الرئيس الزُبيدي يهنئ الرئيس السيسي بذكرى نصر 6 أكتوبر    رسمياً: سامر فضل مديراً فنياً للفريق الأول بنادي التلال    نقابة المعلمين: أكثر من 350 معلما مختطفا في سجون المليشيا وعشرات الآلاف دون رواتب    لأول مرة .. الذهب يتجاوز 3900 دولاراً للأونصة    حضرموت تحتفي بتكريم 333 حافظ وحافظة للقران بمديرية القطن    إشبيلية يسحق برشلونة برباعية تاريخية في الليجا    أرقام صادمة.. 90% من قطاع غزة مدمر بعد عامين من الحرب    بدء تعزيزات مرتبات شهر أغسطس    الجولاني يلغي اجازة يوم 6 أكتوبر مراعاة لمشاعر الصهاينة    بن حبريش والمحافظ يخونون الأمانة ويُفقر الشعب من أجل الديزل والمال!    فضيحة مدوية.. أموال البطائق الذكية تودع في الحساب الشخصي للوزير حيدان    أزمة الذاكرة والموقف: انفصام أُمَّة    جامعة البيضاء تنظم المؤتمر العلمي السادس بمشاركة 299 باحثا من 17 دولة    ضبط متهم بارتكاب جريمة قتل خلال 48 ساعة    أربعة أسباب دفعت حماس للموافقة على خطة ترامب    بعملية عسكرية نوعية.. القوات المسلحة تؤكد.. قصف أهداف حساسة للعدو في القدس المحتلة    افتتح مهرجان خيرات اليمن في موسمه الثاني.. العلامة مفتاح: نأمل في السنوات المقبلة تحقيق نقلة نوعية للنهوض بالمنتجات الزراعية    الفريق السامعي يستحضر إرث الإرياني.. الطريق محفوف بالمكائد والخطر قائم    إعلانات قضائية    هيئة حقوق الإنسان تُدين جريمة إعدام مرتزقة حزب الإصلاح بتعز للأسير العفيري    إنني مسكون بذكراكم أيها الأحبة (3 - 3)    القنصل اليمني في الهند ينبه المسافرين اليمنيين بشأن الإجراءات الجديدة لوزارة الداخلية الهندية    سمراء المجازات    سمراء المجازات    إِنَّا عَلَى العَهْدِ    اليهود في القرآن...!!    مرض الفشل الكلوي (22)    المرأة الإصلاحية.. رافعة النضال وشريكة البناء    محمد عبده الفنان السادس على مسرح البواردي    إشبيلية يكتسح برشلونة.. ويحرمه الصدارة    ضبط شحنة طائرات مسيّرة وأجهزة تجسس تابعة للحوثيين قبالة سواحل لحج    ترشيح " سوريانو " ل رئاسة نادي برشلونة خطر حقيقي يهدد عرش "لابورتا" .!؟    بن حبريش وصفقات الديزل.. نهب منظم لثروة حضرموت تحت شعارات كاذبة    الاتحاد اليمني لكرة القدم يُعيّن السنيني مديرا فنيا لإتحاد الكرة    مونديال الشباب: المكسيك ترافق المغرب إلى ال16    عضو السياسي الاعلى الوهباني يزور مهرجان خيرات اليمن    وادي التماثيل في جزيرة قشم.. بقايا ظواهر رسوبية وجدران طبيعية مذهلة    رحلة تكشف المستور    ترامب يعلن موقف إسرائيل من الانسحاب الأولي.. والوفود التفاوضية تتجه إلى القاهرة    مركز الأرصاد يحذر من اقتراب العاصفة المدارية "شاكتي" من المياه الإقليمية    المكتب التنفيذي لمديرية خور مكسر يعقد اجتماعه الدوري ويناقش تقارير عدد من المكاتب    أمين عام المجلس الانتقالي الجنوبي يلتقي وكيل قطاع الصناعة بوزارة الصناعة والتجارة    كاد تهرب المسؤول أن يكون كفرا    استمرار حملة مصادرة شمة الحوت من أسواق المنصورة    أرسنال يكسب «المطارق» ويتصدر.. وساكا يكتب التاريخ    هيئة التعليم والشباب بالانتقالي توقع مذكرة تفاهم مشتركة مع إدارة صندوق تنمية المهارات    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على نيو إنغلاند    البتكوين تحطم رقماً قياسياً جديداً... وتتجاوز 125 ألف