الخميس 10 يناير 2013 09:37 صباحاً حين غادرنا ميناء عدن نجر أذيال الهزيمة مساء يوم 6/7/2007م، متجهين إلى المجهول، اعتقدنا أن الجنوب شطب من التاريخ والخريطة وأننا آخر الشهود على شيء اسمه الجنوب، كانت لحظات تعيسة تحمل كل صور المرارة التي لا يمكن وصفها بالكلمات. وحين عدنا كانت الأيام هي الحضن الدافيء الذي كنا نعبر من خلاله عن الهم الجنوبي، كانت القبضة البوليسية للنظام تحصي أنفاسنا، كنا نستمد العزيمة من عطر الذكر هشام باشراحيل وأسرة الأيام، الصغيرة والكبيرة، وشيئا فشيئا بدأ المارد الجنوبي ينفض غبار الاستسلام. في احد اللقاءات كان احد القضاة الجنوبيين يردد مقولة أضحكتنا كثيرا كان يقول (علينا نحن الجنوبيين أن نتحد من ريري إلى اكبر قبيلي)،وحتى لا يذهب البعض بعيدا بخياله فأن ريري من أسماء التدليل في غير مجتمع وهو يطلق على بعض الحرفيين في تخصصات الموضة وما في حكمها، ولا زلنا حتى الساعة حين نلتقي نرفع هذا الشعار بصوت وضحك مشترك. بعد بضعة أشهر من هذا اللقاء نجح انطلاق مشروع التصالح والتسامح الجنوبي من الجمعية الجنوبية الأشهر، جمعية ردفان، التي تم إغلاقها بقرار (سيادي) ويكفي هذه الجمعية فخرا أنها ترسخت في الأذهان كعنوان لأهم حدث جنوبي، وقد كتبنا حينها دفاعا عن الجمعية لكن أولوا الأمر اعتبروا جمعية ردفان تهدد الأمن القومي لسوق الملح. كانت فعالية 7/7/2007م التي قادها العسكريون الجنوبيون هي الوليد الشرعي لمشروع التصالح والتسامح وهي بداية نفض غبار الاستكانة وانطلاق المارد الجنوبي. سقطت من عيني دمعة حين سمعت الطفل محمد هاني يغني (بلادي إلى المجد) وتذكرت قهر السنين التي عصفت بالجنوب منذ 13يناير1986م حيث ذهبت أجمل سنوات عمر جيلنا (هارب، عائد) وتساءلت في نفسي، ألا زال هناك مجانين في الجنوب يؤمنون بحقهم في إقصاء الآخر بعد سنوات المر التي عصفت بنا؟. ونحن نستقبل الذكرى الخامسة للتصالح والتسامح بعد أن بلغ المارد الجنوبي مداه فأن على النخب أن تدرك ما نحن بحاجة إليه في الجنوب. ما نحتاجه في الجنوب (أما أن نتحد بشكل مطلق وهذا مخالف لطبائع البشر حيث الاختلاف المحمود والمشروع سنة كونية، أو أن نقبل بالرأي الآخر ونحترمه طالما كان قائما على قاعدة القبول بالرأي الآخر أيضا) عدى ذلك فسنظل أجيال تتعاقب وتلعن بعضها.