محافظ العاصمة عدن يشدد على تكثيف الرقابة الميدانية وضبط الأسعار وتنظيم آليات توزيع الغاز    تسليم وحدات سكنية لأسر الشهداء في 3 مديريات بصنعاء    شعب حاضر.. وإرادة تمضي نحو الدولة    لجنة تنظيم الواردات تتلقى قرابة 13 ألف طلب ب2.5 مليار دولار وتقر إجراءات بحق المخالفين    باكستان وألمانيا تجددان دعم وحدة اليمن وسيادته    "زندان والخميس" بأرحب تنظم وقفة مسلحة نصرة للقران وإعلان الجهوزية    نقاش عُماني سعودي حول تطورات الأوضاع في اليمن    مهرجان للموروث الشعبي في ميناء بن عباس التاريخي بالحديدة    الخنبشي يكشف عن القوات التي تسعى السعودية لنشرها في حضرموت والمهرة    وزارة الشباب والرياضة تُحيي ذكرى جمعة رجب بفعالية ثقافية    اجتماع أمني بمأرب يشدد على رفع مستوى الجاهزية وتعزيز اليقظة الأمنية    الذهب يتجه لتحقيق أفضل أداء سنوي منذ نصف قرن    النفط يرتفع ويتجه لتسجيل تراجع بأكثر من 15 بالمائة في عام 2025    اللواء الركن المداني معزياً في قادة القسام: راية الجهاد لن تسقط ودماء الشهداء منارة التحرر    قراءة تحليلية لنص أحمد سيف حاشد "بوحٌ ثانٍ لهيفاء"    وزيرا الخارجية السعودي والعُماني يبحثان مستجدات الأوضاع في المنطقة    اجتماع بصنعاء يناقش إدماج المعايير البيئية في قانون البترول    حضرموت.. مناورة عسكرية لقوات الانتقالي وطيران حربي يلقي قنابل تحذيرية    همم القارات و همم الحارات !    إحصائية: مقتل 26 صهيونياً وإصابة 226 آخرين في أعمال مقاومة بالضفة العام الماضي    البنك المركزي بصنعاء يوجّه بإعادة التعامل مع شركتي صرافة    القوات الإماراتية تبدأ الانسحاب من مواقع في شبوة وحضرموت    الأرصاد: طقس بارد إلى شديد البرودة على معظم المرتفعات    أمن الصين الغذائي في 2025: إنتاج قياسي ومشتريات ب 415 مليون طن    لامين جمال يتصدر أغلى لاعبي 2025 بقيمة سوقية 200 مليون يورو    هيئة علماء اليمن تدعو للالتفاف حول الشرعية والوقوف إلى جانب الدولة وقيادتها السياسية    كاتب عربي: سعي الإصلاح لإدامة الأزمة وتوريط السعودية واستنزافها ماليا وسياسيا    محافظ البيضاء يتفقد سير العمل بمشروع تركيب منظومة الطاقة الشمسية بمؤسسة المياه    مواجهة المنتخبات العربية في دور ال16 لكأس إفريقيا 2025    مباريات ثمن نهائي كأس الأمم الأفريقية    الجنوب ساحة تصفية حسابات لا وطن    الترب:أحداث حضرموت كشفت زيف ما يسمى بالشرعية    السعودية والإمارات سيناريوهات الانفجار الكبير    صنعاء.. جمعية الصرافين تعمم بإعادة وإيقاف التعامل مع شركات صرافة    اتحاد حضرموت يتأهل رسميًا إلى دوري الدرجة الأولى وفتح ذمار يخسر أمام خنفر أبين    الافراج عن دفعة ثانية من السجناء بالحديدة    وزارة الاقتصاد والصناعة تحيي ذكرى جمعة رجب بفعالية خطابية وثقافية    خلال 8 أشهر.. تسجيل أكثر من 7300 حالة إصابة بالكوليرا في القاعدة جنوب إب    المعادن النفيسة تسترد عافيتها: الذهب يصعد 1% والفضة تقفز 3%    نائب وزير الثقافة يزور الفنان محمد مقبل والمنشد محمد الحلبي    الصحة: العدوان استهدف 542 منشأة صحية وحرم 20 مليون يمني من الرعاية الطبية    الصحفي والأكاديمي القدير الدكتور عبد الملك الدناني    سفر الروح    بيان صادر عن الشبكة المدنية حول التقارير والادعاءات المتعلقة بالأوضاع في محافظتي حضرموت والمهرة    فريق السد مأرب يفلت من شبح الهبوط وأهلي تعز