شرطة تعز تعلن ضبط 3 من المشتبهين في اغتيال افتهان المشهري    السعودية تعلن تقديم دعم مالي للحكومة اليمنية ب مليار و380 مليون ريال سعودي    وفاة طالب متأثراً بإصابته أثناء اغتيال مدير صندوق النظافة بتعز    في ظل ضغوط مجتمعية وتحركات شعبية.. متهم باغتيال المشهري يعلن تسليم نفسه والشرطة توضح    شباب المعافر يُسقط اتحاد إب ويبلغ نهائي بطولة بيسان    لقاء أمريكي قطري وسط أنباء عن مقترح أميركي حول غزة    تعز.. الاعلان عن ضبط متهمين باغتيال المشهري دون الكشف عن اسماؤهم بالتزامن مع دعوات لتظاهرة حاشدة    منتخب اليمن للناشئين يفتتح مشواره الخليجي أمام قطر في الدوحة    المنتصر يبارك تتويج شعب حضرموت بكأس الجمهورية لكرة السلة    عطوان يصف تهديدات كاتس بالهذيان! ويتحدا ارسال دبابة واحدة الى صنعاء؟    صنعاء.. البنك المركزي يعيد التعامل مع شبكة تحويل أموال وكيانين مصرفيين    السعودية تعلن عن دعم اقتصادي تنموي لليمن    شرطة تعز تعلن القبض على ثلاثة متورطين في جريمة اغتيال أفتهان المشهري    مساء الغد.. المنتخب الوطني للناشئين يواجه قطر في كأس الخليج    صلاح يتقدم على سلم ترتيب أفضل صانعي الأهداف في تاريخ البريميرليغ    شباب المعافر سطروا تاريخهم بقلم من ذهب..    مستشفى الثورة في الحديدة يدشن مخيماً طبياً مجانياً للأطفال    توزيع 25 ألف وجبة غذائية للفقراء في مديرية الوحدة    تعز بين الدم والقمامة.. غضب شعبي يتصاعد ضد "العليمي"    انتقالي العاصمة عدن ينظم ورشة عمل عن مهارات الخدمة الاجتماعية والصحية بالمدارس    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    ضرورة مناصفة الانتقالي في اللجنة القانونية: لتأمين حقوق الجنوب    رئيس الإصلاح: لمسنا في تهاني ذكرى التأسيس دفء العلاقة مع القوى الوطنية    عرض كشفي مهيب في صنعاء بثورة 21 سبتمبر    "العفو الدولية": "الفيتو" الأمريكي السادس ضد غزة ضوء أخضر لاستمرار الإبادة    فعالية لأمن محافظة ذمار بالعيد أل11 لثورة 21 من سبتمبر    تعز.. خسائر فادحة يتسبب بها حريق الحوبان    الشيخ عبدالملك داوود.. سيرة حب ومسيرة عطاء    بمشاركة 46 دار للنشر ومكتبة.. انطلاق فعاليات معرض شبوة للكتاب 2025    الأرصاد يتوقع هطول أمطار رعدية على أجزاء من 6 محافظات    وزير الخدمة يرأس اجتماعا للجان دمج وتحديث الهياكل التنظيمية لوحدات الخدمة العامة    هولوكست القرن 21    وفاة 4 من أسرة واحدة في حادث مروع بالجوف    0محمد اليدومي والإصلاح.. الوجه اليمني لانتهازية الإخوان    بورصة مسقط تستأنف صعودها    البنك المركزي يوجه بتجميد حسابات منظمات المجتمع المدني وإيقاف فتح حسابات جديدة    إب.. وفاة طفلين وإصابة 8 آخرين اختناقا جراء استنشاقهم أول أكسيد الكربون    بسبب الفوضى: تهريب نفط حضرموت إلى المهرة    البرازيل تنضم لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام العدل الدولية    الرشيد يصل نهائي بيسان ، بعد الفوز على الاهلي بهدف نظيف، وسط زخم جماهيري وحضور شعبي الاول من نوعة منذ انطلاق البطولة    بن حبريش: نصف أمّي يحصل على بكلاريوس شريعة وقانون    المركز الثقافي بالقاهرة يشهد توقيع " التعايش الإنساني ..