وصف القرآن الكريم النصارى بأنهم ذوو رأفة ورحمة محمد عاطف عبد المنعم "الإنسان عدو ما يجهل"، لهذا يتخذ بعضنا مواقف مضادة للأديان الأخرى دون أن يعلم عنها شيئا، ناهيك من دراستها أو حتى الاطلاع عليها، وذلك مع أن الله أمرنا بالإيمان بالأديان السماوية وبكل الكتب والرسل دون تفريق: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ}، بل إن الله يدعو الرسول والمسلمين إلى الإيمان بالأنبياء الذين لم يرد ذكرهم في القرآن الكريم: {مِنْهُمْ مَن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ}، من هذا المنطلق نحاول عرض بعض ما جاء في القرآن الكريم بشأن الديانة المسيحية، لعلّ ذلك يسهم في تفعيل التعايش بين الأديان ونبذ الصراع فيما بينها، هذا التعايش الذي أنجزه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فور هجرته إلى المدينةالمنورة، ولتكن لنا في رسول الله أسوة حسنة. لقد أطلق القرآن الكريم على المسيحيين "أهل الكتاب"، و"الذين أوتوا الكتاب من قبلكم" و"الذين آتيناهم الكتاب" و"النصارى" ووصفهم بالإيمان، وعبادة الله وعمل الخير، يقول الله: {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ، يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَٰئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ} وأمرنا بمجادلتهم بالتي هي أحسن يقول تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، كما أمرنا بإعلان إيماننا بما أنزل إليهم في قوله: {وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}. كذلك وصف القرآن الكريم النصارى بأنهم ذوو رأفة ورحمة، فقال سبحانه: {وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً}، كما اعتبرهم أقرب الناس مودة للمسلمين حيث يقول تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ}، ويلاحظ القارئ لهذه الآية أن القرآن يفصل بين النصارى والذين أشركوا؛ لأن الآية تضع "اليهود" و"الذين أشركوا" في جانب، و"النصارى" في جانب آخر، فلو كان النصارى من المشركين لما صحّ هذا الفصل والتمييز، ويلاحظ مثل هذا الفصل -أيضاً- في مواضع أخرى من القرآن: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}. وهكذا يوضح لنا القرآن الكريم أن المسيحية شريعة سماوية أرسلها الله لهداية الناس على يد المسيح بن مريم، وأن المسيحيين غير المشركين.. وأنهم أقرب الناس مودة للذين آمنوا.. فهل بعد القرآن من دليل؟! نشر بجريدة المصري اليوم