يزاحم على صدارة تجمع أبين    النفط يرتفع في التعاملات المبكرة وبرنت يسجل 61.21 دولار للبرميل    لوحات طلابية تجسد فلسطين واليمن في المعرض التشكيلي الرابع    قراءة تحليلية لنص "من بوحي لهيفاء" ل"أحمد سيف حاشد"    تكريم البروفيسور محمد الشرجبي في ختام المؤتمر العالمي الرابع عشر لجراحة التجميل بموسكو    مرض الفشل الكلوي (34)    حين يكون الإيمان هوية يكون اليمن نموذجا    المكلا حضرموت ينفرد بصدارة المجموعة الثالثة بدوري الدرجة الثانية لكرة القدم    محمد صلاح يواصل تحطيم الأرقام القياسية في «كأس أمم إفريقيا»    ضربة بداية منافسات بطولة كأس العالم للشطرنج السريع والخاطف قطر 2025    الكشف عن عدد باصات النساء في صنعاء    الكتابُ.. ذلكَ المجهول    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في معركة الدستور كلنا خاسرون - الأهرام المصرية - فاروق جويدة
نشر في الجنوب ميديا يوم 28 - 12 - 2012


مواضيع ذات صلة
فاروق جويدة
انتهت معركة الاستفتاء علي الدستور وتركت خلفها جراحا عميقة في جسد المجتمع المصري بكل طوائفه وفئاته.. لا يوجد منتصر أو مهزوم في معركة الدستور,
وقد يبدو ان هناك تيارا حقق ما اراد واقتنص لحظة تاريخية حلم بها يوما ولكن المؤكد ان في النصر مرارة تعادل تماما مرارة الهزيمة..
كان ينبغي ان يكون الدستور الجديد عرسا لكل المصريين امام وفاق اجتماعي متكامل يصنع أساسا لبناء وطن جديد.
كان ينبغي ان نتصافح جميعا ونحن نقرأ مواد دستورنا الجديد بفخر وإعتزاز.
كان ينبغي ان يكون هذا الدستور بداية صفحة جديدة من تاريخ مصر فقد انتظرنا هذا اليوم زمنا طويلا.. ولكن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن وكان الانقسام الحاد الذي أصاب المجتمع المصري امام أحداث وتطورات تلاحقت بشدة ابتداء بالحشود التي رفضت الدستور وانتهاء بحشود أخري وافقت عليه..
نحن امام حقيقة مؤكدة حذرنا منها كثيرا ولم يسمع أحد وهي ان قصة الدستور من البداية فتحت كل ابواب الانقسامات بين القوي السياسية في مصر ولم تعد مقصورة علي النخبة التي انقسمت ولكن الأحداث اصابت المصريين جميعا.
لا يهم الآن ان نقرأ الأرقام ومن رفضوا ومن وافقوا وبينهما فريق كبير لم يشارك
ان الحقيقة المؤلمة ان الإنقسام الذي أطاح بالمجتمع المصري كله دخل في مناطق لم تكن يوما مجالا للإختلاف أو الانقسامات.. في هذا الاستفتاء ظهر الانقسام الديني في ابشع صوره حين وجدنا انفسنا امام مصطلحات لم تدخل يوما قاموس الحياة المصرية وهي المؤمنون والكفار وقد جاءت هذه المفردات علي لسان مشايخنا الأجلاء في صورة خطب منبرية,حيث تحولت مساجد مصر إلي ساحات للصراع السياسي وانتقلت بالضرورة امام الصخب الإعلامي المجنون إلي دائرة الفتاوي واستباحت الكذب والتضليل في سبيل الوصول إلي غايات مشبوهة..
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقد, شهدت مصر لأول مرة إشعال حرب بالحجارة داخل بيوت الله وجاءت غزوات بين المدن المصرية تشبه غزوتي بدر وأحد وفتح مكة.. وشاهدنا علي شاشات الفضائيات معارك المسلمين والكفار وكأن حمزة رضي الله عنه يحارب ابا لهب.
في الإسكندرية مدينة الفكر والثقافة وواحدة من أقدم وأعرق مراكز الحضارة الإنسانية القديمة والمعاصرة.. كانت حرب المساجد من أسوأ المشاهد في معركة الدستور وفيها استخدم كل فريق أحط الوسائل السلوكية واللفظية ابتداء بالاتهامات وانتهاء بالتكفير.
