تعاني بلادنا – كما هو الحال في بلدان العالم – من تحديات جمة أبرزها المشكلات والتحديات الاقتصادية التي لا تقل شأناً عن قضايا ومشكلات بلادنا السياسية والاجتماعية والأمنية. غير أن ما يؤخذ على الواقع اليمني بهمومه ومشاكله أن نقطة البداية في التعامل مع مثل هكذا تحديات ومشاكل في أمرين إما "التهوين" وإما "التهويل". فالحكومة والمسئولون وأصحاب القرار نجدهم أحياناً يتعاملون مع الأحداث التي تمر بها البلاد، والمشاكل والتحديات التي تهدف الإضرار بالوطن بين حين وآخر، نجدهم يتعاملون معها بمنطق التهوين والتقليل من أهمية ما يحدث.. وبالمقابل هناك الأحزاب المعارضة خاصة المنضوية تحت مسمى أحزاب اللقاء المشترك، إضافة إلى المنظمات والجمعيات والمراكز المدنية المناصرة في الفكر والاتجاه لأحزاب المعارضة، فهؤلاء جميعاً ينظرون لتحديات ومشاكل اليمن بمنظار التهويل والتضخيم. وبالنظر إلى مسألة (التهوين) فإنه يعني- بما لا يدع مجالاً للشك- خداعاً لأمانة المسئولية. فيما نجد تهويل الأحداث وتضخيم المشكلات والإفراط والتشاؤم حجب حقيقة المشكلات والتحديات التي تعاني منها البلاد، وكلا الأمران " التهوين والتهويل" مضر بمنهج التعامل الصحيح في حل مشكلات اليمن. القضايا الاقتصادية والمشاكل السياسية والاجتماعية والأمنية جميعها لا تزال تنال حظاً وافراً من الاهتمام، سواءً كان رسمياً أو كان مصدره منظمات مدنية، كما أن عدداً من الأكاديميين والباحثين لم يتركوا صغيرة ولا كبيرة في هذه القضايا إلا وتناولوها قراءة ونقداً وبحثاً ودراسة وتحليلاً، وفي هذا الاتجاه تم تنظيم الكثير من ورش العمل والندوات وعقد المؤتمرات على المستوى المحلي والعربي والإقليمي والدولي. غير أن المؤسف أنه -رغم ذلك- لا توجد جهة واحدة تتناول قضايا ومشاكل اليمن من دون التهوين والتهويل. والسؤال الذي يفرض نفسه هو: هل آن الأوان للبحث عن حلول وسط بين التهوين والتهويل أم أن الوسطية بينهما أمر صعب؟. سؤال نطرحه أمام المعنيين ومن تقع عليهم مسئولية مصلحة الوطن وأمنه واستقراره. ونضعه أمام الحكومة وأمام الأحزاب السياسية وأمام المراكز البحثية وأمام المنظمات والهيئات والمؤسسات المدنية.. نطرحه أمام كل من يهمه اليمن أرضاً وإنساناً.