الحصاد هو آخر العمليات الزراعية للمحصول الواحد.. وله أسماء متعددة حسب مختلف المناطق، فهو "الجني" وهو "الصرب" وهو "القلاَّمة" بالنسبة للذرة، وهو "الحجوح" كما يقال له أيضاً "الحش". وترافق أعمال الحصاد في بلادنا العديد من الأهازيج والأغاني الشعبية المتوارثة منذ القدم.. تكون فرحة المزارع عظيمة وهو يرى الحقول تكسوها النباتات التي زرعها، ونتاج عمله لم يذهب سدى، فيغني المزارعون أغنية الفرح ويرددون عادة أغنية الخير الدائم بتفاؤل وبشاشة فيقولون: يا دايم الخير دائم على الجبال والتهايم شنت عليها الغمايم بالجود رايح وغادي اليوم دايم وفي تعز يستبشرون خيراً كثيراً فيرددون أغاني الفرح هذه ويحثون على "الصرب" أي حصاد الثمار فيقولون: اليوم والله اليوم دايم قا صربوا الدخن والذرة قايم الخير علاَّن فالموسم خير، والعلاَّن -أي بداية المحصول الزراعي- يبشر صارخاً بقرب الجني والحصاد، ويعلن قدومه بالأهازيج المرحة والأغاني الجميلة والمهاجل المختلفة التي تستمر منذ الصباح حتى ما بعد العشاء. التسامح يترنم الجميع بتلك المهاجل والأغاني الجميلة بمن فيهم شباب القرى وشيوخها معبرين عن الفرحة والبهجة بقدوم الخير، ومن يحمل ضغينة لآخر يتناساها في تلك اللحظات البهيجة، وهم يتهيأون لمراحل الحصاد وجمع الجهيش الأخضر والسمر حوله. يا فرحتي بالرعية وتسمعهم يغنون أغنية الرعية مع شاعرهم الشعبي الغنائي محمد بن محمد الذهباني فيقولون: يا فرحتي بالرعية أهل القلوب الرضية لهم أراضي غنية فيها الزراعة قوية الخير واسع ودائم لأهل الجبال والتهايم يا سعد من جا يساهم في الجمعيات الهنية شمس الشروق في سماهم وأنوارها في رباهم يا ليت من هو معاهم طول النهار والعشية من صبر إلى مكيراس ويظل المزارعون ينتقلون صيفاً إلى الجبال الخضراء كصبر، ومكيراس، والضالع للحصاد، ثم شتاءً إلى السهول والوديان، وهم يغنون في كل زمان ولكل مناسبة مثلما يحصدون أو يقلمون الذرة في الوديان، فيترنمون قائلين: القالمي يقلم واقلمه والنصر قدامه واقلمه والاخضر جازع واقلمه منشر أكمامه واقلمه قلّه دلا يا زين واقلمه وامغصين القامه واقلمه ان طاب له حمام واقلمه وإلا ثنينا له واقلمه ونطلعه صنعاء واقلمه ونحلي أقدامه واقلمه الحصاد في حضرموت وكذلك يفعلون في جني القطن في محافظتي أبين ولحج أو جني الموز في أبين ووادي حجر، ويترنم المزارعون بكثير من الأشعار الغنائية عند قيامهم بالصراب أي الحصادة، ففي حضرموت يرددون في الصباح الباكر: يا فاتح اليوم بابه العرش مفتوح بابه اليوم يوم السرور تشرق علينا بنور حكموا على الشمس لا تشرق تظلي غيام ما طالب إلا طلابك حصاد البن وفي أخرى يرددون بنشوة وفرح فيقولون: يا ريت داري قريب مبني بشق داركم با جيب قهوة حشيمة لي هي على بالكم نسمع فناجين قهوة قهوة ومنحازهم حصاد العنب وفي حصاد العنب في صنعاء والمناطق المجاورة لها يردد المزارعون مع شاعرهم الشعبي محمد الذهباني قائلين: يا جانيات العناقيد طاب العنب طاب يا غيد والله لا سامر الغيد لو ما تغيب المضيه شم الزهور الزكيه على سفح صنعاء الأبيه وفي حقول الرعيه حيث البدور المضيه يا قمريه في جبا الدار محبوب قلبي صلين سار قالت نزل يجني أثمار من الرياض النديه ما احلا الطيور النزيله فوق الغصون الطويله وكل حسنا جميله تجني فواكه طريه