بلغ عدد جلسات الغسيل الدموي التي أجريت خلال عام واحد لمرضى الفشل الكلوي في سلطنة عمان مئة وواحداً وأربعين ألف جلسة، وتصاعدت نسبة انتشار السكري لتصل إلى 12،3% بين البالغين ثمانية عشر عاماً فأكثر، ومعدل انتشار ارتفاع ضغط الدم الشرياني في الفئة العمرية نفسها 40،3%، وكان 31،2% من مجموع الوفيات التي حدثت بالمستشفيات بسبب أمراض القلب والجهاز الدوري، كما تظهر البيانات الرسمية للمستشفيات أن 10،6% من مجموع الوفيات التي حدثت فيها كانت بسبب الأمراض السرطانية، حيث بلغ عدد العمانيين المصابين - حسب إحصاءات أجريت قبل عامين - ثمانمئة وستة وسبعين مريضاً، منهم أربعمئة وثلاثة وعشرون من الذكور، وأربعمئة وثلاث وخمسون من الإناث، كما بلغ عدد الوفيات الناجمة عن حوادث الطرق ألفاً وأربعة وأربعين خلال العام قبل الماضي بمتوسط أربع عشرة وفاة لكل مئة حادث، ما يمثل نسبة 13،6% من إجمالي الوفيات، ويعني نحو أربع وعشرين وفاة لكل مئة ألف من السكان، ويعد من بين أعلى المعدلات العالمية المقدرة بنحو تسع عشرة وفاة لكل مئة ألف من السكان، والذي يصل في البلدان الصناعية إلى اثني عشر بالرغم من الاستخدام المكثف للسيارات في تلك المجتمعات، كما بلغ عدد الوفيات الناتجة عن الحوادث المرورية خلال العام الماضي ألفاً ومئة وواحدة وثلاثين حالة وفاة وأحد عشر ألفاً وثلاثمئة وأربع وستين إصابة، حيث جاءت السلطنة في المرتبة الرابعة خليجياً والسابعة والخمسين عالمياً من حيث الدول الأكثر وفيات بسبب الحوادث المرورية لكل مئة ألف من السكان . وفي المقابل، يواجه القطاع الصحي حزمة من التحديات الصعبة التي يتصدرها ضعف الإنفاق الحكومي على الخدمات التي تقدمها المؤسسات التابعة لوزارة الصحة، والذي يتأرجح بين التراجع والثبات والتقدم ببطء، فضلاً عن التهام "المصروفات المتكررة" التي تشمل فروق العلاوات والترقيات وفروق الرواتب بسبب التعمين ما يقرب من تسعين في المئة، علماً بأن المعدل العالمي يصل إلى أربعة أضعاف مثيله في عمان . البيان الكاشف لوزير الصحة العماني أمام جلسات مجلس الشورى برئاسة الشيخ هلال المعولي يؤكد وجود تحديات كبيرة يواجهها القطاع الصحي من أجل الوفاء بتقديم خدمات عالية الجودة بما يفرض المواءمة بين الموارد المحدودة المتاحة لهذا الغرض من جانب، والاحتياجات المتزايدة وارتفاع تكلفة الرعاية الصحية من جانب آخر . . وهي معادلة صعبة . كشف وزير الصحة العماني، د .أحمد بن محمد السعيدي، عن إحصاءات تؤشر إلى تغير في الخريطة الوبائية بالسلطنة، حيث أظهرت تراجعاً واضحاً في معدلات الإصابة بالأمراض المعدية التي انخفضت في مرضى المستشفيات من 21،4% إلى 17،9% خلال السنوات العشرين الماضية بينما ارتفعت معدلات الإصابة بالأمراض غير المعدية - التي يعود بعض أسبابها إلى المريض نفسه وأسلوب حياته - من 36،1% إلى 37،5% في نفس الفترة، كما أظهرت إحصاءات المراضة لعام 2011م في العيادات الخارجية أن 36،3 % من مجمل الحالات كانت بسبب الأمراض غير المعدية، وأن هذا التغير في النمط