مصادر التجمع اليمني للإصلاح تقول إن المسجد بني على نفقة جمعية الإصلاح الخيرية، فيما المتحدث باسم الحوثي يجعل من اسم الجامع الدليل القاطع على تبعيته له!! هذا هو كل ما في الأمر.. وببساطة شديدة: لقي ما يقارب العشرة أشخاص مصرعهم، فضلاً عن إصابة آخرين غيرهم، في صراع استمات طرفاه على إثبات أن المساجد ليست لله، وأن الدعاء كما الدعوة ليسا له أو إليه، بقدر ما هما لإنصاف الآلهة من بني البشر. كان ذلك مطلع الأسبوع، وفي مديرية الزهرة من محافظة الجوف بالتحديد، أما المسجد -وسواء كان يدعى بمسجد آل الوزير في تسمية أو زين العابدين في أخرى- فإن الخلاف الدموي الذي نشب حول ملكيته والانفراد بحق الإمامة والخطابة فيه، ما هو إلا حلقة في سلسلة صراع طويل من الكراهية لم يدع الخائضون فيه للدين من حرمة إلا وانتهكوها "حدّ سفك الدم الحرام" إرضاءً لنزعة العلوّ والسيطرة التي توارثوها عن إبليس منذ امتناعه عن السجود لآدم استكباراً وطغياناً وفساداً في الأرض. هذا الصنف من "الإسلامويين" الذين يملأون الدنيا اعتراضاًُ على مدلول "ما لله لله وما لقيصر لقيصر" هم الآن –كما هي التهمة في حقهم منذ أمد- ينازعون الله في كل شيء لحساب القيصر الذي استفحل تواجد أشباهه في دواخلهم بعدد ليّات قماش عمائمهم ما اسودّ منها وما ابيضّ.. وإلاّ فهل غاية الحوثي الرامية إلى إثبات تبعية المسجد له.. وكذلك الغاية المقابلة لمشايخ تجمع الإصلاح، تبرران هذا العنف المذهبي الذي يجعل من بسطاء القبائل وقوداً لنار حقد النخبة من آيات الله وشيوخ الإسلام؟! كم هو غريب أمر هؤلاء!! إذ أن هذه الحادثة ومنذ مطلع الشهر الجاري هي الحادثة الثانية التي يضع فيها ملالي الإصلاح أنفسهم طرفاً فاعلاً في ساحة الصراع المذهبي في اليمن، إذ كانت الحادثة الأولى في مدينة إب التي شهدت "الخميس الأول بعد صلاة المغرب" صراعاً بالأيدي والعصي بين جماعة سلفية وأخرى تتبع الإصلاح على ملكية إمامة الصلاة ومنبر الخطابة في مسجد الضياء القريب من مبنى المحافظة، كان نتيجته إصابة العشرات من الطرفين بجروح وكدمات تم إسعاف بعضهم إلى المستشفى.. تلك –إذاً- هي ثلاثية العنف المذهبي، أو مسارات الصراع الطائفي التي لم تزل رياحها القادمة من خلف الحدود تهبّ علينا جيفة منتنة من اتجاهات مختلفة حيث يقبع الجار ذو القربى والجار الجنب والجار الجائر.. وإذا كان تجمع الإصلاح- في هذه الثلاثية- بمكان المرتكز بين سلفيتين تلتقيان على منازعة الله حق أمر عباده ونهيهم، وإن اختلفتا في الأشكال والمسميات، فإن الحزب السياسي إياه تحت سيطرة الملالي- على مختلف مفاصله- لم يستطع أن يكون شيئاً مغايراً لأيٍ من السلفيتين، وهو إذ يصارع الاثنتين فإنهما في صراع دائم مع ذاتهما، وبما يجعل من الثلاثية في حالة عداء مستمر مع بعضها البعض. من مسجد "الضياء" بإب إلى "زين العابدين" بالجوف.. هنا حطّ رحله مسيلمة، وعلى الجميع الامتثال لقول المولى جل وعلا "وإن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا" لا أن يجعلوا من المساجد ساحات يلتقي فيها أقوام تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى، ما بين عبد الملك الحوثي ومشايخ السلفية هنا وهناك وهنالك و"الإسلامويين" في التجمع اليمني للإصلاح.. ومن عجّة عراك كل هؤلاء إعصار فيه نار قد يأتي لهبها على الجميع.