♦نشر حسن شرف الدين وزير الدولة في صفحته على موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك كلمة أبناء الشهيد أحمد شرف الدين والتي ألقاها نيابة عنهم في مراسم التشييع صباح اليوم الإثنين. وقال حسن شرف الدين إن «القتلة، خابوا وخسروا، بما ارتكبوه من جريمةٍ شيطانيةٍ مروعةٍ لا يرتكبُها إلا من تحللَ من كلِ قيمِ الدين، والإنسانيةِ، والشهامةِ.. لا لشيء إلا لأنهم أولاً- كانوا جبناءَ عندما اتخذوا الغدرَ وسيلةً لا تدلُ على رجولة.. وثانياً لأنهم أهدروا دماً مُحرماً، وفي لحظةِ سِلمٍ فاصلةٍ يختتمُ فيها اليمانيون حوارَهم، ويودعون صراعاتِهم.. وثالثاً لأنهم انهالوا بكلِ ذلك الكمِّ من السلاحِ، ليستهدفوا مواطناً أعزلَ، وشخصيةً مدنيةً، ومربياً جامعياً وقوراً، مسالماً، لم يحملِ السلاحَ يوماً، ولم يتمنطق برصاصةٍ واحدةٍ طيلةَ حياتِه». وأكد أن والده كان «سلاحُه الوحيدُ قلماً وأوراقاً وعلماً، وتقوىً، ومنطقَ حوار.. فكان جزاؤُه أن دفعَ حياتَه ثمناً لمدنيتِه، وسلميتِه، وموقفِه الحر، وكلمتِه الصادقة، وانحيازِه المطلقِ لوطنٍ آمنٍ مستقر، خالٍ من ثقافةِ العنفِ والتطرفِ، والاستحواذِ والكراهيةِ البغيضة، وطنٍ يتسعُ للجميع، ويُبنى بالجميع». كلمة أبناء الشهيد الدكتور أحمد عبدالرحمن شرف الدين التي ألقيتها نيابة عنهم في مراسم التشييع صباح اليوم الاثنين 27 يناير 2014م بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ للهِ ربِ العالمين، القائلِ في محكمِ التنزيل: ولا تحسبنَ الذين قُتلوا في سبيلِ اللهِ أمواتاً، بل أحياءٌ عند ربِهم يُرزقون ونصلي ونسلم على سيدِ الأولين والآخرين، المبعوثِ رحمةً للعالمين، وعلى آلِ بيته الطيبين الطاهرين، وارضى اللهم عن صحبِه المنتجبين.. أما بعد.. السادةُ العلماءُ الأجلاء الأخوةُ الأكاديميون والسياسيون .. محبي والدنا الشهيد .. الحاضرون جميعاً .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. نقفُ وإياكم اليومَ أيها الأخوة في هذا الجمعِ المباركِ، مع رحيلٍ عظيمٍ وخاتمةٍ مشرّفةٍ حظي بها والدُنا..، راضين بما كتبه اللهُ تعالى له من موقفٍ سديد، ومولدٍ جديد، وحياةٍ أعزَ وأكرم، ومرتبةٍ أسمى وأعظم، رفعه اللهُ فيها إليه شهيداً مع الشهداء والصالحين، وحَسُنَ أولئك رفيقا.. إن والدنا حيٌ يرزق، وهو خالدٌ بيننا، بما تركه لنا من سمعةٍ مشرفةٍ عابقةٍ بطيب الذكر، و سيرةٍ عطرةٍ عامرةٍ بنيّرِ الفكر، والبصماتِ المشهودِ لها بالشرفِ والعزة، سواءً على الصعيدِ العام، أو الصعيد الخاص، موازناً بين مسئولياتِه الدينيةِ والعلميةِ والجهاديةِ والسياسيةِ والوطنية، وبين مسئولياتهِ الانسانيةِ والاجتماعيةِ وواجباتِه الأسريةِ والعائليةِ، فشهيدُ الأمةِ قد جسّدَ طوالَ حياتِه الأسوةَ الحسنةَ في أقوالِه وأفعالِه .. كان الصدوقَ المُصدَّق ، المتواضعَ الكريم، البشوشَ الودود، كان يرحمُ الضعفاءَ، ويواسي المساكين، ويعودُ المرضى، ويقومُ بكاملِ مسئولياتِه تجاهَ أفرادِ مجتمعِه وأصدقائِه وجميعِ من يتعاملُ معه .. وعلى صعيدِ الأسرةِ، فقد كان لها نِعمَ الراعي الرحيم، والصديقِ الصدوق، والمربي النموذجي، راقياً في تعاملِه مع والدتِنا الصابرةِ، شريكةِ حياتِه وجهادِه، مُحسناً تربيتَنا دينياً