المتابع للمشهد السياسي اليمني خصوصاً بعد التوقيع على آلية المبادرة الخليجية في "رياض" المملكة العربية السعودية الشقيقة لا يخرج من انطباع: " أن هذه المبادرة التي أسست لمرحلة جديدة من الشراكة الوطنية المسئولة القائمة على ردم الماضي ومآسيه، لكنها في الوقت ذاته فضحت الانقلابيين وأصحاب نوايا التآمر والانقلاب التي لا تزال تسيطر على عقليات القادة المشتركيين وحلفائهم ممن يملكون وسائل الدعم ويمسكون بخيط اللعبة " القذرة" لإسقاط النظام عسكرياً.. وبالعودة قليلاً الى الوراء فلم تكن لدى المؤتمر الشعبي العام الحاكم أو الرئيس علي عبدالله صالح نوايا أو ممانعة على توقيع المبادرة انطلاقاً من احترامه لجهود الأشقاء والأصدقاء وحرصاً على إخراج البلد من الأزمة " القاتلة" التي أقحم فيها بفعل الإسراف الحزبي لبعض القوى السياسية "اللقاء المشترك " في استغلال الديمقراطية وتوظيف ممارساتها لتدمير كل شيء من أجل الانقضاض على السلطة.. كان الحرص الذي يقف خلف تحفظ المؤتمر الحاكم –حينها قبل توقيع المبادرة والرئيس الصالح هو الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية التي سلم بها الجميع,بعد حين , وعلى رأسهم الوسطاء الإقليميون والدوليون، التي تحفظ مكاسب اليمن واليمنيين ومنجزاتهم التي تحققت طوال العقود الماضية، والتي تضع جميع الأطراف السياسية أمام الالتزام بمسئولياتهم وواجباتهم تجاه الوطن والشعب وتجاه المجتمع الدولي بتنفيذ كل الخطوات المنتظمة والبنود للمبادرة وآليتها المزمنة للوصول إلى تجنيب اليمن مزالق الحرب والفوضى والتخريب. حينها لاحت بشائر الأمل في الأفق بعد التوقيع على المبادرة بآليتها .. ولكن وبعد مرور أكثر من شهر ونيف مازلنا نراوح أماكننا سياسيون وقادة ووسطاء ومواطنون... وغيرهم فلا تزال الأوضاع الأمنية والاقتصادية أكثر سخونة ومرشحة للانفجار نتيجة عدم تخلي البعض عن احقادهم وضغائنهم ليسعون باستماته ولا مبالاة وتحدٍ صارخ للجهود والمساعي التوافقية الوطنية والإقليمية والدولية على نشر الفوضى وإثارة الرعب والخوف والإرهاب في أرجاء الوطن. فتلك القيادات أو من يعتبروا اليوم شركاء لم يغادروا دهاليز التآمر على الرغم من تحول كل شيء أصبح بأيديهم، وفق المبادرة الخليجية، وصاروا حاكمين بدلاًمن محكومين.., وبدلاً من تهيئة الظروف والمناخات الملائمة لحكومة الوفاق واللجان المنبثقة عن المبادرة الخليجية لممارسة مهامها وواجباتها وإنجاح تعهداتها وما التزمت به تجاه الشعب وشباب الساحات بوجه خاص سعوا إلى تأجيجها عبر أساليب " رخيصة" ومكشوفة ، وابتداع ممارسات وتحريض في إطار التصعيد العسكري وأوهام إسقاط النظام ومحاكمة رموزه، فتارة عبر تجييش الشباب للساحات وتارة بمسيرات راجلة إلى المحافظات وأمانة العاصمة بالذات، كهدف استراتيجي سياسي عسكري، واليوم بنموذج جديد سبق وأن تداولوه في أوساطهم لإسقاط حكومة الوفاق وإفشال المساعي الدولية لحل الأزمة، وذلك عبر تجييش عناصرها في الهيئات والمؤسسات والوزارات والأجهزة الإدارية الأخرى والاستعانة أيضاً بميليشياتهم في الساحات لتنظيم تلك الاحتجاجات التي تهدف إلى إغراق البلاد في وحل الفوضى واللا أمن وللا استقرار.. وأيضاً إرباك قيادات الدولة والحكومة عبر معالجة المشكلات الحالية وتنفيذ المبادرة الخليجية بخلق مشكلات جديدة تعد امتداداً لرغبات الانقلابيين من المتمردين والمنشقين، وثقافة الإقصاء السياسي والحزبي والفكري الذي تتبنيه عناصر المشترك في ساحات الاعتصام .. ومما سبق نخلص إلى القول أن تخريب المؤسسات العامة التي هي ملك للشعب وليس لحزب أو جهة بعينها، وتعطيل وظائفها الاقتصادية هو عقاب جماعي للشعب من نوع آخر أو بطريقة التوائية تكرس التدهور والانهيار الحقيقي والسقوط الحتمي لكل مكونات الدولة والمجتمع بشكل عام.. ومن ذلك نأمل مراجعة حصيفة من أحزاب المشترك وشركائهم لمواقفها وطرقها وأساليبها الغوغائية المعطلة لكل مقومات الحياة والعيش الآمن والمستقر..فهل هذا ممكناً..نتمنى ذلك..!!