شهدت دول الربيع العربي أحداثًا بارزة شكلت ملامح عامة هذه السنة، في ظل سيطرة الإسلاميين في تونس، واستمرار النزاع الدموي في سوريا، واضطرابات متفرقة في بعض دول الخليج، ولا يزال اليمن يعاني كثيرًا من تنظيمات مسلحة وتدخلات الولاياتالمتحدة في سياستها الداخلية وتعاونها الأمني والاستخباراتي مع أجهزة الدولة اليمنية. في سوريا تجلى الصراع داخليًا وخارجيًا في عام 2012 ، في الداخل أصدر استمر الصراع الدموي بين القوات النظامية لبشار الأسد، والمتمردين السوريين كما في عام 2011 ، وأجريت انتخابات برلمانية في 7 مايو وصفتها المعارضة بالمهزلة. وفي شهر مايو وقعت مجزرة الحولة التي راح ضحيتها 180 مدنيًا، وتلتها مجزرة أخرى في القبير بريف حماة راح ضحيتها 140 شخصًا. وخارجيا وقعت أزمة دبلوماسية مع تركيا، بسبب إسقاط القوات السورية طائرة تركية حربية في 22 يونيو، قالت دمشق إن هذا كان دفاعًا عن النفس، ووصفت أنقرة الحادث بالاعتداء. وفي 18 يوليو تم تفجير مبنى الأمن القومي في دمشق، وأودى بحياة وزير الدفاع داوود راجحة، ونائبه آصف شوكت، وهو صهر الأسد، ورئيس مكتب الأمن القومي هشام بختيار، ورئيس خلية إدارة الأزمة حسن تركماني، وأصيب في الانفجار وزير الداخلية محمد الشعار. وبرزت الانشقاقات في صفوف النظام السوري ومن أبرزها انشقاق العميد مناف طلاس الذي كان يرأس وحدة الحرس الجمهوري في 6 يوليو، ورئيس الوزراء رياض حجاب وذلك في شهر أغسطس. وكذلك شهدت سوريا هذا العام تشكيل الائتلاف الوطني السوري من عدة قوى معارضة، وبدأ الائتلاف التحرك في آخر شهر من العام، وفي 8 ديسمبر أعلن تشكيل قيادة عسكرية موحدة. ظهر في تونس بعد الثورة حزب نداء تونس وهو تشكيل من رجال الأعمال وبقايا النظام السابق، وأعلن عن تأسيسه الباجي قايد السيسي في هذا العام وتعرض الحزب لمناوشات من رابطة حماية الثورة، التي ينظر إليها على أنها تابعة لحزب النهضة. ومن الأحداث البارزة في تونس تعيين حمادي الجبالي، رئيس الحكومة التونسية، وإلي جديد لسليانة، وذلك بعد أعمال عنف دامية طالبت بإقال وإلي محسوب على حركة النهضة الإسلامية المهيمنة على الائتلاف الحكومي، وقالت قناة فرنسية في مقاطع فيديو صورتها وتداولها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، بأنه يذكر بما قامت به قوات الأمن التونسية في عهد بن علي. بدأت التظاهرات في 27 نفوفبر حيث شهدت الولاية تظارهات واحتجاجات مصاحبة لأعمال عنف استمرت أسبوعًا للمطالبة بعزل الوالي، واستخدمت الشرطة قنابل الغازم والخرطوش، مما تسبب في حالة عمى للتظاهرين أصبوا في أعينهم، وجرح منهم 330 شخصًا بينهم 208 أصيبوا بالخرطوش. وشهد العام 2012 إضراب جوع لسامي الفهري مدير قناة "التونسية"، والذي أصدرت السلطات التونسية مذكرة بتوقيفه في 24 أغسطس بتهة إلحاق أضرار مالية بالتليفزيون التونسي الرسمي في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. واتهم الفهري عشية اعتقاله حركة النهضة بتحريك القضاء ضده على خلفية بث قناته برنامج "اللوجيك السياسي"، وقد تضمن البرنامج فقرة "القلابس" وهي دمى متحركة ترقص وتغني وتجسم شخصيات حكومية وسياسية تونسية شهيرة مثل راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، ومنصف المرزوقي رئيس الجمهورية. وعلق سامي الفهري إضرابه يوم 29/12 عن الطعام، الذي امتد من 