من لم يسبق له الاطلاع على اتفاق فبراير2009 الموقع بين المؤتمر الشعبي العام وأحزاب المعارضة في اللقاء المشترك الممثلة في مجلس النواب، سيندهش كثيرا لكثرة التصريحات بين الطرفين اللذين يحمّل كل منهما الآخر مسؤولية الانقضاض على هذا الاتفاق.. وسيظن أن نصوص اتفاق فبراير هذا غامضة، أو ربما كتبت بلغة معجمية قديمة على شاكلة إحدى القصائد المعلقة، أو ربما بلغة ليست متعارفة بين البشر.. هكذا سيظن المتابع لاستمرارية الجدل بين الفرقاء حول أيهما الذي يخرق اتفاق فبراير، إذ أنه ما من تفسير معقول ومقبول إلا هذا.. غير أن كل ذلك سيزول في حالة الرجوع إلى نص الاتفاق، وسيتضح بما لا يدع مجالاً للشك أن أحد الطرفين كاذب لا محالة!!. ومن وجهتي أنا فلستُ معنياً باستعراض نص اتفاق فبراير2009 في هذه العجالة، إذ ليس صعباً الاطلاع عليه لمن أراد، لكنني مدفوع بخلفيات إقرار المؤتمر الشعبي العام بأغلبيته في مجلس النواب لتعديل قانون الانتخابات والاستفتاء، وردة الفعل من قبل أحزاب المشترك، وذهابها إلى أن هذا الإجراء من قبل الحزب الحاكم انقلاب على اتفاق فبراير.. إنني مدفوع بهذين الموقفين إلى التساؤل عن السبب الذي دفع أحزاب المشترك إلى الإمعان في اتخاذ أسلوب التضليل والتغرير استهتاراً بجماهير الشعب، وكأن المواطنين لا قدرة لهم على التمييز بين من يخرقون اتفاق فبراير ومن يحرصون على تنفيذه، والمضي قدماً نحو أهم المنطلقات التي كرسها وشدد عليها كثمرة لما سواها من الخطوات؟!. لقد أدى اتفاق فبراير- كما هو معلوم للجميع- على تأجيل إجراء الانتخابات النيابية والتمديد لمجلس النواب لمدة عامين إلى أن تجري الانتخابات في إبريل من عام2011.. وعلى هذا الأساس فإن هروب أحزاب اللقاء المشترك المستمر الذي يهدف إلى التنصل مما نص عليه الاتفاق بخصوص إجراء الانتخابات النيابية في العام القادم موقف غير مبرر، ومن ثم فإن إعادة طرح مشروع تعديل قانون الانتخابات والاستفتاء في مجلس النواب والموافقة على ذلك من قبل أعضاء المؤتمر الشعبي العام الذي يملك الأغلبية، إجراء ينسجم تماماً مع روح اتفاق فبراير ونصه، لا سيما إذا علمنا بأنه قد تم التصويت سابقاً في البرلمان على القانون بتعديلاته تلك مادة مادة.. ومن هنا فإن مزاعم أحزاب اللقاء المشترك بأن المؤتمر الشعبي العام يمضي في اتجاه الانقلاب على اتفاق فبراير سواء من خلال إجرائه الأخير بخصوص القانون المشار إليه أو مسيرته الرامية إلى المضي صوب الاستحقاق الانتخابي القادم ليست سوى أقاويل وافتراءات قامت الأدلة والشواهد على بطلانها، بل وقد تكشفت للمتابع بجلاء خفايا هذه المزاعم والأباطيل التي تتستر بها زعامات أحزاب المشترك لتمرير أجندتها الرامية إلى إيصال البلد لحالة فراغ دستوري، ليس هناك من مستفيد من وراء هكذا وضع يصل إليه الوطن إلا أعداؤه الذين نتمنى كثيراً على أحزاب المشترك النأي بأنفسهم عن الارتماء في أحضانهم..