فجع الوسط الإعلامي والصحفي والساحة الثقافية بفقدان ثلاثة من أبرز الكوادر الإعلامية والصحفية، الذين غَّيبهم الموت عن هذه الدنيا الفانية وهم في قمة العطاء ولكن المشيئة الإلهية قضت بأن يكونوا إلى جوار ربهم، فمن أحبه الله قربه إليه، فخلال ثلاثة أسابيع متتالية في شهر يونيو 2010م اختطف الموت كلاً من عادل العريقي الذي عشق الصورة وفن التقاطها، وقد كانت الكاميرا لا تفكه كما هي الابتسامة التي يتحلى بها رغم صمته المتواصل، فقد كانت الابتسامة والصورة تعبران عن مكنون قلبه الطاهر، وقد كان له حضور في قلوب محبيه كما لعدسته حضور في كل المناسبات في الحالمة تعز، ومن خلال عمله في صحيفة "الجمهورية"، وقد عرفته شخصيا من تغطيته الصحفية لكل المناسبات وتجواله مع الكاميرا والتقاطه لأهم وأحدث الصور التي تعبر عن نفسها، والتي أثبت من ورائها أن التصوير فن وهواية قبل أن يكون احترافاً، ولقد أفنى عمره وأبلى جسده النحيل في خدمة الصورة وتعبيراتها، حتى هاجمه ذلك الفيروس الوبائي الكبير الذي تعذر علاجه في الداخل وتم إسعافه إلى القاهرة، ليس على حساب ضمانه الصحي ولكن على حساب مؤسسة هائل سعيد الخيرية، وقد قابلته في آخر لحظة وداع في مطار تعز والمرض قد هدَّ جسده، داعيا له بالعودة سالما غانما ولكن مشيئة الرحمن كانت أقرب وعاد محمولاً على الأكتاف، وروحه الطاهرة تحلق في سماء الحرية والنور.. فعزاؤنا لأهله ومحبيه ومن وقفوا معه في محنته سائلين له الرحمة والمغفرة. كما فجع الوسط الإعلامي بفقد فارس "فرسان الميدان" الإعلامي المثقف والمتألق الأستاذ يحيى علاو، الذي هاجمه مرض السرطان ليختطفه من وسط أحبائه من الجمهور المشاهدين، الذين دخل إلى قلوبهم عبر الشاشة الفضية التي كان نجمها خلال خمسة عشر عاما سواء على الفضائية اليمنية أو على قناة "السعيدة" ببرامجه الشيقة الإعلامية والإعلانية والثقافية والسياسية، وقد خدم اليمن ثقافياً وسياحياً أكثر من عدة وزارات متعاقبة، وقطع الفيافي والقفار والسهول والوديان ببرنامجه الشيق "فرسان الميدان" ليجسد من خلاله أروع المناظر السياحية، وعرَّف المشاهدين في الداخل والخارج بما تزخر به اليمن من موروث شعبي بأسواقها وجمال طبيعتها وبوابات مدنها وجبالها كنوع من الترويج السياحي. وقد كان رحمه الله موسوعة إعلامية وثقافية ودينية عرفها المشاهد من خلال مسابقته الرمضانية في هذا البرنامج، إضافة إلى برنامج "أسواق شعبية" و"كشكول" و"عالم عجيب" الشيق الذي كان يشد المشاهد لمتابعته لما فيه من تمجيد وتوحيد الخالق، خاصة إذا كان بسيمفونية علاوية والكثير من الباقة البرامجية التي تميز بها علاو وميز بها الفضائية اليمنية وفضائية "السعيدة". وقد كان رحمه الله ينال رضى جميع المشاهدين لأسلوبه السلس وفطنته وبديهته في عملية استهدافه للحالة التي يريد أن يساعدها ويمد يد العون لها، حتى أنه كان نصيراً للفقراء ومعيناً للأرامل والعجائز وموقراً للشيوخ وقد استطاع بفضائله هذه أن يدخل قلوبهم بيده البيضاء وعذوبة لسانه في الكلام والمداعبة، وقد ترك رصيداً جماهيرياً وإرثاً ثقافياً ودليلاً سياحياً تكتنز به المكتبة الإعلامية، ومن شاهد وحضر موكبه الجنائزي المهيب الذي اكتظت به مقبرة الشيخ الأحمر رحمه الله وكيف كان الحزن على قلوب مشيعيه والدموع التي تساقطت من عيونهم لعرف مدى محبة الناس لهذه القامة الإعلامية.. وحقيقة إن من أحبه الله أحبه الناس وكل الكلمات بحروفها ومدادها لا تكفي لسرد السيرة العطرة التي كان يتميز بها يحيى علاو، المخلد ذكره في سجل التاريخ الإعلامي والصحفي. كما لا أنسى هنا رحيل إعلامي آخر هو الأستاذ عبدالقادر محمد موسى المذيع الإعلامي المتألق صاحب الحنجرة الذهبية والصوت الهادئ، الذي كان يسمعنا ويتحفنا بنشراته وتقاريره الأخبارية عن المحافل الدولية والمحلية، وما كان يتميز به من عذوبة الصوت وسلاسة الكلام، وقد أفنى عمره في خدمة الوطن والمجال الإعلامي ومنح كل وقته لمهنته الإعلامية التي استمرت ثلاثين عاماً حتى اختطفه الموت بجلطة دماغية اثناء قيامه بالتغطية الإعلامية لفعاليات وأنشطة خارجية، لترتفع روحه الطاهرة إلى بارئها. فالرحمة والمغفرة لهذه الكوكبة الإعلامية والصحفية التي رحلت عنا في متوالية زمنية متقاربة.. فإنا لله وإنا إليه راجعون.