مواضيع ذات صلة الرئيس سليمان يلح على مشاركة الجميع في جلسة الحوار مطلع الشهر المقبل بيروت رغم الجمود الذي يحكم الوضع السياسي الداخلي في لبنان، خصوصاً ما بين العيدين (الميلاد ورأس السنة)، تميزت الساعات الاخيرة بملامح حركة ناشطة لإعادة البحث في ملف قانون الانتخاب من جهة وإعادة السعي لتحريك جلسات الحوار الوطني من جهة اخرى، ولو ان الشكوك في إمكان نجاح المحاولتين طغت على احتمال نجاحهما. ولوحظ في هذا السياق ان رئيس الجمهورية ميشال سليمان حرص صباح أمس عقب عقده خلوة مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في بكركي، قبيل مشاركته في القداس الذي اقيم لمناسبة عيد الميلاد على اتخاذ موقف متوازن من فريقي النزاع السياسي. فهو من جهة استغرب الربط بين المطالبة باسقاط الحكومة ومقاطعة الحوار في بعبدا، في ما اعتبر رسالة الى المعارضة وقوى «14 آذار». مقابل تشديده على ان احترام تداول السلطة في ظل اي قانون انتخابي يبقى افضل من عدم اجراء الانتخابات في ما بدا رسالة الى قوى «8 آذار»، اي الاكثرية الحاكمة. وبدا سليمان حازماً في تمسكه بموعد 7 يناير لعقد جولة الحوار المقبلة اذ لفت الى ان على من لا يريد حضور هذه الجولة ان يقدم له البدائل. وظهر واضحاً ان رئيس الجمهورية اتخذ هذا الموقف غداة توصل قوى «14 آذار» ورئيس البرلمان نبيه بري الى اتفاق على احياء عمل لجنة التواصل النيابية المصغرة للبحث في قانون الانتخاب، وهو اتفاق يعتبر اول انفراج، ولو محدود، في المناخ السياسي القائم الذي يشهد تصعيداً تدريجياً واسعاً منذ اغتيال اللواء وسام الحسن في 19 اكتوبر الماضي. واذ تؤكد المعلومات ان جلسات اللجنة النيابية ستنطلق بعد السادس من يناير المقبل، فان مصادفة موعد جولة الحوار الوطني المحددة في السابع من الشهر عينه، دفعت رئيس الجمهورية الى محاولة تحريك الحوار مجدداً مستفيداً من هذه الانفراجة. غير ان الاوساط القريبة من قوى «14 آذار»، ولو آثرت هذه القوى عدم التعليق فوراً على موقف رئيس الجمهورية، لا تبدي حماسة بالإستجابة الى هذه الدعوة نظراً الى تمسك المعارضة بموقفها المقاطع لأي نشاط سياسي او برلماني تتمثل فيه الحكومة. وقالت هذه الاوساط ل «الراي» ان قوى «14 آذار» ستعود الى التشاور في ما بين اركانها لاتخاذ موقف جديد من دعوة سليمان الى الحوار، والذي يرجح الا يخضع لاي تغيير وهو يتمثل بالاحترام الكامل والتقدير الكبير لدور رئيس الجمهورية، ولكن مع التمسك بمقاطعة الحكومة. ويبدو واضحاً في هذا السياق ان المناخ الناشىء بين قوى «14 آذار» ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي في الاسابيع الاخيرة قد احدث مزيداً من التصلب في موقف المعارضة خصوصاً في ظل تحول موقف ميقاتي من الدفاع الى الهجوم المتواصل على المعارضة. وتقول اوساط المعارضة ان مطلب اسقاط الحكومة لم يعد قابلاً لاي مساومة او مرونة، خصوصاً في ظل تفاقم الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتصاعد رائحة الصفقات والفساد لدى اطراف مشاركين في الحكومة من جهة، والخط البياني لقوى «8 آذار» التي تسعى في رأي المعارضة الى الاطاحة بالانتخابات النيابية المقررة اواخر الربيع المقبل من اجل ابقاء سيطرتها السياسية على البلاد عبر هذه الحكومة. ومع ذلك تصر المعارضة على اثبات حسن نيتها من اجل توفير كل الظروف لاعادة البحث في قانون الانتخاب، كمسلك حصري وحيد عبر الاتفاق على احياء اللجنة النيابية المصغرة، وانتظار ما ستؤول اليه النتائج، وبعدها يكون لكل حادث حديث. وبدا في هذا السياق ان الرئيس بري، الذي لم يخف امتنانه لاستجابة «14 آذار» لمعاودة تحريك عمل لجنة التواصل النيابية بعد توفير ضمانات امنية لنوابها عبر إقامتهم في «محمية امنية» في احد الفنادق القريبة من البرلمان، يستمر في حض الجميع على الافادة من الفرصة المتاحة للبنان حالياً، رغم الظروف الاقليمية التي تحوطه، وهو حذر، في تصريحات صحافية له، من خطر الوقوع في ثلاث حفر تواجه البلاد مطلع السنة الجديدة. وعلى طريقة القراءة في الكف السياسي لطالع السنة المقبلة حدد بري الحفر الثلاث على النحو الاتي: استمرار القطيعة بين «14 آذار» والرئيس ميقاتي، بدء المحكمة الدولية في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري محاكماتها في مارس المقبل وسط حديث عن استدعائها 50 شاهدا معظمهم من اللبنانيين، والتخوف من عدم التوصل الى قانون انتخاب جديد في ظل رفض مروحة واسعة من الاطراف في «8 و 14 آذار» لما يعرف بقانون 1960 المعتمد حالياً. غير انه رغم الحاح سليمان على الحوار والحذر الاستباقي الذي يبديه بري حيال الاستحقاقات المقبلة، فان مسار الازمة في لبنان يتجه نحو مراحل اكثر تصعيداً في ضوء ارتباطها «الجوهري» بالصراع في سورية وعليها من جهة، والتوقعات المتزايدة حيال عدم رغبة اطراف فاعلة في لبنان في اجراء الانتخابات النيابية التي من شأن حصولها تبديل الهوية السياسية للاكثرية البرلمانية الحالية. هذه التقديرات جعلت استجابة «14 آذار» لمعاودة مناقشة مشاريع القوانين الانتخابية مجرد خطوة الى الامام في مسار على موعد مع خطوات الى الوراء.