الواقع والمأمون"    أين ذهبت السيولة إذا لم تصل الى الشعب    الربيزي يُعزي في وفاة المناضل أديب العيسي    الكوليرا تفتك ب2500 شخصًا في السودان    الصمت شراكة في إثم الدم    الفرار من الحرية الى الحرية    ثورة 26 سبتمبر: ملاذٌ للهوية وهُويةٌ للملاذ..!!    الهيئة العامة للآثار تنشر القائمة (28) بالآثار اليمنية المنهوبة    نائب وزير الإعلام يطّلع على أنشطة مكتبي السياحة والثقافة بالعاصمة عدن    موت يا حمار    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفاصيل مبادرة «حسن نافعة»لإنقاذ الوطن
نشر في الخبر يوم 06 - 02 - 2014

شكيل لجنة حكماء برئاسة هيكل ومن بين أعضائها البشري والعوا وهويدي وحجازي - تعيين وسيط محايد يحظى بقبول طرفي الصراع لإجراء المفاوضات والاتصالات - على رأس أهداف المفاوضات: هدنة للتهدئة تستهدف وقف المظاهرات والاحتجاجات والقصف الإعلامي المتبادل مقابل الإفراج عن القيادات التي لم يثبت تورطها في جرائم يعاقب عليها القانون - تشكيل لجنة تقصي حقائق محايدة للتحقيق في أعمال العنف التي وقعت منذ 25 يناير - لكل التيارات أيًا كانت مرجعيتها الحق في تشكيل أحزاب وممارسة النشاط السياسي طرح الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، "خارطة إنقاذ" للوطن من محنته الراهنة، على ضوء قناعته بأن أحدًا من طرفي الصراع السياسي الحالي لا يمكنه إقصاء الطرف الآخر من المشهد السياسي، محذرًا من أنه "ما لم يتمكن طرفا الصراع من إيجاد مخرج للأزمة الحالية, فسوف يطول أمده إلى الدرجة التي قد تهدد بتفسخ الدولة وانهيارها فوق رؤوس الجميع".
وفي المبادرة التي جرى تسليمها إلى شخصية رفيعة في الحكم حاليًا، قبل عدة أسابيع، إلا أنه لم يجر التعامل معها بشكل جدي وعملي حتى الآن، يطلب نافعة من السلطة الحالية التخلي عن اعتقادها بأن بإمكانها استئصال الطرف الآخر المعارضة التي تقودها جماعة "الإخوان المسلمين" وأنصارها في "التحالف الوطني لدعم الشرعية" اعتمادًا على الوسائل الأمنية وحدها، لكون المعارضة الحالية "قادرة على خوض حرب استنزاف طويلة الأمد قد تنجح في إفشال خارطة الطريق". واقترح نافعة في إطار المبادرة التي حصلت "المصريون" على نسخة منها، "تشكيل لجنة حكماء محدودة العضوية تضم بعض كبار المفكرين, ويفضل أن تكون مطعمة ببعض صناع القرار, للاتفاق على مبادئ وقواعد عامة يتعين على جميع الأطراف الالتزام بها لتكون بمثابة بوصلة موجهة للسلوك ودليل عمل للمستقبل". وحدد أعضاء اللجنة على النحو التالي: الكاتب محمد حسنين هيكل رئيسًا، وتضم في عضويتها كلاً من المستشار طارق البشري، الدكتور محمد سليم العوا، الكاتب فهمي هويدي، الدكتور جلال أمين، الدكتور زياد بهاء الدين، الدكتور مصطفى حجازي، بالإضافة إلى الدكتور حسن نافعة. وتنص المبادرة على "تعيين وسيط محايد يحظى بقبول طرفي الصراع (قد يكون شخصًا واحدًا ولا يتعين أن يزيد عن ثلاثة أشخاص) تكون مهمته إجراء المفاوضات والاتصالات اللازمة لترجمة القواعد والمبادئ العامة التي تم الاتفاق عليها إلى آليات وبرامج زمنية لتفكيك وحل الأزمة تكون قابلة للتطبيق على الأرض".
