النظام المصري السابق كان وظل يطرح بأن المعارضة إن أرادت الوصول للسلطة فالطريق هو صندوق الانتخابات.. واستمرار واستمراء التزوير لصندوق الانتخابات أفقده الثقة، وحين تخرج مظاهرات يمارس قمعها بكل وأقسى صنوف القمع. وإذا مثل ذلك لم يجد أو يحقق الهدف فمن السهل الدفع بعناصر ومجاميع موالية للنظام لتمارس العنف الذي تدان به المعارضة ويتم من خلاله المنع النهائي للمظاهرات. كان توقيع السادات لاتفاق السلام مع إسرائيل محطة فاصلة جعلت الإخوان والإسلاميين الطرف الفاعل في الواقع كمعارضة وبما سار فيه من عنف صفي السادات من خلاله. وفي آخر عقد لحكم مبارك كأنما بات المسيحيون الطرف الثاني الذي يقلق كمعارضة خاصة والأقباط شكلوا كتلا نشطة ومؤثرة في عواصم الغرب لم يقتصر تأثيرها على مظاهرات ظلت تلاحق مبارك في كل عاصمة يزورها ولكنها نجحت في بلورة مواقف سياسية غربية كان سقفها يقلق مبارك بتصعيده. ولهذا كما بات يطرح الآن، هو من كان وراء تفجير كنيسة على أن الإخوان هم من فعل ذلك لأن قمع المسيحيين بالإخوان هو الذي يخلق حسنات للنظام أو يجعل مستويات وسقف قمعه من الحسنات. في خطوة أخرى فالنظام بقدر ما لاحق الإخوان وأودعهم السجون فهو شجع بكل الأشكال غير المباشرة وفي حالات بالمباشرة المد السلفي إلى مصر وتم إنشاء أكبر مدرسة سلفية في الإسكندرية، والهدف إضعاف فكر وتأثير الإخوان بشكل أساسي وإذا وجود المدرسة في الإسكندرية يعطي إيحاءات أو دلالات أخرى فذلك أفضل تكتيكياً. أي نظام ديكتاتوري يأتي بعد الإطاحة بمبارك وإن من خلال الآلية الديمقراطية فهو لم يعد يستطيع الديكتاتورية بسقف أعلى مما يمارسه الإخوان. ماهو معطى للإزاحة بصدام حسين أو لتفعيل محطة 2011م فأي نظام لاحق أو بديل لا يستطيع الدفع به أو المقارنة لإثبات ديمقراطية لديه أو فيما يمارسه. بما للإخوان من شعبية واقعياً مقارنة بمبارك فهم لا يحتاجون تزويراً كما مبارك وإنما بالقدر الذي ينجح مرشحهم للرئاسة أو يجعلهم الأغلبية في البرلمان. فكون الإخوان يحتاجون لتزوير ربما اقل مما كان في عهد مبارك فذلك ليس الديمقراطية كما يحاول الإخوان تقديمها وعنوان "المطابع الأميرية" يقدم التزوير في الانتخابات الرئاسية فيما مورس التزوير الفج والواضح في الاستفتاء على الدستور. أي نظام جديد أو قادم يقدم مدى ديمقراطية أو عكسها بما في ذلك منهجية جديدة للتزوير من خلال محورين ومحوريتين لمباشرة الحقوق السياسية هو مدى الأخذ بالتوافق في العقد الاجتماعي "الدستور" وفي قانون الانتخابات وآليته وتوزيع الدوائر ونحو ذلك. إذا الطريقة التي أخرج ومرر بها الإخوان الدستور والتي يتعامل بها من قانون الانتخابات ثم مع تقسيم الدوائر وآلية تنفيذ القانون والإشراف يجسد التزوير الناعم والمسبق وثبوتيات إرادة التزوير الخشن، فإنه لا معنى للإطناب الإخواني عن ديمقراطية الصندوق واحترام إرادة الشعب. الإخوان و "مرسي" يمارسون التزوير الذي يريدونه كما كان مبارك يمارس مستوى التزوير الذي يريد وكلا منهما بعد ذلك يتعامل مع المعارضة