في سيناء الكثير من الجدل ورود الفعل, وإن صب أغلبها في تأييد هذا القرار والاشادة بما جاء فيه. الحقيقة أنه اذا كان من الواجب الوقوف في الجانب المؤيد لهذا القرار بما تضمنه من قواعد وما وضعه من ضوابط تنظم عملية التملك والاستغلال والبيع والانتفاع بالاراضي في شبة جزيرة سيناء. لكن ما يثير الدهشة في هذا القرار الذي جاء تطبيقا عمليا لما ورد في المرسوم بقانون رقم12 لسنة2102 ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم959 لسنة2012, ان ما نص عليه هذا المرسوم ولائحته ان يتولي ما عرف بالجهاز الوطني لتنمية شبة جزيرة سيناء والذي تم تشكيله بمقتضي قرار مجلس الوزراء رقم600 لسنة2012, أصدار القرارات المنظمة لعملية التنمية الشاملة في شبة جزيرة سيناء. فصحيح أن اللائحة التنفيذية نصت في مادتها الثانية علي أن يصدر قرار من وزير الدفاع بتحديد المساحات والحدود الجغرافية والسياسية للمناطق والأماكن الآتية( منطقة شبه جزيرة سيناء, الجزر الداخلة في مناطق المياه الإقليمية لمنطقة شبه جزيرة سيناء, الجزر الداخلة في منطقة الامتداد القاري, المنطقة الداخلة في المنطقة الاقتصادية الخاصة, المنطقة المتاخمة للحدود الشرقية للجمهورية), شريطة أن يكون التحديد مانعا لأي تداخل لحدود هذه المناطق مع غيرها من المناطق الأخري المجاورة, ومتضمنا القواعد المنظمة لهذه المناطق, إلا أنه من الصحيح أيضا أن ذات اللائحة نصت في كثير من موادها علي أن يتولي الجهاز المسئولية كاملة في كيفية تطبيق الضوابط والقواعد المنظمة لعملية التنمية المتكاملة. وقد جاء تشكيل الجهاز متضمنا للممثلين عن مختلف الجهات المعنية في هذا الخصوص. وهو ما يجعل من قرار وزير الدفاع بشأن تنظيم عملية التملك في سيناء أمر يثير التساؤل حول الحدود الفاصلة بين دور وزارة الدفاع كأحد الممثلين داخل الجهاز وإن اختصتها اللائحة بنص يتعلق بترسيم الحدود, وبين دور الجهاز الوطني للتنمية المتكاملة باعتباره صاحب الولاية في وضع خطط التنمية وتنفيذها. ففي الوقت الذي سارع مجلس الوزراء بتشكيل هذا الجهاز, إلا أنهالكثيرين لم يسمعوا عنه ولم يلمسوا له دورا فاعلا في تلك اللحظات المهمة من تاريخ مصر. من هذا المنطلق, لا نود أن نكرر الأخطاء التي وقع فيها النظام السابق والمتعلقة بانشاء مؤسسات واجهزة وهيئات يقتصر دورها علي اقامة المنشآت وعقد الاجتماعات وتنظيم اللقاءات وفي احسن الاحوال القيام بزيارات الي مواقع العمل او الأماكن الخاضعة لاشرافها دون أن يكون لها دور ملموس وحقيقي. فقرار تشكيل الجهاز الوطني يرجع الي تاريخ الرابع من يونيو2012, وتم وضع نظامه الأساسي في الثالث والعشرين من أغسطس من العام ذاته, أي مر علي انشائه ما يزيد علي ستة أشهر, ولم يكن له دور يذكر في واحدة من أهم المشروعات الوطنية والقومية التي ينصب عليها طموحات مصر ومستقبلها, خاصة وأن خبرة الماضي في التعامل مع ملف سيناء ما زال يثير الكثير من الغموض مع كل مرحلة تبدأ فيها مصر بوضع حجر الاساس لتنميتها ثم سرعان ما تتوقف ويخفت الصوت المطالب باسراع عملية التنمية, رغم ادراك الجميع بأن سيناء هي المحور الرئيسي للأمن القومي المصري, فالتاريخ يؤكد أن جميع الأخطار التي هددت مصر جاءتها من الشرق, وتزداد الحيرة إذا علمنا ان المشروعات البحثيه حول تنمية سيناء تجاوزت500 بحث علمي هذا بخلاف الندوات واللقاءات والاجتماعات والزيارات. جملة القول, أن قرار وزير الدفاع بشأن ضوابط التملك في سيناء لابد ان يمثل نقطة تحرك للجهاز الوطني المنشأ حديثا كهيئة عامة اقتصادية ينطبق عليها كافة الاحكام والقواعد المنظمة للهيئات العامة الاقتصادية, شريطة أن يحقق المعادلة الصحيحة في عملية التنمية بين تشجيع الاستثمارات وجذبها من ناحية, وضمان حماية الأمن القومي من ناحية أخري.