رفع "الحوثية" شعار "الموت لأمريكا.." لا يستحق ادراجها في قائمة الإرهاب كون الممارس حوثياً هو الموت لليمنيين ولليمن كوطن، ولم يستهدف القتل أميركا أو أميركيا، فيما تنظيم "القاعدة" الذي وصل مده إلى مد أقصى في أحداث سبتمبر 2001م هو اول من ادرج في قائمة "الإرهاب". اليمن التي جاءت الحرب الدولية ضد الإرهاب ونضوج وعي ذلك دولياً واقليمياً، فدخلت هذا التحالف تواجه وتحارب الإرهاب بفهم واقعها وبوقائعه في هذا الواقع، أكان حوثية "وتطرفاً شيعياً" أو قاعدية بتطرف آخر في التأصيل. عندما يمارس الإرهاب في واقع اليمن فأميركا عليها فهمه كما يمارس ويفهم في واقع اليمن، ولا تحتاج اليمن لفهم أو تفهيم أميركي في شأنه. وإذا لم تشأ فهمه كذلك فذلك من حقها واليمن ليس شرطاً لها ولا تحتاج بالضرورة ادراج الحوثية في قائمة "الإرهاب"، ولكنها ستواجهه كما تواجهها ارهاب "القاعدة" أو أي تأصيل أو وجوه للارهاب. الواضح في هذا الاتجاه تفاعل ودعم أميركا لمواجهة الإرهاب "القاعدي" ولكنها لا تستطيع الاشتراط على اليمن في تحديد الإرهاب الذي تواجهه، واليمن لا تقبل اشتراطات من متراكم وعيها وافعالها الواعية في السياسة الخارجية وفي التعامل مع السياسة الدولية والصراعات الدولية. إذا الأثقال الاقليمية والعالمية بعد عقد تفجيرات واختطافات السياح- استهدافاً للنظام- بدأوا التسليم والاقرار بما فرضه التخلف والصراعات الاقليمية والدولية من ارهاب في واقع اليمن، فإنه يفترض ان يعرفوا بأن النظام في اليمن كان وخلال ثلاثة عقود مضت في حرب انفرادية غير معلنة وبأساليب تتنوع وتختلف ضد الإرهاب، وأنه لولا ذلك لكان الإرهاب في اليمن شيئاً آخر وشأناً آخر في جبروته وقدراته وفي قواه وأذرعه. فهذه الحرب المعلنة ضد الإرهاب هي امتداد للحرب غير المعلنة التي سار فيها النظام، وبالتالي فالحرب غير المعلنة هي ارضية فهم ومفهوم اليمن للارهاب، وهي ارضية النجاح لمواجهة الإرهاب. في إطار تضارب مفاهيم أو تقاطع وتلاقي مصالح فأميركا تقر بوصف الحوثية "تمرداً"، فيما النظام في إيران لا يقر بذلك ولا يقرأ المسألة كذلك، فالتقارب الإيراني – الأميركي في هذا الشأن هو أوضح أو اكبر من التقاطع. إذا النظام الإيراني يعتبر الحوثية "شيعة تطرف" من التابعين لحوزة "قم" فهو مد للحوثية الحماية من وضعه في لعبة الصراعات الدولية بما يجعل أميركا تمارس موقف وصف "التمرد" وليس تنصيص الإرهاب من مشترك لعبة الصراع الدولية مع النظام الإيراني وملالي "قم". ولذلك فالنظام الإيراني حين يتعامل مع اليمن بصيغة وتوجيه الأمر "على اليمن ألا تستهدف الشيعة في اليمن" فإن ذلك ليس من واقع استحقاق لقوته وانما من واقع استحقاقه في لعبة الصراع الدولية. أية لعبة لصراعات دولية ارضيتها توافق طرفي أو إطراف صراع بأقوى من أي اتفاق، كما كانت لعبة الصراع في ظل الحرب الباردة بين الشرق والغرب "السوفيت- امريكا"، ولهذا فالحوثي وايران يتوافقان في طرح التدخل السعودي ولكن بعدائية أكثر في طرح الخطاب الإيراني، وايران أصالة عن نفسها ونيابة عن الحوثية تقول أن أميركا هي العقل المدبر. الحوثي لا يستطيع مثل هذا القول لأن في ذلك إدانة لذاته كلعبة مستخدمة من أميركا أو إيران أو لعبة الصراع الدولي. إذا ما يجري في صعدة يتصل بلعبة فالحوثي رأس الحربة لهذه اللعبة، أما لعبة الصراع الدولي باسقاطها على صعدة فلا يمكن ان يكون رأس الحربة لها أي طرف غير إيران، وكل الوقائع والقرائن تؤكد ذلك. النظام الإيراني لا زال يتعامل ليس فقط مع الأضعف من الانظمة والبلدان بتعال واستكبار ولكنه يتعامل مع الوعي العام في المنطقة من فوقية تمارس تلقينا أو إملاءً أو اسقاطاً دون ادراك لاستدراك ما في ذلك من سقوط. فالنظام الإيراني اعتاد حين استخدام شعارات وشفرات من عيار "أميركا العقل المدبر" ان يفزع أي نظام لأن ذلك يكفي ليهيج أو لتهييج الناس معه، كونه من يواجه أميركا ويتوعد باقتلاع اسرائيل. لقد تغير كثيراً فهم وتفكير ووعي الناس وقد تابعوا مشاهد العراق منذ غزوه ومنع إيران لشيعة جنوبالعراق من ممارسة أفعال مقاومة أو اطلاق رصاصة على المحتل من أجل الوصول إلى مشترك للحكم والنظام في العراق، أطرافه الأكراد وأميركا والنظام الإيراني أكثر من أي مسميات