بمنطق احترام إرادة الشعب التي زورت كصندوق. علينا التسليم بأنه مهما كانت انتخابات كاملة النزاهة والشفافية فأي طرف بات في الحكم ينتزع من تلقائية ذلك وتلقائية تفعيله ما يعتبر نسبة مؤثرة من الأصوات وفي إطار المتراكم في المنطقة وفي كل واقع، فإذا هذا الطرف النظام يمارس تفعيل قانون الانتخابات في أوجهه وآلياته ثم التفعيل الواقعي الإداري للإشراف على الانتخابات فذلك يكفي لإحباط القوى الاجتماعية أو المجتمعية وليس فقط القوى السياسية كأطراف ونخب معارضة. جبهة الإنقاذ المعارضة لم تستطع وبكل الوسائل جمع شعبية يعتد بها بالحد الأدنى لتفعيل احتجاجاتها، والإعلان الدستوري الديكتاتوري الباطل المنعدم للرئيس مرسي هو الذي استفز شعبه في مسيرات الاحتجاجات والمعارضة. الذي أوصل الشعبية إلى سقف عال هو الذكرى الثانية للثورة 2013م.. وأخطاء وخطايا الإخوان وذكرى الثورة وكشف الحساب هو الذي أخرج الشعب للشارع والساحات وليست جبهة الإنقاذ وإن كان الطبيعي تبني الدعوة للتظاهرات. الإخوان بقدر ما يحتاجون لمواجهة نزول الشارع الساخط والغاضب بعنف الداخلية الظاهر وعنف الميليشيات المستتر فهم يحتاجون لطرف يحملونه مسؤولية العنف كما جبهة الإنقاذ، كما أحرق النظام السابق كنيسة وحمل الإخوان المسؤولية. حزب النور السفلي وأحزاب الأسلمة المفرخة سارت في تحالف أقرب إلى الاستراتيجي أو المصيري مع الإخوان منذ الإطاحة ب"مبارك". ومع ذلك فحزب النور السلفي اضطر للتوافق مع جبهة الإنقاذ في رفض "أخونة" مصر الدولة ومن ثم الواقع الممارس. فالطرف الأكبر كحليف أسمة مع الإخوان لم يكن ليسير في هذا الموقف لولا أن ضرر أخونة الدولة في مصر طاله وبات يستهدفه، وهذا يكفي ليؤكد كذب وخداع وتزوير الإخوان كما يؤكد ذلك أن الإخوان يمارسون إعادة إخراج لنظام مبارك وإن بالموديل الإخواني، وتكييف ليناسب ما بعد محطة 2011م كشعارات وشكليات. جبهة الإنقاذ تضم أحزاباً تقاطعاتها وتناقضاتها فوق التقارب وليس فقط التوحيد، وفي تقديري أنه حتى لو سار الإخوان كنظام من محطتي الدستور وقانون الانتخابات إلى وضع كامل الشفافية والنزاهة فالإنقاذ لن تصل إلى الحكم كجبهة أو كأحزاب. الإخوان يستخدمون هذا السياق لإحباط الثوار والشباب حين وصم "ثورة مضادة" أو أن شعبية الإنقاذ هي 10% أو أقل. الإخوان بذلك يؤكدون مسلك الالتفاف والخداع لأن الصواب والأصوب من هذا الوضع الشعبي للمعارضة أن لا يمارس الإخوان والرئيس مرسي الخطايا المستفزة المقززة وأن يجعلوا من محطتي الدستور وقانون الانتخابات تطمينات وضمانات لانتخابات كاملة الشفافية والنزاهة!. منطق الإخوان أن المستوى الذي يحتاجون من نظام مبارك كقمع وحتى قتل وتصفيات ثم تزوير في الانتخابات هو الأمر الواقع الذي على الشعب وكل القوى السياسية المعارضة والحليفة القبول به كديمقراطية وحريات!!. والفرق عن نظام مبارك محسنات سقف فترتين رئاسيتين ومحسنات شكلية وخطابية. الديمقراطية هي التي لا تحاكم على القتل في عهد مرسي كما في عهد مبارك وخط الأخونة وليس "مرسي" هو المحصن!.