يستمد يوم ال7 من يوليو 94م عظمته من كونه أعاد لمجد 22 مايو مهابته وصان حماه.. وحفظ له اعتباره. ذلك ان الوحدة اليمنية التي اشرقت في مطلع التسعينات مثلت أحد أعظم انجازات الأمة.. وكان من البديهي أن يقف الشعب بكل مكوناته وفئاته وشرائحه إلى جوار القيادة السياسية في الذود عن الوحدة والانتصار لها، وهي تتعرض لخطر محدق يديره بعض العابثين وعشاق الذاتية.. إن الذين يتحدثون عن مشروع انفصال عقب الأزمة السياسية التي صعدت إلى السطح عام 92م وتراكمت تداعياتها حتى وصلت إلى الحرب عام 94م تحت أكثر من مسمى، منها حرب الردة والانفصال ومنها حرب صيف 94م وغيرها ليسوا أكثر من انصاف ساسة وهواة تجميع للمفردات.. ذلك ان ما حدث من تطورات سياسية وائتزام قاد إلى اشعال الحرب لم يكن في الواقع سوى محاولة من أعداء اليمن في الخارج، الذين قتلتهم الوحدة اليمنية وفجرت في رؤوسهم حالة من الحقد والاهتياج على هذه الأمة فحاولوا مبكرين السعي للثأر من هذا المنجز والانتصار لمعنوياتهم، التي تكسرت أمام عظمة هذا الحدث العظيم.. فحاولوا إيجاد أدوات في الداخل يصفون خلافهم مع اليمن من خلالهم، ويثأرون من بلد توحد في حين كان العالم يمر بحالة من التمزق والشتات. إن الذين ذابوا في حقدهم على هذا المنجز اليمني العظيم دفعوا بكل قواهم للاجهاض عليه ووأده.. ونحن نعلم الآن كم من قوى خارجية وقفت ضد وحدة اليمن وسعت لافشالها، هذه القوى هي التي غذت الفتنة ومدت اصحابها بالقوة المادية والمعنوية بهدف اسقاط هذا المنجز العظيم. ولهذا فان الانتصار العظيم للوحدة في السابع من يوليو 94م كان بمثابة الهزيمة النكراء لهؤلاء الأعداء قبل ان يكون فشلاً لأدواته في الداخل. إن العالم العربي دخل بوابة الوحدة والتوحد منذ الستينات غير ان ما تحقق على صعيد الواقع لم يكن سوى حدثين، الأول هو وحدة الامارات العربية المتحدة والثاني هو الوحدة اليمنية.. ولا يذكر التاريخ السياسي العربي فعلاً وحدوياً حقيقياً سوى المجد الاماراتي والمجد اليمني. ان أولئك الذين يتحدثون عن معركة طرفاها المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني مع ملحقاتهما يرتكبون خطأً فادحاً، لأن المعركة دارت في الواقع بين وطن وبين مجموعة تمرد انفصالية كانوا أدوات لقوى معادية في الخارج وحين تحقق النصر المؤزر كان المهزوم أكثر من طرف وأوسع من حزب وأكبر من محيط عربي واقليمي.. وكما يحسب للرئيس علي عبدالله صالح مفخرة القرار في 22 مايو 90م يحسب له مفخرة دحر الأعداء عام 94م وما اكثرهم. وحين نحتفي بيوم ال7 من يوليو لا نستحضر مجرد انتصار عسكري دحر فلول الردة والانفصال، بل هو انتصار سياسي انهزمت أمامه اطراف عدة، ولهذا فان الشعار الذي رفع إبان الحرب وهو "الوحدة أو الموت" ينبغي ان يبقى ثابتاً في التاريخ السياسي اليمني، طالما بقي الوطن وطالما بقي الزمن قائماً في المحيط الكوني. ما نتمناه وندعو للاهتمام به هو الحرص الشديد على تكريم كل من ضحى في هذا الحدث وكل من قدم شيئا غالياً لحماية الوحدة والذود عنها، فهؤلاء نتفق معهم أو لا نتفق ينبغي ان يكونوا في صدارة من يكرمهم الوطن. إن أبشع ما تقدم عليه الأنظمة السياسية في الوطن العربي والعالم الثالث هو تجاهل الرموز النضالية والوطنية، الذين ضحوا بحياتهم أو بأجزاء من أجسادهم بمجرد ان تمر أزمنة قصيرة أو تحدث حالات من الوفاق بين الخصوم أو اعداء الأمس.. ولذلك نجد أن الروح المعنوية لدى هذه النماذج الوطنية تتلاشى بمجرد ان يبدأ الزمن بنسيان وتجاهل ما قدموا. إن الاحتفال بيوم السابع من يوليو لا يعني اضاءات الشموع ولا اقامة سهرات راقصة واذاعة بعض الأناشيد الوطنية.. انه اكبر من ذلك وهو تكريم من يستحقون التكريم ورد الاعتبار لأولئك الذين أبلوا بلاءً حسناً في الدفاع عن وحدة الأمة.. وكما أن فعلاً كهذا يصبح ضرورة فان شيئاً مقابلا يستحق ذات الاهتمام، واصحاب هذا الموقف هم الذين تراجعوا عن الخطأ ومالوا صوب الوطن بعد ان غرر بهم ذات يوم.. ومن هنا يصبح للحدث قيمته وللذكرى قدرها وللمناسبة ألقها وجديتها.. عاشت اليمن قوية موحدة أبد الآبدين.