بقلم/ علي هيثم الغريب المحامي* توضيح أولي لورشة اللقاء الجنوبي في عمان–الاردن حيث تمت بدعوة من قبل المعهد الوطني الديمقراطي الامريكي وتحت رعاية دولية رفيعة والتي تمت في الفترة من 8 يونيو وحتى 12 يونيو 2014م , كرست فيها محاضرات حول مسيرة الحركات المطالبة بالحرية والاستقلال من قبل المعنيين أنفسهم بتلك الثورات التحررية(ايرلندا , الكيبيك , كوسوفو , جنوب افريقيا , وغيرها من بلدان العالم. وكيف أنتقلت تلك الحركات التحررية من حالة الصراع المسلح كالجيش الجمهوري الايرلندي , وحركة الكيبيك السلمية إلى التفاوض الندي وتحت رعاية دولية , وكان المحاضر الأول هو الايرلندي كونر ماسكي وهو حفيد مؤسس الجيش الجمهوري لتحرير ايرلندا من الاستعمار البريطاني(حسب وصفه) , حيث تطرق في محاضرته إلى وسائل السيطرة البريطانية على ايرلندا(اقتصاديا وثقافيا وامنيا وعسكريا). وتطرق إلى المحاولات المضنية والمتواصلة الكثيرة لطرد بريطانيا من أرض ايرلندا , في السنوات الأولى كانت هناك عدت محاولات لم تنجح مع الأسف ولكنها أسست العمل النضالي المتين والمحبة بين الأيرلنديين , والذي ساعد تلك الثورات التحررية على النجاح هو تبادل الوسائل النضالية بين كفاح مسلح وحركات سلمية(الجناح السياسي في جيش الجمهوري) , وكان لا يحق الأشتراك في التفاوض مع البريطانيين إلا من أصحاب الكفاءات القانونية من المناضلين السلميين. بعد عام 1994م جاءت خيارات غير الخيارات العسكرية , بعد أن أعترف المجتمع الدولي بقضية ايرلندا . قال كونر: كان هناك ايرلنديين كثيرين ملتزمين بقناعاتهم ودعمهم لبريطانيا , وكانت أهم خطط الجيش الايرلندي هو تشكيل لجنة وطنية للجلوس مع أخوتنا الايرلنديين كانت هذه اللجنة من أفضل اللجان الوطنية التي أسست الوحدة الوطنية الايرلندية , حيث عملت على التعايش حتى لا يقتل الأخ أخيه في حرب أهلية , وحسب قوله:" هناك مع الأسف حركات تحرر أنهت تحررها بحرب أهلية قضت على كل آمال وطموحات شعبها , بسبب وجود الجهلة المتطرفين الذين دائما ما تصاب بهم كثير من الثورات التحررية.... شرعية الإنفصال أخذت مساحة واسعة من الجدل الكبير لذا ظهرت حركات متنوعة.... بوبي ساونت من القادة الشجعان الكبار في الجيش الجمهوري كسر حاجز الخوف والتخوين , وكلمة لا , وتقدم للأنتخابات وفاز فوزا كبيرا بينما الجيش الأيرلندي يقاتل , وكان أغلب المناضلين معارضين له ,ومن كلماته :" الآن حان الوقت للعمل السياسي طالما شعبي أقتنع بالاستقلال" , تم أعتقاله من البرلمان وزج به بالسجن 17 عاما حتى توفى و الآن حزبه أكبر حزب في أيرلندا...هذا الثائر أصبح عملاقا , وأكد أن تغيير العمل النضالي قد يحدث فرقة وتفكك بصورة مؤقته , ولكنه ينجح في نهاية المطاف. وإقتناص الفرص يحتاج إلى ثوار أحرار , وشجعان لا في مواجهة الاستعمار البريطاني بل في مواجهة حركات داخلية قد تكون كبيرة ومؤثرة. بعد هذه الخطوة جاءت المساعدات الأمريكية , ولم تأتينا أية مساعدات من البلدان الأوروبية رغم أن ايرلندا هي بوابة أوروبا على العالم .... هذه الخطوات التي كرست خيار النضال السلمي أوجد خلاف كبير جدا ليس فقط داخل حركات التحرر المسلحة والسلمية , بل حتى داخل مؤسسات الدولة البريطانية في ايرلندا... الخلاصة الأولى كيف نستفيد من تجارب الشعوب؟؟ من خلال تلك التجارب الإنسانية الثورية أتضح لنا أن المقارنات قد لا تكون دقيقة مئة بالمئة ولكنها موجودة بنسب محددة , فالثورات هي تجارب أنسانية قبل أن تكون تجارب سياسية , وأن هناك قضايا مهمة تجمع الثورات التحررية , منها أن تحقيق الأهداف الوطنية لا يعني التمسك بوسائل نضالية صماء , بل لابد من اغتنام الفرص لتحقيق النصر , وإذا لم تستطع الوصول إلى تحقيق الهدف من خلال وسيلة واحدة عليك كقائد مخلص لشعبه وقضيته أن تغير الوسيلة ولكن دون مساومة على الهدف ... مثلا ومن استنتاجاتنا لمرحلة الكفاح المسلح في ايرلندا ضد الاستعمار البريطاني , وصل الطرفان(البريطاني والايرلندي) إلى حقيقة وهي أن الجيش البريطاني لا يستطيع هزيمة الايرلنديين , وأن الايرلنديين لا يستطيعون النصر , أي أنها حرب بدون نصر وبدون هزيمة , علاوة على أن كثير من الذين التحقوا في الجيش الجمهوري لم يكونوا بمستوى المسئولية الوطنية والأخلاقية كالرعيل الأول من الثوار السلميين والمسلحين , وهم الذين حققوا النصر بعيدا عن شعارات التفكك التي كان يسعى لها "الذاتيين" الذين ظهروا فجأه وبأعداد كبيرة عندما ظهرت بوادر الانتصارات ... جلس الثوار من الجيش الجمهوري بكل تقدير وحب لأبناء وطنه الذين ناضل وضحى من أجلهم , ودون كبرياء ولا غرور , ولا تخوين ولا توزيع لصكوك الوطنية , جلس إلى جانب الحركات السلمية الايرلندية على طاولة واحدة دون أن يقول لهم أنتم الصغار وأنا الكبير , ودون أن يقول لهم , أنا الحريص على الوطن ولكن أنتم ما زالت الشكوك تحيط بكم , جلس معهم ليشد من أزرهم وهو في حالة قتال مع العدو البريطاني , لا لكي يحسسهم بأهميته الكبيرة , جلس معهم لينصت اليهم ويسلمهم التفاوض الندي مع بريطانيا , لا لكي يقول لهم التفاوض من أملاكي الخاصة والقرار قراري , بل قال لهم(حسب محاضرة كونر ماسكي) حفيد زعيم الجيش الجمهوري الايرلندي الذي أرهب بريطانيا والعالم): نحن في الميدان وأنتم أيها الاحرار تقدموا إلى طاولة المفاوضات , فنحن لن نترك الساحة التي أستشهد فيها رفاقنا , وأنتم خير رسل لهم" , كانوا يشعرون من خبراتهم الطويلة أن المسئولية مسئولية الجميع , وما أمتاز به الجيش الجمهوري الايرلندي أنه كان يرفض أن ينفرد بالقضية الايرلندية , بل كان من أهم صفاته إشراك الايرلنديين في القرار الوطني... حيث أن تحرير ايرلندا كقضية مركزية كانت تعتمد على فصائل وطنية كثيرة وإن كان الجيش الايرلندي هو أهمها ... كما قال بوبي ساونت أحد مؤسسي الجيش الجمهوري الايرلندي:" لابد من اقناع الفصائل لإيجاد قيادة مجتمعية ورؤية واضحة وبنية هيكلية تمتلك القرار الوطني ولا تجري وراء التصفيق , ولابد أن يكون هناك تمييز بين المثاليات والأمور القابلة للتطبيق". عندما تم التوقيع على اتفاق" يوم الجمعة العظيم" عام 1998م , أعتبره البعض هزيمة وقامت مظاهرات ضد من وقعوه , ولكن الجيش الايرلندي والشين فين أعتبره تسوية مؤلمة , ولكنها خطوة على طريق التحرير ...فالنضال الحقيقي يحتاج إلى قيادة تعرف كيف تغتنم الفرص , وكيف يتحول النضال من حالة إلى أخرى , ومن وسيلة إلى أخرى ... فالنضال بوسيلة واحدة يحدث الجمود , والجمود والتململ يعرقل الثوار ويحبط الشعب ويطول درب التحرر الوطني ... واستميح القارئ عذرا إذا قارنت بين ثورتنا وثورة الشعب الايرلندي , لأني أعرف مسبقا أن هناك مقولة صنمية جاهزة تقول: نحن كنا دولة ؟؟؟ , ونحن نقول اليوم وطننا محتل , وعلينا الاستفادة من وسائل تلك الشعوب التحر� عدن اف ام