وسيكون "عمل الوسيط (أو الوسطاء) تحت إشراف لجنة الحكماء ويعرض عليها تقارير دورية عن تقدم المفاوضات والعقبات التي تعترض طريقها كي يصبح في مقدور اللجنة متابعة ما يجري وبحث سبل تذليل ما يستجد من عقبات"، وفق المبادرة. وحدد نافعة مجموعة من الأهداف في إطار تلك المفاوضات، على رأسها التوصل إلى "هدنة للتهدئة تستهدف وقف المظاهرات والاحتجاجات والقصف الإعلامي المتبادل, مقابل الإفراج عن القيادات التي لم يثبت تورطها في جرائم يعاقب عليها القانون".
ودعا إلى "تشكيل لجنة تقصي حقائق محايدة ومقبولة من الجميع للتحقيق في أعمال العنف التي وقعت منذ 25 يناير وحتى يومنا هذا على أن تنتهي اللجنة من تقريرها خلال فترة لا تتجاوز ثلاثة أشهر)"، و"البحث عن آلية تضمن مشاركة الجميع في الانتخابات البرلمانية ثم في الانتخابات الرئاسية". وتضمنت المبادرة مجموعة من المبادئ والقواعد العامة التي يفترض أن تناقشها وتقرها لجنة الحكماء, ومن بينها: تخلي كافة الأطراف عن استخدام أو التهديد باستخدام العنف بكافة أشكاله تحت أي ظرف من الظروف، نبذ الإرهاب والتنديد به وفك الارتباط مع كل من يلجأ إليه والانخراط النشط في وسائل وآليات يتفق عليها لمكافحته، تجريم كل فعل وقول يكفر أو يخون الآخر أو يحرض على الكراهية وبث الفتنة الطائفية".
وتشدد على ضرورة "قصر النشاط الدعوي على المؤهلين علميا وبتصريح من الأزهر الشريف، وعلى حق كل التيارات, أيا كانت مرجعيتها الفكرية, في تشكيل أحزابها السياسية وممارسة النشاط السياسي وفق قواعد مجتمعية عامة تتسم بالشفافية والقابلية للمساءلة القانونية والسياسية. لكنها طالبت ب "إخراج أحكام الشريعة السياسية من حلبة المزايدات السياسية, بالعمل على التطبيق الفعلي لهذه الأحكام، من خلال اقتراح تعديلات محددة على قوانين يعتقد أنها تنطوي على شبهة تعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية, ووفقا للآليات التشريعية المعمول بها في الدستور"، كما تنص المبادرة. وفيما يلي نص مبادرة الدكتور حسن نافعة: الأزمة والمخرج
1- جذور الأزمة تعيش مصر حاليا أزمة سياسية مركبة هي نتاج تراكم أخطاء فادحة ارتكبتها النخب التي تعاقبت على إدارة الدولة بعد نجاح ثورة يناير في إسقاط مبارك. ورغم التباين الفكري والسياسي بين النخب التي تولت مسئولية إدارة الدولة منذ ذلك الحين, إلا أنها فشلت حتى الآن في تأسيس نظام بديل أكثر فاعلية, وأقل فسادا, وقابل للدوام والاستقرار. لذا تبدو المرحلة الانتقالية في مصر, والتي طالت بأكثر مما ينبغي, مفتوحة بلا حدود ودون أن يلوح في الأفق ما يشير إلى نهاية سعيدة وشيكة.
1- فقد تسلم المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة الدولة في 11 فبراير 2011 بقرار من رئيس أجبر على التنحي, غير أن المجلس ارتكب سلسلة من الأخطاء أفضت إلى تسليم السلطة إلى رئيس منتخب, ولكن بعد أسابيع قليلة من قرار حل مجلس الشعب الذي سيطر عليه تيار "الإسلام السياسي", وقبل أن تتمكن جمعية تأسيسية سيطر عليها نفس التيار من صياغة دستور جديد للبلاد.