وخلقياً، مزودِاً لنا بالمعرفةِ والتوجيهِ الهادئِ والسلوكِ الحَسن، مذكراً إيانا دائماً بأن هذه الدنيا ليست سوى دارِ عبور، ورحلةٍ إلى اللهِ تعالى، وأن كلَّ ما لدى الانسانِ في هذه الحياةِ من نَفسٍ ومال يُفترض بالمؤمنين إنفاقَه في سبيلِ الوصولِ إلى الله، فسلامُ اللهِ عليه .. وأما على صعيدِ العلمِ، فإن شهيدَ الأمةِ المُسجى جثمانُه الطاهرُ أمامَكم حائزٌ على إجازاتٍ علميةٍ في العلومِ الشرعيةِ ، وكان أولَ دكتورٍ يمني يحصلُ على درجةِ الأستاذيةِ في القانونِ العام ، وهو المشهودُ له بأنه أفقهُ أستاذٍ قانوني عرفَتْهُ الجامعاتِ اليمنيةِ، تخرّجّ على يديهِ عشراتُ الالآفِ من الطلابِ الذين أصبحوا قضاةً ومحامينَ وأساتذةً، ومنهم من تبوئوا مناصبَ عليا في الدولة. لقد كان موسوعةً علميةً شرعيةً وقانونيةً مكّنتهُ من تقديمِ رؤىً واضحةٍ في ميدانِ خدمةِ الأمةِ الاسلامية ووطنِنا العزيز، وأهلّتهُ ليكونَ في ميدانِ الجهادِ النفسي فارساً لا يُبارى ، قامَ بالأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المنكر، قاومَ الظلمَ والظالمين ، مُضحياً بكلِ ما يملِك .. إننا أمامَ شخصيةِ الشهيدِ المُنافحِ عن الحقِ ، المواجهِ للباطلِ ، الرافضِ لكلِ ترغيب ، والشجاعِ أمامَ كلِ ترهيب ، ولهذا تعرّضَ للإقصاءِ طوالَ ثلاثين سنةً قضاها في نشرِ العلم ، وكانت له المقولةُ الشهيرةُ ( نحن لسنا طلابَ دنيا ) مفضلاً الدارَ الآخرةَ على نيلِ مَتاعِ الدنيا الزائل ، وهو الصائمُ نهارَه ، القائمُ ليلَه ، الملتزمُ بالقرآنِ في كلِ سيرتِه ، الباذلُ حياتَه في سبيلِ خدمةِ الناسِ والأمةِ ، لرفعِ الغشاوةِ عنها، مستعيناً بعلاقتِه الربانيةِ مع خالقِه .. أيها الأخوةُ الأعزاء .. لقد كان لشهيدِنا الدكتور أحمد عبدالرحمن شرف الدين إسهاماتِه السياسيةَ والوطنيةَ مع بزوغِ عهدِ الوحدةِ في البلد، من خلالِ اسهامِه الفاعلِ في تأسيسِ حزبِ الحق ، لكنه وإزاءَ المُناخاتِ غيرِ الديمقراطيةِ التي رافقت تلك الفترةَ فضّلَ اعتزالَ العملِ السياسي لسنواتٍ عدة، حتى سعدَ بالمسيرةِ القرآنيةِ المباركةِ فانضمَ إليها، وكان سبَّاقاً إلى دعوةِ اخوانِه وزملائِه للالتحاقِ بركبِها ، حريصاً عليهِم ، وعلى أن يَلقوا اللهَ تعالى وقد أبرءوا ذِممَهُم، بموالاةِ أولياءِ الله، ومعاداةِ أعدائِه.. لقد وجدَ الوالدُ الشهيدُ في هذه المسيرةِ القرآنيةِ خيرَ مجالٍ للتحركِ من أجلِ الأمة ، وكان دائمَ التأكيدِ على أنها ستحظى بتأييدِ اللهِ وتمكينِه ، كونها لا تسعى للاستعلاءِ الفرعوني ، وإنما تسعى لخيرِ الأمة .. ومن خلالِ هذه المسيرةِ المباركةِ، قدَّم خلاصةَ فكرِه وعلمِه تقديماً قرآنياً راقياً في رؤاهُ المقدّمةُ عن أنصارِ اللهِ في مؤتمرِ الحوارِ الوطني، والتي كانت مُلبيةً للحقوقِ والحرياتِ ، ومترجمةً لأهدافِ وتطلعاتِ الثوارِ الأحرارِ من الشبابِ وأبناءِ الشعبِ ، فراحَ يشخّصُ المشكلةَ ويقدمُ الحلَّ التوافقي ، فكان مرجعيةً للجميع، وشخصيةً استثنائية.. كان رجلَ التوافقِ الأول، وهاهو اليوم شهيداً يتسابقُ كلُ زملائِه في الحوارِ من مختلفِ المُكوناتِ على امتداحِ شخصِه ورؤاه .. ونحنُ نقولُ لهم كأسرةِ الشهيدِ الدكتور أحمد عبدالرحمن شرف الدين : هلّا تسابقتُم على تطبيقِ رؤاهُ التي نالت استحسانَكم ؟ هلّا تحليتم بحرصِه على الوطنِ، ورغبتِه الصادقةِ في خلاصِ اليمنيين من هذه المشكلاتِ التي عانوا منها ؟ الأخوة الأعزاء .. إن الشهداءَ همُ الأحياءُ كما أخبرَنا اللهُ تعالى، وما الموتى إلا من ماتت أخلاقُهم، أولئك هم القتلة، خابوا وخسروا، فبئسَ المصير، وبئسَ عقبى الدار ، ذلك بما ارتكبوه من جريمةٍ شيطانيةٍ مروعةٍ لا يرتكبُها إلا من تحللَ من كلِ قيمِ الدين، والإنسانيةِ، والشهامةِ.. لا لشيء إلا لأنهم أولاً- كانوا جبناءَ عندما اتخذوا الغدرَ وسيلةً لا تدلُ على رجولة.. وثانياً لأنهم أهدروا دماً مُحرماً، وفي لحظةِ سِلمٍ فاصلةٍ يختتمُ فيها اليمانيون حوارَهم، ويودعون صراعاتِهم.. وثالثاً لأنهم انهالوا بكلِ ذلك الكمِّ من السلاحِ، ليستهدفوا ُمواطناً أعزلَ، وشخصيةً مدنيةً، ومربياً جامعياً وقوراً، مسالماً، لم يحملِ السلاحَ يوماً، ولم يتمنطق برصاصةٍ واحدةٍ طيلةَ حياتِه.. بل كان سلاحُه الوحيدُ قلماً وأوراقاً وعلماً، وتقوىً، ومنطقَ حوار.. فكان جزاؤُه أن دفعَ حياتَه ثمناً لمدنيتِه، وسلميتِه، وموقفِه الحر، وكلمتِه الصادقة، وانحيازِه المطلقِ لوطنٍ آمنٍ مستقر، خالٍ من ثقافةِ العنفِ والتطرفِ، والاستحواذِ والكراهيةِ البغيضة، وطنٍ يتسعُ للجميع، ويُبنى بالجميع.. دفع حياتَه ثمناً لأحلامِه النبيلةِ، ومشاركتِه المخلصةِ في تسويةِ الأرضيةِ، ووضعِ المداميكِ اللازمةِ لبناءِ دولةٍ مدنيةٍ تسودُها العدالةُ والمساواةُ والكرامةُ، وقوةُ النظامِ والقانون، وتُحفظ فيها السيادةُ الكاملةُ تنعمُ بقرارِها المستقل. يا سيدي الوالد الشهيد .. يا أيها العابدُ الزاهدُ، والعلامةُ الفهامةُ المجاهد .. هنيئا لكم فيما وفقكم اللهُ له بفضلِه ورحمتِه ، طبتم واللهِ، وطابت المسيرةُ التي تنتمون إليها ، فمنبعُها القرآنُ الكريم ، وفي مقدمتِها الرسولُ الأعظمُ محمدٌ صلى اللهُ وسلم عليهِ وعلى آلِه، وأعلامُ الهُدى من آل بيتِه الطاهرين، فهنيئا لكم هذا الشرفُ العظيمُ .. لقد شرفتمونا بوسامِ الشهادةِ، وكسبنا بكم شفاعةً مقضيةً بإذنِ اللهِ يومَ القيامةِ.. وإنا لسائرون على نهجِكم .. نهجِ الشهداءِ العظماءِ .. لاستكمالِ مسيرتِكم وتحقيقِ حُلمكم، للوصولِ إلى دولةٍ مدنيةٍ قويةٍ نعيشَ فيها عدالةً شاملةً، ستأخذُ لنا بحولِ الله وتمكينِه بدمِكم الزكي، الذي لن نتنازلَ عنه بكنوزِ الدنيا ، ولن يسقطَ بالتقادم، وما ذلك على اللهِ بعزيز.. وإن غداً لناظرِه قريب. الحاضرون جميعاً .. شكراً لكم لجميلِ عزائِكم.. ولنبلِ مواقفكِم، وسموِ مشاعرِكم.. شكراً للجميع.. في الداخلِ والخارجِ.. لكلِ الأحاسيسِ الإنسانيةِ التي غمرتمونا بها.. وأدعوكم أن تمدّوا معنا أياديَ التضرعِ والدعاءِ لشهيدنِا العزيز، بأن يتغمدَه المولى العليُ القديرُ بواسعِ رحمتِه، ويغفرَ له ما تقدَّمَ من ذنبِه ، ويكرمَ مثواه، ويسكنَه فسيحَ الجنانِ، مع الصديقينَ والشهداءِ والصالحين .. اللهم ثبتّنا على الحقِ، وأصلح لنا الأعمال، واجعلنا من أنصارِك وأنصارِ رسولك وأنصارِ أوليائك ، من الذين لا خوفٌ عليهِم ولا هم يحزنون .. سبحانَ ربكَ ربِّ العزةِ عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمدُ للهِ ربِ العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته