عن الوضع التربوي في بلادنا ..افردموقع نيوزيمن في مقال ل"محمد اللطيفي "التطرق الى الاسباب التي ادت الى اضراب المعلمين في بلادنا..وجاء تحت عنوان:الى الرئيس..قبل ان يتحول المعلمون الى ارهابيون الاضواءنت بغض النظر عن مشروعية أو عدم مشروعية نقابتي المعلمين أو المهن التعليمية، أو الحديث عن أن النقابتين تقف ورائهما أحزاب سياسية معينة لتحقيق مكاسب خاصة، والقضية لا تقاس بهذا التبسيط لأن عدم مشروعية نقابتي المعلمين والمهن التعليمية اللتين تنسبا للإصلاح والاشتراكي لا تعني مشروعية المهن التربوية التي تنسب للمؤتمر، والقول أن الإضراب تقف ورائه الأحزاب السياسية المعارضة المعروفة باللقاء المشترك، هو قول في نظري غير سديد وغير منسجم مع التحول الديمقراطي الذي تعيشه اليمن، لأنه من حق المعارضة إن لم يكن واجبها معارضة السلبيات أو الاختلالات التي تقوم بها السلطة، ثم إن السلطة أعطت المعارضة باتهامها الوقوف وراء الإضراب شرفاً لا تستحقه وهو شرف الدفاع عن الحريات المدنية وحقوق الناس وتبني مشاكلهم.صحف الحكومة والحزب الحاكم أعطت دعاية مجانية للمعارضة بينما الواقع أن اللقاء المشترك كان يشير في صحفه على استحياء للإضراب الذي قام به المعلمين في أنحاء الجمهورية، وفي نهاية المطاف وقع المعلمين ضحية "العناد السياسي" الدائر حالياً حول السباق الرئاسي القادم.لقد كان تعامل أصحاب الأمر في الحكومة مع المعلمين وكأنهم مغفلين وساذجين لا يفهمون، وينجرون بلا وعي وراء المعارضة، وكنت أتمنى أن ينظر لمطالب المعلمين بمنظار العقلانية فالقضية مسألة حقوق كان يجب أن يتم تدارسها بحكمة وتزان.في تعز الدخول إلى عاصمتها بالهوية والسؤال الجوهري الذي كان بالأحرى أن تجيب عليه السلطة هو هل المعلمين المطالبين بحقوقهم التزموا في أساليب إضرابهم وطرق مطالبهم بالوسائل القانونية المنصوصة بنودها في الدستور والقانون أم أن ما قاموا به كان في خارج الأطر الدستورية؟! ثم هل يحق لبعض الجهات التنفيذية أو عناصرها اتخاذ إجراءات لا قانونية مثل (الاستغناء عن المدرس أو توقيف مدير مدرسة) أو لا سلمية مثل (ضرب المعلم والاعتداء عليه) كل هذه الإجراءات كانت تجاه إضرابات أو اعتصامات المعلمين التي سواء (اتفقت معهما تلك الجهات التنفيذية أم لا) فهي لم تخرج عن مبادئ الدستور اليمني ولا أطر النضال السلمي ولا نصوص القوانين الأهلية أو الدولية.ثم إننا نتساءل عن إقحام الأمن في المسائل التربوية والتعليمية، ففي اعتصامات المعلمين كمثال في مدينة تعز أمام المحافظة الثلاثاء الماضي انتشرت قوات من الأمن في مداخل المدينة لتفتيش السيارات الداخلة إلى المدينة، للتأكد من هوية راكبي السيارات (سيارات النقل العام بالذات)، هل يوجد فيها معلمين وبدل أن يسأل سائق البيجوت أو الصالون هل معك سلاح؟! كان السؤال هل لديك مدرس؟! حتى علق أحد الأصدقاء متندراً أصبح الدخول إلى مدينة تعز بالهوية، وعلق آخر بأن المداخل تحولت إلى معابر مشبهاً إياها بمعابر فلسطين.المعلمين قدوة للأحزاب في اعتقادي لا تهم نسب الإضراب التي تتضارب حولها جهات في السلطة والمعارضة (10%، 3%، 80%) فهذا التهويل أم التهوين يميع القضية ولا يخدمها، لأن المطالب بحقه حتى ولو كان واحداً لا أحد يمنعه عن المطالبة بحقه طالما كان القانون هو الملتجأ الوحيد له، والحقوق لا تحتاج لإثباتها إجماع أو استفتاءات بل براهين وأدلة وقوانين تضبط سبل نيلها.فالعملين اليمنيين مارسوا النضال السلمي لنيل مطالبهم وكانوا أكثر حضارة وتقدم في أشكال اعتصاماتهم ومظاهراتهم وهم أمر يجب أن تفخر به السلطة أمام العالم قبل أن تعجب به المعارضة، لأن المعلمين قدموا نموذجاً نادراً حتى للعالم المتحضر على الأقل كانوا أكثر مدنية من زملائهم العمال في فرنسا الذين أحرقوا ودمروا وعاثوا في مدنهم الفساد، ولقد قدموا دروساً حضارية للأحزاب اليمنية التي لم تبارح حتى الآن لغة المكايدات والدسائس إلى تطبيقات عملية وفاعلة للنضال السلمي.