2- وبدلا من العمل على إعادة الوئام إلى مجتمع بدا منقسما بشدة على نفسه, تصرف الرئيس المنتخب كممثل لجماعة سعى لتمكينها من الهيمنة المنفردة على مفاصل الدولة. فأصدر "إعلانا دستوريا" حصن بموجبه جمعية تأسيسية افتقد تشكيلها للتوازن, ومكنها من صياغة دستور على مقاس التيار الذي ينتمي إليه, كما حصن بموجبه أيضا مجلس الشورى الذي كان بدوره معرضا للحل, وأسند إليه الدستور سلطة تشريع لم يكن مؤهلا لها ولم ينتخب أصلا للقيام بها, مما أدى في النهاية إلى خروج جماهير غفيرة إلى الشوارع للمطالبة بسحب الثقة من الرئيس بعد عام واحد من انتخابه. ولأن الجيش خشي من اندلاع حرب أهلية, فقد قرر التدخل والانحياز إلى إرادة الجماهير المطالبة بسحب الثقة من الرئيس, وقام بعزله فعلا بموجب "خارطة طريق جديدة" تم الاتفاق عليها بالتشاور مع عدد من القوى السياسية والرموز الدينية والشخصيات العامة الداعمة لهذا التوجه.
3- بعزل الرئيس المنتخب دخلت البلاد طورا جديدا من أطوار مرحلة انتقالية ممتدة يفترض أن تصل إلى غايتها عبر ثلاث محطات رئيسية حددتها خارطة الطريق الجديدة على النحو التالي: صياغة دستور جديد للبلاد تجرى على أساسه انتخابات برلمانية لاختيار أعضاء الهيئة التشريعية وتختتم بانتخابات رئاسية لاختيار رئيس جديد للبلاد. غير أن الطريق الذي رسمت خارطة الطريق الجديدة معالمه لا يبدو معبدا بما يكفي لضمان سلامة القافلة ووصولها بأمان إلى محطتها النهائية.
2- إشكالياتها تواجه السلطة المسئولة عن إدارة البلاد في المرحلة الراهنة تحديات تختلف نوعيا عن تلك التي واجهت السلطة المسئولة عن الإدارة في المرحلتين السابقتين, وذلك من منظورين رئيسيتين: الأول: يتعلق بالشرعية: فلم يسبق لأي جهة في الداخل أو في الخارج أن شككت في شرعية السلطة الحاكمة, سواء في المرحلة الانتقالية الأولى التي تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة مسئولية إدارتها, أو في المرحلة الانتقالية الثانية التي تولى الدكتور مرسي وجماعته مسئولية إدارتها, رغم انتقادات عديدة تصاعدت بمرور الوقت ووصلت ذروتها في نهاية كل مرحلة. أما السلطة التي تتولى مسئولية إدارة المرحلة الراهنة فتشكك في شرعيتها قوى محلية وإقليمية ودولية عديدة وترى أنها جاءت عبر انقلاب عسكري يتعين إسقاطه وإزالة كل ما ينجم عنه. الثانية: تتعلق بوسائل إدارة الصراع: حيث يتنامي الاتجاه نحو استخدام مفرط للعنف في مواجهة الخصوم. فقد سقط في عملية فض اعتصامي رابعة والنهضة مئات القتلى والجرحى, وتحولت سيناء إلى ساحة حرب حقيقية يخوضها الجيش المصري وأجهزة الأمن معا ضد جماعات إرهابية مسلحة متحالفة مع القوى التي أبعدت عن سلطة الحكم, بل إن الجبهة الداخلية باتساع مصر كلها أصبحت أشبه بساحة للكر والفر بين معسكرين يسعى كل منهما لكسر إرادة الآخر وإملاء شروطه كاملة عليه, فسالت دماء غزيرة وامتلأت السجون بالمعتقلين.
في سياق كهذا تبدو الأزمة الراهنة وكأنها صراع حول الشرعية يدار بوسائل عنيفة. فكل طرف يعتقد أن الشرعية في جانبه وأنه يملك من الوسائل ما يضمن له حسم الصراع لصالحه في نهاية المطاف. إذ يبدو واضحا أن الطرف الذي يمارس سلطة الأمر الواقع يعتقد أنه يمارسها بتفويض من أغلبية شعبية عبرت عن نفسها بوضوح من خلال الملايين إلتي خرجت إلى الشوارع في 30 يونيو ثم 26 يوليو, كما يعتقد أنه يملك من الوسائل ما يمكنه من فرض إرادته بقوة القانون الذي تحميه سلطة الدولة وأجهزتها الأمنية. كما يبدو واضحا أيضا أن الطرف الآخر يتصرف انطلاقا من قناعته التامة بأن الشرعية في جانبه لأنه وصل إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع, وأزيح عنها بقوة السلاح عبر انقلاب عسكري لا شرعية له, وبالتالي فمن حقه مقاومة السلطة الانقلابية والعمل على استعادة سلطته الشرعية بكل الوسائل الممكنة, والتي يعتقد يملك منها ما يكفي لتمكينه من فرض إرادته في النهاية.