الوبائي يرجع إلى التغير في التركيبة السكانية التي شهدت زيادة في سن ما فوق الستين، وصاحبها تزايد معدلات الأمراض المرتبطة بالشيخوخة - مثل السرطان وأمراض القلب وتصلب الشرايين والسكري - كما انتشرت أنماط الحياة غير السليمة التي تتميز بقلة الحركة والإفراط في الطعام والتدخين، كما أن هذه النوعية من الأمراض تحتاج إلى فترات علاج طويلة نسبياً مع توفر إمكانات متقدمة ومكلفة في الوقت نفسه . الدراسات والمسوح المتكررة في السنوات الأخيرة أثبتت أن نسبة انتشار السكري وصلت إلى 12،3% بين البالغين ثماني عشرة سنة فأكثر، ما أدى إلى إنشاء مركز وطني لأمراض السكرى والغدد الصماء سيتم تعزيزه بكوادر متخصصة، وكذلك العيادات المنتشرة في جميع المراكز الصحية الحكومية، إضافة إلى برنامج خاص يجري تنفيذه في الخطة الخمسية الحالية، كما بلغ معدل انتشار ارتفاع ضغط الدم الشرياني في الفئة العمرية من 18 سنة فأكثر 40،3%، وأن 31،2% من مجموع الوفيات التي حدثت بالمستشفيات كانت بسبب أمراض القلب والجهاز الدوري، كما بلغ عدد حالات الفشل الكلوي المزمن أكثر من 1072 مريضاً يقومون بعمل غسل كلوي بصفة دورية، وسبع عشرة حالة أجرت جراحة زرع كلى داخل السلطنة، وبلغ عدد جلسات الغسل الدموي التي أجريت خلال عام واحد لمرضى الفشل الكلوي مئة وواحداً وأربعين ألف جلسة، ما أدى إلى الاهتمام بإنشاء مراكز متخصصة للتعامل مع الحالات التي تتطلب غسلاً للكلى حيث قفز عددها من مركز واحد في بداية التسعينات من القرن الماضي إلى ثمانية عشر مركزا منتشرة في كل أنحاء السلطنة، كما تم إدخال "الغسل البريتوني" باعتباره أحد بدائل العلاج الاستعواضي للكلى، اضافة إلى الجهود الحثيثة لزيادة حالات نقل الكلى - سواء من الأقارب الأحياء أو الموتى- حيث تم إنشاء "وحدة تنسيق" متخصصة تخدم هذا الغرض . كما تظهر البيانات الرسمية للمستشفيات أن 10،6% من مجموع الوفيات التي حدثت فيها كانت بسبب الأمراض السرطانية، حيث بلغ عدد العمانيين المصابين - حسب إحصاءات أجريت قبل عامين - ثمانمئة وستة وسبعين مريضاً، منهم أربعمئة وثلاثة وعشرون من الذكور، وأربعمئة وثلاثاً وخمسين من الإناث، وعدد المصابين بين الأطفال أقل من عشر سنوات أربعاً وأربعين حالة، ما أدى إلى تدعيم برنامج المكافحة وتطوير السجل الوطني لتسجيل الحالات ليغطي جميع المؤسسات الصحية، حيث أصبح التبليغ عن حالات السرطان إجباريا بموجب قرار وزاري، كما تم إنشاء وحدات للعلاج الكيماوي للأورام في سبع محافظات من بين احدى عشرة، ويجري حالياً تقديم خدمات العلاج المتكاملة من خلال المركز الوطني للأورام التابع للمستشفى السلطاني بمسقط، والذي بلغت تكلفته سبعة ملايين ريال عماني، ويضم أحدث المعدات والتجهيزات الطبية المتطورة وعددا من الأطباء المتخصصين في كافة الفروع المتعلقة بالعلاج، كما يضم قسماً للعلاج الكيماوي للأطفال وآخر للرجال والنساء، وثالثاً للطب النووي، وقسمين متخصصين للعلاج بالأشعة، وجناحاً للأشعة المقطعية . حوادث الطرق ويقول بيان وزير الصحة