لا تخفي حركة فتح انبهارها بحجم المشاركة الجماهيرية في مهرجان الإنطلاقة الذي نظمته في غزة في الذكرى الثامنة والأربعين، مؤكدة أن الأمر فاق كل التوقعات. ما زالت اصداء مهرجان حركة فتح في قطاع غزة في ذكرى الإنطلاقة الثامنة والأربعين تتواصل، رغم مرور أيام على إقامته، وشكّل حجم المشاركة الكبير بمئات الآلاف نقطة مركزية للحديث حول قوة الحركة في غزة، في وقت قال فيه البعض إن عدد المشاركين تجاوز المليون شخص. وقال الدكتور فيصل أبو شهلا، عضو المجلس التشريعي وعضو المجلس الثوري لحركة فتح في قطاع غزة في اتصال هاتفي مع "إيلاف": "إن مقومات النجاح الكبير في أعداد المشاركين في مهرجان الانطلاقة كانت نابعة من الجماهير التي خرجت لتقول كلمتها". وأكد أبو شهلا، أن الحركة ورغم استعداداتها جيدا في قطاع غزة وتوقعها بحضور كبير للمواطنين إلا أن الجماهير فاجأت الجميع بصدق انتمائها. وأوضح، أن "فيضان الجماهير" في ذكرى انطلاقة فتح الثامنة والأربعين كان فوق كل التوقعات حيث إمتلأت ساحة الشهيد ياسر عرفات "مجمع السرايا سابقا" وكافة شوارع غزة الرئيسة وساحة الكتيبة عن بكرة أبيها بالجماهير المحتشدة التي حملت معها العديد من الرسائل الهامة. وبخصوص الرسائل التي أطلقتها الجماهير الفتحاوية التي قدرت بمئات الآلاف قال أبو شهلا: "إن هذه الجماهير خرجت لمبايعة حركة فتح أولا ومبايعة الرئيس محمود عباس وللتأكيد على شعبيته وشعبية الحركة في القطاع". وأضاف: "أن من بين أسباب هذا الطوفان الحرمان الذي تعرضت له الحركة في قطاع غزة منذ ست سنوات إبان الانقسام الفلسطيني، وجاءت هذه الحشود دعما وتأييدا للمشروع الوطني الذي تقوده حركة فتح". ومن بين العوامل الأخرى التي ساهمت بخروج مئات الآلاف إلى الميادين في ذكرى انطلاق الثورة الفلسطينية كما سردها أبو شهلا، هي لقول كلمة "لا" لاستمرار الانقسام الفلسطيني. وأشار إلى أن الطوفان الجماهيري، خرج للتعبير عن موقفه برفض حكم حماس بسبب الوضع السياسي في القطاع. وبين أبو شهلا، أن رسائل أخرى حملها الكم الكبير من المشاركين في هذا المهرجان تتمثل بالرد على تصريحات الحكومة الإسرائيلية وعلى رأسها بنيامين نتنياهو الذي كان قد صرح بأن الرئيس محمود عباس فاقد لشرعيته في القطاع. وقال: "مليونية غزة التي خرجت للميادين كانت لمبايعة الرئيس عباس وتأكيدا لشرعيته وسياساته". وبخصوص التجهيز للمهرجان ودور الحركة في هذه الهبة الجماهيرية، أكد أبو شهلا، أن حركة فتح ووفق إمكاناتها قامت بالتحضير للمهرجان الذي كانت تتوقع أنه سيكون كبيرا وتم توفير بعض المواصلات لنقل المواطنين حيث بلغ مجموع الحافلات التي خصصت لذلك مائة حافلة. وقال: "إن ما شوهد لم يكن بالحسبان حيث تنقل المواطنون من مختلف محافظات وصولا لمدينة غزة مستخدمين العربات وكافة وسائل النقل المتاحة كما قام المواطنون بالانتقال عبر القوارب من رفح وذلك بسبب الاكتظاظ المروري الذي شكله الطوفان الفتحاوي". وأضاف: "أن الأمر لم يقتصر عند هذا الحد فراح الأهالي لشراء الأعلام والرايات الفتحاوية على حسابهم الخاص وكما قام الفتية بشراء اليافطات من مصروفهم الشخصي". واستعرض المشهد الذي لوّنته الجموع باللون الأصفر وهي رايات حركة فتح حيث اندفعت الجماهير من تلقاء نفسها للمشاركة في هذا المهرجان ليمثل رسالة هامة للعالم ولكافة السياسيين الذين راهنوا على تراجع حركة فتح . وأكد أبو شهلا، أنه ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة والأوضاع السياسية عموما خرج مئات الآلاف من الأهالي في غزة لتجديد ثقتهم بالرئيس عباس وسياساته والتأكيد على خيارهم الفتحاوي بعد الحرمان الذي دام ست سنوات. وقال عضو المجلس الثوري: "إن المطلوب الآن يتمثل بضرورة تطبيق النظام الداخلي الفتحاوي الذي أقره الإطار