مواضيع ذات صلة سركيس نعوم يعتقد مسؤولون سابقون من بينهم زبيغنيو بريزنسكي ان "المسألة الايرانية"، وخصوصاً الملف النووي الايراني، سيكونان موضع بحث في الكونغرس الجديد ولاسيما عندما تبدأ اللجنة المختصة فيه الاستماع الى وزيري الدفاع والخارجية ورئيس وكالة الاستخبارات المركزية الذين عيّنهم اخيراً الرئيس المجدَّدة ولايته باراك اوباما تمهيداً لتثبيتهما اذا جاز التعبير على هذا النحو. وهم لا يستبعدون ان يوجّه عدد من اعضائه اسئلة تتعلق باحتمال تنفيذ ضربة عسكرية لايران سواء من اميركا او من اسرائيل، كما يرجّحون أن تتركّز المناقشة في النتيجة حول الدور الأميركي في هذا العالم المتزعزع باستمرار، وقبل ذلك حول الاستراتيجيا الضرورية لمواجهة عدم استقراره. طبعاً يعرف هؤلاء أن اوباما تجنّب، وبذكاء لافت، تقديم التزام بضرب ايران في وقت محدد. لكنهم يعتبرون ان مسألة الحرب أو السلام يجب ان تُبحث في عمق وجدية في الكونغرس وخارجه مع أخذ المصالح الحيوية والوطنية والاستراتيجية الاميركية في الاعتبار. ذلك أنه وفي غياب اي اتفاق متفاوض عليه مع ايران حول التزامها معاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية، قد تقوم جهات متطرفة اجنبية واميركية بالمطالبة الصارخة بعمل عسكري اميركي متعدّد او بالتعاون مع اسرائيل ضد ايران. انطلاقاً من ذلك يرى المسؤولون الأميركيون السابقون اياهم ان هناك خمس مضاعفات تنطوي على شيء من التورط لأي ضربة عسكرية أميركية لايران النووية، وان من مصلحة اميركا التدقيق فيها قبل اتخاذ القرار "الحربي" النهائي. وهي الآتية: 1- ما هي فاعلية الضربات العسكرية الاميركية للمنشآت النووية الايرانية، مع اخذ نتائجها وقدرة الشعب الايراني على احتمالها، في الاعتبار؟ 2- ماذا يمكن ان يكون الرد الايراني الانتقامي على الضربات الاميركية؟ وماذا يكون أثرها على المصالح الاميركية؟ وماذا تكون نتائجها او آثارها على الاستقرار الاقليمي؟ وماذا يكون تأثير زعزعة الاستقرار في المنطقة جراء الضربات العسكرية على الاقتصادات الأوروبية والآسيوية؟ 3- هل يمكن تبرير الضربات الأميركية لايران بكونها متوافقة مع القواعد الدولية؟ وهل يُحتمل أن يؤيد مجلس الأمن وخصوصاً العضوان الدائمان فيه روسيا والصين، الضربات المذكورة؟ 4- ما مدى جدّية الادّعاء أن ايران قد تهاجم اسرائيل بأسلحتها النووية في ظل امتلاك اسرائيل، على ما تعتبر غالبية دول العالم، نحو مئة قنبلة نووية؟ وهل يُعقَل أن تقوم ايران باعتداء كهذا بقنبلة واحدة، ومن دون ان تمتلك ما يمكّنها من الرد النووي على رد اسرائيل على ضربتها الاولى؟ علماً أن إمتلاك ايران ترسانة تمكّنها من خوض مغامرة حرب نووية كالمذكورة اعلاه يحتاج الى سنوات عدة مقبلة. 5- هل هناك التزام استراتيجي أميركي بديل غير متهور قادر على تحييد، أو بالأحرى إبطال، التهديد النووي الايراني المحتمل او الكامن لاسرائيل، باعتبار أن الضربات العسكرية الأميركية أو المشتركة مع اسرائيل ستكون اطلاقاً لحرب احادية في منطقة ملتهبة أساساً؟ ما هي فاعلية الضربة العسكرية الاميركية أو المشتركة للمنشآت النووية الايرانية؟ استناداً الى احسن التقديرات وأفضلها، يجيب المسؤولون الاميركيون السابقون أنفسهم، سيكون تأثير الضربة المحدودة موقتاً. طبعاً قد تكون الضربات المتلاحقة أكثر فاعلية، لكن عدد الضحايا البشرية قد يرتفع جراء ذلك. هذا فضلاً عن أن الضربات قد تُطلِق الاشعاعات النووية وفي ذلك مخاطرة جسيمة ومجازفة مروعة. وسيضاعف ذلك من غضب الأمة الايرانية، لا بل سيجعلها كلها تشعر بالحقد على أميركا والأميركيين ولمدة طويلة من الزمن. لكنه سيقوي النظام في الداخل الايراني في الوقت نفسه. اما ايران فانها وبضرباتها الانتقامية قد تجعل حياة القوات الاميركية صعبة وخصوصاً في افغانستان من خلال دعم حرب عصابات ضدها وتقديم الدعم لها على نحو دائم. كما انها قد تفجّر العراق من جديد. ومن شأن ذلك اشعال النار في المنطقة كلها وتأجيج الصراعات المنتشرة حالياً في سوريا ومنها الى لبنان والاردن. طبعاً تستطيع القوات الاميركية في المنطقة إبقاء مضيق هرمز "مفتوحاً"، لكن التأثير التصاعدي لذلك على نفقات تأمين شحن النفط او تدفّقه سيؤذي الاقتصاد في اوروبا وآسيا. وسوف ينصبّ اللوم على الولاياتالمتحدة. انطلاقاً من ذلك كله يمكن القول أن "نووية ايران" هي "كعب أخيلها" الثاني (أي نقطة ضعفها). لكن يمكن القول مع ذلك انها قد تكون ايضاً "كعب أخيل" المنطقة كلها واميركا فيها.