دبي (الاتحاد)- فاز القاص العماني محمود الرحبي بجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب في دورتها الأولى، عن مجموعته القصصية "ساعة زوال" التي تنافست على الجائزة مع واحد أربعين عملا قصصيا تقدمت بها مؤسسات وأفراد. وقال محمود الرحبي في تصريح ل "الاتحاد" عن فوزة بالجائزة "فازت مجموعتي "ساعة زوال" ضمن مسابقة حرة تنافسية، وقد زاحمت قرابة الواحد والأربعين عملا ثم شقّت طريقها حتى وصلت إلى رأس القائمة"، وأضاف "لقد تركتها تفعل ذلك وحدها ومضيت منشغلا بحياتي وعائلتي" وأردف أن مسافة التنافس التي قطعتها مجموعته القصصية كانت طويلة وشاقة، والتنافس لم يكن هينا وسط مجموعات لا تقل عنها قيمة فنية" وقال "فرحت كثيرا حين فازت لقد زادتني ثقة بما أفعل وأكتب وأعيش". وأوضح الرحبي "استغرقت كتابة المجموعة قرابة السنتين. ثمة قصص كتبت قبل ذلك وأخص هنا القصة الأولى "ساعة زوال" التي منحت الكتاب عنوانه، حيث كتبتها في مراحل متقطعة ومتعددة وهي مصاغة بتقنية تجريبية تعتمد على التوليد الحكائي المستمد من تراث السرد العربي العريق، خاصة المقامات، حيث تولد حكاية من رحم أخرى". وعن أثر المكان العُماني على كتابته للقصة، قال الرحبي أيضا "عمان مكان ثري، كنز هائل من القصص والحكايات والذكريات. في عمان ثمة إنسان حقيقي يشقى ويفكر ويتأمل ويعمل ويتعلم ويزهد ويرى الحياة بعين الإصرار.. في عمان ثراء تاريخي يفاجئنا كل يوم بما هو جديد ومذهل، المدفون منه أضعاف المكشوف والظاهر منه جزء مما سيتم الكشف عنه في قادم الأيام. فكل صخرة وجدار طين، كل حبة رمل قديمة تعني حكاية وتميمة لحكاية ووميض لحكاية وسؤال عن حكاية، فكل جدار في قلعة أو حصن له حكاية، وكل لفتة ظِلّ تعني حكاية، بل إن كل عشبة جبلية وراؤها حكاية، وكل رداء علقته الريح في شجرة غاف أو سدرة تعني حكاية أيضا. والقصة بمعناها الحديث هي تطوير شكلي لهذه الحكاية، حيث لابد للقصة من أن تدثر حكاية تحت بطانيتها الجديدة". وختم قائلا"من وجهة نظري، إن كل قصة لا تكتنز حكاية هي محض لعب لغوي جميل ولكنه لا يترك أثرا وراءه". وكانت المجموعة "ساعة زوال" قد صدرت لهذا العام عن دار فضاءات للنشر والتوزيع والطباعة في الأردن، أوائل هذا العام، ومنها نقتطف: "وقفت طويلا أراقب المشهد، وقد ملأ الهدوء الثقيل المكان حولي بالسأم والترقب، السيارات تهوي على عيني بأضوائها، وأنا ما زلت أرقب كل ذلك وحيدا، وقد تصاعد الفتور إلى رأسي بعد أن يئستُ من إيقاف أي منها، فقد رفض أصحابها الاستكانة في مثل تلك الساعة من الليل في مكان منزو وبعيد، ثم أسلمت ظهري للشارع وأمعنت نظري في جدار أمامي تحولت فيه السيارات إلى مجرد هاربة. صفعات رشيقة تتلاطم على الجدار دون أن تخدشه، ضربات لا تجني أثرا الواحدة تلو الأخرى وفي أعداد بدت لا نهائية، شرعت في عدها إلى أن داعب النعاس أهدابي، ثم رأيتني أحني الكرسي ورائي وأغوص في بطن سيارتي، رفعت زجاج النوافذ وأكملت مسترخيا النظر في المشهد الظلي على شاشة الجدار كان الأمر شبيها بصفعات تحدث في حلم لا تلبث آثارها أن تمنحني... سمعت طرقات على زجاج النافذة، فذهلت والنعاس يطوق جسدي بحبله الثقيل...".