أحيانا ينتابني تساؤل غريب مفاده: هل كتب على الساسة اليمنيين المعاصرين عدم التوافق والانسجام؟!! هذا التساؤل لم يأت من فراغ ولكن فرضه الواقع الذي تعيشه الأحزاب اليمنية الحاكم والمعارضة". لقد تابع المواطن اليمني النتائج الطيبة حين استجابت تلك الأحزاب دعوة فخامة الرئيس لتهيئة الظروف لإجراء حوار وطني شامل يعالج قضايا اليمن ويخرجها من الأزمة التي تعيشها الآن، لكن من المؤسف أن الفرحة لم تتم فما أن استقبلت الأحزاب المعارضة المنضوية تحت مظلة أحزاب اللقاء المشترك رسالة اللجنة العليا للانتخابات بما يخص موافاتها بأسماء أعضائها الذين سيشاركون في عملية مراجعة وتصحيح جداول الناخبين تمهيداً للانتخابات النيابية القادمة؛ حتى هاجت و ماجت رافضة الفكرة حتى أنها لم تعد تعترف بلجنة الانتخابات واعتبرتها -بحسب قولها – "جثة هامدة شبعت موتاً"، مشيرة إلى أن الحزب الحاكم يستغل لجنة الانتخابات لافتعال أزمة تعيق عملية الحوار وما تم الاتفاق عليه. وهكذا تفاجأنا بتبادل الاتهامات وتخاذل المواقف أمام حق دستوري متمثل بالانتخابات النيابية القادمة.. اتهامات تسوقها الأحزاب فيما بينها كل ضد الآخر دون أن تراعي مصلحة الوطن وأمنه واستقراره. لقد كنا نعتقد أن توقيت بداية عملية الحوار في شهر رمضان سيكون مناسباً، باعتبار أن رمضان فرصة للأحزاب السياسية لكي تصوم وتتذوق سر الصوم فتهدأ نفوس قيادتها وتنشرح صدورها، ومن ثم تقهر قراراتها المستعجلة، وتجدد ثقتها بالناس وإيمانها بمعاناتهم وحاجاتهم، فلا تغضب ولا تتعجل ولا تيأس من إمكانية الوصول إلى اتفاق ووفاق ورؤية واحدة لمناقشة هموم وقضايا البلاد. نعم لقد تفاءلنا بشهر رمضان كونه محطة لتطبيب الخواطر وتأجيل الاختلافات وعقد الاتفاقات والتفاهمات والخروج من الأزمات وحسم القضايا الخلافية. كنا نأمل في أن يتجرد الساسة اليمنيون من حساباتهم الشخصية الدنيوية الباهتة، ويمدوا ما انهدم بينهم من جسور التواصل، ويستعيدوا ما بددته المكايدات الحزبية من ثقة، ويغسلوا ما تراكم من أخطاء وخطايا اقترفوها بحق الشعب والوطن. لكن رغم ذلك فما زالت أبواب الأمل مشرعة أمام كل المكايدات الحزبية. أملنا كبير بحجم الوطن في أن يهب عقلاء وحكماء الأطراف المتحاورة إلى إنقاذ الوطن مما حل به من لعنة عنوانها الأحزاب اليمنية.