شعوب دول الخليج العربي هي أكثر الشعوب في العالم التي لها سمات ثقافية وقواعد حياتية مشتركة حتى التطابق. فهم ليسوا فقط يسكنون في منطقة واحدة جعلتهم يعيشون حتى نفس التقلبات الجوية، ويتنعمون بنفس الثروات الطبيعية، بل أنه لهم نفس القاعدة الاجتماعية، والتركيبة الذهنية، والسمات النفسية، ونفس العادات والتقاليد، ويعتنقون دينا واحدا جعلوه دستورهم الذي يقوم عليه حكمهم السياسي والاجتماعي. كل هذه المشتركات كان لها ان تجعل أحوالهم الاجتماعية واحدة، وكان لنفس المدخلات ان تعطي نتائج متشابهة. لكن شعوب الخليج كسرت القاعدة بامتياز. فما يحدث في دولة خليجية نجد له النقيض في الدولة المجاورة...!! ولكم عينة من هذا التناقض الذي لا يستوعبه عقل عاقل. ففي الأسبوع الفائت قرأنا بفرح كيف أن المرأة البحرينية سجلت (خطوة) تاريخية ورمزية بكل المعايير، وذلك بتأهل امرأة للمرة الاولى في جولة الإعادة لانتخابات مجلسيّ النيابيّ والبلديّ، في محافظة جزيرة المحرّق، وذلك بحصولها على نسبة 52 في المئة. هذا الانتصار التاريخي في هذه الجزيرة الصغيرة والذي اشعل سماء الخليج بالبهجة وملأ القلوب بالفرح، قابله دوي مدمر صدر من دولة لا تبعد عن البحرين سوى مرمى حجر، فلقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية بحرمة عمل المرأة كاشيرة. وهذه أول فتوى للجنة بعد الجدل المثار حول الاختلاط في أماكن العمل تؤكد فيها فتواها السابقة على حرمة الاختلاط وتشدد على ذلك. مكثت طويلا وانا أفكر في أنه كيف لمدخلات متشابهة تعطي نتائج ليست فقط متباينة بل متعارضة حدّ التناقض. فكيف لامرأة في دولة خليجية تعتلي قمة البرلمان، وشبيهتها في الدولة المجاورة محرم عليها بفتوى صادرة من أعلى هيئة في الدولة من ان تمارس وظيفة بسيطة لكسب عيشها اليومي ولتحفظ كرامتها وكرامة اطفالها...؟ كيف لنفس الدين (وذات المذهب) أن يجيز أمرا في بلد ويحرمه في بلد آخر...؟؟؟!!! عشرات الاسئلة تتبعها عشرات التعجب ولا من جواب. ولأن الأمر لا يستقيم فلقد توصلت الى أن شعوب الخليج في الحقيقة مختلفة تماما وما ندعيه قواسم مشتركة ما هي إلا أوهام. كاتبة سعودية [email protected] "عن صحيفة الراي الكويتية"