والواقع أننا إذا ألقينا نظرة فاحصة على موازين القوة على الأرض فربما نصل إلى نتيجة مفادها استحالة حسم الصراع لصالح جماعة الإخوان والقوى المتحالفة معها, خصوصا حين تؤكد "عدم قبولها بأقل من عودة الرئيس المعزول والدستور المجمد ومجلس الشورى المنحل". ولا شك أن الإصرار على هذه المطالب يعني أن الجماعة وحلفاؤها يعيشون حالة انفصام مزمن عن الواقع ولم يستوعبوا بعد حجم التراجع الذي طرأ على تأييد الجماهير لهم وتخلي الحاضنة الشعبية عنهم. ومع ذلك ففي تقديري أن النظام الذي يحكم مصر حاليا سيرتكب خطأ قاتلا إن اعتقد أن بإمكانه استئصال الطرف الآخر اعتمادا على الوسائل الأمنية وحدها. فما زال هذا الطرف, في تقديري, قادرا على خوض حرب استنزاف طويلة الأمد قد تنجح في إفشال خارطة الطريق, وذلك بالاعتماد ليس فقط على قواه الذاتية في الداخل والخارج, والتي ما تزال كبيرة رغم حملات القمع والاعتقالات, ولكن أيضا باستغلال نقاط ضعف وأخطاء السلطة الحالية. وما لم يتمكن طرفي الصراع من إيجاد مخرج للأزمة الحالية, فسوف يطول أمده إلى الدرجة التي قد تهدد بتفسخ الدولة وانهيارها فوق رؤوس الجميع. لذا أعتقد أن البحث عن مخرج بات واجبا وطنيا تقع مسئوليته على الجميع.
3- بحثا عن مخرج تتوقف إمكانية العثور على مخرج ملائم على مدى توافر الاستعداد لدى الأطراف المعنية للتخلي عن منهج "إدارة الأزمة" واستبداله بمنهج "حل الأزمة". فمن المعروف أن منهج إدارة الأزمة يقوم على حشد وتعبئة وتوجيه طاقات كل طرف لإلحاق أكبر ضرر ممكن بالخصم, إلى أن يفقد الأمل في قدرته على مواصلة الصراع ويصبح مهيأ للاستسلام لشروطه. أما منهج "حل الأزمة" فينطلق من اقتناع الطرفين بأن استمرار الصراع بينهما قد يلحق الأذى بالجميع حتى لو حسم في النهاية لصالح أحدهما, وبأن تقديم تنازلات متبادلة أصبح السبيل الوحيد للتوصل إلى حل وسط يمكن البناء عليه لإنقاذ مستقبل الوطن ككل. ولأن الدولة المصرية تواجه في المرحلة الراهنة طرفا يبدو شديد الاقتناع بأن الواجب الديني يفرض عليه مقاومة السلطة الجائرة وأن مقاومتها هي السبيل الوحيد في الوقت نفسه للحيلولة دون استئصاله كليا وإخراجه نهائيا من الساحة, على السلطة القائمة فيها ان تبادر باتخاذ الخطوة الأولى في اتجاه المصالحة والعمل على بناء ما يكفي من جسور الثقة لإقناع هذا الطرف بأنها لا تنوي استئصاله وأنه شريك مرحب به في بناء مستقبل الوطن, ولكن في ظل قواعد عامة ومبادئ يتعين أن يلتزم بها الجميع. غير أنه يتعين الانتباه في الوقت نفسه إلى أن الأزمة بين الطرفين وصلت بالفعل إلى درجة كبيرة من التعقيد, خصوصا وأنها باتت تتعلق بقضايا الشرعية والدم, ومن ثم يستحيل معالجتها بحلول تقليدية أو دفعة واحدة أو خلال فترة زمنية قصيرة. ومن هنا ضرورة البحث عن حلول مبتكرة, ومتدرجة, والتحلي بالكثير من الصبر والكتمان والبعد التام عن وسائل الإعلام. لذا أقترح ما يلي: 1- تشكيل لجنة حكماء محدودة العضوية تضم بعض كبار المفكرين, ويفضل أن تكون مطعمة ببعض صناع القرار, للاتفاق على مبادئ وقواعد عامة يتعين على جميع الأطراف الالتزام بها لتكون بمثابة بوصلة موجهة للسلوك ودليل عمل للمستقبل. 