أو غربلات وببلورات من واقع العراق. فحين يطلق النظام الإيراني عبارة "اميركا العقل المدبر" فالناس يربطون ذلك بلعبة الصراع الدولي ورأس الحربة الداخلي والخارجي وهما الحوثي والنظام الإيراني، وبالتالي فإن مصداقية النظام الإيراني بدأت السقوط في حالة ووضع العراق فانها ستسقط أكثر والى أبعد مما يتوقع في اليمن. فاليمن النظام لا تسقطه شعارات داخلية أو خارجية.. واليمن الشعب ارتفع مستوى وسقف وعيه إلى حالة من استعصاء استخدامه كأداة لشعارات، واذا كان النظام الإيراني لم يقرأ كتابا لسياسي يمني معروف عبدالرحمن البيضاني "سوق الشعارات في اليمن" فإن تصدير الشعارات لليمن بات كمن يريد بيع الماء في حارة "السقايين". الشعب اليمني الذي دخل الاسلام بمجرد رسالة من رسول البشرية وخاتم الأنبياء والمرسلين دوره معروف كدور أساسي وصميمي في فترات المد وأوج الحضارة إسلامياً، وكلها أدوار مباشرة باحثة عن الافضلية والاستقرار حتى حين يخطئ الاجتهاد، وبالتالي فأدوار اليمنيين ليس فيها "برمكة وبرامكة" ولا أطماعاً وصراعاً على الحكم. وبعد الانهيار العثماني جربت حكم الأئمة الذي يستمد المشروعية من تطرف تفصيل المعتقد أو الحق الإلهي، وهي بالتالي تجاوزت هذا الفكر والتفكير وهذه الحاجية للمشروعية. ما فرضته الإمامة من تخلف والاستعمار من تشطير أضعف واقع أي نظام لمدى بعيد نسبياً، وأتاح للصراعات الخارجية الحضور في واقع اليمن بما في ذلك إيران، وبواقعية ووعي التطور وصلت اليمن إلى مواجهة عنف أي صراعات في واقعها، فيما طورت قناعاتها ووعيها بالسماح لأي فكر أو اتجاه التواجد والحضور والتأثير سياسياً وفي الحياة السياسية، طالما يلتزم بعدم ممارسة تطرف في الأفعال والعنف. اليمن المسلم في واقعه مذهبان كثقل" زيدي- شافعي" دون أي تضييق على مذاهب أخرى موجودة وتمارس. إذا كانت أميركا قبل أو بعد اعلان الحرب على الإرهاب سارت في الحاق مذاهب بأخرى من محورية ثراء وثروة "السعودية – وايران" فاليمن رفضت وترفض هذا التصنيف والتوصيف واقعياً بأي مشترك لفترة صراع أو مشترك لعبة صراع مع أميركا أو غيرها. بالقاء نظرة على العالم الاسلامي فإنه لا يوجد مذهب حافظ على استقلاليته في ظل ضعف واقعه ومد الثروة والثراء مذهبياً كما المذهبان "الزيدي والشافعي" في اليمن. أميركا في تقييمها ووثائق سرية لفهمها للارهاب تتحدث في تأصيل تطرفه إلى ثقلين "السنة- الشيعة"، وهذا المسمى كثنائية مثل -أساساً- خياراً سياسياً للصراع، فيها استجابات لتفعيل الصراع في واقع الاسلام ولاستهداف الاسلام من خلال هذا الصراع. النظام الإمامي الذي قمع الواقع في كل وجهة ووجه لم يفرض مذهباً واحداً –ربما بادراك عدم الاستطاعة- وكل التطورات في استثنائية ايجابيا صاغت التنوع أو كان مسارها لصالح تعدد وتنوع مذهبي سلمي ومتحضر مثل تحصينا لليمن من جمهرة الصراعات الحادة مذهبياً. ولهذا نجد الآن التفعيل والممارسة لارهاب "القاعدة" أو "الحوثية" فكلاهما ارهاب منعزل ومعزول قاعدياً شعبيا نتيجة حصانة التنوع الواعي وتطور الوعي. فالحصانة لم تعد قمع النظام أو قدرات تخويفه وانما قناعات ووعي الناس، فالنظام لا يهتم ولا يكترث بمن يمارس تبشيراً مذهبياً في واقع اليمن حتى وان وصل اتجاه إلى السيطرة على التربية والتعليم أو استخدم اتجاه آخر اهم جوامع اليمن "الجامع الكبير بصنعاء" وذلك من ثقة تحصين المذاهب فوق تبشير أي أطراف وأي تطرف. الذي لم يعه النظام في إيران وهو يسير في استسهال تدخل في اليمن هو كذلك سهل، هو صعوبة التأثير على أو في واقع اليمن كفكر تطرف أو تفكير متطرف من تأصيل يصبح أدلجة كمعتقد أو أدلجات أخرى. واقع الصراعات في اليمن والحضور للصراعات الخارجية والعاب الصراعات الدولية، يجعل اليمن لا تفاجأ بمتغيرات ولا تجعلها مقيدة أو مكبلة، وكون النظام لم يرتبط بمذهب أو يستمد مشروعيته منه، فإنه يظل اقدر على حركة ذات اتزان ووعي للتعامل مع تطورات في واقع اليمن أو تطور للصراعات الخارجية. بقدر تقاطع النظام الإيراني مع أميركا في الصراع فهو في لعبة الصراع الاكثر توافقاً، بل له امتيازات خاصة لا تمنح لغيره في العاب الصراع كما حالة صعدة، ومع ذلك قد تمارس العاب في أوطان ولكن ذلك لا يعني ان اوطاناً باتت ألعاباً!.