28 نوفمبر 2012 . وشهدت وسائل الإعلام في تونس يوم 17 أكتوبر إضرابًا عامًا لأول مرة في تاريخها احتجاجًا على سعي الحكومة للسيطرة على وسائل الإعلام وتقييد حرية التعبير. وقبلها بشهر أضرب صحفيو جريدة الصباح التونسية، أقدم صحيفة في البلاد، عن الطعام للاحتجاج على تسمية مدير عام قالوا أنه موال للنهضة سعيًا لوضع يدها على الصحيفة. ومن أبرز ماحدث في الشأن الداخلي القطري محاكم الشاعر النبطي محمد العجمي الذي كتب قصيدة تناولت الربيع العربي، بتهمة "إهانة الأمير" و "التحريض على قلب نظام الحكم"، الأمر الذي نددت به منظمة "هيومان رايتس ووتش" العالمية الحقوقية. وبحسب بيان منظمة العفو الدولية، فان النيابة العامة قد تكون استندت في التهم الموجهة إليه إلى قصيدة تتضمن انتقادًا لأمير البلاد كتبها في 2010، إلا أن ناشطين قالوا للمنظمة إن السبب الحقيقي لتوقيف ابن الذيب هو قصيدة سياسية تحت عنوان "قصيدة الياسمين" كتبها الشاعر 2011 على ضوء الربيع العربي. وفي ليبيا انتخب أول برلمان في 7 يوليو "المؤتمر الليبي العام" وذلك بعد 42 عام من حكم القذافي. وشهدت ليبيا أيضا قتل أربعة أمريكيين منهم كريس ستيفن سفير أمريكا في بنغازي يوم 11 سبتمبر، وذلك أثناء الاحتجاجات المناهضة للفيلم المسيء للرسول محمد ص. في الكويت شكلت مسيرة الكرامة في شهر نوفمبر مفاجأة للعديد من المراقبين، واعتبرها بعضهم شبيهة بتظاهرات الربيع العربي في تونس ومصر، ورفع المتظاهرون مطالب تتعلق بالتغيير الديمقراطي من أبرزها الإبقاء على النظام الانتخابي كما هو، وكان يصب في صالح الإسلاميين والمعارضين للأسرة الحاكمة، الصباح، وحدث ائتلاف معارض سيطرت عليه تحركات إسلامية وقبائلية، وانتهى الأمر بانتخابات تشريعية قاطعها المعارضون. في البحرين استمرت التظاهرات في البحرين للعام الثاني، وسط انتقادات دولية لعدم جدية السلطات البحرينية في الإصلاح، وتخوفت صحف عالمية وهيئات دولية من تحول المعارضة البحرينية إلى العنف، مع ازدياد القمع من قبل السلطة البحرينية. ومن أبرز ما حدث في البحرين هذا العام اعتقال الناشط نبيل رجب، والذي خفضت محكمة الاستئناف الحكم عليه من 3 سنوات إلى سنتين في الشهر الأخير هذا العام. واليمن شهدت جدلًا حقوقيًا في استخدام الطائرة بدون طيار الأمريكية، وهي التي تستخدمها أمريكا لاغتيال قيادات جهادية، وحدث في اليمن تمركزًا لتنظيم القاعدة في مناطق وسط وجنوب اليمن، واتهمت جهات استخباراتية عناصر من القاعدة في الهجوم على القنصلية الأمريكية في اليمن في 11 سبتمبر، وفي شمال اليمن شهدنا نشاط حاد للحوثيين وسيطرة على بعض المناطق، ويشترك الحوثيون والقاعدة في كراهيتهم للتواجد الأمريكي في اليمن، وانتقدوا التنسيق الأمني والاستخباراتي بين مسؤولين يمنيين وأمريكا. وفي آخر العام قرر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إعادة هيكلة للجيش اليمني، تقضي بإلغاء قوات الحرس الجمهوري التي يتولى قيادتها العميد أحمد علي عبدالله صالح، وإلغاء الفرقة أولى مدرع التي يقودها اللواء علي محسن الأحمر، في خطوة وصفها مراقبون بأنها إطاحة بذيول علي عبدالله صالح والمعارضين له، وجاء ذلك بعد إعلان الأممالمتحدة على لسان مبعوثها الخاص إلى اليمن جمال بن عمر بفرض عقوبات فردية وجماعية على معرقلي عملية التسوية السياسية. عربي ودولي - البديل - حصاد