أعضاء المؤتمر.. نموذج أفضل ويجب التأكيد لمن يهمه الأمر في الحكومة أن هناك شخصيات متنفذة بدرجة مدير ناحية وضابط أمن وسلطات مشيخية...الخ لا يهمها تطبيق القانون بقدر ما يهمها إثبات وجودها واستغلال نفوذها لتحقيق مآرب نفعية، وهي بشكل أو بآخر تدفع لتأجيج الصراع بين المعلمين والحكومة وهو ما يفرح شخصيات معارضة خصوصاً وأن البلد مقبل على انتخابات، بدليل أن هناك من يصور الأمر للسلطات التنفيذية بأن الاستجابة لمطالب المعلمين هي بمثابة رضوخ للمعارضة السياسية.وهناك أيضاً من يحزب الأمر حد الادعاء أن المطالبين بحقوقهم من المعلمين هم منتمين فقط للإصلاح أو الاشتراكي...الخ، مع أن المشاهد ميدانياً أن كثير من المعلمين المنتسبين تنظيمياً للمؤتمر الشعبي العام ضربوا أروع النماذج في الوعي الحقوقي ورفضوا الكثير من الإملااءات الآتية من القيادات الحركية لحزبهم، وهم بهذا يقدمون نموذجاً أفضل في محاسبة ممثليهم في الحكومة وهو أمر أزعج قيادات مؤتمرية مع أنني كنت أتمنى أن يتباهى به المؤتمر، لأن ما قام به هؤلاء الأعضاء فضيلة يندر وجودها في حزب آخر، وفي تقديري أن هذا الانزعاج آت من إشكالية منهجية في التكوين الثقافي للأحزاب العربية الحاكمة تتمثل في عدم الفصل بين الحكومة كأشخاص تنفيذيين وبين الحزب ككيان فكري وسياسي له برامج المطلوب من الحكومة تنفيذها، والمفترض من أعضاء الحزب الحاكم مراقبة أداء ممثليه في الحكومة، وغياب هذه المراقبة والمساءلة من الحزب الحاكم كتنظيم وأعضاء للحكومة وأدائها ناتج عن الخلط بين العمل الحزبي والمؤسسي الرسمي، ليصبح المطلوب من الأعضاء مجرد التصفيق لكل عمل حكومي حتى ولو كان انتقاصاً للحقوق أو إهداراً للمال العام أو تكريساً لسيادة الأمزجة الفردية على القوانين والأنظمة.حتى لا يتحول البعض إلى إرهابيين الاعتصامات الأخيرة للمعلمين بعد رفعهم للشارات الحمراء وإضرابهم الجزئي عن العمل ثم إضرابهم الكامل أبرزت عدة حقائق على المستوى الرسمي اليمني أولاً: أن السلطة لا تفهم من السياسة سوى تفعيل الأزمات مع أن السياسة في أبسط صورها هي حل للمشاكل والتخفيف من حدتها وثانياً: أن هناك شخصيات في السلطة تدفع بقوة لجعل المواطنين يسعون لنيل حقوقهم بالعنف والتخريب، بدليل أنهم يقفون بكل صلابة ضد كل مواطن يطالب ويعارض بالطرق القانونية، فالمعلمين لم يخطفوا سائحاً لم يكسروا ولم يدمروا، حملوا الزهور والورود في الشوارع رفعوا لافتات الرجاء، التزموا بالتسلسل القانوني في تظلمهم للحكومة، لكنهم ووجهوا باتهامات لا حد لها بدأت بوصفهم بقطيع من الأغنام وانتهت باتهامهم بالتمرد والعصيان.وثالثاً: أن المعلمين وهم المنوط بها تطوير المجتمع ينحدرون بقوة من الطبقة المتوسطة إلى الطبقات الدنيا وهم حالياً قد تحولوا إلى عمال بوفيات ودلالين إيجارات والبقية أمامهم عدة طرق إما أن يكونوا شريين وقد رأيت بأم عيني بعضاً منهم كذلك، أو يتحولوا والأسباب مهينة إلى إرهابيين يلجأون لطرق لا سلمية لنيل حقوقهم، أو الانضمام لمنظمات وجماعات تتخذ العنف وسيلة ومبتغى.الأمر منوط بعقلاء السلطة المظلوم الذي يلجأ للقانون يجب أن يحترم وتكتب له شهادة تقدير بغض النظر عن صوابية مطلبه من عدمه لا أن يعتدى عليه أو يسجن أو يوصف بألفاظ لا أخلاقية، ونحن لدينا دستور وقانون يجب كلما اختلفنا أن نرد الأمر إليهما، فالذي (يطالب بحقه والذي يرفض ذلك الحق) يجب أن يلتزما بالقانون وبنوده، والأمور التربوية بالذات أم المتعلقة بهموم الناس واقتصادهم يجب أن تدار بالحوار والحكمة وروح القانون والوعود التي يعقبها الوفاء.هذا الحديث موجه للعقلاء في السلطة والحزب الحاكم وهم كثر، وقبلهم إلى الرئيس الذي من المتوقع أن يتوجه المعلمون إليه في مسيرة سلمية الاثنين القادم بقلوب ملئها الأمل أن يتفهم مطالبهم العادلة ويوجه الجهات المختصة لإعطائهم حقوقهم واحترام مكانتهم في المجتمع.