واصلت العقود الآجلة للنفط تراجعها خلال تعاملات اليوم الخميس، مع زيادة التوقعات بأن أوبك لن تتخذ قراراً بخفض الإنتاج بينما سوف يتباطأ الطلب على النفط بأعلى وتيرة له منذ عام 2009. وبحسب "رويترز" فقد هبط مزيج برنت في تعاملات أكثر من دولار إلى 82.72 دولار للبرميل، مسجلا أدنى مستوى منذ عام 2010. كما هبط الخام الأميركي الخفيف في المعاملات الآجلة إلى أقل من 80 دولارا للبرميل، مسجلا أدنى مستوياته منذ يونيو/حزيران 2012 ليصل إلى 79.78 دولار للبرميل مع تأثر الأسعار بتخمة الإمدادات العالمية وتباطؤ نمو الطلب. ونزلت أسعار الخام الأميركي عن مستوى 107.73 دولار للبرميل الذي بلغته في يونيو من هذا العام. الهبوط المتواصل للنفط يأتي بفعل مخاوف من ضعف الطلب بعد أن أظهر تقرير لمعهد البترول الأميركي زيادة أكبر بكثير من المتوقع في مخزونات الخام التجارية في الولاياتالمتحدة الأسبوع الماضي. وفي الوقت الذي يسير فيه السوق نحو الانحدار بدأت دول منتجة بتخفيض الأسعار في محاولة لتعزيز سيطرتها على حصصها في آسيا. إلى ذلك أكد كامل الحرمي في اتصال مع "العربية نت" بأن التخفيضات التي أعلنتها دول مثل الكويت تبقى محدودة فمهما كان إغراء الأسعار، فالكويت تحتفظ بنوع واحد من النفط وليست لديها سلة منوعة من النفوط المنافسة، ويبقى التسابق على البيع يدور في ملعب المصالح المتبادلة، واستبعد الحرمي نشوء حرب أسعار بالمعنى الحقيقي، خصوصا وأن المنافسين أقوياء في هذا المجال. دول الخليج لن تدخل حرب أسعار وفي ظل هذا المعنى النفطي باستبعاد حرب الأسعار يؤكد المحلل في شؤون النفط وائل مهدي ل"العربية نت" أتصور أن الدول المنتجة وعلى رأسها السعودية، لن تدخل في حرب الأسعار، فلقد مرت بنفس الأمر في الثمانينات وانتهي الموضوع بنهاية بشعة على الجميع، وما نراه اليوم هو أقرب للتنافس الشديد، منه لحرب الأسعار والتي ليست من مصلحة أحد، ومن الناحية السياسية، فهي ستسبب، توترا في علاقات "أوبك" بالولاياتالمتحدةالأمريكية، والتي لا تريد أن تهوي الأسعار، بصورة تؤثر على صناعتها النفطية واقتصادها. إلى ذلك تشير وكالة الطاقة الى أن المعهد الأمريكي في تقريره الأسبوعي، ذكر أن مخزونات النفط الخام قفزت بواقع 10.2 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في العاشر من أكتوبر، لتصل إلى 370.70 مليون برميل، في حين كانت التوقعات تشير إلى زيادة قدرها 2.8 مليون برميل. وهبط سعر عقود الخام الأميركي الخفيف تسليم نوفمبر 1.22 دولار أو ما يعادل 1.40% إلى 80.56 دولار للبرميل. وكانت عقود النفط الأميركي قد أنهت جلسة أمس منخفضة 6 سنتات فقط عند 81.78 دولار. وعزز تراجع السوق توقعات وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري بأن الطلب العالمي على النفط سوف يرتفع بواقع 650 ألف برميل هذا العام، مما يقل بنحو 250 ألف برميل عن توقعاتها السابقة ومع استمرار ارتفاع مخاوف تباطؤ الاقتصاد العالمي، فمن الممكن أن نشهد المزيد من الانخفاضات ومع عدم وجود أي نية للتدخل من قبل المنتجين فمن الممكن أن نشهد استمرارية الانخفاضات خلال الأيام والأسابيع المقبلة. إلى ذلك قدرت صحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية في تقرير لها أن منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" ستفقد 200 مليار دولار أي 20% من إيراداتها البالغة مؤخرا تريليون دولار في العام، إذا تراجعت أسعار النفط الخام إلى 80 دولارا للبرميل. في وقت هبط سعر خام برنت إلى أدنى مستوياته في 47 شهرا اليوم ليتراجع دون 84 دولارا للبرميل. في هذا الشأن يؤكد المدير