عندما سقطت الخلافة الإسلامية في مركز الإسلام ( اسلام بول ) كما سمّاها السلطان محمّد الفاتح أو كما أصبحت تعرف الآن ( استانبول ) وقامت الدولة العلمانية على أنقاضها ناحت لها كل الأرض الإسلامية وصدحت حنجرة الشاعر أحمد شوقي بالقول: يا أخت أندلس عليك سلام *** هوت الخلافة فيك والإسلام زال الهلال عن السماء فليتها *** طويت وعمّ العالمين ظلام ..... خفت الأذان فما عليك موحد *** يسعي ولا الجُمَع الحسان تقام وخبت مساجد كنّ نوراً جامعاً *** تمشي إليه الأُسدُ والأرام وزلزلت الأرض زلزالها بزوال الخلافة وبدأت ملاحم التمزيق للأمة العرب والمسلمين معا بعد أن ظل التآمر عليها لقرون. **** لقد حفظ لنا التاريخ وثائق مهمّة عمّا سبق تهاوي الخلافة الإسلامية حيث جاء تيودور هرتزل إلى استانبول ليقابل السلطان العظيم عبد الحميد الثاني آخر سلاطين بني عثمان.. الخليفة الزاهد الذي جاء الخلافة وقد أوشكت على الانهيار وبذل قصارى جهده للحفاظ على ماتبقى منها حتى أنّه باع ثرواته الخاصة ليسدد ديون الخلافة. في هذا الوقت بالذات جاء مؤسس الحركة الصهيونية هرتزل وعرض مائة وخمسين ألف ليرة ذهبية لتعين الخليفة على تجاوز أزمات الخلافة مقابل أن يمنح السلطان قطعة أرض في فلسطين لليهود يقيمون عليها دولتهم.. وكتب الخليفة في مذكراته التي بعثها قبل موته وبعد عزله من الخلافة إلى شيخه في التصوّف يقول: "يريد هرتزل أن يخدعني بقوله أن اليهودي لن يطمئن حتى يمسك المحراث بيده.. ويقول السلطان أعرف أن اليهود لن يقنعوا بقطعة أرض يعيشون عليها بل يريدون الأرض كلها".. لقد رفض السلطان عروض هرتزل.. وقال له كلمته المشهورة: "والله لو جئتني بملأ الأرض ذهبا فلن أتنازل لك عن شبر من ارض الخلافة و أدنس شرف آبائي الذين خدموا هذا الدين العظيم". ويقول السلطان أنه بعد ذلك تلقى من هرتزل وعيدا بأن ينفق هذا المال للقضاء على الخلافة فقال يفعل الله ما يشاء وهذاماكان.. **** لقد جاء بعد السلطان من يبيع فلسطين رخيصة لليهود وكان ماكان منذ بداية القرن الماضي وبعد سقوط الخلافة العثمانية وتمزق المسلمين بسبب تآمر العرب على الخلافة تلك المؤامرة التي سميت بالثورة العربية.. **** اليوم يستعيد بنو عثمان مجدهم و يكرّر ون تاريخهم العظيم ويقفون أمام الصهيونيّة العالميّة ورموزها وأعوانها بشموخ السلطان عبد الحميد.. ويتحدّون هذه الغطرسة والقرصنة التي رضي بها الكثير من العرب وللأسف وآزرها العالم العربي المتصهين.. **** بالأمس قال السيد هيثم مناع الناطق باسم اللجنة العربيّة لحقوق الإسلام وقد ملأت المرارة عباراته إننا نفكر بالاستقالة من هذا الموقع ونقوم بإنشاء لجنة للدفاع عن حقوق القراصنة الصوماليين.. هؤلاء القراصنة الذين يختطفون السفن ويطلبون فدية تقيتهم ومع ذلك فإن أمريكا ودول الغرب والأمم المتّحدة ملأت خليج عدن والمحيط الهادي وبحر العرب بالفرقاطات لحربهم واعتبرتهم إرهابيين ولم يسفكوا دما بينما هذه القرصنة الدمويّة الصهيونيّة لم تحرك هذه الدول ساكنا.. **** العثمانيون قادمون واردوجان والأتراك هم ورثة الخلافة العثمانية وهم ورثة السلطان عبد الحميد وهم ورثة الضحايا الذين سالت دماؤهم قرب بحر غزة بغير وجه حق على يد الصهاينة المجرمين ..والصهاينة يعلمون من هو اوردغان ومن هم العثمانيون والله يقول وقوله الحق.. " ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليّه سلطانا فلا يسرف في القتل إنّه كان منصورا " العالم يحبس أنفاسه وتركيا تغلي كالمرجل والعالم الإسلامي أو بالأحرى الشارع العربي والإسلامي يتداعى لكي يصفّ خلف إخوانهم مسلمي تركيا لينتقموا للكرامة الإسلامية والعربية من امتهان وإذلال ودموية الصهاينة ولا شك أن مسار الأحداث بعد ماحدث بالأمس سيكون غير ما كان قبلها فهناك قادم مختلف تمام الاختلاف عمّا ساد منذ نحو قرن.. وإنّ غدا لناظره قريب.