم وفهم تطلعاتهم . ويناقش التقرير الدور الذي يمكن لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات أن تلعبه في الأزمات المتفاقمة والطوارئ ومعالجتها ومؤازرة المدنيين المتضررين بالأزمات وفق أحدث وسائل الاتصالات والتطبيقات التقنية المتطورة، حيث بوسع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أن تسهم في تحسين خدمات وإمدادات والمعلومات الصحية والتعليمية، كما يمكن استخدام الطائرات من دون طيار لأغراض إنسانية بهدف تأمين المعلومات المدنية والوصول إلى المحتاجين للخدمات، إضافة إلى تأمين الخدمات الإغاثية للمحتاجين . كما يسلط التقرير الضوء على الابتكار في العمل الحكومي، مشيراً إلى أن القدرة على إدراك وتقييم التحديات والاستجابة لها بمرونة، تتسم بأهمية حيوية لتمكين الحكومات من مواصلة عمليات التنمية . ويؤكد أهمية الابتكار والإبداع في عمل القطاع الحكومي لخدمة متعامليه وتحقيق رسالته بنجاح، حاثاً الحكومات على أن تلعب دوراً بارزاً للمساهمة في تحسين القدرات التنافسية للبلاد . الخليج الامارتية