في تقديري ان معركة الدستور تركت الجسد المصري منهكا ومقسما ومشوها علي كل المستويات وهنا غابت تماما معارك الفكر وخصومات الرأي والجدل حول مواد الدستور لتحل مكانها معارك دينية هي ابعد ما تكون عن ثوابت العقل المصري الرشيد وإيمانه الوسطي المترفع.
في معركة الدستور كما أكدت لا يوجد منتصر ولا مهزوم, فكلنا فيها خاسرون.. ان التيارات الدينية, التي كانت تري في هذه الموقعة الدامية نصرا محتما,لم تحقق الأهداف التي تصورتها, فقد خرجت من المعركة دون ان تحصل علي الأرقام التي حققتها من قبل وهذا يعني ان هناك تغيرا في موقف القوي السياسية وقدراتها التنظيمية في الشارع المصري, لقد تراجع رصيد القوي الإسلامية في الشارع المصري امام متغيرات كثيرة في المواقف والإتجاهات.
علي الجانب الآخر.. فإن المعارضة رغم انها لم تكسب الرهان فإنها حققت إنجازا غير مسبوق حين وقفت ندا للتيارات الدينية وامام ملايين المواطنين الذين يعانون الأمية وملايين أخري لم تشارك في الاستفتاء فإننا امام معادلة جديدة لأننا امام16.7 مليون مواطن شاركوا في الاستفتاء من بين51 مليون مواطن يمثلون القوة التصويتية وهذا يعني ان ثلثي هذه القوة لم يشاركوا في الإستفتاء.. ان الذين شاركوا في الإستفتاء أقل من33% من إجمالي الكتلة البشرية, وهذا يعني ان نصف المجتمع كان خارج هذه المعركة وهذا يعني ايضا اننا كنا امام نسبة قليلة من هذه الكتلة.. ولو اننا اضفنا الملايين التي قالت لا للدستور والملايين التي لم تشارك في الاستفتاء فنحن امام الأغلبية..
لا شك ان استخدام الدين في هذه المعركة اعطي للتيارات الدينية فرصة نادرة امام مجتمع لا يقرأ ولا يكتب ويعاني أمية ثقافية عتيقة ومزمنة.
وتبقي امامنا سلبيات أخري في إدارة عملية الاستفتاء وهي لم تخل من أمراض قديمة تأصلت سنوات في ظل منظومة الحزب الوطني والعهد البائد.. كانت هناك عمليات تلاعب وصلت أحيانا إلي التزوير في بعض اللجان وهذه الظواهر امام النائب العام والجهات القضائية ومؤسسات حقوق الإنسان ونرجو ان تتسم احكامها بالشفافية بما في ذلك استخدام الدين كفزاعة لكل رأي مخالف.
من ابرز إيجابيات هذه المعركة هو الحضور الطاغي للمرأة المصرية التي شاركت بكل إمكانياتها ونرجو من الأجهزة المسئولة ان تحدد لنا الرقم الحقيقي لدور المرأة وهو في تقديري يتجاوز كل الفئات الأخري.. فقد شاركت المرأة في الاستفتاء في كل المحافظات سواء المعارضين أو الموافقون علي الدستور..
في عدد من المحافظات ارتفعت اصوات كثيرة ترفض الدستور ومنها القاهرة والغربية والمنوفية ولا شك ان دور المرأة في هذا الرفض كان واضحا في هذه المحافظات.. علي الجانب الأخر فإن هناك محافظات أخري مثل الفيوم ومطروح والمنيا كانت نسبة تأييد الدستور فيها أعلي المحافظات وهذه المؤشرات تحتاج إلي قراءة صحيحة حيث جاءت القاهرة في مقدمة محافظات الرفض بينما كانت الفيوم أعلي معدلات القبول وهذا يعكس حقيقة مهمة وهي ان التيارات الدينية أكثر تأثيرا في المحافظات الريفية وبعض مناطق الصعيد والمناطق النائية مثل مطروح وسيناء والوادي الجديد.. وقبل هذا كله تبقي المرأة المصرية صاحبة الدور الأكبر في هذا الاستفتاء..