العماني، إن حوادث الطرق تشكل عاملاً رئيساً لتزايد أعداد "الإصابات والإعاقات والوفيات" بالسلطنة، بكل ما يعنيه ذلك من "حصاد مرير" مهما تعددت أسبابها، وإن وزارته أنشأت أقساماً للحوادث في جميع المستشفيات المرجعية على مستوى المحافظات وزودتها بالمعدات والقوى البشرية القادرة على مجابهة حالات الحوادث المرورية، كما عملت على تعزيز أقسام الجراحة المختلفة بالتخصصات الطبية اللازمة للتصدي لهذه الحالات، ورفدت مستشفى خولة - باعتباره الرئيسي للحوادث والطوارئ - بأقسام العظام وجراحة الأوعية الدموية والجراحة الترميمية وجراحة الأعصاب وتوفير كافة المعدات التشخيصية العلاجية المتقدمة، مشيراً إلى تصاعد متواصل لأعداد المصابين، حيث بلغ في العام قبل الماضي فقط أكثر من أحد عشر ألف مصاب، ويقترب بنهاية العام الماضي من اثني عشر ألفاً " . . ."، كما يتم تنويم ما يقارب 58% من إجمالي هذه الأعداد التي قد يحتاج بعضها إلى علاج لمدة طويلة بالمستشفيات، ومنها ما تنتهي ب"إعاقات دائمة"، كما بلغ عدد الوفيات ألفاً وأربعة وأربعين خلال العام قبل الماضي بمتوسط أربع عشرة وفاة لكل مئة حادث ما يمثل نسبة 13،6% من إجمالي الوفيات . وبالمقارنة مع المعدلات العالمية، بلغ معدل الوفيات المترتبة على حوادث الطرق 24،7 وفاة لكل مئة ألف من السكان في السلطنة، وهو ما يعد من بين أعلى المعدلات العالمية المقدرة بنحو تسع عشرة وفاة لكل مئة ألف من السكان، والذي يصل في البلدان الصناعية إلى اثنتي عشرة وفاة لكل مئة ألف بالرغم من الاستخدام المكثف للسيارات في تلك المجتمعات . إصابات الحوادث تقع نتيجة مجموعة من العوامل والمقدمات التي من ابرزها قصور الوعي المروري والحملات الإعلامية الموجهة، وعدم الالتزام بالقواعد واللوائح المرورية، والسرعة الزائدة، والقيادة بإهمال، وعدم استخدام حزام الأمان، واستخدام الهاتف المحمول أثناء القيادة . تحديات بالجملة ويحدد وزير الصحة العماني، د .أحمد بن محمد السعيدي، أحد عشر تحدياً تواجه مجالات الرعاية الصحية، تتمثل في الحاجة إلى إعادة تأهيل وترميم أو استبدال عدد من المستشفيات والمراكز القديمة في بعض المحافظات، بما يجعلها قادرة على تقديم خدماتها بشكل أفضل، ووجود عدد من الأجهزة الطبية المتقادمة التي يحتاج بعضها إلى صيانة والبعض الآخر إلى الاستبدال، بما يؤدي إلى الدقة في التشخيص، واستكمال الكوادر البشرية المؤهلة العاملة بالمؤسسات الصحية، والعمل على وجود لائحة وظيفية خاصة بالكوادر الطبية والطبية المساعدة والكوادر الداعمة لها، التي مازالت مرتبطة بنظام الخدمة المدنية، والاهتمام بالرعاية الصحية الأولية والتخصصية، والعمل على تعزيز التواصل بين الفئات الطبية والطبية المساعدة والمريض للتغلب على "امتعاض بعض المرضى" من أداء تلك الفئات واللجوء إلى سبل التعبير عن مشاعرهم، وكذلك توجههم إلى البحث عن طرق علاج أخرى "كالسفر إلى الخارج"، والزيادة في عدد الزيارات للخدمات الصحية التي بلغ عددها نحو ثلاثة عشر مليون زيارة سنويا بواقع 35،5 ألف