العام والعمل على إعادة بناء الحركة على أساس ديمقراطي وإجراء الانتخابات في كافة الأقاليم خاصة وأن فتح بهذه الهبة تحتاج نهضة قوية لتعود إلى سابق عهدها في ريادة المشروع الوطني وإعادة بريق ورونق الحركة". رفض سياسة حماس من جهته، أكد الكاتب والمحلل السياسي مخيمر أبو سعدة، في اتصال هاتفي مع "إيلاف" أن الهبة الجماهيرية تعد الأوسع والأكبر على مستوى المحافظات الفلسطينية. وقال أبو سعدة: "إن منع حركة حماس لحركة فتح من إقامة فعاليات بذكرى انطلاقتها طوال السنوات الست الماضية كان عاملا هاما في اندفاع الجماهير للتعبير عن رفضها سياسة حماس". وأضاف: "أن هبة الجماهير الفتحاوية عبرت في رسالة واضحة لحركة حماس بأنها ليست وحدها على الساحة الفلسطينية وتأكيدا على جماهيرية حركة فتح". ولفت أبو سعدة، إلى أن هذه الهبة أيضا تقتضي من القيادة الفلسطينية إيلاء المزيد من الاهتمام لقطاع غزة حيث المرض والجوع والفقر وخاصة أن كثيرًا من الحالات تحتاج للعلاج وجاءت تشارك حركة فتح ذكرى انطلاقتها رغم ويلاتها وصعوبة أوضاعها. وقال: "إن حركة فتح في قطاع ردت من خلال جماهيرها التي تدفقت للميادين العامة ومجمع السرايا من كل حدب وصوب على التصريحات الإسرائيلية التي كان قد أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الخارجية بأنه لا مكان للرئيس محمود عباس في قطاع غزة". وأضاف أبو سعدة: "أن هذه المشاركة تؤكد للقاصي والداني أن التأييد الشعبي للرئيس الفلسطيني وبرنامجه السياسي حاضر بقوة في قطاع غزة". وأوضح أن هذا المهرجان الكبير يجب أن يتوقف عنده الجميع وخاصة حركتي فتح وحماس وقراءة الحراك الذي جرى على الأرض وذلك للتوجه نحو تحقيق المصالحة ورفض الانقسام. وبين أن المهرجان بحد ذاته، رغم أهمية إقامته لا يعني تحقيق المصالحة وإنما يتطلب ذلك إنجاز ومتابعة كافة الملفات الخاصة بلجان المصالحة كملفات منظمة التحرير والانتخابات والحريات وغيرها خاصة وأن كل طرف يحاول أن يحمل الطرف الآخر مسؤولية الإخفاق. قرار رئاسي بتشكيل هيئة قيادية عليا إلى ذلك، أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس قرارا بتشكيل هيئة قيادية عليا لحركة فتح في قطاع غزة يتحمل مسؤوليتها أحمد نصر عضو المجلس الثوري للحركة. وأكد أحمد نصر، أمين سر اللجنة القيادية في المحافظات الجنوبية ونائب مفوض التعبئة والتنظيم لقطاع غزة في تصريح لوكالة معا الإخبارية: "أن مهمات الهيئة الجديدة تتمثل في العمل على الارتقاء بالتنظيم والحفاظ عليه وزيادة أعضائه وتنظيم وجود الحركة بين أبناء الشعب الفلسطيني". ومن جهة أخرى، حيا مجلس الوزراء الفلسطيني الجماهير الفلسطينية في قطاع غزة، والتي خرجت بأعداد غفيرة وغير مسبوقة للاحتفال بذكرى انطلاقة الثورة. وأكد المجلس في اجتماعه الأخير المنعقد في رام الله، أن المشاركة الشعبية الواسعة في قطاع غزة تؤكد التمسك بالمشروع الوطني بقيادة منظمة التحرير. واعتبر المجلس الهبة الجماهيرية في قطاع غزة "بكونها استفتاء لا يقبل التأويل حول ضرورة الإنهاء الفوري للانقسام، وإعادة الوحدة للوطن ومختلف مؤسساته، واستنهاض الطاقات لمواجهة المخاطر الإسرائيلية". وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس: "إن الجماهير الفلسطينية سبقت القيادة في تجسيد الوحدة الوطنية، عندما خرجت بعفوية وتلقائية للمشاركة بانطلاقة الثورة الفلسطينية في قطاع غزة". وأضاف أبو مازن خلال منحه الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية "وفا" وسام الاستحقاق والتميز الذهبي: "أن "ما حدث في غزة من حشد جماهيري فاق التصور هو مفخرة لنا جميعا، وتأكيد على تمسك شعبنا بوحدته الوطنية، وشعوره بوجود أفق سياسي قادم يتمثل بحصول فلسطين على عضوية الأممالمتحدة بصفة دولة مراقب".