هناك فصيل غاب تماما في هذا الاستفتاء رغم انه من حيث القيمة العددية يعتبر من الفئات المؤثرة ولا أحد يعرف سبب إختفائه وهو مواكب الصوفية.. ان في مصر عشرات الطرق الصوفية التي تضم عدة ملايين من البشر ويبدو انهم انسحبوا تماما من المشهد السياسي بما في ذلك الاستفتاء اما خشية من الصدام مع السلفيين أو الاخوان المسلمين أو عدم الرغبة في الاقتراب من المستنقع السياسي وان كان غيابهم قد ترك أثرا كبيرا علي المشهد العام..
إذا كان تيار الإخوان المسلمين هو الأكبر عددا والأكثر تنظيما فإن تيار السلفيين يضم أكثر من جبهة وأكثر من رمز وايضا أكثر من مدينة.. ولكن الصوفية لها تاريخ طويل في مصر يسبق الإخوان والسلفيين معا من حيث العمر الزمني والمد التاريخي والقوة العددية.
هل كانت الصوفية من القوي الاجتماعية التي لم تشارك ودخلت في زمرة الممتنعين فلا هي رفضت ولا هي وافقت ؟.. هذا سؤال يطرح نفسه علي مستقبل القوي الدينية في مصر في المرحلة المقبلة..
يأتي بعد ذلك دور الشباب المصري امام الانقسام الحاد في الساحة السياسية.. ان شباب مصر هو الذي قام بالثورة وكلنا يعلم ان من يتصارعون اليوم علي جمع الغنائم كانوا شركاء للعهد البائد ولا يستطيع أحد منهم ان يتبرأ من تاريخه أو يتنكر له.. لقد شاركوا في إصدار القوانين سيئة السمعة وجلسوا تحت سقف واحد مع الحزب الوطني المنحل والكثيرون منهم استفادوا وجمعوا الملايين في هذا العهد الفاسد.. وهنا ينبغي ان يراجع الشباب مكانه ومكانته ولا يتحول إلي لعبة في يد المغامرين في مليونيات وحشود يقتل فيها الشباب بعضهم بعضا كما حدث في أكثر من مكان ولعل موقعة الاتحادية كانت شاهدا علي ذلك.. ان المطلوب من الشباب الأن ان يوحدوا كلمتهم وان يجمعوا صفوفهم وليس هناك ما يمنع من ظهور انقسامات داخل التيارات السياسية التي تتصارع علي الغنائم بحيث يخرج الشباب من هذه التكتلات ويقيمون لأنفسهم صرحا سياسيا جديدا يقوم علي احترام المواطنة والمعارضة وثقافة الإختلاف.. ان المستقبل من حق هؤلاء الشباب أما تلك الأجيال التي تتصارع علي الغنائم فهم شموس غاربة.
هنا ايضا يظهر دور المرأة لأنها بحكم الأمومة والتكوين والمشاركة هي الأقرب إلي أجيال جديدة تسعي لبناء هذا الوطن.. وليس من الحكمة ان تترك الأم ابنها يمضي في رحلة صراع غامضة أو معارك مغرضة سواء كان اخوانيا أو سلفيا أو ليبراليا لأنهم جميعا ابناؤنا وحمايتهم فرض علينا.. ينبغي ألا تسمح الأم بأن ينتزع أحد ابنها تحت شعارات كاذبة أو دعاوي مضللة ليعود إليها جسدا هامدا بلا روح.. ان العمل السياسي حق مشروع وحين يلجأ إلي العنف والقتل والوصاية فإنه يتحول إلي إرهاب مرفوض وحين نواجه الفكر بالحجارة ونواجه الرأي بالتكفير فهذه مناطق ينبغي ان نبعد شبابنا عنها وخاصة إذا كانت هناك اياد تدفع بهؤلاء الشباب دفعا إلي مواجهات دموية تحت شعارات' كالشهادة' لأن المسلمان إذا اقتتلا فكلاهما في النار
وتبقي عندي نقطة أخيرة أرجو ان يقوم بها مركز إعداد القرار في مجلس الوزراء وهي ان يقدم لنا قراءة موضوعية لما حدث في معركة الدستور وحجم القوي التصويتية التي شاركت فيها والقوي التي غابت عنها ومنها قوي العمال والصوفية.. وهنا لا بد ان نرصد الأرقام الحقيقية لمشاركة المرأة المصرية فقد كانت من أهم وأخطر المؤشرات في معركة الدستور.
والخلاصة عندي.. لابد للفرقاء ان يجتمعوا علي كلمة سواء إذا كنا نريد لهذا الوطن الأمن والإستقرار والمشاركة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.