التنفيذي لشركة شرق للاستشارات البترولية عبدالسميع بهبهاني في اتصال مع "العربية نت" أن دول الخليج المنتجة لن تتأثر كثيرا بانخفاض الأسعار، حيث إن بعض ميزانيات هذه الدول بنيت على دخل يعادل 80 دولارا، للميزانية، وما زاد فهو فائض، بينما الدول التي ستتأثر بشكل مباشر هي روسيا، والعراق، وإيران، وفنزويلا. وقال إن مبيعات الشهور الأربعة ، من أبريل حتى أكتوبر كانت في حدود ال 100 دولار، وبالتالي فإن انخفاض الأسعار لن يصيبها بشكل مباشر. وقال إن أسوأ سيناريو تصل إليه الأسعار هو ما دون 80 دولارا، ومع ذلك فإن هذا المعدل السعري لن يسبب انهيارا اقتصاديا في دول الخليج. من جانبها تقول صحيفة "الفايننشال تايمز" في تحليلها إن انخفاض أسعار النفط إلى 80 دولارا للبرميل، سيؤثر على قدرة الدول الأعضاء في أوبك لكسب ما يكفي لتغطية الميزانيات الكبيرة بعد أحداث "الربيع العربي"، وقدرتها على خدمة ديونها دون التخلف عن السداد. يشار الى أن أوبك تنتج نحو ثلث الاحتياج العالمي من النفط، وتأسست في سبتمبر عام 1960 في بغداد، باتفاقية وقعها العراقوإيرانوالكويت والسعودية وفنزويلا، ثم انضمت بقية الدول الأعضاء تباعا. وتضم أوبك حاليا العراق، وإيران، والسعودية، والإمارات، وأنجولا، والكويت، وقطر، وفنزويلا، والإكوادور، وليبيا، والجزائر، ونيجريا. ويشير محللون في شؤون النفط في حديث للعربية نت بأن استمرار انخفاض الأسعار قد يجبر الولاياتالمتحدة، خفض النفقات الرأسمالية لزيادة الانتاج، مما يحتمل أن تؤدي إلى تباطؤ ثورة الغاز الصخري بها. يشار الى أن إنتاج الولاياتالمتحدة، من الغاز الصخري ارتفاع من تريليوني قدم مكعب في عام 2008، إلى أكثر من 8 تريليونات قدم مكعب في عام 2012، ما يمثل أكثر من ثلث إجمالي إنتاج الغاز الطبيعي المحلي، ما يجعلها تقترب من الاكتفاء الذاتي، ويمكن أن يحولها إلى دولة مصدرة للغاز في المستقبل القريب. ويتوقع المحللون أن ينمو معدل إنتاج الغاز الصخري، بالولاياتالمتحدة إلى 14 تريليون قدم مكعب بحلول عام 2030، وهو ما يمثل نحو نصف إنتاجها من الغاز الطبيعي. إلى ذلك فإنه من المقرر عقد اجتماع أوبك في فيينا في 27 نوفمبر المقبل لدراسة ما إذا كانت ستعدل حجم الإنتاج الذي تستهدفه، وهو 30 مليون برميل يوميا بحلول أول 2015، بينما يحث بعض أعضاء المنظمة على إجراء تخفيضات عاجلة في الإنتاج لرفع أسعار النفط العالمية مرة أخرى فوق 100 دولار للبرميل. وأشار تحليل "الفايينشال تايمز" إلى أن انخفاض خام برنت الى 80 دولارا للبرميل سيؤثر على برنامج التيسير الكمي العالمي الضخم، وذكر التحليل الذي كتبه إد مورس هو الرئيس العالمي لأبحاث السلع في سيتي جروب، أن انخفاض الأسعار الحالية يخلق بسرعة الفائزين والخاسرين، موضحا أن الخاسرين يضمون الدول المنتجة. وقال التحليل الذي نشرته الصحيفة البريطانية، إن أسعار النفط تراجعت في الآونة الأخيرة لعدة أسباب، فبعض الانخفاض يعزى إلى معنويات السوق، وبعضها إلى أساسيات السوق، وإلى حد كبير، المشهد الجيوسياسي. وبلغ متوسط سعر خام برنت حوالي 110 دولارا للبرميل بعدما أدى تعطل الإمدادات من ليبيا إلى غياب نحو مليون برميل من الأسواق، وعلى الرغم من زيادة إنتاج السعودية في عام 2011، فإن سعر 110 دولارات لخام برنت، أعلى بنحو 25 دولارا للبرميل للأسعار المتداولة قبل انقطاع النفط الليبي. من جهة أخرى يؤكد المختصون أن المخاطر السياسية في المنطقة قد تتصاعد في القريب مع استمرار الاضطرابات في العراق، وسوريا، وليبيا، ومن شأن عدم التوصل لاتفاق نووي مع إيران، أن يؤدي إلى مزيد عدم الاستقرار في الأسواق.