دولار    جريمة قتل جماعي قرب حقل مياه عدن.. دفن نفايات شديدة الخطورة في لحج    مأرب.. تكريم الفائزين بمسابقة شاعر المطارح    تحقيق يكشف عن عمليات تهريب الأحجار الكريمة والمعادن النادرة من اليمن    بدء توزيع الزكاة العينية للأسر الفقيرة في مديرية اللحية    رئيس إصلاح المهرة يدعو إلى الاهتمام بالموروث الثقافي واللغوي المهري    تعز تناقش مواجهة مخاطر الكوليرا وتحديات العمل الإنساني    سياسيون يحتفون بيوم اللغة المهرية ويطلقون وسم #اللغه_المهريه_هويه_جنوبيه    أنا والحساسية: قصة حب لا تنتهي    تنفيذ حملة لمكافحة الكلاب الضالة في مدينتي البيضاء ورداع    في 2007 كان الجنوب يعاني من صراع القيادات.. اليوم أنتقل العلة إلى اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فقهاء واللقيس في غزة وبيروت سلاحٌ واحدٌ وقاتلٌ واحدٌ
نشر في الخبر يوم 26 - 03 - 2017

الأسلوب واحدٌ متشابهٌ في غزة وبيروت، انتظارٌ وتربصٌ بالهدف في مرآب السيارات قريباً من البيت، وفي ساعةٍ واحدةٍ مبكرةٍ من ساعات المساء الأولى، بعد علمٍ بمواعيد وصول الهدف ومواقيته اليومية وعاداته المتبعة، اغتيالٌ عن قربٍ، وإطلاقُ نارٍ على الرأس والجزء العلوي من الجسد، بأسلحةٍ مزودةٍ بكواتم للصوت، تنفيذٌ دقيقٌ محكمٌ وانسحابٌ هادئٌ واثقٌ، جرأةٌ في التنفيذ وطمأنينة في مغادرة مسرح العملية، لا آثار وراء المنفذين ولا ما يدل عليهم، تخبطٌ في الساحتين، وتيهٌ بين المسؤولين، وتضاربٌ في التحليلات والاستنتاجات، والنتيجةُ في المكانين واحدةٌ، سقوط شهيدين وهروب الفاعلين، وتواري المجرمين عن الأنظار.
الهدفان متشابهان، مقاومان لهما تاريخ وعندهما سابقةٌ، شابان كلاهما في مقتبل العمر كانا، أوجعا العدو ونالا منه، الأول حسان اللقيس لبنانيٌ يُقتل قبل سنواتٍ في بيروت، والثاني مازن فقهاء فلسطينيٌ يقتل لاحقاً في غزة، في ساحتين مقاومتين، وحصنين متينين، وداخل مربعين أمنيين، يصعب الدخول إليهما كما يستحيل الخروج الآمن والسهل منهما، لكن الجريمة فيهما قد وقعتا، ونفذتا بحرفيةٍ وصمتٍ، ومهنيةٍ وجرأةٍ عاليةٍ، وبأعصابٍ باردةٍ واثقةٍ، لا ينفذها إلا العدو، ولا يقوى على القيام بها إلا جهازٌ مدربٌ ومؤهلٌ، يعرف كيف يقتحم، ويتقن كيفية الانسحاب ومغادرة المكان، ويهمه أن يوجه للطرفين معاً في بيروت وغزة ذات الرسالة، أننا هنا نرقبكم، وفي عقر داركم نقتلكم، وأيدينا دوماً تصل إليكم، وذراعنا طويلة تعرف كيف تنال منكم.
للأسف هذا ما حدث في الساحتين، وإن وقع الحادثان الأليمان في زمنين منفصلين، إلا أن منفذهما بالقطع واحدٌ لا شك فيه، وهو المستفيد من قتلهما وتصفية الحساب معهما، وتلقين غيرهما درساً بليغاً بهما، فقد نجح العدو في توجيه ضربةٍ جديدةٍ للمقاومة الفلسطينية، كما نجح من قبل في توجيه ذات الضربة إلى المقاومة اللبنانية، فقتل قاصداً مقاوماً أسيراً محرراً مبعداً، له معه ثأرٌ قديم، وبينهما حسابٌ شديدٌ، وقد كان العدو يعلم أن مازن يلاحقه ويتربص به، ويعد له ويتجهز من أجله، وهو وإن كان بعيداً عن طوباس في غزة، فقد كانت عيونه على الضفة، يقاتل فيها وإن كان عنها مبعداً، وينظم الصفوف وينسج الخلايا ويربط المقاومين ببعضهم، يخطط معهم ويتابع أعمالهم، ويشرف على مهامهم، ولا يتأخر في دعمهم وتطوير قدراتهم، وتمكينهم بما يلزمهم وتزويدهم بما يؤهلهم ويقوي من شوكتهم.
