الدجل هو الأسلوب الذي يجيده أشتات الإمامة الوصائية للوصول إلى مبتغاهم في الحكم، يحدثنا التاريخ عن وقائع وأحداث جرت في مناطق من اليمن حول هذه الظاهرة. من هؤلاء الدجالين من أصاب هدفه، ومنهم من خسر وانكفأ، ومنهم من تصدى له منافسون أقوى.. عادة – ما كان – يجد هؤلاء الدجالون البيئة التي تحتضن وتساند، وبعض من الأتباع عن إيمان وعقيدة بفكرة الدجال يذهبون معه وآخرون منهم عن مصلحة مادية يتبعون الدجال ويناصرونه. يتغير الزمن أم لا يتغير، لا فرق عند الدجالين.. إنهم مسكونون في الماضي الذي لا يعود.. هذه حقيقة الحوثية الفكرة والحركة. تغير الزمن.. نعم لكن "الحوثية" في خروجها المتمرد تحاول إعادة إنتاج ما في قبور التاريخ. يستوقفنا هنا أحد هؤلاء الدجالين.. سجلت كتب التاريخ ما ارتكبه من حماقات وجرائم، وما أحدث من فتنة ذهب ضحيتها نحو 20 ألفاً.. ما ننقله هنا عن الدجال المحطوري الذي ظهر قبل نحو 300 سنة ونيف جدير بالتأمل خاصة إذا ما قارنا ذلك بالدجال الحوثي اليوم.. مع الأخذ بفارق الزمن. فقد جاء في "الموسوعة اليمنية" في الجزء الأول من طبعتها الأولى ما يلي: إبراهيم علي المحطوري إبراهيم بن علي بن حسن بن يحيى، الشرفي، نسبة إلى بلاد الشرف الأسفل، الحسني القاسمي، المعروف بالمحطوري، نسبة إلى قرية المحطور بالشرف، المدومي، نسبة إلى جبل مدوم من بلاد حجور الصقع. من شخصيات اليمن الغريبة في القرن الثاني عشر الهجري. كان في أول أمره متصوفاً، معتزلاً عن الناس، ثم صار مجذوبا يتتبع أسلوب المجاذيب فيتعبه الناس، ويقودهم من قرية إلى قرية يعيثون ويغرمون القوم، ثم طمع بالولاية، وتاقت نفسه إلى الملك، وأخذ يستعين على ذلك بالتمائم، والرقي، والطلاسم، وسائر أسباب الشعوذة، واتصل برجل اسمه محمد بن علي السودي كان من كبار المشعوذين والمطلسمين في عصره، فطلب أن يعمل له "الوفق"، فأمهله إلى ما بعد السنة 1112ه/1700م، وعندئذ ينبسط ملكه على البلاد أربعين سنة، إلا أن المحطوري كان معجلا في طموحه، فاضطره إلى الإسراع، فعمل له السويد الأرصاد على السلاح، والرصاص وجذب القلوب. فكان يكتب الأوفاق والطلاسم ويذيبها في ماء يسقيه الأبقار والثيران ويأمر بذبحها للناس، فإذا أكلوها حصل لهم الخوف، وخفقت القلوب رعباً، وازدادت للشيخ حبا. وعلى هذا قام المحطوري سنة 1111ه،/1699م يدعو لنفسه بالخلافة قائلاً: إنه منصور المهدي المنتظر، وحرم التتن "التمباك" وكسر آلاته "المدائع"، وأخذ يغير على البلاد، فيقتل وينهب، حتى كاد يضخم أمره. فحوصر في حصن مدوم. وتقدم إليه المتوكل على الله القاسم بن الحسين، فباشر قتاله بنفسه، فهرب المحطوي من الحصن، توجه جهة الشام، فأسره أمير صعدة وهو في طريقه وذبحه أمام الحجاج في صعدة ثم صلبه. وقد ذكر المؤرخ الحوثي صاحب "نفحات العنبر" أن فتنته عظيمة لم تقم في اليمن فتنة أشد منها على قصر أيامها، وبلغ القتلى بها عشرين ألفاً. كما أشار إلى فتنته المؤرخ عبدالله بن علي الوزير في كتابه "طبق الحلوى وصحائف المن والسلوى" وأرخ قيامه في رجب سنة 1111ه/ 1700م بقوله: في رجب داع دعا إلى فساد وتلف يابئس ما قدمه من القبيح واقترف في فتكه بالعلما وكل من له شرف ووصفه قد جاء في تاريخه شرف الشرف مراجع: الحوثي: نفحات العنبر (خ)، ابن الوزير: طبق الحلوى: 382، الشوكاني: البدر الطالع: 2/99، زبارة: نشر العرف: 1/40.