2- تعيين وسيط محايد يحظى بقبول طرفي الصراع (قد يكون شخصا واحدا ولا يتعين أن يزيد عن ثلاثة أشخاص) تكون مهمته إجراء المفاوضات والاتصالات اللازمة لترجمة القواعد والمبادئ العامة التي تم الاتفاق عليها إلى آليات وبرامج زمنية لتفكيك وحل الأزمة تكون قابلة للتطبيق على الأرض. وفي تقديري أنه يتعين أن تتناول المفاوضات بحث سبل التوصل إلى: أ- هدنة للتهدئة تستهدف وقف المظاهرات والاحتجاجات والقصف الإعلامي المتبادل, مقابل الإفراج عن القيادات التي لم يثبت تورطها في جرائم يعاقب عليها القانون ب- اتفاق على تشكيل لجنة تقصي حقائق محايدة ومقبولة من الجميع للتحقيق في أعمال العنف التي وقعت منذ 25 يناير وحتى يومنا هذا على أن تنتهي اللجنة من تقريرها خلال فترة لا تتجاوز ثلاثة أشهر) ج- البحث عن آلية تضمن مشاركة الجميع في الانتخابات البرلمانية ثم في الانتخابات الرئاسية. 3- يعمل الوسيط (أو الوسطاء) تحت إشراف لجنة الحكماء ويعرض عليها تقارير دورية عن تقدم المفاوضات والعقبات التي تعترض طريقها كي يصبح في مقدور اللجنة متابعة ما يجري وبحث سبل تذليل ما يستجد من عقبات. كما أقترح أن يكون تشكيل لجنة الحكماء على النحو التالي: 1- الأستاذ محمد حسنين هيكل رئيسا 2- المستشار طارق البشري 3- الدكتور محمد سليم العوا 4- الأستاذ فهمي هويدي 5- الدكتور جلال أمين 6- الدكتور زياد بهاء الدين 7- الدكتور مصطفى حجازي وسوف يسعد كاتب هذه السطور أن يكون عضوا في هذه اللجنة وأن يقوم من خلالها, أو من خلال أي آلية أخرى, بأي دور ترى القيادة السياسية أنه يمكن أن يكون مفيدا للبحث عن مخرج من أزمة تشعرني شخصيا بقلق بالغ على مصير الوطن. ولمزيد من الإيضاح حول المبادئ والقواعد العامة التي يفترض أن تناقشها وتقرها لجنة الحكماء أقترح الموضوعات التالية, على سبيل المثال وليس الحصر: 1- تخلي كافة الأطراف عن استخدام أو التهديد باستخدام العنف بكافة أشكاله تحت أي ظرف من الظروف 2- نبذ الإرهاب والتنديد به وفك الارتباط مع كل من يلجأ إليه والانخراط النشط في وسائل وآليات يتفق عليها لمكافحته 3- تجريم كل فعل وقول يكفر أو يخون الآخر أو يحرض على الكراهية وبث الفتنة الطائفية 4- قصر النشاط الدعوي على المؤهلين علميا وبتصريح من الأزهر الشريف 5- حق كل التيارات, أيا كانت مرجعيتها الفكرية, في تشكيل أحزابها السياسية وممارسة النشاط السياسي وفق قواعد مجتمعية عامة تتسم بالشفافية والقابلية للمساءلة القانونية والسياسية. 6- إخراج أحكام الشريعة السياسية من حلبة المزايدات السياسية, بالعمل على التطبيق الفعلي لهذه الاحكام من خلال اقتراح تعديلات محددة على قوانين يعتقد أنها تنطوي على شبهة تعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية, ووفقا للآليات التشريعية المعمول بها في الدستور. والله الموفق وعليه قصد السبيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.