منذ أن حصدت أحزاب "اللقاء المشترك" الفشل الذريع في الانتخابات النيابية في 2003م، بدأ خطابها الحقيقي التدميري أكثر وضوحاً على الساحة السياسية، حيث عجزت هذه الأحزاب عن التكيف والتعامل مع الديمقراطية والتعددية السياسية واستخلاص العبر والدروس المفيدة لنتائج الانتخابات السابقة، حيث بدأو أولاً برفض البرنامج الانتخابي لفخامة الرئيس ومحاولة وضع العراقيل الكثيرة في طريق تنفيذه وتطبيقه، وهو البرنامج الذي حاز على الأغلبية الكبيرة من أصوات الناخبين ليمثل ذلك بداية للانقلاب الحقيقي على النظام الديمقراطي في نهجهم والذي سيتضح لاحقاً بصورة لا لبس فيها، من خلال تحريض الشارع ضد نظام الحكم وتشويه الحقائق وإحياء وتأجيج النزعات المناطقية ورفع الشعارات الانفصالية والمراهنة على إعادة الأزمات السياسية كوسيلة لتعطيل المؤسسات الديمقراطية والشرعية. ولم يعد خافياً اليوم أن ذلك الخطاب السياسي التدميري الذي دأبت عليه أحزاب "المشترك" ولا تزال، بتحمل المسئولية الكبيرة عن كل المخاطر التي نجمت وتنجم عن نهج المجابهة والمغالطة وتزييف الحقائق والوقائع الذي تتخذه تلك الأحزاب تجاه النظام والعمل السياسي وكل ما يعتمل في الساحة الوطنية من أحداث وقضايا خاصة الكبيرة منها والتي تعتبر في خانة الثوابت الوطنية العليا التي لا يمكن ولا يجب تجاوزها على الإطلاق مهما كانت الذرائع والمبررات. وعلى هذا النهج والتوجه نجد أحزاب "المشترك" قد ركزت مراهناتها الخاسرة على الكثير من القضايا خاصة الميتة منها عبر تأجيج الشارع والخلط بين الحرية والفوضى وبين الديمقراطية والعبث بواسطة توجيه ماكينتها الإعلامية في ذلك الاتجاه وتحديداً تجاه مراهنتها على إثارة تداعيات حرب صعدة وأثار حرب صيف 1994م ومخاطر تنظيم القاعدة في اليمن على نحو يدفع بتحريك هذه القضايا الثلاثة باتجاه تدويلها وتحريك العديد من الأيدي والأذرع الخارجية كوسيلة لتحقيق أهدافهم ومآربهم المعلنة وغير المعلنة منها. وإن كنا نجد حرب الفتنة والتمرد في صعدة قد بلغت مرحلة خطيرة ومتقدمة خوض فيها أبناء القوات المسلحة معارك الكرامة والشرف نجد نفس الخطاب الانتهازي لأحزاب "المشترك" يتواصل وهو الذي أتضح مبكراً ومنذ بدايات هذه الحرب في العام 2004م، مخالفاً لكل المواقف الرسمية والشرعية وأراء علماء اليمن والمساندة الكبيرة من المجتمع الدولي والأسرة العربية ودول الجوار. وحاضراً وفي الوقت الذي يتسبب فيه المتمردون الحوثيون في صعدة باستمرار هذه الحرب المؤسفة والتي فرضت على الشعب وعلى القيادة السياسية رغم إرادتها بدافع الحرص على إشاعة وترسيخ الأمن والاستقرار كمدخل ضروري للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بعد سنوات من التنازلات والمساومات النابعة من الحرص على عدم إراقة الدماء وإزهاق الأرواح في هذه الحرب التي تعتبر وبشكل قاطع حرب كل أبناء الشعب بأحزابه وتنظيماته السياسية ومنظماته الجماهيرية والمجتمعية وعشائره وقبائله، نجد أحزاب "اللقاء المشترك" ما برحت تتخذ من هذه الحرب ومن الحرب على الإرهاب أوراق سياسية لتحقيق ما تحلم به من الأطماع والصفقات والمكاسب السياسية والحزبية الضيقة والرخيصة والتي يستدل عليها من توجهها الانتهازي وخطابها التآمري الذي يتعارض مع كل القيم والثوابت الوطنية العليا. ولقد بات واضحاً اليوم إن جانباً من التوجه السياسي والخطاب الإعلامي لأحزاب "المشترك" يحرص على تناول أحداث صعدة منذ اندلاعها في عام 2004م وتجددها بعد ذلك وحتى وصولها إلى ما هي عليه الآن من خلال اعتبارها قضية رأي تارة وقضية إظطهاد طائفي وخلاف سياسي تارة أخرى، حيث سعت تلك الأحزاب للتعامل والاستفادة من حرب صعدة بتوهمها بأن الأحداث المسلحة الناجمة عنها يمكن أن تحقق مأربها ومساعيها في خلافها مع الحزب الحاكم وتصفية حساباتها معه، وإظهارها وكأنها قضية صراع بين حكومة المؤتمر الشعبي العام من جهة وجماعة دينية مدنية صاحبة رأي وحق من جهة أخرى. وحتى مع بروز "المبادرة القطرية" لمحاولة إيجاد مخرج سلمي لقضية صعدة وجدنا أحزاب"المشترك" تتعامل معها من منظور تصدير المشكلة إلى الخارج والسعي بالتالي إلى تدويلها في حالة فشلت المبادرة القطرية. ومن هنا وإستناداً للموضوعية والمنطق وحقائق الأشياء نجد إصرار أحزاب "اللقاء المشترك" على إشاعة ذلك النهج والخطاب الملتبس في محاولة واضحة لتجاهل الأهداف والأبعاد الخطيرة لأحداث صعدة ولجميع جرائم الإرهاب والتطرف والعنف التي تستهدف تقويض النظام السياسي القائم على الديمقراطية والتعددية وحرية التعبير وحق التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع واختيارات الناخبين، حيث ظل "المشترك" على تعمد تشويه حقائق وملابسات وموضوعية حرب صعدة في ظل الجهود التي بذلتها الدولة والقيادة السياسية وتواصل الحسم العسكري الذي تقوم به القوات المسلحة الباسلة، وذلك بنفس النهج والأسلوب الذي تعامت به سابقاً وحالياً مع كل قضايا الإرهاب والتطرف التي واجهتها بلادنا وحققت فيها الأجهزة الأمنية النتائج المرجوة لذات الأهداف والأسباب التي تعكسها التوجهات السياسية والخطاب الإعلامي لأحزاب "المشترك" والمتمثلة في تقويض النظام السياسي الديمقراطي القائم على التعددية السياسية بعد ما لفظهم الشعب وكشف عجزهم بنيل ثقته وعدم جدارتهم بالوصول إلى رئاسة الدولة وعدم منحهم أغلبية برلمانية تتيح لهم الحكم أو تشكيل الحكومات المختلفة كسلطة تنفيذية بجانب السلطة التشريعية وهنا تكمن تحديداً مشكلة "المشترك" مع نفسه ومع الآخرين.