يعتبر القاسم غير المشترك بين جمهورين متنافسين في العراق ، ناديي برشلونة ومدريد الإسبانيين ، لتصبح ظاهرة تشجيع الشباب العراقي لنواد رياضية أوروبية ، من أهم الاحداث التي طبعت العام 2012 في العراق . وسيم باسم - إيلاف : ومثلما سببت هذه الظاهرة نزاعات وشجارات بين الاصدقاء والمتابعين الرياضيين ، فانها سببت إحراجا كبيرا للكثير من الاسر والعوائل حين ينقسم أفرادها بين هذا النادي وذاك وسط صراخ وعويل وهتافات استفزازية. الغلو في التشجيع ومثل أي تطرف، فإن الغلو في تشجيع الفرق الرياضية يؤدي إلى النتائج ذاتها ، من أضرار مادية ونفسية تتعدى المشجع نفسه إلى المجتمع . وبلغ هوس احمد السعدي (20 سنة ) بتشجيع فريق الريال انه حطم جهاز التلفزيون بصورة لا إرادية بعد خسارة الريال في مباراته الاخيرة بهدفين مقابل ثلاثة أهداف لبرشلونة ، وليس هذا الهوس بحسب المتابع الرياضي حبيب السامر سوى حالة مرضية ينبغي التوقف عندها ومعرفة أسبابها . وأول هذه الأسباب بحسب السامر هو غياب التأثير الفعال للفرق المحلية بسبب ندرة فعالياتها وسوء المستويات الفنية التي تقدمها ، لكن السبب الأهم الذي يدفع العراقيين الى متابعة الدوري الاسباني هو وسائل الإعلام التي تنقل المباريات الأجنبية والمحلية. ويشير سامر إلى أن من الأسباب الرئيسة وراء شهرة الفرق الإسبانية في العراق هو نقلها عبر التلفزيونات حيث يتوفر ( كارت ) النقل في العراق وبسعر رمزي بينما يندر نقل دوري الكرة الإنكليزي والألماني وغير ذلك ، مشيراً إلى ان العراقيين ظلوا لسنوات طويلة منقطعين عن العالم الخارجي ، بسبب عدم توفر النقل التلفزيوني. ويتابع : للفضائيات الفضل الكبير في التعريف بأشهر نوادي الكرة العالمية ليتحول بفعل ذلك الكثير من الشباب إلى مهووسين بتشجيع هذا الفريق أو ذاك . وفي مدينة بابل (100 كم جنوبي بغداد) ، كان هناك حزن مطبق يلمسه المراقب في أعين مئات الشباب حينما خرج نادي (ريال مدريد) و (برشلونة) من المنافسات على كأس أندية أوروبا أبطال الدوري. لكن مدرب الكرة مازن مكصد يشير إلى الجوانب الإيجابية التي تتركها متابعة الكرة الأجنبية لاسيما الأوروبية، حيث يقول مكصد : متابعة الجمهور للدوري الأوروبي جعلته أكثر وعياً بالتطور الكبير في مجال تكنيك اللعب وتنظيم الدوري، ما جعله يطالب بالإرتقاء بمستوى الرياضة في العراق سواء من ناحية تقنيات اللعب إلى الجوانب الإدارية وبناء الملاعب الحديثة . ومن وحي متابعته الدوري الأجنبي، يطالب الطالب محمد باسم (18 سنة) بتهيئة الظروف التي تحسن من أداء النوادي الرياضية العراقية عبر توفير الدعم المادي للنوادي الرياضية او عبر تنظيم الدورات في أوروبا ، وكذلك استقدام المدربين الأجانب للاستفادة من خبراتهم . وجهة نظر اجتماعية ودينية وبينما يشيد على عبد الأمير المشجع لنادي ريال مدريد بالفعاليات الاجتماعية والرياضية التي يمارسها البعض عن تشجيع فريقه المفضل، من مثل تنظيم حفلات الفرح أو توزيع الهدايا ورسائل التهنئة عبر الموبايل او شبكات التواصل الاجتماعي ، فإنه ينتقد في الوقت نفسه ، السلوكيات التي تصاحب فعاليات التشجيع مثل الإفراط في التدخين لاسيما النرجيلة أثناء حفلات المشاهدة للمباريات ورفع الشعارات الصاخبة . ويقول عبد الامير: في الأسبوع الماضي، رفع مشجعو فريق (الريال) يافطات كتب عليها ( برشلونة عار ) . ويلمح المراقب على بعض الجدران شعارات من مثل (مدريدي حتى الموت) ، وفي مكان آخر كُتب أيضاً ( ريال فوق والبرشة تحت ) ، وفي الكثير من ساحات المدن والأحياء يخطّ البعض على الجدران والأماكن العامة شعارات رياضية لا تمت في معناها إلى الروح الرياضية . المشجع على كاظم ملأ غرفته بصور لاعبي نادي برشلونة ، وبالمقابل فإن أخاه يشجع نادي ريال مدريد، اذ ملأ شبابيك البيت برموز النادي. الباحث الاجتماعي والناشط الرياضي قاسم محمد لا ينتقد تشجيع الفرق الأجنبية قدر انتقاده عدم قدرة الرياضة العراقية على جذب الجمهور ، ما يجعل الجمهور العراقي متأثراً بالثقافة الرياضية الأجنبية التي فيها الكثير من القيم الإيجابية ، لكن بالمقابل تتخللها الكثير من ( الأعراض المرضية ) مثل التطرف الكروي الذي يشمل الشجارات وتخريب الملاعب . لكن محمد يذكر بإسهام الفعاليات الرياضية في مساعدة الشباب على نسيان الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي يمرّون بها لاسيما العاطلين عن العمل منهم ، مضيفاً : أن الكثير من الشباب عكفوا على التجارة في مجال التجهيزات الرياضية ما اتاح لهم الاسترزاق من هذه المصالح . لكن عالم الدين أحمد المالكي يرى في تشجيع الفرق الرياضية الأجنبية مسألة ليس فيها من الحرام بشيء اذا لم تبعد الشباب عن دينهم ، وتعطلهم عن الأعمال ، لكن المالكي ينبه إلى أن اللهو حتى في مجال الرياضة ليس من الدين بشيء. التشجيع السلبي وينتقد مدرس الرياضة حليم حسن ، التشجيع السلبي الذي يتيح للمتفرج تشجيع النوادي الرياضية وهو يجلس يدخن السجائر ، والمشروبات الأخرى من دون ان يحرك ساكناً ، مضيفاً " أنها تبدو ظاهرة مفارقة واضحة ، فما نراه هو عين النقيض ، فعلى شاشة التلفزيون ، رياضيون بلياقة بدنية عالية يتابعهم جمهور غارق في الدخان والشعارات التي لا تمت إلى الرياضة بصلة . كريم شبوط صاحب مخزن لبيع التجهيزات الرياضية يتعامل بصورة مباشرة مع مشجعي الريال وبرشلونة ، حيث يقول شبوط : " أبيع التجهيزات والرموز الخاصة بالنوادي الأجنبية بعدما انتشر هوس تشجيع الدوري الإسباني بشكل كبير. ويتابع : أصبح كل من اللاعبين ميسي ورونالدو، رمزين لتنافس حاد بين مجموعتين ، يؤدي الحماس الرياضي بينهما إلى شجار ومناوشات في بعض الاحيان . وفي مباريات الكلاسيكو بين الريال وبرشلونة ، تبلغ مبيعات شبوط على اوجها ، من ملابس وأحذية وسلع اخرى .