زيارة يومياً، وعدم تناسب عدد غرف العمليات في المستشفيات المرجعية مع حالات الجراحة المطلوبة خاصة في ظل الزيادة السكانية وكثرة الحوادث والحالات المرضية، وحاجة المستشفيات الإقليمية بالمحافظات إلى المزيد من الكوادر المتخصصة من الفئات الطبية والطبية المساعدة لترقى إلى المستوى الثالث كمستشفيات مرجعية، ووجود شريحة كبيرة من العاملين في الفئات الطبية المساعدة من حملة الدبلوم العام - مخرجات المعاهد الصحية - بما لا ينسجم والمتطلبات العالمية، والسعي لوجود نظام وطني لاعتماد المؤسسات الصحية . ومن خلال الوقوف على تلك التحديات ورصد الاحتياجات وتحليلها بطرق علمية - حسبما يقول الوزير السعيدي - أمكن التوصل إلى جملة من القضايا التي تواجه القطاع الصحي بصفة عامة ووزارة الصحة بصفة خاصة، والتي تتمثل في أن نظام الرعاية الصحية يعمل في ظل التزام وطني ب"مجانية الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين"، وهو ما تقابله تكلفة عالية تتمثل في الطلب المتزايد على الخدمات الصحية وأحياناً "الاستخدام غير المبرر لها"، وعلى الرغم من ارتفاع حجم الإنفاق الحكومي على قطاع الصحة بالمقارنة بما كان عليه الوضع بداية سبعينات القرن الماضي إلا أن الطلب تزايد مع النمو السكاني المتسارع بنسبة سنوية 2،63% للمواطنين والمقيمين، ويترافق ذلك مع ارتفاع نسبة المسنين ووجود نسبة عالية من الأطفال أقل من خمس عشرة سنة تصل إلى نحو 35% من عدد السكان بكل احتياجات هاتين الفئتين الصحية الخاصة التي تفرض مزيداً من الاعباء على باقة الخدمات الصحية المقدمة للسكان، كما أن التنوع الكبير في الطبيعة الجغرافية واتساع رقعتها تشكل عبئاً مضافاً على الموارد الصحية، حيث الحاجة إلى توصيل الخدمات الأساسية إلى جميع السكان، خاصة أن 95% من التجمعات السكانية هي أقل من خمسمئة نسمة . ورابعاً- التغير الذي حدث في الخريطة الوبائية من خلال ظهور مجموعة من الأمراض غير المعدية - كالسكري وأمراض القلب والشرايين والسرطان وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة والسمنة المرتبطة بتغير نمط الحياة - والتي بدأت تتفشى بضراوة بدلاً من الأمراض المعدية، وهي تتميز بأنها "مزمنة وتتطلب نفقات كبيرة لاستمرار العلاج مدى الحياة في أغلب الأحوال"، ما يؤدي إلى تعاظم الإنفاق على الصحة . وخامساً- ارتفاع تكلفة تقديم الخدمات بسبب التطور المستمر في تكنولوجيا الرعاية الطبية من أجهزة ومعدات تستخدم لأغراض التشخيص أو العلاج، وكذلك ارتفاع أجور القوى العاملة الفنية وأسعار الدواء ومستلزمات التشخيص حيث تشير الدراسات إلى أن تبني تقنيات طبية حديثة يزيد من تكاليف الرعاية الصحية بنسبة تتراوح بين أربعين إلى ستين في المئة تزداد تلك التكلفة مع التوسع في استخدام نظم المعلومات والخدمات الصحية الإلكترونية . وسادساً- أن الشح العالمي للكوادر الطبية والطبية المساعدة المطلوبة لتوفير الخدمات الصحية في أي دولة من الدول أدى إلى التنافس الدولي وارتفاع تكاليفها وصعوبة استقطابها للعمل .