الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام، وشرح صدورنا للإيمان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد: يقول الله تعالى في كتابه الكريم: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا)، «سورة الفرقان، الآية 62». لقد ذكر الشيخ الصابوني، رحمه الله في تفسير هذه الآية «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً»، أي يخلف كلٌّ منهما الآخر ويتعاقبان، فيأتي النهار بضيائه، ثم يعقبه الليل بظلامه،«لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ» أي لمن أراد أن يتذكَّر آلاء الله، ويتفكر في بدائع صنعه،«أَوْ أَرَادَ شُكُورًا» أي أراد شكر الله على أفضاله ونعمائه، قال الطبري: «جعل الله الليل والنهار يخلف كل واحدٍ منهما الآخر، فمن فاته شيء من الليل أدركه بالنهار، ومن فاته شيء من النهار أدركه بالليل» صفوة التفاسير للصابوني 2/369. عبرة الأيام ونحن في هذه الأيام نودع عاماً ميلادياً، ونستقبل عاماً ميلادياً جديداً، كما استقبلنا قبل أسابيع عاماً هجرياً جديداً، وهكذا تمر الأيام والأشهر، فعلينا أن نأخذ العبرة من مرور الأيام والأشهر والأعوام، فما أحوج أمتنا العربية والإسلامية إلى الترفع على الأحقاد، وطيّ صفحات الماضي، وأن نفتح جميعاً صفحة جديدة من المحبة والإخاء، ففي ظل التعاليم القرآنية والسنة النبوية الشريفة عاشت البشرية حياة الخير والسعادة. إننا في هذه الوقفة ونحن نودع عاماً، ونستقبل عاماً جديداً يجب أن نتدارك ما فاتنا، وأن يُحَاسِب الواحدُ فينا نَفْسَه قبل أن يُحاسَب، كما في قوله سبحانه وتعالى: «وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا، اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا»، سورة الإسراء، الآيتان 13 - 14»، وقوله عز وجل «وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ»، سورة الأنبياء الآية 47، حيث إننا سَنُسْأَل يوم القيامة عن كل شيء، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: لن تزول قدما عبد يوم القيامة، حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به، (أخرجه الطبراني). فجر جديد ... المزيد