في ظل تواصل استمرار نزوح السوريين إلى دول الجوار هرباً من نيران المعارك، وجد العديد من الاتراك انفسهم مضطرين إلى فتح ابواب منازلهم امام اللاجئين السوريين الذين تقطعت بهم السبل. لا تزال الأوضاع المعيشية الصعبة التي يواجهها النازحون السوريون لتركيا كما هي، بل تمضي من سيء إلى أسوأ يوماً بعد الآخر، ويكفي القول إن هناك ما يقرب من 75 فرداً من أفراد أسرة واحدة يقتاتون في الغالب منذ وصولهم إلى تركيا على الخبز والبطاطس. حياة مأساوية وأوضاع لا تمت للإنسانية بصلة تسبب بها الصراع المشتعل في سوريا منذ ما يزيد عن 21 شهراً دون الوصول لأي نتائج ملموسة على أرض الواقع حتى الآن. وأوردت في هذا الصدد صحيفة واشنطن بوست الأميركية عن سيدة من تلك العائلة تدعى حسنان جاسم، وكان يشغل زوجها عمرو منصب عمدة بلدة شهرناز القريبة من مدينة حماة والتي تم تدميرها، قولها: "لم نحصل على خضروات طازجة منذ قدومنا إلى هنا قبل شهر ونصف، وما هو متاح لدينا الآن هو الأرز والبولجار فحسب. وقد توقف العمدة هنا عن منحنا اللحوم بعد أن ظل يعطينا قدراً منها عند وصولنا إلى هنا". وحسب التقديرات فانه رغم الملايين التي تم إنفاقها على المساعدات الإنسانية للاجئين السوريين في البلدان المجاورة مثل تركيا، إلا أن هناك الآلاف من السوريين غير المعروفين الذين يعيشون وهم في حالة من الحرمان والجوع. وهو ما أرجعته واشنطن بوست إلى عبورهم حدود تلك الدول بصورة غير شرعية، ومن ثم عدم تمكنهم من الوصول للمخيمات والمعسكرات التي تم إنشائها للاجئين الذين تم تسجيل أسمائهم. وأعقبت الصحيفة بلفتها إلى أن ال 13 مخيماً التي أنشأتها الحكومة في تركيا تمتلئ بأكثر من 140 ألف لاجئ. ولم تعد تسمح الحكومة الآن بصورة رسمية بدخول أي أعداد إضافية من اللاجئين الذين يحاولون الهروب من الحرب الأهلية المشتعلة في سوريا. ولم تسمح تركيا لكثير من جماعات الإغاثة الإنسانية الدولية العمل بداخل البلاد، وهو ما جعل معظم المنظمات غير الحكومية تركز جهودها على مخيمات اللاجئين الموجودة في سوريا، والقريبة من الحدود التركية في مناطق أسقطت بها طائرات سورية قنابل. ومع هذا، ما زال يتوافد اللاجئون، وفي الغالب يقع الحمل على الأتراك العاديين، مثل سكان بلدة دافوتباسا الصغيرة، بعدما بات يتعين عليهم أن يزودوا اللاجئين بالطعام والمأوى. وقد استقبل سكان البلدة البالغ عددهم 700 شخص، معظمهم مزارعين وعمال حكوميين، ما يقرب من 400 سوري خلال الشهرين الماضيين. وبدؤوا يزودوهم بحطب الوقود، وبدؤوا يعلموهم طريقة إعداد الخبز في الأفران الخارجية التي تشيع بكافة أنحاء البلدة. وقال بهذا الخصوص سيمسدين كونيديوغلو عمدة تلك البلدة الصغيرة "لا يمكننا أن نغلق الأبواب في وجه السوريين وهم يسعون للإفلات من الموت الذي تشهده بلادهم". وقد قام كونيديوغلو من جانبه بتحويل منزله المكون من 3 غرف نوم، حيث كان تقيم به أسرته المكونة من 5 أفراد، إلى سكن يستوعب 60 فرداً من إحدى العائلات السورية، وانتقل هو وأسرته إلى شقة يمتلكها في بلدة ريهانلي القريبة، مصطحباً معه مزيد من السوريين. فيما عبرت زوجته، يوكسيل، عن قلقها من تزايد النفقات التي يتكبدونها من جانبهم في سبيل إعانة اللاجئين السوريين، دون أن تبدي غضبها بأي حال من الأحوال من كرم وسخاء زوجها. ثم عاود كونيديوغلو ليقول:"نقدم لهم المساعدات بكل السبل الممكنة. لكن هناك حدود بالنسبة لنا في النهاية. فعند نقطة معينة، سنكون بحاجة إلى المساعدات نحن أيضاً". وقال أحد اللاجئين ويدعى طلال شيخ أحمد، 45 عاماً: "لم نكن نتوقع مطلقاً أن يقصف النظام شعبه". فيما قالت زوجته بشرى متهكمةً: "ننام هنا حالياً فوق بعضنا البعض". وعاود عمرو جاسم ليقول إنهم اضطروا كأسرة للذهاب إلى تركيا بعدما بدؤوا يعانون ويصابون بأمراض جراء تواجدهم بشكل شبه دائم في الكهف الذي كان يحميهم من قصف وبطش قوات الأسد على مدار أسابيع عقب استهدف بلدتهم شهرناز. وختم جاسم حديثه بالقول "أخبرني والدي عن أسفه لإنجابه كل هذه الأطفال ليقوم بشار الأسد بقتلهم. والجانب الأسوأ هو حين يسأل الأطفال عن الطعام ويضطرون في الأخير الذهاب إلى فراشهم وهم خاوييو البطون، فقط لأننا عاجزون عن منحهم أي شيء".