ذلك كان مازن فقهاء الشاب المتقد حماسةً وقوةً، والمعمور وعداً ويقيناً، العامل بصمتٍ، والمقاوم بصبرٍ، العنيد بعملٍ، والثابت بأملٍ، والمثابر بلا وهنٍ، الذي ما أوهت السجون والمعتقلات من عزمه، ولا فلت السنون قوته، ولا أضعفت النوائب من إرادته، ولا كسرت الزنازين وإكسات العزل والتعذيب شوكته، بل خرج من السجون محرراً، لكنه كان بعقيدة القتال والمقاومة مجهزاً، مرفوع الرأس معززاً، واثق الخطى مؤمناً، كان يعلم أن له دوراً يجب أن يؤديه، وقد قطع شوطاً وينبغي عليه أن يتمه، وعنده أمانةٌ يجب عليه أن يؤديها، فما كان خروجه من السجن راحةً، ولا تحرره من القيد منحةً، ولا إقامته في قطاع غزة نزهةً ومتعةً.
قُتلَ مازن، لكن لن تكون هذه الجريمة الإسرائيلية هي الجريمة الأخيرة، ولن يكون هذا هو الاغتيال الأخير، وهي وإن كانت رسالةً إلى المقاومة الفلسطينية عموماً، كما كانت تلك من قبل رسالة إلى المقاومة اللبنانية، بأنه سيواصل حربه على المقاومة، وسيستمر في استهدافه لرموزها، إلا أن هذه الجريمة مقصودٌ بها الأسرى، وموجهةٌ إليهم أكثر من غيرهم، وهو يتعمد الإفصاح عنها والتأكيد عليها، بأنه ماضٍ في تسوية الحساب معهم، ومصرٌ على استكمال عقوبتهم والانتقام منهم، وأنه سيلاحقهم وإن كانوا أحراراً، وسيقتلهم ولو كانوا بعيدين عنه، وبمنأى عن سلطاته وقدراته، وأن وجود بعضهم في غزة لن يحميهم من استهدافه لهم، ولن يمنعهم من اغتيالهم.
يبدو أن العدو الإسرائيلي غير قادر على تجرع مرارة الذل والهوان الذي ذاقه عندما أرغم على إبرام صفقة وفاء الأحرار، وأجبر على الموافقة على تبادلٍ مهينٍ بالنسبة له، وأكره على التوقيع على صفقةٍ حبكت كل خيوطها في الداخل، فكانت بالنسبة له سابقة مؤلمة، دفع فيها ثمناً موجعاً، ومقابلاً كبيراً، فأطلق سراح ثلةٍ من الأسرى والمعتقلين الذين جرعوه مر عملياتهم النوعية، التي أوقعت في صفوفه خسائر كبيرة، وجلهم كان من كبار المقاومين، ومن أصلب وأشد المعتقلين، ومن أثبتهم موقفهم وأرسخهم في المقاومة قدماً.
لهذا فقد عقد العدو العزم على الانتقام من مجموعةٍ معينةٍ من الأسرى المحررين ضمن هذه الصفقة، فأعاد اعتقال العشرات منهم في الضفة الغربية، وقتل آخرين ضمن المواجهات اليومية، واليوم تمتد يده الآثمة إلى قطاع غزة لتطال محرراً آخر، الذي قد لا يكون الأخير ضمن سلسلة أهدافهم المرصودة بين محرري صفقة وفاء الأحرار، خاصةً أن المحررين لم يلقوا عندما نالوا حريتهم البندقية عن أكتافهم، ولم يتوقفوا عن مقاومتهم، بل واصلوا مقاومتهم في الضفة الغربية كما في قطاع غزة، وكانوا فاعلين في متابعتهم وإدارتهم، ولم يمنعهم بعدهم عنها وإقامتهم في قطاع غزة، من إدارة المقاومة وتفعيل الانتفاضة وتنظيم خلايا عسكرية فيها.
قد لا يكون الشهيد مازن فقهاء هو المستهدف الأخير، فقد عودنا العدو دائماً أنه لا يتوقف عن جرائمه، ولا يمتنع عن تنفيذها متى ما أتيحت له الفرصة، لكنه بالتأكيد لم ينجح في تنفيذ فعلته النكراء لولا بعض المتعاونين معه من خلاياه الأمنية العاملة في قطاع غزة، التي ربما أنها هي التي نفذت الجريمة، ولكن هذا لا ينفي احتمال أن يكون قد نفذها بنفسه من خلال عناصره المستعربة، لكن المؤكد أنه نفذها بجرأة وثقة وطمأنينة، سواء تم التنفيذ بواسطة عملائه، أو نفذتها عناصره المستعربة، ففي الحالتين هو القاتل المجرم، الأمر الذي يلقي على عاتق الأجهزة الأمنية معرفة هذه الخلايا وضبطها، وإلا فإن جريمة اغتيال فقهاء لن تكون الأخيرة.
│المصدر - الخبر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.