الجدل حول قضايا المرأة في السعودية أخذ أبعادًا وأحجامًا هائلة، وشغل الرأي العام، وأجج المجتمع عبر السنوات حتى قسمه بخصوصها بشكل هو أقرب للهستيريا منه إلى الطرح الطبيعي لأي قضية اجتماعية. يحظى قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز بتعيين 30 امرأة في مجلس الشورى السعودي ، اهتماماً كبيراً ونقاشاً جدياً بين كتّاب عرب على المستويين السعودي والدولي، لاسيما وأن النساء اللواتي سيمثلن المرأة السعودية في الشورى ، من النخب المتعلمة والمثقفة والأكاديمية . وإذ يشيد كتّاب ومثقفون بالقرار، باعتباره نقلة نوعية في الدور الذي ستلعبه المرأة في المجتمع ، فإن كتّاباً آخرين يرون فيه انصافاً للمرأة السعودية . فقد اعتبر تركي عبدالله السديري في مقال له في جريدة الرياض السعودية أن المرأة السعودية اصبحت "شاهداً على التقدم" ، منتقداً المفاهيم التي ترى أن "المرأة موكول إليها مهمات الطبخ ورضاعة الأطفال" ، مذكّرًا بأن "واقع تعليمها وقدراتها كحاملة لآلاف شهادات الدكتوراه العلمية والاقتصادية يجعل الأمر طبيعيًا حين تدخل عضوية مجلس الشورى، وليس بعدد أصابع اليد كما لو كان الأمر مسألة ترضية، وإنما بثلاثين سيدة مؤهلة علمياً وبكفاءة اجتماعية قد تفوق عدداً من الرجال". ويردف السديري: " نتجه نحو المستقبل بفكر موضوعي متعقّل تنطلق به براهين الواقع تفوّقاً نحو امتدادات المستقبل.. تكاثراً في الكفاءات وتحمّل المسؤوليات" . الجدير ذكره ، أن وسائل اعلام اعتبرت دخول العشرين في المئة من السيدات السعوديات لمجلس الشورى يؤشر تفوقًا سعوديًا على دول عريقة في التجربة الديمقراطية، حيث يعتبر أعلى تمثيل برلماني خليجي والسادس عربياً. ويؤشر الكاتب هاشم عبده هاشم في مقاله له في جريدة عكاظ السعودية على أن "حصول المرأة على عضوية المجلس ومشاركتها في نقاشاته وتداخلها في كل القضايا المطروحة عليه، لا يعني حصر هذا الحضور في التعبير فقط عن كل ما له صلة بها، وإنما في المشاركة الفعالة في كل ما له علاقة بالوطن والإنسان بشكل عام" . ويستطرد هاشم " لأن شؤون المرأة وتأسيس توجه للاهتمام بقضاياها مسألة ثانية وقابلة للبحث والتناول والمعالجة، فتلك مسألة أخرى يحسن أن نبدأ التفكير فيها بصورة مستقلة أو موازية لخطوات الدولة الموفقة لدمج المرأة في الشأن العام" . ويذكّر هاشم بالفوائد المترتبة على تزايد دور المرأة من الناحية الاقتصادية ، مدوّناً "سندرك مدى عظم هذه القيمة للدفع بأعداد كبيرة من النساء إلى سوق العمل والإنتاج والمشاركة" . ويطّرد في حديثه "حتى من الناحية الأخلاقية والاجتماعية فإن الفراغ في حياة المرأة أشد خطرًا من العمل المثمر والمفيد والشاغل عن أمور كثيرة ضارة ومدمرة" . ويتمنى هاشم في الوقت نفسه أن لا يُحرم ال 30 عضوًا جديدًا في مجلس الشورى من ممارسة أعمالهن ونشاطاتهن، ومشاركاتهن العلمية والاجتماعية الأخرى ، لأن كل واحدة منهن ذات باع طويل في النواحي البحثية أو الطبية أو التربوية أو الاجتماعية أو الثقافية أو الاقتصادية . ويصف حسين شبكشي في مقال له في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية بأن تعيين 30 امرأة في مجلس الشورى السعودي ، "قرار تاريخي " ، لافتًا النظر الى أن "الجدل حول قضايا المرأة في السعودية أخذ أبعادًا وأحجامًا هائلة، وشغل الرأي العام، وأجج المجتمع عبر السنوات حتى قسمه بخصوصها بشكل هو أقرب للهستيريا منه إلى الطرح الطبيعي لأي قضية اجتماعية". ويرى شبكشي في "إقحام الغطاء الديني في مسألة اجتماعية جعلها تأخذ بعدًا آخر، فالعالم الإسلامي من دون استثناء تعامل مع قضايا تعليم المرأة وقيادتها للسيارة ومشاركتها في مجال الوظيفة والعمل والمناصب الحكومية من وزيرة ومديرة وتبوّئها مقاعد في المجالس البلدية والبرلمانية سواء بالترشح أو بالانتخاب المباشر". وكتب أيضا "السعودية تخطو خطوة جبارة في طريق إقرار السوية الاجتماعية للمرأة وفصل التماس بين الموقف الديني والعادات الاجتماعية" . وبحسب شبكشي، فإن "القرار التاريخي المهم سيدخل في سجلات الإرث السعودي السياسي كواحدة من الخطوات المحورية التي نقلت الحال السياسي والاجتماعي في البلاد، مثله مثل تعليم البنات وإطلاق نظام الحكم المحلي وإطلاق مجلس الشورى نفسه".