إنه ليس معبداً فقط .. إنما هو معبد داخل معبد ومحراب داخل محراب، يطلق عليه «معابد الكرنك»، حيث المنطقة مساحة كبيرة على البر الشرقي للأقصر مسورة بسور كبير وتضم أكثر من معبد، فعندما أراد الفراعنة تسجيل أسمائهم وأعمالهم أقاموا هذه المعابد، وأولها «آمون رع»، ويحتوي على محاريب ومقاصير ومعابد صغيرة أخرى، منها معبد بتاح وأوزوريس. ويشير خبراء الآثار إلى أن نواة المعبد وضعت في الدولة القديمة، كما وجدت بقايا لبعض الأحجار الصغيرة من المعبد ترجع لعهد الدولة الوسطى، أما مراحل تطور هذا المعبد الضخم، فقد كانت على أيدي ملوك الدولة الحديثة، ما جعله من أضخم معابد مصر القديمة. والمعبد كان يمثل معبداً واحداً أضيفت إليه عناصر متباينة على مر العصور، اجتمعت كلها حول المعبد الأصلي، وهذا المعبد ليس له تخطيط منظم، فإضافات الملوك عليه كانت في كل جوانبه. وكان الملك «إمنحتب الأول» أول من فكر في تشييده، فبنى له استراحة من الألبستر في مكان معبد الدولة الوسطى نفسه، وأطلق عليه اسم «منزل آمون»، كما اعتبر أيضاً البقعة المختارة كعروش للآلهة، أما اسم الكرنك المسمى به المعبد الآن، وهو الاسم العربي، فهناك علماء يقولون إن كلمة الكرنك عربية ولا تزال تستخدم في السودان وتعني «قرية محصنة»، وهذا المعنى ينطبق على المعبد، فهو يبدو للناظر «بسوره الضخم» كقرية محصنة، كما يرى بعض العلماء أن اسم الكرنك يرجع لاسم القرية القريبة من منه. توسيع المعبد و«الكرنك» يغطي مساحة 60 فداناً، واستغرق بناؤه أكثر من 1000 سنة، استطاع فيها معظم ملوك الدولة الحديثة الإضافة إليه، فقد كان كل ملك يعتقد نفسه ابناً لآمون رع، والحقيقة أن هناك ملوكاً تنافسوا فيما بينهم لزيادة توسيع المعبد، فبعضهم بنى صروحاً وبعضهم بنى أعمدة والبعض الآخر بنى مقاصير مختلفة، بالإضافة إلى المسلات، واستطاع كل ملك أن يسجل على الجزء الذي شيده، أخبار انتصاراته بنقوش منحوتة على صخور المعبد، توضح مدى قوتهم وقوة مصر في عصرهم ومهارة الفنان المصري القديم، كما سجل بعض الملوك علاقاتهم الدينية وتقديمهم القرابين. ومناظر لتتويج بعض الملوك، منهم الملك «رمسيس الثاني»، كما أن هناك مناظر لرحلة المركب المقدسة لآمون في طريقها لمعبد الأقصر أو الدير البحري، ومناظر لطيور ونباتات كرموز للدلتا والصعيد، ومن أهم مناظر المعابد، النقوش التي توضح معركة «قادش» في عهد الملك «رمسيس الثاني»، ونص معاهدة السلام التي وقعها الملك نفسه مع أعدائه «الحيثيين» بعد المعركة. والمعبد يتكون من عناصر للمراكب المقدسة ومسلتين رائعتين شيدهما الملك سيتي الثاني وتماثيل ذات رؤوس كباش صنعت في صفين وعرفت اصطلاحاً باسم «طريق الكباش»، ثم الصرح الأول: وهو غير مكتمل والمحتمل أنه بني أثناء الأسرة الثلاثين الفرعونية، وفناء مفتوح يحوي عشرة أعمدة، شيدت بواسطة الملك «طاهرقان ابن النوبة»، وإلى اليسار من المدخل، ثلاث مقاصير شيدها الملك سيتي الثاني خصيصاً لثالوث طيبة الأعظم آمون وزوجته موت وابنهما خنسو، وفي الفناء المفتوح نفسه شيد الملك رمسيس الثالث معبداً صغيراً، وهذا الفناء نفسه بني بواسطة ملوك من الأسرة الخامسة والعشرين، وإلى الجنوب الشرقي من الفناء المفتوح، صالة يطلق عليها صالة «البوباستيين» من عهد الأسرة الثانية والعشرين. أما الصرح الثاني، فيرجع لبداية الأسرة التاسعة عشرة، وبعده صالة الأساطير العظيمة التي تضم 431 عموداً، ومسقوفة وتنقسم لثلاثة أقسام. القسم الأول في الوسط ليس بدرجة ارتفاع القسمين الآخرين، والداخلي أعاد بناءه الملك رمسيس الثاني، والحوائط الداخلية للصالة مزينة بمناظر دينية عقائدية، والجزء الخارجي حوائطه مغطاة بمناظر حربية. ... المزيد الاتحاد الاماراتية